لا عَادَتِ الكَأسُ عَليلَ النّسيمْ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لا عَادَتِ الكَأسُ عَليلَ النّسيمْ | بَعدي، وَلا فُضّتْ ختامُ الهُمومْ |
في لَيْلَة ٍ غَابَ مَعي بَدْرُهَا | وَحَارَبَتْهَا في الظّلامِ النّجُومْ |
لا سحب النّشوان من ذيله | فيها ولا درَّت عليها الكروم |
غِبتُ، وَشَوْقي عِندَها حَاضِرٌ | شيّعه القلب وراء الحريم |
جاءَ وجلباب الدّجا شاحب | وَعَادَ وَالجَوُّ صَقِيلُ الأدِيمْ |
لَوْ أنّ قَلْبي مُطْلَقٌ في الحَشَا | جَرَى إلَيْهَا في عِنَانِ النّسِيمْ |
يَا لَيْلَة ً تَكْسِرُ ألحَاظَهَا | كأَنّها مكحولة بالغيوم |
كم ليلة مثلك انضيتها | والرّاح تزجى من إزار النّديم |
يَكَادُ مِنْ حُسنٍ، إذا زُرْتُهَا | تحدث برأً في الهلال السقيم |
في مجلس قوّم أعطافه | تَقَارُبُ الوَصْلِ وَقُرْبُ النّعيمْ |
يجلو عليَّ الكأس من خدرها | أبيضُ سامي الفرع نامي الأروم |
تَعَلّقَ الحُسْنُ بِأطْرَافِهِ | فَمَالَ، وَالأعصَانُ لا تَستَقيمْ |
مُوَقَّرُ الشّيمَة ِ إنْ جَاذَبَتْ | مَقالَهُ، يوْمَ الجِدالِ، الخُصُومْ |
في حَيثُ تَنزُو عَذَباتُ الحُبَا | بالقَوْمِ، حَتّى تَستَطيرُ الحُلومْ |
يقرضني الودّ على نأيه | وعند قرب الدّار نعم الحميم |
حلأني الأعداء عن ورده | وبي إلى الماء نزاع مقيم |
أُذادُ أنْ أرْفُلَ في أرْضِهِ | وَيَرْتَعي ذاكَ الجَنابَ العَميمْ |
إنْ دَفَعُوا ظِمئي، فَيا رُبّمَا | ذادت عن الماء الحقاقُ القروم |
مِنْ بَعدِ ما مُدّتْ حَيازِيمُهُمْ | عَلى قُلُوبٍ دامِيَاتِ الكُلُومْ |
في كل يوم تنتضى منهمُ | قَوَارِصٌ تَعقرُ حِلْمَ الحَلِيمْ |
أحيَتْ شَآبِيبُ الحَيَا مَنْزِلاً | مَاتَ لَنَا فيهِ الزّمَانُ القَدِيمْ |
أيام يغدو الروض مستبشراً | وَنَجتَلي تلكَ الرُّبَى وَالرّسُومْ |
كَمْ صَبَغَ الدّهرُ قَميصَ الثّرَى | وَعادَ رِقُّ الأرْضِ ضَاحي الوُشومْ |
والدّهر في أبياتنا جؤذر | فالآن أضحى وهو ليث شتيم |
أيّامَ نُزْجي مِنْ مَوَاعِيدِنَا | ضراغماً تفرس عدم العديم |
تنظر في أثناء أوطاننا | لِقَاحَ جُودٍ للرّجَاءِ العَقِيمْ |
لي في حواشي البرق أنسٌ فلا | أدْرِي أأُغضِي دونَهُ أمْ أَشِيمْ |
أخَافُ مِنْ سَطْوَة ِ شُؤبوبِهِ | وَبَيْنَنَا مِنْ دجنِهِ هَضبُ رِيمْ |
أجْفُو مَغَانِيه، وَمَا بَيْنَنَا | لا يغضب الناقة فيه الرسيم |
وَكُنتُ لا أبْرَحُ أوْطَانَهُ | مطنّبا بين الضحى والصريم |
أسلب في الجري إلى ربعه | سنطلة الذئب وشأو والظليم |
يا دين قلبي لك من لوعة | تُعَاوِدُ القَلْبَ عِدادَ السّلِيمْ |
قل لغريمي بديون الهوى | يا حبذا منك مطال الغريم |
ذَمَمْتُ دَهْراً لمْ يَزَلْ صَرْفُهُ | يَطرُقُني، وَفدَ الفَعالِ الذّمِيمْ |
أرى الأسى إن جلّ خطب الأسى | أسمَحَ مِنْ طَبعِ العَزَاءِ اللّئِيمْ |
والقرب في الودّ على نأينا | أحسَنُ مِنْ قُرْبِ العِدا بالجُسومْ |
أُكْرِمُ وُدّي دُونَ خُطّابِهِ | أنْ يَصِلَ الحَبْلَ بغَيرِ الكَرِيمْ |