زَمَانَ الهَوَى ما أنتَ لي بِزَمَانِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
زَمَانَ الهَوَى ما أنتَ لي بِزَمَانِ | ولا لك من قلبي أعزّ مكان |
ابعد القباب اللاّءِ زلنَ عن الحمى | أراعي الهوى في أربع ومغان |
وَسَيرِي أمَامَ الحَيّ وَاللّيلُ حابِسٌ | على الظعنِ من جدل لنا ومثاني |
وملتبس بالركب بادرت خلفه | ألوّح بالأردان وهو يراني |
وَآخَرُ هَزّتْني إلَيْهِ ارْتِيَاحَة ٌ | وَمِنْ دونِهِ ذو صَفصَفٍ وَرِعَانِ |
تحملت سهماً أوّلاً من فراقه | فَلَمّا رَآني لا أخُورُ رَمَاني |
أقول له والدّمع يأخذ ناظري | بأبيَضَ مِن ماءِ الشّؤونِ، وَقَاني: |
أترضى عن الدنيا ومولاك ساخط | وَتَمضِي طَليقاً وَابنُ عَمّكَ عَاني؟ |
وفي ذلك الوادي الذي أنبت الهوى | جَنَابَانِ مِنْ نُوّارِهِ، أرِجَانِ |
وَمَاءٌ تَشِيهِ الرّيحُ كُلَّ عَشِيّة ٍ | كمَا رَقَمَ البُرْدَ الصّبيغَ يَمَاني |
مَرَرْتُ بِغِزْلانٍ عَلى جَنَبَاتِهِ | فأطْلَقْنَ دَمعي وَاختَبَلنَ جَنَاني |
وعاجلني يوم الرفيقين في الهوى | عشيّة َ مالي بالفراق يدان |
وَكَمْ غادَرَ البَيْنُ المُفَرِّقُ من فتًى | يمسّح قلباً دائم الخفقان |
وَمُنْتَزِعٍ مِنْ بينِ جَنْبَيهِ زَفرَة ً | تُخَلّي دُمُوعَ العَينِ في الهَمَلانِ |
وما الحبُّ إلاّ فرقة بعد ألفة | وإلاَّ حذار بعد طول أمان |
هو الشُغُلُ استولى على كلّ مهجة ٍ | وَألقَى ذِرَاعَيْهِ بِكُلّ جَنَانِ |
سلوت الهوى والشوق الا ذؤابة | تراجع قلبي من نوى وتداني |
وَصِرْتُ أرَى أنّ الشّجونَ عَلاقَة ٌ | تليق بقلبِ العاجز المتواني |
فَهَا أنا ذا لا أُمتِعُ العَينَ بالكَرَى | وتأمل قود النوم بعد حران |
تقلّص عن مسِّ النعاسِ جفونها | كَمَا قلّصَتْ للبَارِدِ الشّفَتَانِ |
تُجَمجِمُ للأطمَاعِ في كُلّ لَيلَة ٍ | وَتُقْلِعُ عَنْ قَلْبي بِغَيرِ بَيَانِ |
غَرِضْتُ مِنَ العَلياءِ وَهيَ تطولُ بي | كما غرض المقصوص بالطيرانِ |
وَلَوْ شِئْتُ جَلّى بي إلى غاية ِ العُلَى | جوادي ولكنّي أردّ عناني |
ومولى دعا غيري إلى ما يريده | ولو أنني ممن يجيب دعاني |
وحاول أمراً يصعب الريق دونه | بناجد مزؤد الفؤاد جبان |
يُنَازِعُني الشّحْنَاءَ أنّي لَقِيتُهُ | ولو أنّني يوماً حذرت رقاني |
وعوراء لم أنصت إليها ولم أردّ | جَوَاباً لهَا، وَالقَوْلُ لَيسَ بِوَانِ |
وَلَكِنّني أغضَيتُ عَنهَا كَأنّمَا | أقُولُ بسَمعي، أوْ أعي بِلِسَاني |
أرَى السّرْحَ أوْلى بي من الكُورِ في الوَغى | وما ناقتي إلاّ فداءُ حصاني |
وَلَمّا تَعَاطَيْنَا النّزَالَ انْبَرَى لَنَا | ملبٌّ عَلى أعْوَادِهِ بِلُبَانِ |
فَسَدّدَ رُمْحاً لمْ يَكُنْ بِمُثَقفٍ | وَجَرّدَ عَضْباً لَمْ يَكُنْ بِيَمَاني |
حذار بني العنقاء من متطاولٍ | إلى الحَرْبِ لا يَخشَى جِنَاية َ جَانِ |
وَداهِيَة ٍ تُصْمي القُلُوبَ كَأنّمَا | تمطّر عن قوس من الشريان |
فَهَذا وَعِيدٌ سَطوَتي مِنْ وَرَائِهِ | وعنوان ناري إن يبين دخاني |
فَلا يَحسَبِ الأعداءُ كَيدي غَنيمَة ً | ولا أنني في الشر غير معان |
فإني بحمد الله أقوى على الأذى | وَأنْمَى عَلى البَغضَاءِ وَالشّنآنِ |
وابيضّ من عليا معدّ كأنما | تلاقى على عرنينهِ القمران |
إذا رُمْتُ طَعْناً بالقَرِيضِ حَمَيْتُهُ | وَإنْ رُمْتُ طَعْناً بالرّمَاحِ حَمَاني |
يَجُودُ، إذا ضَنّ الجَبَانُ، بنَفسِه | وَيَمضِي، إذا مَا زَلّتِ القَدَمَانِ |
بصير بتصريف الأعنّة إن سرى | لِيَوْمِ نِزَالٍ، أوْ لِيَوْمِ رِهَانِ |
تَرَامَى بِهِ الأيّامُ، وَهْوَ مُصَمِّمٌ | كما يرتمي بالماتحِ الرجوان |
إذا مَا احتَبَى يَوْمَ الخِصَامِ كَأنّما | يُحَدّثُنَا عَنْ يَذْبُلٍ وَأَبَانِ |
أبَا أحمَدٍ! أنتَ الشّجاعُ، وَإنّمَا | تَجُرّ العَوَالي عرْضَة ً لِطِعَانِ |
ولما غوى الغاوون فيك وفرّجت | ضُلُوعٌ عَلى الغِلّ القَدِيمِ حَوَاني |
نَجَوْتَ عَنِ الغُمّاءِ، وَهيَ قَرِيبَة ٌ | نجاء الثريا من يد الدبرانِ |
وَغيرُكَ غضَّ الذّلُّ مِنْ نَجَوَاتِهِ | وطامن للأيام شخص مهان |
وَحالَ الأذى بَينَ المُرَادِ وَبَيْنَهُ | كما حِيلَ بَينَ العِيرِ وَالنَّزَوَانِ |
وَكانَ كَفَحلِ البَيتِ يَطمَحُ رَأسَه | فألقَى عَلى حُكْمِ الرّدَى بجِرَانِ |
وآخر راخى من قواك ببدعة | سَتَشْرُدُ في الدّنْيَا بِغَيرِ عِنَانِ |
فأشهد أنّ ما عرَّقت فيه هاشم | ولا علّ يوماً من لبانِ حصان |
إذا المرءُ لم يحفظ ذماماً لقومه | فأحجَ به أن لا يفي بضمانِ |
وَنَازَعَكَ العَلْيَاءَ مِنْ آلِ غالبٍ | شُعُوبٌ، وَمِنْ أَدٍّ، وَمن غَطَفانِ |
فوارس يلقون الردى بنفوسهم | سراعاً ولا يدّعون يال فلان |
وَلوْ شِئْتَ لَمّا طالَعَتْكَ رِماحُهمْ | وأطرافها عوج إليك دواني |
هَرَقْتَ دِمَاءً مَا لهَا، الدّهرَ، طالبٌ | كمَا هَرَقَتْ خَرْقَاءُ قَعبَ لِبَانِ |
وَحَيٍ بَثَثْتَ الخَيْلَ بينَ بُيُوتِهِمْ | وَكَانُوا عَلى أمْنٍ مِنَ الحَدَثَانِ |
أقمتهمُ من روعة ِ عن شوائهم | يَمُشّونَ بالأعرَافِ كُلَّ بَنَانِ |
أأُغضِي عَلى ضَيمٍ، وَعِزُّكَ ناصِرِي | وَبَاعي طَوِيلٌ مِنْ وَرَاءِ سِنَاني؟ |
إذاً فعداني الضيف في كلّ ليلة ٍ | وكبت بإعجاز البيوت جفاني |
وما ارتاع مطلوب يكون وراءه | بِأغْلَبَ مِنْ آلِ النّبيّ هِجَانِ |
لك الخير لا أرضى بغيرك حاكماً | عَليّ، وَلا أُعْطي القِيَادَ زَمَاني |
وَإنْ أطلُبِ الضّخمَ اللّغاديدِ غايَتي | فرب جماد عدّ في الحيوانِ |