أمَا آنَ للدّمعِ أنْ يَستَجِمّ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أمَا آنَ للدّمعِ أنْ يَستَجِمّ | ولا للبلابل أن لا تلم |
فَتَلْهُو عَزَائِمُنَا بالخُطُوبِ | وَتَهْزَأُ أجْفَانُنَا بِالحُلُمْ |
فَإنّا بَنُو الدّهْرِ مَا نَسْتَفِيـ | من نشوة الهمّ حتى نهمّ |
ولا نصحب الليل حتّى نخال | كَوَاكِبَهُ في الفَيَافي بُهُمْ |
وَلا بُدّ مِنْ زَلّة ٍ للفَتَى | تُعَرّفُهُ كَيفَ قَدْرُ النِّعَمْ |
فحسن العلى بعد حال الخضوع | وَطيبُ الغِنى بَعدَ حالِ العَدَمْ |
أَ أرجو المعالي بغير الطلاب | وَمِنْ أينَ يَحْلُمُ مَنْ لَمْ يَنَمْ |
إذا صَالَ بالجَهْلِ قَلبُ الجَهُو | ل فاعذر فما كلّ جهل لمم |
رَأى الدّهرَ يَعصِفُ بالفاضِلِينَ | فحبّ من النقض أن يغتنم |
ستقبرني الطير كيلا أكون | سواء وأمواته في الرجم |
ذُمّ رِجَالاً بتَرْكِ المَديحِ | وَبَعضُ السّكوتِ عن المَدحِ ذَمّ |
صل اليأس وانهض بعبء الخطوب | فما يثقل الظهر إلاّ الهرم |
ولا تهجر العزم عند المشيب | فَلَيسَ عَجيباً بِهَمٍّ يَهُمّ |
وَمِنّيَ في ثَوْبِ هَذا الزّمَا | نِ عَضْبٌ، إذا ما سَطا أوْ عزَمْ |
وَما حِليَة ُ البِيضِ صَوْغُ اللّجَينِ | ولكنْ حلاها دماء القمم |
أمرخي ذؤابة ذاك الهجير | عَلى مَنكِبَيْ مَجْهَلٍ أوْ عَلَمْ |
أرحنا نرح وترات المطيّ | فَإنّ بِهَا مَا بِنَا مِنْ ألَمْ |
وَيَا أهْيَفاً رَمَقَتْهُ العُيُونُ | وَرَفّتْ عَلَيْهِ قُلُوبُ الأُمَمْ |
تضرم خداه حتى عجبت | لعارضه كيف لم يضطرم |
لَئِنْ لمْ تَجِدْ طَائِعاً بالنّوَالِ | لَقَدْ جَادَ عَنكَ الخَيالُ المُلِمّ |
وَمِثْلِكِ ظالِمَة ِ المُقْلَتَينِ | تلاقى الجمال عليها وتم |
لهَا في الحَشَا حَافِزٌ كُلّمَا | جَرَى الدّمعُ دَلّ عَلَيْهِ وَنَمّ |
أقُولُ لهَا، وَالقَنَا شُرَّعٌ | ويرغم من قومها من رغم |
لنا دون خدرك نجوى الزفير | وَمَجرَى الدّموعِ وَشكوَى الألمْ |
وَإلاّ فَقَرْعُ صُدُورِ القَنَا | ووقع الظبى وصليل اللّجم |
وَنُقْبِلُهَا كَذِئَابِ الرِّدَا | هِ، تَمْرِي عُلالَتهُنّ الجُذُمْ |
دفعن على غفلات الظنو | ن يمضغن مضغ العليق الحكم |
إلى أنْ تُلَطّمَهُنّ النّسَا | ءُ بالخمر دون طريق الحرم |
أجِبْ أيّهَا الرَّبْعُ تَسآلَنَا | فَلَسْتَ عَلى بُعدِهِمْ مُتّهَمْ |
فكيف وأنت مريض الطلول | ضجيع البلا ونجيّ السّقم |
كَأنّكَ لمْ يَعتَنِقْكَ النّسيمُ | وَلا مَالَ نَحوَكَ قَطرٌ بِفَمْ |
ولا نشرت فيك تلك الرّياح | غدائر من مزنة أو جمم |
تَنَثّرَ فيكَ سَحابُ الحَيَا | فَطَوّقَ جِيدَكَ لَمّا انْتَظَمْ |
وَدَرّتْ عَلَيكَ ثُدِيُّ الغَمَامِ | كأنّ رباك سقاب الديم |
ثرى يرمق الغيث عن مقلة | بها رمد من رماد الحمم |
وَمِنْ أينَ تَعرِفُكَ اليَعمَلا | ت والدمع في خدّها مزدحم |
وَلَكِنْ أحَسّتْ بِأعطَانِهَا | وأوطانها في الليالي القدم |
أحِنُّ إلَيكَ، وَتَأبَى المَطيُّ | بخد ترابك إن يلتطم |
وَخَرْقٍ تَدافَعُهُ المُقْرَبَا | ت خوفاً وتنفر منه الرُّسُم |
تجللت فيه رداء الظلام | وَسِرْتُ، وَحَاشِيَتَاهُ الهِمَمْ |
عَلى كُلّ خَطارَة ٍ لَمْ تَزَلْ | تجاذبنا السير حتى انفصم |
خَرَقْنا مَعَ الشّمسِ تلكَ الفَلاة َ | وَجُبْنَا مَعَ اللّيْلِ تِلكَ الأكَمْ |
صلينا بجمرة ذاك الهجير | وَعُدْنَا بِفَحْمَة ِ هَذي العُتُمْ |
كَأنّ مَنَاسِمَهَا في السُّرَى | تلاعب بين الحصى بالزلم |
ومال النهار بأخفافها | إلى أدعج بالدجا مدلهم |
زَحَمْنَ بِنَا اللّيْلَ في ثَوْبِهِ | فَكَادَتْ مَنَاكِبُهُ تَنحَطِمْ |
نعانق بيضاً كأنّ الصدا | بِأطْرَافِهَا شَحبَة ٌ، أوْ غَمَمْ |
وقد لمعت من حواشي الغمود | كما نصلت أنمل من عنم |
وقلّص عنّا قميص الظّلام | فكان بأنف الدّياجي شمم |
وَيَوْمٍ يَرِفّ عَلَيْهِ الرّدَى | بأجنحة المصلتات الخذم |
متى انسلّ لحظ ذكاءٍ به | فأجفانه قادمات الرّخم |
عَلَيّ طِعَانٌ يَرُدّ الجَوَا | د بالدم ألمى مكان الرثم |
وأيد تجيل قداح الرّماح | وَبَاعُ المُعَرِّدِ عَنْهَا بَرَمْ |
قُلُوبٌ كأُسدِ الشّرَى الضّارِياتِ | وأحشاوهم دونها كالأجم |
فَمَا تَرْشُفُ المَاءَ إلاّ اعتِلالاً | وَلا تَجْرَعُ المَاءَ إلاّ قَرَمْ |
إذا حسروا قال سيف الحمام | وَأعْطَافُهُ عَلَقاً تَنسَجِمْ |
أللطّعنِ تُهتَكُ هَذي النّحورُ | وللضرب تكشف هذي القمم |
إذا صَحِبُوا الدّمَ في البَاتِرَاتِ | فَلا صَحِبُوا مَاءَهُمْ في الأدَمْ |
مَضَوْا ما طوَى العَذلُ من جودِهمْ | وَلا أتْبَعُوا المَالَ عَضّ النّدَمْ |
وسالت لمجدهم غرة | تَكَادُ تَكُونُ حِجَالَ القَدَمْ |
قدِ استَحيَتِ السُّمرُ من طَعنِهمْ | فَكَادَتْ لإفْرَاطِهِ تَحْتَشِمْ |
هُوَ الطّعْنُ يَفتَرّ مِنْهُ الجَوَادُ | وَلَوْ كَانَ ذا مَرَحٍ لابتَسَمْ |
رِدِي أحمَرَ المَاءِ، قُبَّ الجِيادِ | فأبيض غدرانه للنَّعم |
غناء ظبانا عويل النّساء | وقرع قنانا لطام اللمم |
ألَيْسَ أبُونَا أعَزَّ الوَرَى | جَنَاباً، وَأكْرَمَ خَالاً وَعَمّ |
كأنّك تلقى به السمهريّ | إذا مُدّ يَوْمَ وَغًى ، أوْ أتَمْ |
يَقُدّ، إذا مَا نَبَا العَاجِزُونَ | وضرب الظبى غير ضرب القدم |
أسِرّة ُ كَفّيْهِ عُمْرُ الزّمَانِ | جَداوِلُ مَاءِ الرّدَى وَالكَرَمْ |
فإمّا تفيض بغمر النّوال | عَلى المُعتَفِينَ، وَإمّا بِدَمْ |
تعوّذ من خوفه العاصفات | إذا عَصَفَتْ في حِمَاهُ الأشَمّ |
وكان إذا رام خدع العلى | تَقَنّصَهَا، وَالعَوَالي خُطُمْ |
يَقي كُلَّ شيْءٍ، فَلَوْ يَستَطيـ | غدا لخدود الأعادي لثم |
ويرضى إذا قيل يا ابن النجاد | وَيَدْعُو الجِيَادَ بَناتِ الحُزُمْ |
فتى لو أذمّ على صبحه | لمَا جَازَ في الضّوْءِ أمرُ الظُّلَمْ |
وأهيفُ إن زعزعته البنا | نُ أمطَرَ في الطّرْسِ لَيلاً أحَمّ |
يشيبُ إذا حذّفته المُدى | وتخضب لمته لا هرم |
وتنطف عن فمه ريقة | سويداء تقتل من غير سم |
له شفتان فلو كانتا | لساناً لما بان عنه الكلم |
وَربّتَمَا ظَنّهَا الخَائِفُونَ | لسان فم الأرقم بن الرقم |
لَهُ سَبْتَة ٌ بَينَ لِهْبَيْ صفاً | يقولون نام ولمَّا ينم |
وأنتِ ابنة الفكر قابلتنا | بعقد لجيد العلا منتظم |
تَرُوقِينَ أسمَاعَنَا في النّشِيدِ | كأنّك من كل لفظ نغم |