ما للوشاة ِ غَدَوْا عليّ وراحوا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ما للوشاة ِ غَدَوْا عليّ وراحوا | أعليّ في حبّ الحسان جُناحُ |
وبمهجتي عُرُبٌ كأنَّ قدودها | قُضُبٌ تقومُ بميلهنّ رياح |
مهتزَّة ٌ بقواتلِ الثَّمَرِ التي | أسماؤها الرمان والتفاحُ |
غيدٌ زَرَيْنَ على القطا في مشيها | فلهنَّ ساحاتُ القلوب بطاح |
من كل مصبية ٍ حسنها: | فالفَزَعُ ليلٌ، والجبينُ صباح |
تفتر عن بردٍ، فراشف درّه | يحلو له شهدٌ وتسكر راح |
لا تقتبسْ من نور وجنتها سناً | إنّ الفراشة حتفها المصباح |
نُجلُ العيونُ جراحها نجلٌ أما | تصفُ الأسنَّة في الطعين جراح |
يا ويحَ قتلى العاشقين وإن همُ | شهدوا حروباً ما لهنّ جراح |
أوّما علمتَ بأن فتّاكَ الهوى | حورٌ تكافح بالعيون ملاح |
من كل خودٍ كالغزالة ، قرنها | أسَدٌ أُذِلّ، وإنَّها لَرَداح |
فالرمح قدٌّ، والخداع تدلّلٌ | والسيفُ لحظ، والنجادُ وشاح |
ودماء أهل العشق في وجَنَاتها | فكأنَّ قتلاهم عليها طاحوا |
وسبية ٌ بصوارم من عسجدٍ | قد صافَحَتْ منها العلوجَ صفاح |
حمراءَ يُسلى شربها، وبشربها | تُنْسَى الهموم وتُذْكَرُ الأفراح |
رَجَحَتْ يدي منها بحَمْلِ زجاجة ٍ | خفّت بها خودٌ إلي رجاح |
وكأنَّ لليَاقُوتِ ماءً مزبدا | فالدرُّ فيه بكأسها سباح |
ومجوَّفٍ لم تحن أضلعهُ على | وكأنَّما حَبَّ القوب لرمحه |
نبضتْ دقاق عروقه فكأنها | في النقر ألسنة ٌ عليه فصاح |
مَسّتْهُ للإصلاحِ أنمُلُ قَيْنَة ٍ | فقضى بإفسادٍ له إصلاح |
وفدَ السرور على النفوس بشدوها | وتمايلت طرباً بنا الأقداح |
وكأنَّما ذِكْرُ ابن يحيى بيننا | مسكٌ تضوعَ عرفهُ النفّاح |
ملكٌ رعى الدنيا رعاية حازمٍ | وأظلّ دينَ الله منه جناح |
متأصل في الملك ذو فخر، له | حَسَبٌ زكا في الأكرمين صراح |
وَسِعَ البسيطة َ عَدْلُهُ وتَضَاعفَتْ | عن طوله الآمال وهي فساح |
ذو هِمَّة ٍ عُلْوِية ٍ عَلَوِية ٍ | فلها على همم الملوك طماح |
وإشارة باللحظ يخدم أمرها | زمنٌ له سلم به وكفاح |
يَقِظٌ إذا التبستْ أمورُ زمانه | فلرأيه في لبسها إيضاح |
فكأنَّما يبدو له متبرّجاً | ما يحجب الإمساء والإصباح |
راضَ الزمان فلم يزل منه أخا | ذلَّ، وقدماً كان فيه جماح |
ورمى العدى بضراغمٍ أظفارها | ونيوبُها الأسيافُ والأرماح |
نصحتْ له الدنيا فلا غشٌّ لها | وَسَخَتْ به الأيامُ وهي شحاح |
فتراه يورق في إرادته الصّفَا | صلداً، ويوري الزند وهو شحاح |
من ذا يجاودُ منه كفاً كفُّهُ | والبحر في معروفه ضحضاح |
زهد الغناة من الغنى في جوذه | ولراحتيه ببذله إلحاح |
كم قيل برّح في العطاء بماله | فأجَبْتُ: هل للطبع عنه بَرَاح |
ذمرٌ تروح شموسه وبدوره | وبروجها من معتفيه الراح |
وإذا بنو الآمال أخْسَرَ وُسْعُهُمْ | أضحى لهمْ في القصد منه جناح |
ولئن محا الاعدام صوبُ يمينه | فالجدب يمحوه الحيا السياح |
شهمٌ إذا ما الحرب أضحت حائلاً | أمسى لها بذكوره إلقاح |
تطوى على سودِ الحتوف بعزمه | ملمومة ٌ ملء الفضاء رداح |
أفلا تبيد من العدى أرواحهم | ولها غدوٌ نحوهم ورواح |
متناولٌ قُمُحَ الكماة بأسمرٍ | لدم الأسود سنانه سَفّاح |
وكأنَّ طعنته وِجاَرٌ واسِعٌ | فلثعلبِ الخطِّيِّ فيه ضُبّاح |
جِزْعٌ يُنَظَّمُ فيه وهو نِصَاح | |
في مأزق ضنك سماءُ عجاجه | تعلو، وأرضُ حمامه تنداح |
أنتم من الأمْلاكِ أرواحُ العُلَى | شَرفاً، وغيركمُ لها أشباح |
هذا عَليٌّ وهو بَدْرُ مهابة ٍ | كَلِفٌ به بَصرُ العُلى اللّماح |
هذا الذي نصرَ الهدى بسيوفه | ورماحه فمحاه ليس يباح |
هذا الذي فازتْ بما فوق المنى | من جوده للمعتفين قداح |
مَنْ حُبّهُ النهجُ القويمُ إلى الهدى | فصلاح مبغضهِ الشقي صلاح |
من صَوْنُهُ قُفْلٌ لكلّ مدينة | فإذا عصته فسيفه المفتاح |
يا صارمَ الدِّين الذي في حَدِّهِ | موتٌ يبيد به عداه ذباح |
طوَّقتني منناً فرحتُ كأنني | بالمدح قمريٌّ إفصاح |
وسقَيَتنِي من صَوْبِ مزنك فوْق ما | يروي به قلب الثرى الملتاح |
ففداك مَنْ للمالِ أسْرٌ عنده | إذْ لم يَزَلْ للمال منك سراح |
وبقيتَ للأعياد عيدا مبهجاً | ما لاحَ في الليل البهيم صباح |