جارَ هذا الدّهرُ، أو آبا،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
جارَ هذا الدّهرُ، أو آبا، | و قراكَ الهمُّ أوصابا |
و وفودُ النجم واقفة ٌ ، | لا ترى في الغربِ أبوابا |
وكأنّ الفجرَ، حينَ رأى | ليلة ً قاسية ً، هابا |
غَضَبُ الإدلال مِن رشَإٍ، | لابسٍ للحُسنِ جِلبابا |
سحرتْ عيني ، فلستُ أرى | غيرَه في النّاس أحبابا |
و لحيني ، إذ بليتُ به ، | وأرى للحَين أسْبابا |
غُصُنٌ يَهتَزُّ في قمرٍ، | راكضاً للوشيِ سحابا |
أثمَرت أغصانُ راحتِه، | لجناة ِ الحسنِ عنابا |
لامهُ فيالوشاة ُ ، وكم | ذامني منهم ، وكم عابا |
عَذّبوا صَبّاً بعَذلِهمُ، | متعباً في الحبِّ إتعابا |
فتبرا من محبتنا ، | وأُراه كان كَذّابا |
لا ترى عيني له شبهاً ، | غَزِلٌ في الحبِّ ما حابَى |
وحديثٍ قد جعلتُ له، | دونَ عِلمِ النّاس حُجّابا |
لا يملُّ النثرَ لافظه ، | مفتنٌ يعجبُ إعجابا |
قد أبحناهُ فطابَ لنا، | وحَوَيْنا منه إنهابا |
و شبابٍ كان يعجبني ، | وبهِ قد كنْتُ لَعّابا |
جاه حُسنٍ ما رُدِدْتُ به، | وشفيعٌ قطُّ ما خابا |
ثمّ أدينا إلى شمطٍ ، | مُسبِلٍ في الرّأس أهدابا |
فأمامي المرُّم عمري ، | وورائي منه ما طابا |
خضبتْ رأسي ، فقلتُ لها : | اخضبي قلبي، فقد شابا |
شرطُ دهري كلّه غِيَرٌ، | حبنَ عاديناهُ إسحابا |
و لقد غاديتُ مترعة ً ، | لم تشم في خلقي عابا |
و حلبتُ الدهرَ أشطره ، | و قضتهُ النفسُ أطرابا |
و خميسُ الأرضِ مالكهُ ، | يملأ الأرضَ به غابا |
مثلُ لُجِّ البحرِ مُصطخَباً، | يَزجُرُ الليلَ، إذا غابا |
ولقد أغزو بسَلهَبة ٍ، | تُعطِبُ الأحقافَ إعطابا |
قد حَذاها الدّهرُ جِلدتَه، | وكَساها اللّيلُ أثوابا |
جاس فيها الشكُّ حينَ رأتْ | بجنوبِ الحزنِ أسرابا |
فرجمناها بغرتها ، | فقَضت للحِرصِ آرابا |
وَرَدَدنا الرّمحَ مُختضِباً، | لِدماءِ الوَحشِ شرّابا |