صُمْتَ لله صَوْمَ خِرْقٍ هُمامٍ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
صُمْتَ لله صَوْمَ خِرْقٍ هُمامٍ | مُفْطِرِ الكفّ بالعطايا الجسامِ |
أطلعَ الله للصيام هلالاً | ولنا من علاكَ بدرَ تمامِ |
وشفاكَ الإلهُ من كلِ داءٍ | صحّ منه الجلالُ بعد السقام |
كان يومَ السرور منك ركوبٌ | أرحلَ الهمّ عن قلوب الأنامِ |
إذ شكا من شَكاتِكَ الناسُ والبا | سُ وطعنُ القنا وضرب الحسام |
ثم ضجّوا لما رَأوكَ صحيحاً | والعُلى منك ثَغْرُهُ ذو ابتسام |
مرضٌ منك قبّلَ الكفّ شوقاً | ثمّ ولّى بخجلة ٍ واحتشام |
حجبَ الغيمُ منه في الأفق بدراً | وانجلى عنه ضيائه بسلام |
واقتضى الشهرُ من معاليك صنعاً | معْلياً منه همّة ً باهتمام: |
قَطْعُ ضوءِ النهار صوماً وبرّا | ودجى الليل بالسُّرى والقيامِ |
وسجودٌ من نور وجهكَ طوعاً | ما أطالَ السجودَ وجهُ الظلام |
وخشوعٌ يعلوه منك وقارٌ | مُعْرِبٌ عن رَجَاحة ٍ من شَمام |
طابَ بينَ الملوك ذكرُكَ كالمسْـ | ـكِ إذ فُضّ عنه طيبُ الختام |
فهو ما بينهمْ به سَمَرُ الليْـ | ـل وشَدْوٌ على كؤوس المدام |
فلك الله من كريم السجايا | معرِقِ المجدِ في الملوكِ الكرام |
ذِمرُ حربٍ، له اقتحامُ هزبرٍ، | وجوادٌ، له يمينُ غَمَام |
بائنٌ الخطتين، نخشى ونرجو | رَيْثَ غَفْرٍ له، وبطشَ انتقام |
قام الله ذو انتصارٍ لدينٍ | رامت الروم منه كلّ مرام |
ورمى ثغرة َ العدوّ بسهمٍ | وثنى سَهْمَهُ عن الإسلام |
باعتزامٍ ككوكبِ الجوّ يرْمي | منهمُ كلَّ مارِدٍ بضرام |
وَبِحَرْبِية ٍ لها نِفْطُ حَرْبٍ | يحرقُ الماءَ تارة ً باضطرامِ |
ترتمي في مُلوَنَّاتِ لُبُودٍ | كرياضٍ نَوّرْنَ فوق إكام |
فهي تجلو عرائسَ الموت سودا | هوّلَتْ في عباب أخضرَ طامِ |
يا لها من جحافلٍ زاحفاتٍ | بضواري الأسود في الآجام |
وذبالٍ على القنا مُشعَلاتٍ | مطفئات الأرواح في الأجسام |
وندى فاضَ من بنانِ كريمٍ | غيرِ مُصغٍ في بذلهِ للملامِ |
ليس يُفني بيوتَ مال عليّ | طولُ إنفاقها بكرّ الدوام |
كيف يُفني الشموس ما اقتبستهُ | من سنا نورها عيونُ الأنام |
مَلكٌ قد علا مصامَ الثريّا | ليس فوق الثرى لهُ من مُسام |
من ملوكٍ لهم سحائبُ أيدٍ | بالندى والردى هوامٍ دوامِ |
إن دعاهُمْ مُثَوِّبُ المَوْتِ خاضوا | في حشا الحرب بالخميس اللهام |
أو رماهمْ إقدامُهُمْ بكلومٍ | قَطَرَتْ منهم على الأقدام |
وإذا جَرّدوا السيوفَ لِضَرْبٍ | وَلَغَتْ في الدماء، لا من أُوام |
لَبِسَ البشرُ منهمُ قَسماتٍ | مائعٌ فوقهنّ ماءُ القَسَام |
يا ابن يحيى الذي أبى عزُّهُ أنْ | يقعدَ العزمُ عنده عَنْ قيامِ |
أنا أُثْني عليك جَهْدي وعند اللـ | ـهِ يُثني عليك شَهْرُ الصيام |
لي إلى الغيثِ من نداك انتجاعٌ | في خضمّ آذيُّة ُ في التطام |
تحسبُ الريحَ جنة ً تعتريه | فهو كالقَرْمِ شِدْقُهُ ذو لغام |
في حشا رادة كأمَّ رئالٍ | ما لها في نفارها من مُقام |
بنتُ بَرٍّ في البحر تركبُ منها | كلكلاً يا لموجه من سنام |
ذاتُ وصلٍ تجرّها جرّ ذيلٍ | وهي تقتادُنا كوحي زمام |
تتقي من جنوبها وقع سوط | فهي كالسهم طارَ عن قوس رامِ |
وحديثُ السّماع عنك عريضٌ | ضاقَ عن بعضه فسيحُ الكلام |
لو لمست الجهامَ بالكفّ أضحى | عند ريّ العطاشِ غيرَ جهامِ |
أو منحتَ الكهام منك مضاءً | فَلقَ الهامَ وهو غيرُ كهام |
أو جعلتَ الحِمامَ قِرْنَكَ في الحر | بِ لجرّعتهُ مذاقَ الحِمامِ |
فابقَ في خُطّة ِ العُلى ما تغنى | في غُصونِ الأراكِ وُرْقُ الحَمام |