بانَ الخليطُ فَشَطّوا بالرَّعابيبِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
بانَ الخليطُ فَشَطّوا بالرَّعابيبِ | وهن يؤبن بعد الحسن بالطيب |
فهيجوا الشوق إذ خفت نعامتهم | وأورثوا القلب صدعاً غير مشعوب |
فَهُمْ حزائقُ ساروا نِيَّة ً قُذُفاً | لم ينظروك سراعاً نحو ملحوب |
بتوا القرينة فانصاع الحداة ُ بهم | وَهُمْ ذوو زَجَلٍ عالٍ وتَطْرِيبِ |
منهُ أراجيزُ تَزْفي العيسَ إذْ حُدِيتْ | وفي المزاميرِ أَصْواتُ الصَّلابيبِ |
والعيسُ منهُ كأنَّ الذعرَ خالَطَها | أو نالَها طائفٌ من ذي المخاليبِ |
زانَ السُّدولَ عليها الرِّقْمُ إذ حُدِجَتْ | بكل زوجٍ من الديباج محجوب |
وفي الهَوادجِ أبكارٌ مُناعَمَة ٌ | مثل الدمى هجن شوقاً في المحاريب |
كأنَّها كُلَّما ابتُزَّتْ مَباذِلُها | درٌ بدارين صافٍ غير مثقوب |
لها سوالف غزلانٍ وأوجهها | مثل الدنانير حرات الأشانيب |
كأنّما الذَّهَبُ العِقيان تجعَلُهُ | بين الزمرد أوساط اليعاسيب |
على نحورٍ كغرقي البيض ناعمة ٍ | يَعْلُلْنَها بِمَجاميرٍ وتَطْييبِ |
لَها معاصمُ غصَّ اليارقاتُ بِها | وفي الخلاخيل خلقٌ غير معصوب |
تزهو المحاسن منها وهي ناعمة ٌ | بكلِّ جَثْلٍ غُدافِ اللونِ غِرْبيبِ |
صُفْر السوالفِ من نَضْحِ العبير بِها | تَبْدو لَها غُرَرٌ دونَ الجَّلابيبِ |
تُبْدي أَكُفّاً تصيدُ العاشقين بِها | منها خضيبٌ ومنها غَيْرُ مخضوبِ |
كأنَّ أَفْواهَها الإغريضُ إذ بَسَمتْ | أو أقحوان ربيعٍ ذي أهاضيب |
في رَوْضة ٍ مِنْ رِياضِ الحَزْنِ ناعمة ٍ | تجري الطلال عليها بعد شؤبوب |
كأنني شاربٌ من ذكرهم ثَمِلٌ | لذ يعل بخمر الطاس والكوب |
أخو ندامى كرامٍ حل ضيفهم | برية ٍ باتَ يسقى غير مسلوب |
تَدِبُّ فيها حُميّاها وقد شرِبوا | منها قطابٌ ومنها غير مقطوب |
شربٌ يغنون والريحان بينهم | وكل جحلٍ من الخرطوم مسحوب |
ترى القوائم منه وهي شائلة ٌ | من كلِّ ذي مُشْعَرٍ بالقار مربوبِ |
تُسَلُّ أرواحُها منها إذا مُلئَتْ | حتّى تُفرّغ في موتى الأَكاويبِ |
إن المناهل جم لن تساعفنا | منها العذاب ومنها غير مشروب |
تحنو إلى كل فينانٍ أخي غزلٍ | صوادفٌ عن ذوي الأسنان والشيب |
يَبلى الشبابُ وينفي الشيبُ بَهْجَتَهُ | والدهرُ ذو العَوْص يأتي بالأعاجيبِ |
ما يطلبِ الدهرُ تدرِكْهُ مخالِبُهُ | والدهرُ بالوِتْر ناجٍ غيرُ مطلوبِ |
هل من أناسٍ أولى مجدٍ ومأثرة ٍ | إلا يشد عليهم شدة الذيب |
حتى يصيبَ على عَمْدٍ خيارَهُمُ | بالنافذات من النبل المصائيب |
إنّي وَجَدْتُ سهامَ الموت مَعْدِنُها | بِكُلِّ حتْمٍ من الآجالِ مَكْتوبِ |
من يلقَ بَلْوى يَنُبْهُ بعدَها فَرَجٌ | والناس بين ذوي روحٍ ومكروب |
وبين داعٍ إلى رشدٍ صحابته ، | وبَيْنَ غاوٍ وذي مالٍ ومحروبِ |
والعَيْشُ طبيانِ: طُبْيٌ ثرَّ حالبُهُ | وطبي جداء ذاوٍ غير محلوب |
وما طلابك شيئاً لست نائله | وسبك الناس ظلماً غير تعذيب |
عاتِبْ أخاك ولا تُكْثِرْ ملامَتَهُ | وزر صديقك رسلاً بعد تغييب |
وإنْ عُنيتَ بمعْروفٍ فَقُلْ حَسَناً | ولا تهن عن ذوي ضغنٍ لتهييب |
لا تحمدن امرأ حتى تجربه | ولا تذُمَّنَهُ مِنْ غيرِ تجريبِ |
إن الغلام مطيعٌ من يؤدبه | ولا يطيعك ذو شيبٍ لتأديب |
إنَّ السَّلائقَ في الأخلاقِ غالبة ٌ | فالصقر لا يقتنى إلا بتدريب |
وإنْ رحلتَ إلى مَلْكٍ لتمدَحهُ | فارحلْ بشعْرٍ نقيٍّ غيرِ مخشوب |
وامدحْ يزيدَ ولا تَظْهَرْ بمدحتهِ | وقد أوائلها قوداً بتشبيب |
إن البوارح لا يحبسن رحلته | ولا يعوج بأصوات الغرابيب |
إن الخليفة فرعٌ حين تنسبه | من الأعاصي هجانٌ خير منسوب |
يَنْميهِ حَرْبٌ ومروانٌ وأصلُهما | إلى جَراثيمِ مجدٍ غيرِ مأشوبِ |
نماك أربعة ٌ كانوا أئمتنا | فكان ملكك حقاً ليس بالحوب |
أعطاك ملكاً وتقوى أنت سائسه | بعد الفضائل من أوحى إلى النوب |
كالبَدْرِ أبلجُ عالي الهمِّ مُخْتَلَقٌ | يُنْمَى إلى الأبطحيّاتِ المصاعيبِ |
بحرٌ نمتْهُ بُحورٌ غيرُ ساجية ٍ | تلك المخاصيب أبناء المخاصيب |
قومٌ بمكَّة َ في بطحائها وُلدوا | أبناء مكة ليسوا بالأعاريب |
الأكثرونَ إذا ما سالَ موجُهُمُ | بكلِّ أَصْيَدَ سامي الطرفِ هُبْهوبِ |
والضاربونَ من الأبطالِ هامَهُمُ | ضَرْباً طِلَخْفاً وهَكّاً غيرَ تَذْبيبِ |
أنت ابنُ عاتكة َ الميمونِ طائِرُها | أم الملوك بني الغر المناجيب |
إذا الملوكُ جَرَتْ يوْماً لمكرُمة ٍ | جري المحاضير حثت بالكلابيب |
جَريْتَ جَرْيَ عتيقٍ لم يكنْ وَكَلاً | بذ العناجيج سبقاً غير مضروب |
سهل المباءة يعفو الناس جمته | يَكْسو الجِفانَ سَديفاً من ذُرَى النِّيبِ |
حتى تصد العوافي بعدما سبقت | عند المجاعة ِ من لحمٍ وتَرْعيبِ |
وأنت تحيي فثاماً بعدما همدت | إحياءَ بِصَوبٍ نَفْسَ حُلْبوبٍ |
وأنت خيرُهُمُ يوماً لمُخْتَبَطٍ | وأجودُ الناس جُوداً عند تَنْجيب |
وجَحْفَلٍ لَجِبٍ جَمٍّ صواهِلُهُ | عَوْدٍ يُجِدُّ مُتونَ السَّهلِ واللُّوبِ |
تَرى السَّماحيجَ فيها وهي مُسْنِفَة ٌ | وكل فحلٍ طوال الشخص يعبوب |
يحملن بزة أبطالٍ إذا ركبوا | بِكلِّ مُطَّرِدٍ صَدْقِ الأَنابيبِ |
تردي بشعثٍ إذا ابتلت رحائلها | بكل فجًّ من الأعداء مرهوب |
إن سكنوها وشدوا من أعنتها | أَخَذْن بالقومِ في حُضْرٍ وتَقْريبِ |
وإنْ مَرَوْها بِقِدٍّ أو بِأَسؤُقِهِمْ | جاشت سراحيب تبري للسراحيب |
يسمو بها وبجيشٍ كالدبا أشبٍ | بكل هولٍ على ما كان مركوب |
حتى يفض جموعاً بعدما حشدت | يُهالُ منها ويُغشى كلُّ مَرْعوبِ |
لهُ كِباشٌ بوقعِ السيفِ يغصبُها | وكبش صفك ماضٍ غير مغصوب |
ثمت ناصت فلولاً من عدوكم | قد أجحرت بين مقتولٍ ومجنوب |
شدت يداه جميعاً عند مأخذه | شدّاً إلى جيدِهِ رِبْطاً بِتَقْصيبِ |
بَلْهَ سُبِيٌّ حَوَتْها الخيلُ تحسبُها | زهاء شاءٍ من الأذري مجلوب |
كأنَّ رنّاتِ نِسوانِ السُبِيّ ـ وقد | ألوى بها القوم - أصوات اليعاقيب |
غُنْمٌ يظلُّ إمامُ الناسِ يَقْسِمُها | فبين موهوبة ٍ منها وموهوب |