يا صاحبي شُيّبتُ عَفوَا،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يا صاحبي شُيّبتُ عَفوَا، | و شربتُ بالتكديرِ صفوا |
وسُقيتُ كاساتِ الهَوَى ، | فوَجَدتُها مُرّاً وحُلوَا |
ظَبيٌ يُجاهِرُ بالقِلَى ، | تِيهاً على ذُلّي وقَسوَا |
شَغَلَ الفؤادَ بكُربَة ٍ، | قبضتْ عليهِ ، وصارَ خلوا |
واهاً لأيامِ الصبا ، | مُحيَتْ من الآنامِ مَحوَا |
أزمانَ أبلُغُ في المُنَى | أقطارها مرحاً ولهوا |
أيّامَ تُغفَرُ زَلّتي، | ويُظَنُّ عمدُ الذّنبِ سَهوَا |
يغدو عليّ بكأسهِ | رشأٌ مريضُ الطرفِ أحوى |
حُشِيَتْ عَقارِبُ صُدغِهِ | بالمِسكِ في خَدّيهِ حَشوَا |
و كأنما أجفانهُ | تشكو إليكَ شكوا |
في فِتيَة ٍ قَدّمتُهُمْ | قَبلي، وما استخلَفتُ كُفوَا |
أمسَوْا جَوًى في القَلْـ | ـبِ يُحزِنُهُ وأحزاناً وشَجوَا |
سلْ للمنازلِ سقية ً ، | و الربعِ والديرينِ أقوى |
حتى تظلّ بقاعهُ | شهباً ، منورة ً ، وحوا |
و يهزُّ أجنحة َ النبا | تِ نَسيمُهُ، ويَحنُّ زَهوَا |
من كلّ عيشٍ قد أصبـ | ـتُ لذيذة ُ ، وسلكتُ نحوا |
زَمَنُ الصِّبا، ورَددتُ كَـ | ـفاً بعدهُ وقصرتُ خطوا |
سلّ المشيبُ سيروفهُ ، | فسطا على اللذاتِ سطوا |
حتى انثَنَتْ حُمَة ُ الشّبا | بِ كليلة ً ، وصحوتُ صحوا |
ولقَد لقيتُ عَظيمَة ً | محذورة ً وحملتُ عبوا |
و رفلتُ في قمصِ الحديـ | ـدِ، وما أرَى في اللّيلِ ضَوّا |
بشملة ٍ جوالة ٍ ، | تنضو مطايا الركبِ نضوا |
رَحلَتْ بها هِمَمُ امرِىء ٍ، | ومُقامُها في الهَمّ أسوَا |
أومى إليها بالزما | مِ، فلم تَدعْ للسّطوِ عَدوَا |
و لقد فضضتُ عنِ الصبا | حِ ظلامهُ سحراً وغدوا |
بمُخَنَّثٍ ذي مَيعَة ٍ | يَنزو أمامَ الخَيلِ نَزوَا |
في أثرِ سارِيَة ٍ تَبَطّنَ | نورها خفضاً وربوا |
نُحِرَتْ على حُرّ الثَرَى | بسقاتُ وابلِها، فأروَى |