بالجد لا بالمساعي يبلغ الشرف
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بالجد لا بالمساعي يبلغ الشرف | تَمشِي الجُدُودُ بأقوَامٍ، وَإنْ وَقفُوا |
أعيَا مِنَ الدّهرِ خُلْقٌ لا دَوَامَ لَهُ | البَذْلُ وَالمَنْعُ وَالإنْجَازُ وَالخُلُفُ |
واطٍ بجفونه أعقاب خلته | يوماً ودود ويوماً ملَّة طرف |
راحت تعجّب من شيب ألمَّ به | وعاذر شيبه التهمام والأسف |
وَلا تَزَالُ هُمُومُ النّفسِ طَارِقَة ً | رُسْلُ البَياضِ إلى الفَوْدينِ تَختَلِفُ |
إنّ الثّلاثِينَ وَالسّبْعَ التَوَينَ بِهِ | عَنِ الصِّبَا، فَهوَ مُزْوَرٌّ وَمُنعَطِفُ |
فَمَا لَهُ صَبْوَة ٌ يُبْكَى بِها طَلَلٌ | وَلا لَهُ طَرْبَة ٌ يُعلى بِها شَرَفُ |
أينَ الذينَ رَمَوْا قَلْبي بسَهمِهِمُ | ولم يداووا ليَ القرف الذي قرفوا |
يَشكُو فِرَاقَهُمُ القلبُ الذي جَرَحُوا | منّي، وَتَبكيهِمُ العَينُ التي طَرَفُوا |
كم جاءني الخوف مما كنت آمنه | وَكَمْ أمِنتُ التي قَلبي بِها يَجِفُ |
قَدْ يَأمَنُ المَرْءُ سَهماً فيهِ مَوْقِعُهُ | وقد يخاف الذي ينأى وينحرف |
لما رأيت مرامي الظن خاطئة | ودون ما ارتجى منكم نوى قذف |
صَرَفتُ نَفسِيَ عَنكُمْ، وَهيَ غانيَة ٌ | والنفس تصرف أحياناً فتنصرف |
ما هز فرعكم يأسٌ ولا طمع | وَلا مَرَى دَرَّكُمْ لِينٌ، وَلا عَنَفُ |
ولا لكم في ثنايا الجود مطّلع | ولا لكم في ظهور المجد مرتدف |
يأبى لي العز والغراءُ من شيمي | إمْسَاكَ حَبلِ غُرُورٍ ما لَهُ طَرَفُ |
هَبْهَا ضَبَابَة َ لَيْلٍ أنتَ خابِطُها | إنّ الظّلامَ، وَإنْ عَنّاكَ، مُنكَشِفُ |
تنظّر الصبح أن الصبح منتظر | والفجر يعرب عما أعجم السدف |
كأنني يوم استعطى نوالكم | دانٍ مِنَ الصّخرَة ِ الصّمّاءِ يَغتَرِفُ |
ويوم أدعوكم للخطب احذره | داع يبلغ من قد ضمه الجدف |
ما كُنتُمُ من سُيُوفي، إذْ هَزَرْتُكُمُ | هز النوابي إذا أمضيتها تقف |
يا رَاعيَ الذّوْدِ لا أصْبَحتَ في نَفَرٍ | تَرْوَى البِكارُ وَتَظما الجِلّة ُ الشُّرُفُ |
ما أعجَبَ القِسمَة َ العَوْجاءَ يَقسِمُها | الدار واحدة والورد مختلف |
لَئِنْ حُرِمتُ مِنَ العَليَاءِ ما رُزِقُوا | لقَدْ جَهِلتُ مِن الفَحشاءِ ما عرَفُوا |
لأُرْحِلَنّ المَطَايَا ثمّ أُبْرِكُهَا | حيث اطمأن الندى واستوطن الشرف |
كأنما في رجال الركب خاطرة | تَعانَقَ الدّوُّ، وَالنّأجيّة ُ العُصُفُ |
بدارِ أغلَبَ مَا في وَعدِهِ خُلُفٌ | للرّاغبِينَ، وَلا في حُكمِهِ جَنَفُ |
حيث الحقوق قيام في مقاطعها | وَكُلُّ مَنْ حاكَمَ الأيّامَ مُنتَصِفُ |
راض الأمور أولى شبيبته | فالرأي محتنك والعمر موتنف |
يا ابنَ الأُولى نَزَلُوا العَليَاءَ خاليَة ً | مَنازِلَ الدُّرّ يُرْمَى دونَهُ الصَّدَفُ |
يحي المكارم أبناءٌ له وردوا | كَمَا بَنَى المَجْدَ آبَاءٌ لَهُ سَلَفُوا |
المُقدِمِينَ، فَلا مِيلٌ، وَلا عَزُلٌ | والحاملون فلا جوز ولا ضعف |
لي فيهِمُ خَلَفٌ مِنْ كُلّ مُفتَقَدٍ | وَرُبّما جَازَ قَدرَ الذّاهبِ الخَلَفُ |
في كُلّ يَوْمٍ عَدُوٌّ أنْتَ قَائِدُهُ | قَوْدَ الجَنيبِ، لِما عَسّفتَ مُعتَسِفُ |
في السّلمِ دافِقَة ٌ، شُؤبوبُها خَضِلٌ | والروع بارقة ذو رعدها قصف |
فمن شعاب ندى أمواهه دفع | وَمِنْ طِعَانِ قَناً آبَارُهُ خُسُفُ |
تَغْدُو كأنّكَ، وَالهاماتُ طائِرَة ٌ | جانٍ مِنَ الحَنظَلِ العاميِّ يَنتَقِفُ |
كأن سيفك ضيف الشيب ليس له | عَنِ الرّؤوسِ، إذا ما جاءَ، مُنصَرَفُ |
فاستَأنِفُوا العِزَّ مُخضَرّاً زَمانُكُمُ | كأنما الدهر فيكم روضة أنف |
وابقوا بقاء الدراري في مطالعها | إلاّ البُدورَ، فإنّ البَدْرَ يَنكَسِفُ |