هَلْ كانَ يَوْمُكَ إلاّ بَعْدَ أيّامِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هَلْ كانَ يَوْمُكَ إلاّ بَعْدَ أيّامِ | سبقت فيها بإنعام وإرغام |
وهل أزالك عن هذا سوى قدر | تَنَاوَلَ الأُسْدَ مِنْ غِيلٍ وَآجَامِ |
إنّ المنايا مغرات لأنفسنا | وإن أمدَّت بأعوامٍ وأعوام |
نَسعَى بأقدامِنَا عَنهَا فتُدْرِكُنَا | سبق الجياد وما تسعى باقدام |
مالي بطيّ الليالي غير مكترثٍ | وما ورائيَ منها كان قدّامي |
أظُنّ شَخصَ الرّدَى فَرْداً فأحذَرُهُ | والموتُ أكبر من ظنّي وأوهامي |
إنّ الحَيَاة َ، وَإنْ غَرّتْ مَخائِلُها | ظلّ وإنّ المنى أضغاث أحلام |
تامي البقاء إلى الذّاوي تراجعه | كلاً ولا يرجع الذّاوي إلى النّامي |
أبا الفوارس ما أعلى يداً عصفت | مِنَ المَنُونِ بِأعلى عِزّك السّامي |
إنّ المَنِيّة َ مَا زَالَتْ مُفَوَّقَة ً | حتّى رَمَتكَ،وَلا عَدوَى عَلى الرّامي |
كَرّتْ، فلَم تَثنِها بالسُّمرِ مُشرَعَة ً | ولم ترعها بإسراجٍ وإلجام |
إلاَّ اتقيت بما سومت من عدد | وما تعلمت من نقضٍ وإبرام |
هَيهَاتَ ألقَى حِمامٌ كُلَّ مَارِنَة ٍ | تدمى وأبطل موت كلَّ إقدام |
تُملي المَقَادِيرُ أعمَاراً، وَتَنسَخُها | وَيَضْرِبُ الدّهْرُ أيّاماً بِأيّامِ |
فمن كمين ردى تسري عقاربه | وَمِنْ طَلُوعٍ برَايَاتٍ وَأعْلامِ |
أينَ السّرِيرُ وَقد قامَ السّماطُ لَهُ | إجلال أروع عالي القدّ بسّامِ |
أين الجياد تنزى في أعنّتها | يطلبنَ يوماً قطوبا وجهه دامِ |
أين الفيول كأنّ الممتطين لها | عَلى ذَوَائِبِ أطْوَادٍ وَأعْلامِ |
أين الوفود على الأبوابِ مذكرة | بالفرطِ من مجدِ أخوالٍ وأعمامِ |
أين المراتب والدنيا على قدمٍ | موقوفة بين أرماح وأقلامِ |
مَضَى وَلم يُغنِ ما عَدّدْتُ عَنهُ، وَلا | كسب العلى واجتناب اللوم والذامِ |
وعاد أعظم مَنْ في جيشه جرة | وَلَيسَ يَملِكُ إلاّ عَضّ إبْهَامِ |
وكان أقطع من صمصامة ظُبة | فينا وأمضى مضاءً منه في الهامِ |
لمْ يُجرِ يَوْماً بأطرَافِ العِرَاقِ دَماً | إلاّ وراع دماء القوم بالشّامِ |
وكان أن حاف عدم ثمّ عُذتَ به | ملأتَ أرْضَكَ مِنْ خَيلٍ وَأنعامِ |
يحنو على رحم مجفوَّة ويرى | قَطعَ الرّقابِ وَلا قَطعاً لأِرْحَامِ |
تبكي الرّكاب وقد ردّت أزمتها | فالرّكبُ ما بين أعوالٍ وأرزامِ |
اليَوْمَ يَرْتَاحُ مَنْ كانَتْ أضَالِعُهُ | عَلى قَوَادِمِ أحْقَادٍ وَأوْغَامِ |
يَمُوتُ قَوْمٌ، فَلا يَأسَى لهم أحَدٌ | وَوَاحِدٌ مَوْتُهُ حُزْنٌ لأِقْوَامِ |
سقى الحيا منك أوصالاً مفرقة | فيها مجامعُ إجلالٍ وإعظامِ |
غَيْثَانِ: ذا جَامِدٌ تَخفَى مَخائِلُهُ | عن العيونِ وذا بادي الذّرى هامي |
لله درّك من غرّاءِ أحرزها | موسومة قلب ضرغام لضرغام |
قد كدت أعقلها لولا محافظة | على يدٍ سلفت منه وإنعامِ |
أعَادَ عِزَّ أبي غَضّاً وَخَوّلَهُ | ما شاءَ من بذلِ إعزازٍ وإكرام |
وَكُنْتُ أجْمَمْتُهُ للعِزّ أطْلُبُهُ | وإنّما كان للمقدور إجمامي |
ودون ما تشتهيه النّفس متعبة | إنّ اللألي وارءَ الأخضر الطامي |
فاذهب كما ذهب البدرُ استبدَّ به | برغمِ أعيننا جلبابُ إظلام |
فما لدارك منا غير مقلية | ولا لقربك منّا غير إلمامِ |