لمن الحدوج تهزهن الأنيق
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لمن الحدوج تهزهن الأنيق | وَالرّكْبُ يَطفُو في السّرَابِ وَيَغرَقُ |
يَقطَعنَ أعرَاضَ العَقِيقِ، فمُشئِمٌ | يحدو ركائبه الغرام ومعرق |
أبقوا سيراً بعدهم لا يفتدى | مما يجن وطالباً لا يلحق |
يهفو الولوع به فيطرف طرفه | وَيَزِيدُ جولانُ الدّمُوعِ، فيُطرِقُ |
ووراء ذاك الخدر عارض مزنة | لا ناقع ظمأً ولا متألق |
وَمُحَجَّبٍ، فإذا بَدَا مِنْ نُورِهِ | للرّكْبِ مُلتَهِبُ المَطالِعِ مُونِقُ |
خَرّوا عَلى شُعَبِ الرّحَالِ وَأسنَدُوا | أيدي الطّعَانِ إلى قُلُوبٍ تَخفِقُ |
هَلْ عَهدُنَا بَعدَ التّفَرّقِ رَاجِعٌ | أو غصننا بعد التسلب مورق |
شوق أقام وأنت غير مقيمة | وَالشّوْقُ بالكَلفِ المُعَنّى أعلَقُ |
ما كنتُ أحظَى في الدّنُوّ فكَيفَ بي | واليوم نحن مغرّب ومشرق |
مِنْ أجلِ حُبّكِ قُلتُ عاوَدَ أُنسَهُ | ذاكَ الحِمَى وَسُقي اللّوَى وَالأبرَقُ |
طرق الخيال ببطن وجرة بعدما | زَعَمَ العَوَاذِلُ أنّهُ لا يَطْرُقُ |
أتحنناً بعد الرقاد وقسوة | أيّامَ أُصْفِيكِ الوِدادَ وَأُمْذَقُ |
إني اهتديت وما اهتديت وبيننا | سور عليَّ من الطعان وخندق |
وَمُطَلَّحِينَ لَهُمْ بِكُلّ ثَنِيّة ٍ | ملقى وسادته الثرى والمرفق |
أوْ قابِضِينَ عَلى الأزمّة ِ، وَالكَرَى | يَغشَى أكُفَّهُمُ النّعَاسُ، فتَمرُقُ |
أوموا إلى الغرض البعيد فكلهم | ماض يخب مع الرجاء ويعنق |
وإلى أمير المؤمنين نجت بهم | ميل الجماجم سيرهن تدفق |
كنقانق الظلمان أعجلها الدجى | وَحَدَا بهَا زَجِلُ الرّوَاعدِ مُبْرِقُ |
يطلبن زائدة المكارم والندى | حيث استقر بها العلاء المعرق |
الزَاخِرُ الغَدِقُ الذي يُرْوَى بِهِ | ظَمَأُ المُنَى ، وَالوَابِلُ المُتَبَعِّقُ |
أبُغَاة َ هذا المَجدِ إنّ مَرَامَهُ | دَحضٌ يُزِلّ الصّاعِدِينَ وَيُزْلِقُ |
هيهات ظنكم تمرد مارد | مِنْ دُونِ نَيلِكُمُ، وَعَزّ الأبْلَقُ |
لا حرجوا هذي البحار فربما | كَانَ الذي يَرْوِي المَعاطِشَ يَغرَقُ |
وَدَعُوا مُجَاذَبَة َ الخِلافَة ِ، إنّهَا | أرَجٌ بِغَيرِ ثَنَائِهِمْ لا يَعبَقُ |
غنيت بهم تحتز دون منالها | قمم العدى ويرد عنها الفيلق |
كَعَقائِلِ الأبطَالِ تُجلَبُ دُونَها | بيض القواضب والقنا المتدقق |
فهم لذروتها التي لا ترتقي | أبداً وبيضتها التي لا تفلق |
أشفت فكنت شفائها ولقد ترى | شلواً بأظفار العدو يمزق |
كنت الصباح رمى إليها ضوءه | ومضى بهبوته الظلام الأورق |
فسنامها لا يمتطى ونباتها | لا يُختَلَى ، وَفِنَاؤهَا لا يُطْرَقُ |
وَوَزَنْتَ بالقِسْطَاسِ غَيرَ مُرَاقَبٍ | وَالعَدْلُ مَهْجُورُ الطّرِيقِ مُطَلَّقُ |
في كُلّ يَوْمٍ للعَدُوّ، إذا التَوَى | بِظُبَاكَ يَوْمُ أُوَارَة ٍ وَمُحَرِّقُ |
أنْتُمْ مَوَادِعُ كُلّ خَطْبٍ يُتّقى | |
وأبوكم العباس ما استسقى به | بعد القنوط قبائل إلا سقوا |
بعج الغمام بدعوة مسموعة | فأجَابَهُ شَرْقُ البَوَارِقِ مُغْدِقُ |
ما منكم إلا ابن أم للندى | أو مصبح بدم مصبح بدم الأعادي مغبق |
لله يَومٌ أطلَعَتكَ بِهِ العُلَى | علماً يزاول بالعيون ويرشق |
لما سمت بك غرة موموقة | كالشمس تبهر بالضياء وتومق |
وبرزت في برد النبي وللهدى | نور على اطرار وجهك مشرق |
وعلى السحاب الجود ليث معظماً | ذاك الرداء وزر ذاك اليلمق |
في مَوْقِفٍ تُغْضِي العُيُونُ جَلالَة ً | فِيهِ، وَيَعثُرُ بالكَلامِ المَنطِقُ |
وَكَأنّمَا فَوْقَ السّرِيرِ، وَقَد سَمَا | أسد على نشزات غاب مطرق |
والناس إما راجع متهيب | مما رأى أو طالع متشوق |
مَالُوا إلَيكَ مَحَبّة ً، فَتَجَمّعُوا | وَرَأوْا عَلَيكَ مَهابَة ً، فتَفَرّقَوا |
وطعنت من غرر الكلام بفيصل | لا يستقل به السنان الأزرق |
وَغَرَسْتَ في حَبّ القُلُوبِ مَوَدّة ً | تزكو على مر الزمان وتورق |
وأنا القريب إليك فيه ودونه | لِيَدَيْ عَدُوّكَ طَوْدُ عِزٍّ أعنَقُ |
عَطْفاً، أمِيرَ المُؤمِنينَ، فإنّنَا | في دَوْحَة ِ العَلْيَاءِ لا نَتَفَرّقُ |
مَا بَيْنَنَا، يَوْمَ الفَخَارِ، تَفَاوُتٌ | |
إلاّ الخِلافَة َ مَيّزَتْكَ، فَإنّني | أنَا عَاطِلٌ مِنهَا، وَأنتَ مُطَوَّقُ |