آذَنَ اليومَ جِيرتي بارتحالِ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
آذَنَ اليومَ جِيرتي بارتحالِ | وبِبَيْنٍ مُودَّعٍ واحتمالِ |
وانتضوا أينق النجائب صعراً | أَخَذوها بالسَّيْر بالإرقالِ |
وَاعْتَلَوْا كلَّ عَيْهَمٍ دَوْسَرِيٍّ | أرحبي يبذ وسع الجمال |
فكأن الرياض أو زخرف المجـ | ـدَلِ مِنْها على قُطوعِ الرحالِ |
عدلوا بينها وبين عتاقٍ | مُقْرَباتٍ تُصانُ تحتَ الجِلالِ |
فهي قبٌّ كأنهن ضراءٌ | كقداح المفيض أو كالمغالي |
خَرَجوا أَنْ رَأَوْا مَخيلَة َ غَيْثٍ | من قصورٍ إلى رياض أثال |
يومَ بانوا بكلِّ هيفاءَ بِكْرٍ | ورَداحٍ وطَفْلة ٍ كالغَزالِ |
بكراتٌ أدمٌ أصبن ربيعاً | أو ظباءٌ أَوْ رَبْرَبٌ في رِمالِ |
فَهْيَ بيضٌ حُورٌ يُبَسِّمْنَ عن غُرْ | رٍ وأنيابُهُنَّ شَوْكُ السِّيالِ |
جاعلاتٌ قطفاً من الخز والبا | غز حول الظباء فوق البغال |
جازئاتٌ جمعن حسناً وطيباً | وقَواماً مِثْلَ القَنا في اعْتدالِ |
غص منها بعد الدماليج سورٌ | والخلاخيلُ والنُّحور حَوالِ |
فكأن الحلي صيغت حديثاً | يتألقن أو جلاهن جال |
ثُمَّ زَفَّتْ تعدو بِزقٍّ جِفالِ | مخطفات البطون ميث النوالي |
لثن خمراً على عناقيد كرمٍ | يانعاتٍ أَتْمِمْنَ في إكمالِ |
فهي تُبدي طوْراً وتُخفي وُجوهاً | كل وجهٍ أغر كالتمثال |
كالدمى حسنهن أربهى على الحسـ | ـن ويضعفن في تقى ً وجمال |
لابساتٌ غض الشباب جديداً | مثقلاتٌ تنوء بالأكفال |
جاعلاتٌ من الفرند دروعاً | والجلابيب من طعام الشمال |
يتأزرن بالمروط من الخـ | زِ ويَرْكُلْنَها بِسُوقٍ خِدالِ |
فإذا مامشين مالت غصونٌ | مِلْنَ نحوَ اليمينِ بَعْدَ الشِّمالِ |
يَتَقَتلْنَ لِلْحليمِ مِنَ القَوْ | م فيسبينه بحسن الدلال |
وإذا مارمينه جانبياً | أو عشيراً أَقْصَدْنَهُ بالنِّبالِ |
ولقد قُلتُ يومَ بانوا بصرمٍ | كيف وَصْلي من لا يُجِدُّ وصالي |
وإذا ما انطوى أخٌ ليَ دوني | فجديرٌ إن صَدَّ أَنْ لا أُبالي |
كل ما اختصتني به الله ربي | ليس من قوتي ولا باحتيالي |
لو أطيع الشموع أو تعتليني | زل حلمي ولامني عذالي |
وإذا ماذكرت صرف المنايا | كادِّكارِ الحَزينِ في الأطلالِ |
كل عيشٍ ولذة ٍ ونعيمٍ | وحياة ٍ تودي كفيء الظلال |
كَفَّني الحِلْمُ والمشيبُ وَعَقْلي | ونهى اللهِ عَنْ سبيلِ الضلالِ |
وأرى الفقر والغنى بيد اللـ | ـهِ وَحَتْفَ النُّفوسِ في الآجالِ |
ليس ماءٌ يروى به متعفوه | واتنٌ لا يغور، كالأَوْشالِ |
قد يغيض الفتى كما ينقص البد | ر وكلٌ يصير كالمستحال |
فمحاقٌ هذا وهذا كبيرٌ | بعدما كان ناشئاً كالهلال |
ليس يغني عنه السنيح ولا البر | ح ولا مشفقٌ زمام قبال |
فإذا صارَ كالبَلِيَّة ِ قَحْماً | هو مر الأيام بعد الليالي |
وكَسَتْهُ السِّنونَ شيباً وضَعْفاً | وطَوَتْ خَطْوَهُ بِقَيْدٍ دِخالِ |
عادَ كالضَّبِّ في سنينَ مُحُولٍ | عادَ في حُجْرِهِ حليفَ هُزالِ |
ليس حي يبقى وإن بلغ الكبـ | رة إلا مصيره لزوال |
كلُّ ثاوٍ يَثْوي لحينِ المنايا | كجزورٍ حبستها بعقال |
إن تمت أنفس الأنام فإن الـ | ـله يبقى وصالحَ الأعمالِ |
كلُّ ساعٍ سعى لِيُدْرِكَ شيْئاً | سَوْفَ يأتي بِسَعْيهِ ذا الجَلالِ |
فَهُمُ بينَ فائِزٍ نالَ خَيْراً | وشقي أصابه بنكال |
فولاة الحرام من يعمل السو | ءَ عدوٌّ حربٌ لابنِ الحلالِ |
إنَّ مَنْ يركَبُ الفواحشَ سِرّاً | حين يخلو بسوءة ٍ غير خال |
كَيْفَ يَخْلو وعندَهُ كاتِباهُ | شاهدَيْهِ ورَبُّهُ ذو المِحالِ |
فاتق الله مااستطعت وأحسن | إنَّ تقوى الإلهِ خيرُ الخِلالِ |
وإذا كنت ذا أناة ٍ وحلمٍ | لم تَطِرْ عِندَ طَيْرة ِ الجُهّالِ |
وإذا ما أَذَلْتَ عِرْضَك أودى | وإذا صِينَ كانَ غيرَ مُذالِ |
ثُمَّ قُلْ للمُريد حَوْلَ القوافي: | إن بعض الأشعار مثل الخبال |
أَثْقِفِ الشِّعْرَ مرّتين وأَطنِبْ | في صُنوف التشبيبِ والأمْثالِ |
وفلاة ٍ كأنها ظهر ترسٍ | عُودُه واحدٌ قديمُ المِطالِ |
حَوْمة ٍ سَرْبَخٍ يَحارُ بها الرَّكْـ | ـب تنوفٍ كثيرة الأهوال |
جبت مجهولها وأرضٍ بها الجـ | ـن وعقد الكثيب ذي الأميال |
وعَدابٍ منْ رَملة ٍ ودَهَاسٍ | وجِبالٍ قَطَعتُ بَعْدَ جِبالِ |
وَسُهوبٍ وكلِّ أبطحَ لاخٍ | ثم آلٍ قد جبت من بعد آل |
بعقامٍ أجدٍ تقلج بالرا | كِبِ عَنْسٍ جُلالة ٍ شِمْلالِ |
عيسجورٍ كأنها عرمس الوا | دي أَمونٍ تزيفُ كالمُختالِ |
فإذا هجتها وخافت قطيعاً | خَلَطَتْ مَشْيَها بِعَدْو نِقالِ |
كذعورٍ قرعاء لم تعل بيضاً | ذات نأيٍ ليست بأم رئال |
خَدَّ في الأرضِ مَنْسِماها وزَفَّتْ | |
فهي تهفو كالرِّمْثِ فوق عَمودَيْـ | ـنِ عَلَتْهُ مُسْوَدَّة ُ الأَسْمالِ |
وَهْيَ تَسْمو بِذي بلاعيمَ عُوجٍ | أصقع الرأس كالعمود الطوال |
فيها كالجنون أو طائف الأو | لقِ مِنْ ذُعْرِ هَيْقة ٍ مِجْفالِ |
أو كجأبٍ مكدمٍ أخدري | حول أُتنٍ لواقح وحيال |
يَرْتَمي الريحَ من سَماحيجَ قُبٍّ | بِنُسالٍ تطيرُ بعدَ نُسالِ |
فرعاها المصيف حتى إذا ما | رَكدَ الخاطِراتُ فَوْقَ القِلالِ |
حثها قارحٌ فجالت جميعاً | خشية ً من مكدمٍ جوال |
فهو منها وهن قودٌ سراعٌ | كرقيب المفيض عند الخصال |
سحره دائمٌ يرجع يحدو | ها مصرٌ مزايلٌ للفحال |
فإذا استاف عوذاً قد أقصت | ضَرَحَتْهُ تَشيعُ بالأَبْوالِ |
وكأنَّ اليَراعَ بين حَوامٍ | حينَ تعْلو مَرْوٌ وسُرْجُ ذِبالِ |
ونحاها للورد ذات نفوسٍ | |
نحو ماءٍ بالعرق حتى إذا ما | نَقَعَتْ أَنْفُساً بِعَذْبٍ زُلالِ |
عرفَ الموتَ فاستغاثَ بأَفْنٍ | ذي نَجاءٍ عَطِّ الحَنيفِ البالي |
فهو يهوي كأنه حين ولى | حَجَرُ المِنْجَنيقِ أو سَهْمُ غالِ |
ذاك شبهته وصاحبة الـ | فِ قَلوصي بعدَ الوَجا والكَلالِ |
تَنْتَوي من يزيدَ فضلَ يَدَيْهِ | أَرْيحيّاً فَرْعاً سَمينَ الفَعالِ |
حَكَمِيّاً بين الأعاصي وحَرْبٍ | أبطحي الأعمام والأخوال |
أُمَّهُ مَلْكة ٌ نَمَتْها ملوكٌ | وهي أهل الإكرام والإجلال |
أمها بنت عامر بن كريزٍ | وأبوها الهمام يوم الفضال |
تلك أمٌ كست يزيد بهاءً | وجمالاً يبذ كل جمال |
وأبوه عبد المليك نماه | زاد طولاً على الملوك الطوال |
فَهْوَ مَلْكٌ نَمَتْهُ أيضاً مُلوكٌ | خير من يحتذي رقاق النعال |
حالف المجد عبشمياً إماماً | حل داراً بها تكون المعالي |
أريحيّاً فرْعاً ومعقِلَ عِزٍّ | قَصُرَتْ دونَهُ طِوالُ الجِبالِ |
أُعطيَ الحِلْمَ والعَفافَ مع الجو | د ورأياً يفوق رأي الرجال |
وحباهُ المَليكُ تقوًى وبِرّاً | وهو من سوس ناسكٍ وصال |
يقطعُ الليلَ آهَة ً وانْتِحاباً | وابْتهالاً للّهِ أيَّ ابْتهالِ |
راعَهُ ضَيْغمٌ من الأُسْدِ وَرْدٌ | جا بِلَيْلٍ يهيسُ في أَدْغالِ |
تارة ً راكعاً وطوراً سجوداً | ذا دموعٍ تنهل أي انهلال |
وله نحبة ٌ إذا قام يتلو | سوراً بعد سورة الأنفال |
عادِلٌ مُقْسِطٌ وميزانُ حَقٍّ | لم يحف في قضائه للموالي |
مُوفِياً بالعُهودِ من خَشْية اللا | هِ ومَنْ يَعْفُهُ يكنْ غَيْرَ قالِ |
مُحْسِنٌ مُجْمِلٌ تَقِيٌّ قَوِيٌّ | وهو أهل الإحسان والإجمال |
ليس بالواهن الضعيف ولا القحـ | ـم ولا مودنٍ ولا تنبال |
تم منه قوامه واعتدال الـ | ـخَلْقِ والرأيُ بالأمورِ الثقالِ |
وهو من يعفه ينخ بكريمٍ | يَلْقَ جُوداً مِنْ ماجِدٍ مِفْضالِ |
مثل جود الفرات في قبل الصيـ | ـفِ تَرامى تيّارُهُ بالجُفالِ |
فَهْوَ مُغْلَولِبٌ وَقَدْ جَلَّلَ العِبْـ | ـرَيْنِ ماءٌ يُفيضُه غيرَ آلِ |
فإذا ماسما تلاطم بالمو | ج جوادٌ كالجامح المستشال |
فهو جون السراة صعبٌ شموسٌ | سار منه تيار موجٍ عضال |
كَبَّ مِنْ صَعْنَباءَ نخلاً ودُوراً | وارتمى بالسفين والموج عال |
وتَسامَتْ منهُ أواذيُّ غُلْبٌ | كَفِحالٍ تَسْمو لِغُلبِ فِحالِ |
غير أن الفرات ينضب منه | ويزيدٌ يزداد جود نوال |
وَهْوَ إنْ يعْفُهُ فِئامٌ شُعوبٌ | يبتد المعتفين قبل السؤال |
ويذد عنهم الخلالة منه | بِسِجالٍ تَغْدو أَمامَ سِجالِ |
فإذا أُبْرِزَتْ جِفانٌ من الشِّيـ | ـزى وفيها سَديفُ فَوْقَ المَحالِ |
قتل الجوع والهزال فبادا | حين هر العفاة شحم المتالي |
وكأن الترعيب فيها عذارى | خالصاتُ الألوانِ إلْفُ الحِجالِ |