أرشيف المقالات

البهرة ومحاولة بعث الدولة الفاطمية الشيعية!

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
  أثار قيام البهرة بواسطة وكلاء أردنيين إنشاء بناية لهم (يزعمون أنها فندق أو شقق مفروشة) في منطقة المزار بمحافظة الكرك، وملاصقة لمنزل زعيم البهرة في العالم، وقرب مسجد المزار حفيظة أهل الكرك، الذين رفضوا هذا التحول نحو الاستيطان في الكرك، خاصة أن البهرة في السنوات الأخيرة قاموا بالتسلل والاستيطان والتمدد الاقتصادي والسياسي في عدة دول عربية كانت من مناطق نفوذ الدولة الفاطمية الإسماعيلية الشيعية.

البهرة هم مجموعة شيعية هندية تعد هي والشيعة الآغاخانية (أتباع الآغا خان الرابع كريم بن علي، والذين لهم نفوذ قوي في الأمم المتحدة) أحفاد وبقايا الدولة الفاطمية الشيعية الإسماعيلية في مصر والتي قضى عليها صلاح الدين الأيوبي سنة 567هـ.

وفي نهاية الدولة الفاطمية انتقل بعض الفاطميين إلى بلاد فارس والذين عرفوا باسم الحشاشين بزعامة الحسن بن الصباح، والذين هم أجداد طائفة الآغاخانية التي تسلم كثير من قياداتها مناصب رفيعة في الأمم المتحدة، والبعض الآخر انتقل إلى اليمن تحت جناح الدولة الصليحية -لكونها نقطة انطلاق الدعوة الإسماعيلية من قارة آسيا إلى أفريقيا- ومن اليمن انتقلت إلى الهند وعُرفوا بالبهرة، وهم اليوم يعودون للمنطقة العربية وأماكن نفوذ الدولة الفاطمية الشيعية الإسماعيلية.

ونقطة الخلاف بين فرقة الإسماعيلية الشيعية وبين الشيعة الاثنى عشرية التي تنتشر في إيران والعراق هي: أن الإسماعيلية لا يعترفون إلا بسبعة أئمة فيما يؤمن البقية بـ12 إمامًا، وكان خلف هذا الافتراق شخصيات مجوسية ويهودية أثرت على مسيرة الإسماعيلية، وجعلتها تتجه أكثر نحو الباطنية والغلو وتأليه زعاماتها المعاصرة.

فبحسب مراجع الشيعة فإن مؤسس الإسماعيلية هو رجل زنديق ومنافق اسمه أبو (الخطاب الأسدي) من الكوفة (قتل سنة 143هـ)، وقد أجمع علماء السنة والشيعة على كفره حتى نقل الشيعة عن (جعفر الصادق) قوله للمفضل، تلميذ أبي الخطاب: "يا كافر يا مشرك".

وتتميز الإسماعيلية بوصفها تنظيمًا سريًا سياسيًا ودمويًا أكثر من كونها مذهبًا أو فرقة دينية، ولذلك هم يسقطون أحكام الدين عن كثير من أتباعهم ويجعلون بدلا منها طقوسًا تمجد أئمتهم بوصفهم آلهة! ويعتقدون بوجود رسل بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤمنون ببعض معتقدات الفرس القديمة والأفكار الهندية، وبعضهم اعتنق مذاهب (مزدك وزرادشت) في الإباحية والشيوعية.

ويمتلك هذا التنظيم السياسي خبرات تنظيمية رهيبة تراكمت منذ 1300 سنة! وتقوم على:
1- السرية.
2- تجنيد الأتباع وكسب ولائهم.
3- الاتصال بأهل الحكم لاستمالتهم والتسلل من خلالهم.
4- بذل المال بسخاء.
5- العنف مع المخالفين وعدم الرحمة.
6- سياسة النفَس الطويل.

ومَن درَس تاريخ الإسماعيلية يتضح له حقيقة الغاية السياسية لهم تحت ستار الدين:
1- فهم قد تسللوا للبحرين بواسطة (حمدان قرمط) وأقاموا لهم دولة عرفت باسم دولة القرامطة سنة 286هـ، والتي غزت الكعبة وعطلوا الحج لأول مرة في التاريخ، وقتلوا الحجيج سنة 317هـ، وسرقوا الحجر الأسود مدة 22 سنة.

2- تسلل رجلان منهم إلى اليمن هما: (علي بن الفضل، وابن حوشب) سنة 268هـ لينشرا الدعوة الإسماعيلية ويقيما لهم دولة فيها، وفعلًا أقاما دولة شيعية في اليمن هناك بعد أن قاما باستمالة القبائل والتغرير بها لنصرة آل البيت كذبًا، ومن ثم أعلنا الحرب على الدولة الإسلامية وقاما بحروب وحشية ضد المسلمين في اليمن.

3- ومن دولتهم في اليمن أرسلا داعيتهم أبا عبد الله الشيعي إلى المغرب لإقامة دولة شيعية لهم هناك سنة 292هـ، وفعلا أقام لهم الدولة العبيدية الفاطمية سنة 297هـ، والتي قامت بمجازر وحشية للمسلمين الذين رفضوا قبول انحرافاتهم وخرافاتهم.

4- وفي سنة 358هـ تمكن العبيديون بعد عدة محاولات عسكرية فاشلة من السيطرة على مصر بعد مجازر وإبادة لأهل مصر، فقاموا بنشر عقائدهم الباطلة ومحاربة المذهب السني والتضييق على علمائه، ونشر كفرهم وإلحادهم، واستمر سلطانهم حتى زال على يد صلاح الدين الأيوبي سنة 567هـ.

هذه نماذج من أطماعهم ومخططاتهم السياسية القديمة، أما عن محاولاتهم اليوم للتسلل والعودة لمناطق نفوذ الدولة الفاطمية يساعدهم في ذلك ثراؤهم الفاحش وذكاؤهم التجاري، فنوجزها في النقاط التالية -وهي تطبيق عملي لما ذكرناه من سمات حركتهم السرية والتنظيمية-:

مصر: قام سلطان البهرة الواحد والخمسون (طاهر سيف الدين) سنة 1937م بزيارة مصر لبدء مخطط التسلل، ونجح بالتواصل مع حكومة مصر آنذاك، والتي أهدته 39 قطعة أثرية فاطمية.

وفي سنة 1960م التقى مع جمال عبد الناصر في الهند، وتبع ذلك تبرع البهرة بقبب ذهبية لقبور آل البيت المزعومة في مصر مثل مقام السيدة زينب والإمام الحسين (كما فعلوا في الأردن مع مقام جعفر سنة 1996)، ثم أوفد سيف الدين ابنَه محمد برهان الدين السلطان الحالي إلى القاهرة سنة 1966م لتفقد وضع القبب، فكرمته الحكومة ومنحته جامعة القاهرة الدكتوراه الفخرية.

وفي زمن الرئيس السادات سنة 1979م طلب البهرة ترميم جامع الحاكم بأمر الله وإدارته، وإنشاء مؤسسة جامعية خاصة بهم، فسُمح لهم بترميم الجامع، فتجاوزوا في الترميم وزادوا مساحته واعتدوا على المقبرة المجاورة، وأضافوا شققًا للسكن خاصة بهم داخل المسجد، وقد اشتروا ما يزيد عن 75% من عقارات منطقة الحسين والجمالية والدرب الأحمر، والدراسة والأزهر بأسعار مضاعفة قدرت بـ 100 مليون دولار، لتكون المنطقة خاصة بهم! ومع الأيام سيطروا على عدد من المساجد الفاطمية في القاهرة مثل: الأقمر واللؤلؤة والأنوار والجيوشي.

ويقدر عدد البهرة في مصر بـ 20 ألف شخص، يعملون في التجارة غالبًا وهم من الأثرياء وأصحاب المصانع، ويقطنون أحياء: (الحسين والجمالية والمهندسين)، ويملكون فندقًا خاصًا بهم في منطقة الدراسة يسمي "دار الفيض الحاكمي"، وقد عقدوا لقاء مع سكرتير السفير الأمريكي بالقاهرة في نهاية عام 2011م.

اليمن: لهم تواجد يقدر بـ 15 ألفًا في مناطق: (حراز وصنعاء وعدن وتعز والحديدة)، ولهم في بعض المدن مساجد مستقلة وسرية، ولهم مدارس خاصة بهم كـ(المدرسة البهرية في صنعاء) والتي لها عدة فروع.

وهم على علاقة وطيدة مع الحزب الاشتراكي اليمني، كما أن لهم تنظيمات غير رسمية مثل حزب (الفيض الحاتمي) وجناحه العسكري (شباب أهل الجنة )، والذي له صلات وثيقة بإسرائيل وزيارات، وهم يسعون لتجنيس أعداد كبيرة من أتباعهم الهنود بالجنسية اليمنية، وإرسال أولاد اليمنيين للهند للتعلم والزواج من الهنديات، وقد نجح بعض أتباعهم في الانتخابات البلدية.

البحرين: يقدر عدد البهرة بسبعمائة شخص، ولهم جمعية البهرة الإسلامية، تأسست سنة 1985م وأعيد تسجيلها في مطلع التسعينات، ومقرها في مسجدهم بالمنامة، وقد وضع سلطان البهرة سنة 1978م حجر الأساس للمسجد، وبجواره مقبرة خاصة بهم.

فلسطين : في عام 1994م طلب البهرة من السلطة الفلسطينية السماح لهم بتطوير ضريح هاشم بن عبد مناف! في مدينة غزة، وهاشم بن عبد مناف مشرك وليس بمسلم مما يؤكد أنهم يبحثون عن مسمار جحا للتسلل للمنطقة -الأردن وفلسطين- وأنفقوا لهذا الغرض نحو 30 ألف دولار بين عامي 1999م، 2000م وخلال هذه الفترة كانت تأتي وفود حجيج البهرة تترى عبر رحلات سياحية تضم الرجال والنساء والأطفال، وتقوم بممارسة طقوس وعبادات غريبة، منها الدوران حول القبر والتمسح بالجدران وإيقاد الشموع.

الأردن: لزعيم البهرة محمد برهان الدين منزل في مدينة الكرك بجوار قبر (جعفر الطيار) رضي الله عنه منذ أكثر من 15 سنة، وكان قد أهدى مقام جعفر قبة للضريح سنة 1996م، والحقيقة أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ليس له علاقة لا بالشيعة ولا بالبهرة، فقد استشهد في معركة مؤتة سنة 8هـ، والشيعة لم تظهر إلا في منتصف خلافة علي رضي الله عنه بعد سنة 36هـ! ولكنه مسمار جحا للتسلل والتغلغل في مناطق نفوذ الدولة الفاطمية، في محاولة لإعادة التاريخ من جديد بقيامها!

  أسامة شحاته
 

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١