منْ سجايا الطُّلولِ ألاَّ تُجيبا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
منْ سجايا الطُّلولِ ألاَّ تُجيبا | فصَوابٌ مِن مُقْلَة ٍ أَنْ تَصُوبَا |
فاسألنها، واجعلْ بُكاكَ جواباً | تجد الشَّوقَ سائلاً ومُجيبا |
قدْ عهدنا الرُّسومَ وهيَ عُكاظٌ | لِلصبَى تَزْدَهِيكَ حُسْناً وطِيبَا |
أكْثَرَ الأَرضِ زَائراً وَمَزُوراً | وصعوداً من الهوى وصبُوبا |
وكعاباً كأنَّما ألبستها | غفلاتُ الشَّبابِ بُرداً قشيبا |
بَيَّنَ البَيْنُ فَقْدَها قَلَّمَا تَعْـ | ـرِفُ فَقْداً للشَّمْسِ حَتَّى تَغِيبا |
لعبَ الشَّيبُ بالمفارقِ بلْ جـ | ـدَّ فأَبْكَى تُماضِراً وَلَعُوبَا |
خضبتْ خدَّها إلى لؤلؤ العقـ | ـدِ دماً أنْ رأتْ شواتي خضيبا |
كلُّ داءٍ يُرجى الدَّواءُ لهُ إلا | الفظيعينِ: ميتة ً ومشيبا |
يا نسيبَ الثَّغامِ ذنبك أبقى | حسناتي عند الحسانِ ذُنوبا |
وَلئِنْ عِبْنَ مَا رَأيْنَ لَقَدْ أَنْـ | ـكرنَ مُستنكراً وعبنَ معيبا |
أَو تَصَدَّعْنَ عَنْ قِلًى لَكَفَى بالشَّـ | ـيب بيني وبينهنَّ حسيبا |
لَوْ رَأَى اللَّهُ أن لِلشَّيْبِ فَضْلاً | جاورتهُ الأبرارُ في الخُلدِ شيبا |
كُلَّ يوم تُبدي صُرُوفُ اللَّيالي | خُلُقاً مِن أَبِي سَعِيدٍ رَغيبَا |
طابَ فيهِ المَدِيحُ والتَذَّ حَتَّى | فاقَ وصفَ الدِّيارِ والتَّشبيبا |
لو يُفاجا رُكنُ النَّسيب كثيرٌ | بِمَعَانِيهِ خَالَهُنَّ نَسِيبَا |
غَرَّبَتْهُ العُلَى على كثرة ِ النَّا | سِ، فَأَضْحَى في الأَقْرَبينَ جَنِيبا |
فليَطُلْ عُمْرُهُ، فَلَوْ مَاتَ في مَرْ | و مُقيماً بها لماتَ غريبا |
سَبَقَ الدَّهْرَ بالتلاَدِ ولم يَنْـ | ـتَظِرِ النَّائِبَاتِ حَتَّى تَنُوبَا |
فإِذَا مَا الخُطُوبُ أَعفَتْهُ كَانَتْ | راحتاهُ حوادثاً وخطوبا |
وصليبُ القناة ِ والرأي والإسْـ | ـلاَمِ، سَائِلْ بِذَاكَ عَنْهُ الصَّلِيبَا |
وَعَّرَ الدينَ بالجِلاَدِ وَلكِـ | ـنَّ وعُوُرَ العدوِّ صارتْ سُهوبا |
فدروبُ الإشراكِ صارتْ فضاءً | وَفَضَاءُ الإسلاَمِ يُدْعَى دُرُوبا |
قَدْ رَأوْهُ وهْوَ القَريْبُ بَعِيداً | ورَأوْهُ، وَهْوَ البَعِيدُ، قَريبَا |
سكَّنَ الكيد فيهمُ إنَّ من أعـ | ـظَم إِرْبٍ أَلاَّ يُسَمَّى أَريبا |
مكرُهُمْ عندهُ فصيحٌ وإنْ همْ | خاطبوا مكرهُ رأوهُ جليبا |
ولعمرُ القنا الشَّوارع تمري | مِنْ تِلاَع الطُّلَى نَجيعاً صبيبَا |
في مَكَرٍّ للرَّوْعِ كُنْتَ أَكيلاً | للمنايا في ظلِّه وشريبا |
لَقَدِ انصَعْتَ والشتَاءُ لَهُ وَجْـ | ـهٌ يراهُ الكُماة ُ جهماً قَطُوَبا |
طَاعِناً مَنْحَرَ الشَّمَالِ مُتِيحاً | لِبلاَدِ العَدُو مَوْتاً جَنُوبَا |
في لَيَالٍ تَكَادُ تُبْقِي بِخَد الشَّمْـ | ـسِ منْ ريحها البليلِ شُحوبا |
سبراتٍ إذا الحروبُ أُبيختْ | هَاجَ صِنَّبْرُهَا فَكَانَتْ حُروبَا |
فَضَربْتَ الشتَاءِ في أخدَعَيْهِ | ضرْبَة ً غَادَرَتْهُ عَوْداً رَكُوبَا |
لوْ أصخنا من بعدها لسمعنا | لِقُلُوبِ الأيَّام مِنِك وَجيبَا |
كُلُّ حِصْنٍ مِن ذِي الكَلاَعِ وَأَكْشو | ثَاءَ أَطلَقْتَ فيهِ يَوْماً عصيبَا |
وصليلاً منَ السُّيوفِ مُرنّاً | وشهاباً منَ الحريق ذنوبا |
وأرادوكَ بالبياتِ ومنْ هـ | ـذا يُرادي مُتالعاً وعسيبا |
فَرَأوْا قَشْعَمَ السيَاسَة ِ قَد ثَقَّـ | ـفَ منْ جُندهِ الَقَنا والقلوبا |
حَيَّة ُ اللَّيْلِ يُشْمِسُ الحَزْمُ مِنهُ | إِنْ أَرَادَتْ شَمْسُ النَّهارِ الغُروبَا |
لوْ تقصَّوْا أمرَ الأزارقِ خالوا | قَطَرِياً سَمَا لَهُمْ أَوْ شَبِيبَا |
ثُمَّ وَجَّهْتَ فَارِسَ الأَزْدِ وَالأَوْ | حَدَ في النُّصْحِ مَشْهَداً وَمَغِيبَا |
فَتَصَلَّى محمدُ بن مَعَاذٍ | جمرة َ الحربِ وامترى الشُّؤبوبا |
بالعَوالِي يَهتِكْنَ عَنْ كُل قَلْبٍ | صَدْرَهُ أَوْ حَجَابَهُ المَحْجُوبَا |
طلبتْ أنفسَ الكُماة ِ فشقَّتْ | مِن وَراءِ الجُيُوبِ مِنهُمْ جُيُوبَا |
غَزْوَة ٌ مُتْبعٌ ولَوْ كَانَ رَأْيٌ | لمْ تفزَّدْ بهِ لكانت سلوبا |
يَوْمَ فَتْحٍ سَقَى أُسُودَ الضَّواحي | كُثَبَ المَوْتِ رَائِباً وحَليبا |
فإِذَا مَا الأَيَّامُ أَصْبَحْنَ خُرْساً | كُظَّماً في الفخارِ قامَ خطيبا |
كان داءَ الإشراكِ سيفكَ واشـ | ـتَدَّتْ شَكَاة ُ الهُدَى ، فَكنْتَ طَبِيبَا |
أَنْضَرَتْ أَيْكَتِي عَطَايَاكَ حَتَّى | صار ساقاً عُودي وكانَ قضيبا |
مُمطراً لي بالجاه والمالِ لا ألـ | ـقاك إلاَّ مُستوهباً أوْ وهوبا |
فإِذَا ما أَرَدْتُ كُنْتَ رِشَاءً | وإِذَا ماأَرَدْتُ كُنْتَ قَلِيبَا |
باسطاً بالنَّدى سحائبَ كفٍّ | بنداها أمسى حبيبٌ حبيبا |
فإذا نعمة ُ امرئِ فركتهُ | فاهتَصِرْها إِليْك ولْهَى عَرُوبا |
وإِذَا الصُّنْعُ كانَ وَحْشاً فَمُلـ | ـيتَ برغمِ الزَّمانِ صُنعاً ربيبا |
وَبقَاءً حَتى يَفُوتَ أَبو يَعـ | ـقُوبَ في سِنهِ أَبَا يَعقُوبَا |