نُعْمُ الفُؤَادِ مَزارُها مَحْظُورُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
نُعْمُ الفُؤَادِ مَزارُها مَحْظُورُ | بعدَ الصفاءِ، وبيتها مهجورُ |
لجّ البعادُ بها وشطّ بركبها | نائي المَحَلِّ عَنِ الصَّدِيقِ غَيُورُ |
حَذِرٌ قَلِيلُ النَّوْمِ ذو قاذورَة ٍ | فطنٌ، بألبابِ الرجالِ بصير |
لَمْ يُنْسِني ما قَدْ لَقِيتُ وَنأْيُها | عَنِّي وأَشغالٌ عَدَتْ وأُمُورُ |
ممشى وليدتها إليّ، وقد دنا | مِنْ فِرْقَتي يَوْمَ الفِرَاقِ بُكُورُ |
وَمَفِيضَ عَبْرَتَها وَمَوْمَى كَفِّها | وَرِدَاءُ عَصْبٍ بَيْنَنا مَنْشُورُ |
أن أرجِ رحلتك الغداة َ إلى غدٍ، | وثواءُ يومٍ، إنْ ثويتَ، يسير |
لَمّا رآني صَاحِبايَ كأَنَّني | تَبِلٌ بِهَا أَوْ مُوَزَعٌ مَقْمورُ |
وتبينا أنّ الثواءَ لبانة ٌ | مني، وحبسهما عليّ كبير |
قالا: أنقعدُ أن نروحُ؟ وما تشأ | نَفْعَلْ وأَنْتَ بِأَنْ تُطَاعَ جَديرُ |
إن كنتَ ترجو أن تلاقي حاجة ً، | فَکمْكُثْ فَأَنْتَ عَلَى الثَّواءِ أَمِيرُ |
فَأَتَيْتُها وکللَّيْلُ أَدْهَمُ مُرْسَلٌ | وَعَلَيْهِ مِنْ سَدَفِ الظَّلامِ سُتُورُ |
رحبتُ حين لقيتها، فتبسمتْ، | وَكَذَاكُمُ ما يَفْعَلُ المَحْبُورُ |
وَتَضَوَّعَ المِسْكُ الذَّكِيُّ وَعَنْبَرٌ | من جيبها، قد شابهُ كافور |
كنا كمثلِ الخمرِ، كان مزاجها | بالماءِ لا رنقٌ، ولا تكدير |
فَلَئِنْ تَغَيَّرَ مَا عَهِدْتَ وأَصْبَحَتْ | صدفتْ، فلا بذلٌ، ولا ميسور |
لَبِما تُسَاعِفُ بِاللِّقاءِ وَلُبُّها | فرحٌ بقربِ مزارنا، مسرور |
إذْ لا تغيرها الوشاة ُ، فودها | صافٍ نُرَاسِلُ مَرَّة ً وَتزُورُ |
لا تأمننّ الدهرَ أنثى بعدها، | إنّي لآمِنِ غَدْرِهِنَّ نَذيرُ |
بَعْدَ الَّتي أَعْطَتْكَ مِنْ أَيمانِها | ما لا يُطِيقُ مِنَ العُهُودِ ثَبِيرُ |
فإذا وَذَلِكَ كَانَ ظِلَّ سَحَابَة ٍ | نَفَحَتْ بِهِ في المُعْصِرَاتِ دَبُورُ |