كُبَيْشَة ُ حَلَّتْ بَعْدَ عَهْدِكَ عاقلا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
كُبَيْشَة ُ حَلَّتْ بَعْدَ عَهْدِكَ عاقلا | وكانَتْ لهُ خَبْلاً على النّأيِ خابِلا |
تَرَبَّعَتِ الأشْرافَ ثُمَّ تصيّفَتْ | حَساءَ البُطاحِ وانتجَعْنَ المَسَايلا |
تخيَّرُ ما بينَ الرِجَامِ وواسطٍ | إلى سدْرَة ِ الرَّسينِ تَرْعى السَّوَابلا |
يُغَنّي الحَمامُ فَوْقَها كُلَّ شارِقٍ | على الطَّلحِ يصدحنَ الضُّحى والأصائلا |
فكَلَّفْتُها وَهْماً كأنَّ نَحِيزَهُ | شَقَائِقُ نَسّاجٍ يَؤُمُّ المَنَاهِلا |
فعدّيْتُها فيهِ تُباري زِمامَها | تُنَازِعُ أطْرَافَ الإكامِ النَّقائِلا |
مُنيفاً كسحلِ الهاجريّ تضمُّهُ | إكامٌ ويعرَوري النِّجادَ الغَوائِلا |
فسافَتْ قديماً عهدُهُ بأنيسِهِ | كمَا خالَطَ الخَلُّ العَتيقُ التَّوابِلا |
سَلَبْتُ بها هَجْراً بُيُوتَ نِعَاجِهِ | ورعتُ قطاهُ في المبيتِ وقائلا |
بحَرْفٍ بَرَاها الرَّحْلُ إلاَّ شَظِيَّة ً | تَرَى صُلْبَها تحتَ الوَلِيَّة ِ نَاحِلا |
على أنَّ ألْواحاً تُرَى في جَديلِها | إذا عاوَدَتْ جَنانَها وَالأفَاكِلا |
وغادرْتُ مَرْهُوباً كأنَّ سباعَهُ | لُصوصٌ تصدَّى للكسوبِ المَحاوِلا |
كأنَّ قَتُودي فَوْقَ جأبٍ مُطَرّدٍ | يفزُّ نحُوصاً بالبراعيمِ حائِلا |
رَعاها مَصَابَ المُزْنِ حتى تَصَيَّفَا | نِعافَ القنانِ ساكِناً فالأجاوِلا |
فكَانَ لَهُ بَرْدُ السِّماكِ وغَيمُهُ | خَليطاً، غَدا صُبحَ الحرامِ مُزاَيِلا |
فَلَمّا اعْتَقَاهُ الصَّيْفُ ماءَ ثِمَادِهِ | وقد زايل البُهمى سَفا العِرْبِ ناصِلا |
ولمْ يتذكَّرْ منْ بَقِيَّة ِ عَهْدِهِ | منَ الحَوْضِ والسُّؤبانِ إلاَّ صَلاصِلا |
فأجْمادَ ذي رَقْدٍ فأكْنافَ ثادِقٍ | فصارَة َ يُوفى فَوْقَها فالأعابِلا |
وزالَ النَّسيلُ عَن زحاليفِ متنهِ | فأصبحَ مُمتَدَّ الطريقَة ِ قافِلا |
يقلِّبُ أطرافَ الأمُورِ تخالُهُ | بأحْنَاءِ ساقٍ، آخرَ الليلِ، ماثِلا |
فهيجَها بعدَ الخلاجِ فَسامحتْ | وأنْشَأ جَوْناً كالضَّبابَة ِ جَائِلا |
يَفُلُّ الصَّفيحَ الصُّمَّ تَحْتَ ظِلالِهِ | منَ الوَقعِ لا ضَحْلاً وَلا مُتضَائِلا |
فبَيَّتَ زُرْقاً مِن سَرارٍ بسُحرَة ٍ | وَمِنْ دَحْلَ لا يخشَى بهنَّ الحَبائِلا |
فعامَا جُنوحَ الهَالِكيِّ كِلاهُمَا | وقَحَّمَ آذيَّ السَّرِيِّ الجَحافِلا |
أذَلِكَ أمْ نَزْرُ المَراتِعِ فَادِرٌ | أحَسَّ قَنِيصاً بالبَراعيمِ خَاتِلا |
فبَاتَ إلى أرْطاة ِ حِقْفٍ تَضُمُّهُ | شآمِيَة ٌ تُزْجي الرَّبَابَ الهَوَاطِلا |
وباتَ يُريدُ الكِنَّ، لَوْ يَسْتَطيعُهُ | يُعالِجُ رَجّافاً منَ التُّربِ غائِلا |
فأصبحَ وانْشَقَّ الضَّبابُ وهاجَهُ | أخُو قَفْرَة ٍ يُشْلي رَكاحاً وسَائِلا |
عوابسَ كالنُّشَّاب تدمى نحورُها | يرينَ دماءَ الهادياتِ نوافِلا |
فجالَ ولم يعكمْ لغُضْفٍ كأنها | دِقاقُ الشَّعيلِ يَبْتَدِرْنَ الجَعَائِلا |
لصَائِدِهَا في الصَّيْدِ حَقٌّ وطُعْمَة ٌ | ويَخْشَى العَذابَ أنْ يُعَرِّدَ نَاكِلا |
قِتالَ كميٍّ غابَ أنْصَارُ ظَهْرِهِ | وَلاقَى الوُجُوهَ المُنكَراتِ البَوَاسِلا |
يسرْنَ إلى عوراتِهِ فكأنّمَا | للباتِهَا يُنحي سِنَاناً وعَامِلا |
فغادرَها صَرْعى لدَى كُلِّ مَزحفٍ | ترى القدَّ في أعناقِهِنَّ قَوافِلا |
تَخَيَّرْنَ مِنْ غَولٍ عذاباً رويَّة ً | وَمن مَنعِجٍ بِيضَ الجِمامِ عَدامِلا |
وقد زودتْ منّا على النأيِ حاجة ً | وَشَوْقاً لوَ انَّ الشَوْقَ أصْبحَ عادِلا |
كحاجة ِ يومٍ قبلَ ذلكَ منهمُ | عشية َ ردُّو بالكُلابِ الجمائِلا |
فرُحْنَ كأنَّ النّادِياتِ منَ الصَّفا | مَذارِعَها والكَارِعاتِ الحَوَامِلا |
بذي شَطَبٍ أحداجُها إذْ تحمَّلُوا | وحثَّ الحُداة ُ الناعجاتِ الذوامِلا |
بذي الرِّمْثِ والطَّرْفاءِ لمّا تَحَمَّلُوا | أصيلاً وعالينَ الحمولَ الجوافِلا |
كأنَّ نعاجاً من هجائنِ عازفٍ | عَلَيها وآرامَ السُّلِيِّ الخَواذِلا |
جَعَلْنَ حِراجَ القُرْنَتَينِ وَنَاعِتاً | يميناً ونكبنَ البديَّ شمائِلا |
وعالينَ مضعوفاً وفرداً سموطُهُ | جُمانٌ ومرجانٌ يشدُّ المفاصلا |
يَرُضْنَ صِعَابَ الدُّرِّ في كلِّ حِجَّة ٍ | وَلوْ لمْ تَكُنْ أعْناقُهُنَّ عَوَاطِلا |
غَرائِرُ أبْكارٌ عَلَيْها مَهَابَة ٌ | وعونٌ كرامٌ يرتدينَ الوصائلا |
كأنَّ الشَّمُولَ خَالَطَتْ في كَلامِهَا | جنياً من الرمانِ لدناً وذابِلا |
لذيذاً ومنقوفاً بصافي مخيلة ٍ | منَ النّاصعِ المَختومِ مِن خَمرِ بابلا |
يُشنُّ عليها من سلافة ِ بارقٍ | سناً رصفاً من آخرِ الليلِ سائِلا |
تُضَمَّنُ بِيضاً كالإوَزِّ ظُرُوفُهَا | إذا أتْاقُوا أعْناقَها والحَواصِلا |
لهَا غَلَلٌ مِنْ رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ | بأيمانِ عجمٍ ينصفونَ المقاولا |
إذا صُفقتْ يوماً لأربابِ ربهَا | سمعتَ لها من واكِفِ العُطبِ وَاشِلا |
فإنْ تنأ دارٌ أو يطلْ عهدُ خلة ٍ | بعاقبَة ٍ أو يُصبِحِ الشيبُ شامِلا |
فقدِ نرْتَعي سَبتاً ولسنا بجيرة ٍ | محلَّ المُلوكِ نقدة ً فالمغاسِلا |
لَياليَ تحتَ الخِدْرِ ثِنْيُ مُصِيفَة ٍ | منَ الأدْمِ تَرْتادُ الشُّرُوجَ القَوَابلا |
أنامتْ غضيضَ الطرفِِ رَخصاً ظُلوفُهُ | بذاتِ السليمِ من دحيضة ََ جادِلا |
مدى العينِ منها أن يراعَ بنجوَة ٍ | كقدرِ النَّجيثِ ما يَبُذُّ المُنَاضِلا |
فَعادَتْ عَوَادٍ بَيننَا وتَنَكَّرَتْ | وقالتْ كفَى بالشيبِ للمَرءِ قاتِلا |
تَلُومُ على الإهْلاكِ في غَيرِ ضَلَّة ٍ | وهل لي ما أمسكتُ إن كنتُ باخِلا |
رأيتُ التُّقَى والحمدَ خيرَ تجارَة ٍ | رَباحاً إذا ما المرءُ أصبحَ ثاقِلا |
وهَلْ هوَ إلاَّ ما ابتَنَى في حَياتِهِ | إذا قَذَفُوا فوقَ الضّريحِ الجنادِلا |
وأثْنَوْا عَلَيْهِ بالذي كانَ عِنْدَهُ | وَعَضَّ عَلَيْهِ العائداتُ الأنامِلا |
فَدَعْ عَنْكَ هذا قد مَضَى لسبيلِهِ | وكلفْ نجيَّ الهمِّ إنْ كنَ راحِلا |
طليحَ سفّارٍ عُريتْ بعدَ بذلة ٍ | رَبِيعاً وصَيْفاً بالمَضاجعِ كَامِلا |
فجازَيتُها ما عُريتْ وتأبدَتْ | حَمَامٌ تُبَاري بالعشيِّ سَوافِلا |
وولّى كنصْلِ السَّيفِ يبرقُ متنُهُ | على كُلِّ إجريَّا يشقُّ الخمائِلا |
فنَكَّبَ حَوْضَى مايَهُمُّ بوِرْدِهَا | يميلُ بصحراءِ القَنانَينِ جاذِلا |
بِتلْكَ أُسَلِّي حاجَة ً إنْ ضَمِنْتُها | وأُبْرئُ هَمّاً كانَ في الصَّدرِ داخلا |
أُجازي وأُعْطي ذا الدِّلالِ بحُكْمِهِ | إذا كانَ أهْلاً للكَرامَة ِ وَاصِلا |
وإنْ آتِهِ أصْرِفْ إذا خِفتُ نَبوَة ً | وأحبسْ قلوصَ الشحِّ إن كانَ باخِلا |
بنُو عامرٍ منْ خيرِ حيٍّ علمتُهمْ | وَلوْ نَطَقَ الأعداءُ زُوراً وَبَاطِلا |
لهُمْ مجلِسٌ لا يحصَرُونَ عن الندى | ولا يزدهيهمْ جهلُ من كان جاهلا |
وبيضٌ على النيرانِ في كلِّ شتوة ٍ | سَرَاة َ العِشاءِ يَزْجُرُونَ المَسَابِلا |
وَأعْطَوْا حُقُوقاً ضُمِّنُوها وِرَاثَة ً | عِظَامَ الجِفَانِ والصِّيامَ الحَوَافِلا |
تُوَزِّعُ صُرّادَ الشَّمالِ جِفَانُهُمْ | إذا أصبحتْ نجدٌ تسوقُ الأفائِلا |
كِرامٌ إذا نابَ التجارُ ألذَّة ٌ | مَخارِيقُ لاَيَرْجُونَ للخَمرِ وَاغِلا |
إذا شربُوا صدوا العواذِلَ عنهمُ | وكانُوا قَديماً يُسْكِتُونَ العَوَاذِلا |
فَلا تَسألِينَا واسْألي عَنْ بَلائِنَا | إياداً وكلباً منْ معدٍّ ووائِلا |
وقيساً ومنْ لفتْ تميمٌ ومذحجاً | وكندة َ إذْ وافتْ عليكِ المنازِلا |
لأحسابِنا فيهِمْ بلاءٌ ونعمة ٌ | ولم يكُ ساعينَا عن المجدِ غافلا |
أُولئِكَ قَوْمي إنْ تُلاقِ سَرَاتَهُمْ | تَجِدْهُمْ يَؤمُّونَ العُلا والفَوَاضِلا |
وَلَنْ يَعدَمُوا في الحَرْبِ لَيثاً مُجرَّباً | وذا نَزَلٍ عندَ الرَّزية ِ باذِلا |
وأبْيَضَ يَجتابُ الخُرُوقَ على الوَجى | خَطيباً إذا التَفَّ المجامعُ فاصِلا |
وعانٍ فككناهُ بغيرِ سِوامِهِ | فاصْبَحَ يَمْشِي في المَحَلَّة ِ جاذِلا |
لَهُمْ فَخمَة ٌ فِيها الحَديدُ كَثيفَة ٌ | تَرى البيضَ في أعناقهمْ والمعابِلا |
ضَربنَا سَراة َ القومِ حتى توجهُوا | سراعاً وقد بلَّ النجيعُ المَحامِلا |
نؤدي العظيمَ للجوارِ، ونَبتني | فَعالاً وقد نُنْكي العدوَّ المُساجلا |
لَنَا سُنَّة ٌ عادِيَّة ٌ نَقْتَدي بِهَا | وَسَنَّتْ لأُخْرانَا وَفاءً ونَائِلا |
يذبذِبُ أقواماً يُريدونَ هدمَها | نِيَافٌ يَبُذُّ الوَاسِعَ المُتَطاوِلاْ |
صَبَرْنا لَهُمْ في كُلِّ يَوْمِ عَظيمَة ٍ | بأسيافِنَا حتى علوْنَا المَناقِلا |
وإنْ تسألُوا عنهُمْ لدى كلِّ غارة ٍ | فَقَدْ يُنْبأُ الأخبارَ مَنْ كانَ سائِلا |
أُولِئِكَ قَوْمي إنْ سألْتَ بخِيمِهمْ | وقد يُخبَرُ الأنْباءَ مَن كانَ جاهِلا |