لِغَيْرِ العُلَى مِنّي القِلَى وَالتّجَنّبُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لِغَيْرِ العُلَى مِنّي القِلَى وَالتّجَنّبُ | ولولا العلى ما كنت في الحب ارغب |
إذا اللَّهُ لمْ يَعذُرْكَ فِيمَا تَرُومُهُ | فما الناس الا عاذل أو مؤنب |
ملكت بحلمي فرصة ما استرقتها | مِنَ الدّهْرِ مَفتُولُ الذّرَاعَينِ أغلبُ |
فإنْ تَكُ سِنّي ما تَطاوَلَ بَاعُهَا | فلي من وراء المجد قلب مدرب |
فحسبي اني في الاعادي مبغض | وَأنّي إلى غُرّ المَعَالي مُحَبَّبُ |
وللحلم اوقات وللجهل مثلها | وَلَكِنّ أوْقَاتي إلى الحِلْمِ أقْرَبُ |
يَصُولُ عَليّ الجَاهِلُونَ، وَأعتَلي | ويعجم فيَّ القائلون واعرب |
يَرَوْنَ احتِمَالي غُصّة ً، وَيَزِيدُهمْ | لواعج ضغن انني لست اغضب |
وَأُعرِضُ عَنْ كأسِ النّديمِ، كأنّها | وَميضُ غَمامٍ، عائرُ المُزْنِ خُلّبُ |
وَقُورٌ، فَلا الألحَانُ تَأسِرُ عَزْمَتي | وَلا تَمكُرُ الصّهبَاءُ بي، حينَ أشرَبُ |
ولا اعرف الفحشاء الا بوصفها | ولا انطق العوراء والقلب مغضب |
تَحَلّمُ عَنْ كَرّ القَوَارِضِ شِيمتي | كان معيد المدح بالذم مطنب |
لساني حصاة يقرع الجهل بالحجى | إذا نَالَ مِنّي العَاضِهُ المُتَوَثّبُ |
ولست براض ان تمس عزائمي | فضالات ما يعطى الزمان ويسلب |
غَرَائِبُ آدابٍ حَبَاني بِحِفْظِهَا | زماني وصرف الدهر نعم المودب |
تُرَيّشُنَا الأيّامُ ثُمّ تَهِيضُنَا | الانعم ذا البادي وبئس المعقب |
نَهَيْتُكَ عَنْ طَبعِ اللّئَامِ، فإنّني | ارى البخل يأتي والمكارم تطلب |
تعلم فان الجود في الناس فطنة | تناقلها الاحرار والطبع اغلب |
تَضَافِرُني فيكَ الصّوَارِمُ وَالقَنَا | وَيَصْحَبُني مِنكَ العُذَيقُ المُرَجَّبُ |
نصَحتُ وَبعضُ النّصْحِ في الناس هُجنة ٌ | وَبَعضُ التّناجي بالعِتَابِ تَعَتُّبُ |
فان انت لم تعط النصيحة حقها | فرب جموح كلّ عنه المؤنب |
سقى الله ارضاً جاور القطر روضها | اذ المزن تسقي والاباطح تشرب |
ذكَرْتُ بهَا عَصرَ الشّبابِ، فحسرَة ً | أفَدْتُ وَقد فاتَ الذي كنتُ أطلُبُ |
سكنتك والايام بيض كانها | من الطيب في اثوابنا تتقلب |
ويعجبني منك النسيم اذا هفا | الا كل ما سرَّى عن القلب معجب |
وَفي الوَطَنِ المَألُوفِ للنّفْسِ لَذّة ٌ | وان لم ينلنا العز الا التقلب |
وبرق رقيق الطرتين لحظته | اذا الجو خوار المصابيح اكهب |
فَمَرّ كَمَا مَرّتْ ذوَائِبُ عُشْوَة ٍ | تُقَادُ بِأطْرَافِ الرّمَاحِ وَتُجنَبُ |
نظرت والحاظ النجوم كليلة | وهيهات دون البرق شأ ومغرب |
فَمَا اللّيْلُ إلاّ فَحْمَة ٌ مُستَشَفّة ٌ | وَمَا البَرْقُ إلاّ جَمْرَة ٌ تَتَلَهّبُ |
أمِنْ بَعْدِ أنْ أجلَلْتَها وَرَقَ الدّجى | سراعاً واغصان الازمة تجذب |
وَعُدْنَا بِهَا مَمْغُوطَة ً بِنُسُوعِها | كما صافح الارض السراء المعبب |
كَأنّ تَرَاجيعَ الحُداة ِ وَرَاءَهَا | صَفِيرٌ تَعاطَاهُ اليَرَاعُ المُثَقَّبُ |
وردن بها ماء الظلام سواغباً | وَللّيْلِ جَوٌّ بالدّرَارِيّ مُعْشِبُ |
تنفر ذود الطير عن وكراتها | فَكُلٌّ، إذا لاقَيْتَهُ، مُتَغَرِّبُ |
وتلتذ رشف الماء رنقاً كأنه | مَعَ العِزّ ثَغْرٌ بَارِدُ الظَّلْمِ أشْنَبُ |
اذعنا له سر الكرى من عيوننا | وسر العلى بين الجوانح يحجب |
حرام على المجد ابتسامي لقربه | وما هزني فيه العناء المقطب |
تَهُرّ ظُنُوني في المَآرِبِ إرْبَة ٌ | ويجنب عزمي في المطالب مطلب |
ودهماء من ليل التمام قطعتها | أُغَنّي حِداءً، وَالمَرَاسِيلُ تَطرَبُ |
وَلَوْ شِئْتُ غَنّتْني الحَمامُ عَشِيّة ً | ولكنني من ماء عيني اشرب |
أقولُ إذا خاضَ السّميرانِ في الدّجى | أحَاديثَ تَبدُو طَالِعَاتٍ وَتَغْرُبُ |
الا غنياني بالحديث فانني | رأيت الذ القول ما كان يطرب |
غناء اذا خاض المسامع لم يكن | اميناًعلى جلبابه المتجلبب |
وَنَشوَانَ مِنْ خمرِ النعاسِ ذَعَرْتُه | وَطَيفُ الكَرَى في العينِ يطفو وَيرْسُبُ |
له مقلة يستنزل النوم جفنها | إلَيْهِ كمَا استَرْخى على النّجمِ هيدبُ |
سَلكتُ فِجاجَ الأرْضِ غُفلاً وَمَعلماً | تجد بها ايدي المطايا وتلعب |
وما شهوتي لوم الرفيق وانما | كما يَلتقي في السّيرِ ظِلفٌ وَمِخلَبُ |
عَجِبْتُ لغَيرِي كَيفَ سَايَرَ نجمَها | وَسَيرِيَ فيها، يا ابنَة َ القَوْمِ، أعجَبُ |
أسِيرُ وَسَرْجي بالنّجَادِ مُقَلَّدٌ | وَأثْوِي وَبَيْتي بالعَوَالي مُطَنَّبُ |
وَمَصْقُولَة ِ الأعطافِ في جَنَباتِهَا | مراح لاطراف العوالي وملعب |
تجر على متن الطريق عجاجة | يطارحها قرن من الشمس اعضب |
نهار بلألاء السيوف مفضض | وَجَوٌّ بحَمْرَاءِ الأنَابِيبِ مُذْهَبُ |
ترى اليوم محمر الخوافي كانما | عَلى الجَوّ غَرْبٌ مِنْ دَمٍ يَتَصَبّبُ |
صدمنا بها الاعداء والليل ضارب | بارواقه جون الملاطين اخطب |
أخَذْنَا عَلَيْهِمْ بالصّوَارِمِ وَالقَنَا | وَرَاعي نُجُومِ اللّيلِ حَيرَانُ مُغرِبُ |
فلو كان امراً ثابتاً عقلوا له | وَلَكِنّهُ الأمْرُ الذي لا يُجَرَّبُ |
يُرَاعُونَ إسْفَارَ الصّبَاحِ، وَإنّمَا | وراء لثام الليل يوم عصبصب |
وكل ثقيل الصدر من جلب القنا | خفيف الشوى والموت عجلان مقرب |
يجم اذا ما استرعف الكر جهده | كمَا جَمّتِ الغُدرَانُ وَالمَاءُ يَنضُبُ |
وما الخيل الا كالقداح نجيلها | لغُنمٍ، فَإمّا فَائِزٌ أوْ مُخَيَّبُ |
دعوا شرف الاحساب يا آل ظالم | فلا الماء مورود ولا الترب طيب |
لَئِنْ كُنْتُمُ في آلِ فِهْرٍ كَوَاكِباً | إذا غاضَ منها كوْكَبٌ فاضَ كوكبُ |
فنعتي كنعت البدر ينسب بينكم | جَهاراً، وَمَا كلّ الكَوَاكِبِ تُنسَبُ |
صحبتم خضاب الزاعبيات ناصلاً | ومن علق الاقران ما لا يخضب |
أُهَذِّبُ في مَدْحِ اللّئَامِ خوَاطِرِي | فاصدق في حسن المعاني واكذب |
وَمَا المَدْحُ إلاّ في النّبيّ وَآلِهِ | يرام وبعض القول ما يتجنب |
وَأوْلى بِمَدْحي مَنْ أعِزُّ بفَخْرِهِ | وَلا يَشْكُرُ النّعمَاءَ إلاّ المُهَذَّبُ |
ارى الشعر فيهم باقياً وكانما | تُحَلِّقُ بالأشْعارِ عَنقَاءُ مُغرِبُ |
وقالوا عجيب عجب مثلي بنفسه | واين على الايام مثل ابي اب |
لعمرك ما اعجبت الا بمدحهم | وَيُحْسَبُ أنّي بالقَصَائِدِ مُعجَبُ |
اعد لفخري في المقام محمدا | وَأدْعُو عَلِيّاً للعُلَى حينَ أرْكَبُ |