ألا تَسْألانِ المَرْءَ ماذا يُحَاوِلُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ألا تَسْألانِ المَرْءَ ماذا يُحَاوِلُ | أنَحْبٌ فيُقضَى أمْ ضَلالٌ وباطِلُ |
حبائِلُهُ مبثُوثَة ٌ بسبيلهِ | ويَفْنى إذا ما أخطأتْهُ الحَبَائِلُ |
إذا المرءُ أسْرَى ليلة ً ظنَّ أنهُ | قضَى عَمَلاً والمَرْءَ ما عاشَ عامِلُ |
فَقُولا لَهُ إنْ كانَ يَقْسِمُ أمْرَهُ | ألَمّا يَعِظْكَ الدَّهرُ، أُمُّكَ هابلُ |
فتَعْلمَ أنْ لا أنتَ مُدْرِكُ ما مضَى | وَلا أنتَ ممّا تَحذَرُ النّفسُ وَائِلُ |
فإنْ أنتَ لم تَصْدُقْكَ نَفسُكَ فانتسبْ | لَعَلَّكَ تهديكَ القُرُونُ الأوائِلُ |
فإنْ لم تَجِدْ مِنْ دونِ عَدْنانَ باقياً | ودونَ معدٍّ فلتزَعْكَ العَوَاذِلُ |
أرى الناسَ لا يَدرُونَ ما قَدرُ أمرِهمْ | بلى : كلُّ ذي لُبٍّ إلى اللّهِ وَاسِلُ |
ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللّهُ باطِلُ | وكلُّ نعيمٍ لا مَحالة َ زائِلُ |
وكلُّ أُنَاسٍ سوْفَ تَدخُلُ بَينَهُمْ | دُوَيْهة ٌ تصفَرُّ مِنها الأنَامِلُ |
وكلُّ امرىء ٍ يَوْماً سيعلمُ سعيهُ | إذا كُشِّفَتْ عندَ الإلَهِ المَحاصِلُ |
ليَبْكِ على النّعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنَة ٌ | ومختبطاتٌ كالسّعالي أرامِلُ |
لهُ الملكُ في ضاحي معدٍّ وأسلَمَتْ | إلَيهِ العِبادُ كُلُّها ما يُحاوِلُ |
إذا مسَّ أسْآرَ الطُّيورِ صَفَتْ لَهُ | مشعشعَة ٌ مِمّا تُعتِّقُ بابِل |
عتيقُ سُلافاتٍ سَبَتْها سَفِينَة ٌ | تَكُرُّ عَلَيْها بالمزاجِ النَّياطِلُ |
بأشْهَبَ مِنْ أبكارِ مُزْنِ سَحابَة ٍ | وَأرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النّحْلَ عاسِلُ |
تَكُرُّعَلَيْهِ لا يُصَرِّدُ شُرْبَهُ | إذا ما انتشَى لم تحتضِرْهُ العَوَاذِلُ |
على ما تُرِيهِ الخمرُ إذْ جاشَ بحْرُهُ | وَأوْشَمَ جُودٌ مِنْ نَداهُ وَوَابِلُ |
فَيَوْماً عُنَاة ُ في الحَديدِ يَفُكُّهُمْ | ويوماً جِيادٌ مُلْجَماتٌ قَوَافِلُ |
علَيْهِنَّ وِلْدانُ الرِّهانِ كأنّهَا | سَعَالٍ وعِقْبانٌ عَلَيهْا الرَّحائِلُ |
إذا وضعُوا ألْبَادَها عَنْ مُتَونِهَا | وَقَدْ نَضَحَتْ أعطافُها والكَواهِلُ |
يُلاقُونَ مِنْها فَرْطَ حَدٍّ وجُرْأة ٍ | إذا لم تُقَوِّمْ درْأهُنَّ المَسَاحِلُ |
ويَوْماً مِنَ الدُّهْمِ الرِّغابِ كأنّها | أشاءٌ دَنا قِنْوانُهُ أوْ مَجادِلُ |
لَها حَجَلٌ قَد قَرَّعَتْ مِن رؤُوسِهِ | لهَا فَوْقَهُ مِمّا تحَلَّبُ وَاشِلُ |
بذي حُسَمٍ قد عُرِّيَتْ ويَزينُهَا | دِمَاثُ فُليجٍ رَهْوُها فالمَحافِلُ |
وأسرَعَ فيها قبلَ ذلِكَ حِقْبَة ً | رُكَاحٌ فجَنْبَا نُقْدَة ٍ فالمَغَاسِلُ |
فإنَّ أمرأً يرجُو الفَلاحَ وقد رَأى | سَوَاماً وَحَيّاً بالأفاقة ِ جاهِلُ |
غداة َ غَدَوْا مِنْها وآزرَ سرْبَهُمْ | مَواكِبُ تُحْدى بالغَبيطِ وجامِلُ |
ويَوْمَ أجازَتْ قُلَّة َ الحَزْنِ منْهُمُ | مَواكِبُ تَعْلُو ذا حُسى ً وقَنابِلُ |
على الصَّرصَرَانِيَاتِ في كلَّ رِحْلة ٍ | وسُوُقٌ عِدالٌ لَيسَ فيهنَّ مائِلُ |
تُساقُ وأطْفالُ المُصِيفِ كَأنّها | حَوَانٍ على أطْلائِهِنَّ مَطافِلُ |
حَقَائِبُهُمْ راحٌ عَتيقٌ ودَرْمَكٌ | وريْطٌ وفاثُورِيّة ٌ وسَلاسِلُ |
وَما نسجَتْ أسْراد داود وابنهِ | مضاعفَة ٌ مِنْ نَسْجِهِ إذْ يُقابِلُ |
وكانَتْ تُراثاً منْهُما لِمُحَرِّقٍ | طَحُونٌ كأنَّ البَيْضَ فيها الأعابِلُ |
إذا ما اجْتَلاها مأزِقٌ وتَزَايَلَتْ | وَأحْكَمَ أضْغَانَ القَتيرِ الغَلائِلُ |
أوتْ للشّياحِ واهتدَى لصَليلِها | كتائِبُ خُضْرٌ ليسَ فيهنَّ ناكِلُ |
كأرْكانِ سَلْمَى إذْ بدتْ وكأنّها | ذُرَى أجَإٍ إذْ لاحَ فيها مُواسِلُ |
وبيضٍ تَرَبّتْهَا الهَوَادِجُ جِقبة ً | سَرَائِرُها والمُسْمِعاتُ الرَّوافِلُ |
تَرُوحُ إذا رَاحَ الشَّرُوبُ كأنّها | ظِباءٌ شقيقٍ ليسَ فيهنَّ عاطِلُ |
يُجاوِبنَ بُحّاً قد أُعيدَتْ وَأسمحَتْ | إذا احتَثَّ بالشِّرْعِ الدِّقاقِ الأناملُ |
يقوِّمُ أُولاهُمْ إذا اعوَجَّ سِرْبُهمْ | مَوَاكِبُ وابنُ المُنذرِينَ الحُلاحِلُ |
تَظَلُّ رَواياهَمُ تبرضْنَ منعِجاً | ولوْ وردتْهُ وهوَ ريّانُ سائلُ |
فَلا قَصَبُ البَطحاءِ نَهْنَهَ وِرْدَهُمْ | بِرِيٍّ وَلا العادِيُّ مِنْهُ العُدامِلُ |
ومَا كادَ غُلاَّنُ الشُّرَيْفِ يَسَعْنَهُمْ | بحَلّة ِ يَوْمٍ، والشُّرُوجُ القَوَابِلُ |
ومُصْعَدُهمْ كيْ يَقْطعوا بطنَ مَنعِج | فضاقَتْ بهِمْ ذرعاً خزَازٌ وعاقِلُ |
فبادَوا فَما أمسَى على الأرْضِ مِنهُمُ | لعمرُكَ إلاَّ أنْ يخبَّرَ سَائِلُ |
كأنْ لم يكُنْ بالشِّرْعِ منهُمْ طلائِعٌ | فلَمْ تَرْعَ سَحّاً في الرَّبيعِ القَنابِلُ |
وبالرَّسِّ أوْصالٌ كأنَّ زُهاءَها | ذوي الضمرِ لمّا زالَ عَنها القبائِلُ |
وغسّانُ ذَلّتْ يوْمَ جِلَّقَ ذلَّة ً | بسيِّدِها والأرْيَحِيُّ المُنازِلُ |
رَعى خَرَزاتِ المُلْكِ عشرينَ حِجَّة ً | وعشرينَ، حتى فادَ والشَّيبُ شامِلُ |
وأمْسَى كأحْلامِ النِّيامِ نعيمُهُمْ | وأَيُّ نعِيمٍ خِلْتَهُ لا يُزايِلُ |
تَرُدُّ عَلَيْهِمْ لَيْلَة ٌ أهْلَكَتْهُمُ | وعامٌ وعامٌ يتبَعُ العامَ قَابِلُ |