عَرَفَ الدّارَ، فحيّا وَناحَا،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عَرَفَ الدّارَ، فحيّا وَناحَا، | بعدما كان صحا واستراحا |
ظَلّ يَلحاهُ العذولُ ويَأبَى | في عنانِ العذلِ إلاّ جماحا |
علموني كيفَ أسلو ، وإلاّ ، | فخذوا عنْ مقلتيّ الملاحا |
من رأى برقاً يضيءُ التماحا ، | ثَقَبَ اللّيلَ سَناه، فَلاحا |
فكأنّ البرقَ مصحفُ قارٍ ، | فانْطِباقاً مَرّة ً، وانْفِتَاحا |
في ركامٍ ضاقَ بالماءِ ذرعاً ، | حيثما مالت به الريحُ ساحا |
لم يزلْ يلمعُ بالليلِ حتى | خلته نبه فيهِ صباحا |
وكأنّ الرّعدَ فَحْلُ لِقاحٍ، | كلّما يُعجِبُه البرقُ صاحَا |
لم يدع أرضاً من المحلِ إلاّ | جادَ، أو مَدّ عليها جَناحَا |
و سقى أطلالَ هندٍ ، فأضحت | يَمْرَحُ القطرُ عَليها مِراحا |
ديماً في كلّ يومٍ ووبلاً ، | واغتباقاً للنّدى ، واصطِباحَا |
كلُّ مَن ينأى من الناسِ عنها، | فهوَ يرتاحُ إليها ارتياحا |
لا أرى مثلكِ ما عشتُ داراً ، | ربوة ً مخضرة ً ، أو بطاحا |
لوْ حَلَلنا وسطَ جنّة ِ عَدْنٍ، | لاقترحناكَ عليها اقتراحا |
و إذا ما ذرتِ الشمسُ فيها ، | فتحت أعينَ روضٍ ملاحا |
في ثرًى كالمِسكِ شِيبَ براحٍ، | كلّما أنبَتَهُ القطرُ لاحا |
جُمِعَ الحقُّ لنا في إمامٍ، | قتلَ البخلَ ، وأحيا السماحا |
ألِفَ الهيجاءَ طِفلاً وكَهْلاً، | تحسبُ السيفَ عليهِ وشاحا |
و لهُ من رأيهِ عزماتٌ ، | وصلَ الله ضِمْنَهُنّ نَجَاحَا |
يجعَلُ الجيشَ إذا صارَ ذَيْلاً، | جُرْأة ً فيه، وبَأساً صُرَاحَا |
فرجُ الأعداءِ بالسلمِ منه ، | و هو في السلمِ يعدُّ السلاحا |
فَرّقَتْ أيدِيهمُ المالَ كُرْهاً، | ولقَد كانوا عليها شِحاحا |
خاطَ أفواههمْ ، وقديماً | مَزّقُوهَا ضَحِكاً ومُزَاحَا |
وَوَعَوا شُكري إليه، وكانوا | مَلأوا دُورَ المُلوكِ نُباحا |
أيقنوا منه بحربٍ عوانٍ ، | ورجالٍ يَخْضِبونَ الرّمَاحَا |
و بخيلٍ تأكلُ الأرض شداً ، | مُلجَماتٍ يَبتدِرْنَ الصّياحا |
قاصِداتٍ كلَّ شرْقٍ وغربٍ، | ناطِقاتٍ بالصّهِيلِ فِصَاحَا |
حَمَلَتْ أُسداً من الناس غُلباً، | و كباشاً لا تملُّ النطاحا |
إن أغبْ عنك ، فما غابَ شكرٌ ، | دعوة ً جاهِدة ٌ وامتداحا |
يا أمينَ اللهِ أيدتَ ملكاً ، | كانَ من قبلكَ نهباً مباحا |