بود الرذايا أنها في السوابق
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
بود الرذايا أنها في السوابق | وكم للعلى من طالب غير لاحق |
وَفي شِدّة ِ الدّهرِ اعتِبَارٌ لعَاقِلٍ | وَفي لَذّة ِ الدّنْيَا غُرُورٌ لِوَاثِقِ |
أرى العيش أياماً تمر وليثنا | نباعد من أحداثها والبوائق |
شَهِيٌّ إلى النّاسِ النّجَاءُ من الرّدى | وَلا عُنْقَ إلاّ وَهْيَ في فِترِ خَانِقِ |
وأكثر من شاورته غير حازم | وأكثر من صاحبت غير الموافق |
مستريح من الجوى | كاذب الود ماذق |
ـلُّ غَيرُ المُوَافِقِ | من جميع الخلائق |
إذا أنت فتشت القلوب وجدتها | قُلوبَ الأعادي في جُسومِ الأصَادِقِ |
وعندي من الود الذي لا يشوبه | لحَاظُ المُرَائي أوْ كَلامُ المُنَافِقِ |
أُغالِطُ نَفسِي بَعدَ مَرْأًى وَمَسمَعٍ | ولا أنظر الدنيا بعين الحقائق |
عَلى أنّني أدرِي، إذا كَانَ قَائِدي | بَقائي، فإنّ المَوْتَ لا شَكّ سائقي |
وما جمعي الأموال إلا غنيمة | لمن عاش بعدي واتهاماً لرازقي |
تَنَفّسَ في رَأسِي بَيَاضٌ كَأنّهُ | صِقَالُ تَرَاقٍ في النّصُولِ الرّوَانِقِ |
وما جزعي إن حال لون وإنما | أرى الشيب عضباً قاطعاً حبل عاتقي |
فَمَا لي أذُمّ الغَادِرِينَ، وَإنّمَا | شبابي أدنى غادر بي وماذق |
وَمَنْ ليَ أنْ يَبقَى بَياضُ المَفارِقِ | |
وَإنّ وَرَاءَ الشّيبِ مَا لا أجُوزُهُ | بِعَائِقَة ٍ تُنْسِي جَميعَ العَوَائِقِ |
وَلَيسَ نَهَارُ الشّيبِ عِندي بمُزْمعٍ | رجوعاً إلى ليل الشباب الغرانق |
وما العز إلا غزوك الحي بالقنا | وربط المذاكي في خدور العواتق |
وَإغمادُكَ الأسيَافَ في كُلّ هَامَة ٍ | وركزك أطراف القنا في الحمالق |
ولا ترتضي أن تدنس العرض ساعة | ومشيك في ثوب من الزين رائق |
فللعز ما أدنى لياني من القنا | وَأكرَهَ رُمحي في صُدُورِ الفَيَالِقِ |
سقى الله نفساً ما أضر بقاؤها | بجِسْمي، وَأغرَاها بما كانَ عَارِقي |
تُكَلّفُني سَيراً إلى غَيرِ غَايَة ٍ | مضرّاً بأبناء الجديل ولاحق |
وليل كعين الظبى إلا نجومه | |
جرياً على الظلماءِ حتى كأنني | أرَاهَا بِألحَاظِ الرّزَايَا الطّوَارِقِ |
وَرَكْبٍ أنَاخُوا سَاعَة ً، فتَناهَبُوا | ثرى البيد في أعضادهم والمرافق |
وساروا بأيدي العيس عجلى كأنها | خراطم أقلام جرت في المهارق |
وما أنا ممن يضجر السير قلبه | وتذكره الأمواه حر الودائق |
ولكن شريك الوحش في كل مهمة | وَرِدْفُ اللّيَالي في الرُّبَى وَالأبَارِقِ |
رعى الله من فارقت من غير رغبة | عَلى الوَجدِ منّي وَالسّقَامِ المُطابِقِ |
يُبَاعِدُ عَنّي مَنْ غَرَامي لأجْلِهِ | وَيَقرُبُ مِنْ قَلْبي لَهُ غَيرُ وَامِقِ |
إذا شئت أن لا تهجر الهم فاغترب | وَإنْ شِئتَ أنْ يَأتي الحِمَامُ فَفارِقِ |
فكُلُّ غَرِيبٍ يَألَفُ الهَمُّ قَلبَهُ | وَلا سِيّمَا قَلْبُ الغَرِيبِ المُفَارِقِ |
فكيف بطرف لحظه لحظ مدنف | سقيم وجسم قلبه قلب عاشق |
إذا كنتُ ممّن يجحدُ الشّوْقَ في النّوَى | فكَم فاضَ دَمعي مِن حَنينِ الأيانقِ |
وَكَمْ أنَا وَقّافٌ عَلى كُلّ مَنزِلٍ | وَكَمْ أنَا مُرْتَاحٌ إلى كُلّ بَارِقِ |
أحِنُّ إلى مَنْ لا يَحِنّ صَبَابَة ً | وما واجد قلباً مشوق وشائق |
وعندي من الأحباب كل عظيمة | تزهد في قرب الضجيع المعانق |
تعطلت الأحشاء من كل أنَّة | فلا القرب يضنيني ولا البعد شائقي |
وَمَا في الغَوَاني مِنْ سُرُورٍ لنَاظِرٍ | وَلا في الخُزَامَى مِنْ نَسيمٍ لنَاشِقِ |
رمى الله بي من هذه الأرض غيرها | وقطع من هذا الأنام علائقي |
فكَمْ فيهِمُ مِنْ وَاعِدٍ غَيرِ مُنجزٍ | وكم فيهم من قائل غير صادق |
يَظُنّونَ أنّ المَجدَ فيمَنْ لهُ الغِنى | وَأنّ جَميعَ العِلمِ فَضْلُ التّشادُق |
وَفَاءٌ كأُنْبُوبِ اليَرَاعِ لصَاحِبٍ | وَغَدْرٌ كأطْرَافِ الرّماحِ الزّوَالِقِ |
ولولا ابن موسى لم يكن في زماننا | معاذ لجان أو محل لطارق |
ولا دبَّرت سمر القنا كف فارس | ولا مد في رزق المنى باع رازق |
تَغَمّدَنَا مِنْ كُلّ أرْضٍ بنفحَة ٍ | وأمطرنا من كل جوّ بوادق |
إذا همّ لم يبعد به زجر زاجر | وإن ثار لم يعطف به نعق ناعق |
وإن رام أملاك البلاد بفتكة | مَشَى الذُّلُّ في تيجَانِها وَالمَناطِقِ |
لَهُ العِزُّ وَالمَجْدُ التّليدُ وِرَاثَة ً | وَأخذاً عنِ البِيضِ الظُّبَى وَالسّوَابِقِ |
وما زال يلقى كل غبراء فخمة | تغالى بأطراف القنا والعقائق |
وما برحت في عصر سيوفه | مواضع تيجان الرجال البطارق |
يُجَرّدُهَا مِثلَ الأقاحي عَلى الطُّلى | ويغمدها محمرة كالشقائق |
تُبَلّغُهُ أقصَى الأمَاني رِمَاحُهُ | وَآرَاؤهُ، وَالرّأيُ أمضَى مُرَافِقِ |
وَخَيلٍ كأطرَافِ العَوَالي جَرِيئَة ٍ | على الطعن مسقاة دماء الموارق |
إذا عن طرد أو طراد تبادرت | طِرَادَ الأعَادي قَبلَ طَرْدِ الوَسائِقِ |
تُدِيرُ عُيُوناً بَدّدَ الرّوْعَ لحظَها | وَغَطّى مَآقيهَا غُبَارُ السَّمَالِقِ |
نَوَاصِبِ آذانٍ إلى كُلّ نَبْأة ٍ | طَوَامِحِ ألحَاظٍ إلى كُلّ مَارِقِ |
ذَوَاكِرَ للنّجْوَى بيَوْمٍ طِعَانُهُ | ينسي رؤوس الخيل جذب العلائق |
تروع جنان الليث إن لم تذمه | وتطعن في الأقران إن لم تعانق |
هنيئاً لك العيد المضاعف سعده | كمَا ضَاعَفَ الوَسميُّ نَبْتَ الحَدائِقِ |
وَكَمْ مثلِ هذا العيدِ قَضّيتَ فَرْضَه | بمكة في ظل البنود الخوافق |
وَقُدْتَ إلَيهِ العِيسَ عَجلى مَرُوعَة ً | تَنَاهَزُ في أنْماطِهَا وَالنّمارِقِ |
مُدَفَّعَة ً تَحتَ السّيَاطِ كَأنّهَا | إذا جَنّتِ الظّلماءُ، أيدي النّقَانِقِ |
ويعنتها الحادون أو توسع الخطا | إلى قرب دار الموقف المتضائق |
وأي مقام للورى تحت ظله | مَهيبٍ يُطَاطي مِن عُيُونِ الحَدائِقِ |
وأكثر ما تلقى به العين أو ترى | إفَاضَة مَخلُوقٍ إلى قُرْبِ خَالِقِ |
ثَمَانِينَ أعطَيتَ المُنى في مُرُورِهَا | وَلمْ تَرْمِ عَنْ مَسرَاكَ فيها بعَائِقِ |
وَأكبرُ ظَنّي أنْ أرَى مِنكَ عارِضاً | يُؤمّمُهَا في مِثْلِ تِلْكَ البَوَارِقِ |
أبَا أحْمَدٍ هَذا طِلابي، وَهَذِهِ | مناي التي أمتك دون الخلائق |
وَإنّي لأرْجُو منكَ مَا لا أُذِيعُهُ | مخافة واش أو عدو مماذق |
وَلا بُدّ مِنْ يَوْمٍ حَمِيدٍ، كأنّهُ | مِنَ النّقعِ في أثنَاءِ بُرْدٍ شَبَارِقِ |
عظيم دوي الصوت في سمع سامع | بعيد سماع الصوت من نطق ناطق |
أعدّ عناي فيه روحاً وراحة | وَكَمْ سَعَة ٍ للمَرْءِ غِبَّ المَضَائِقِ |
وَهَذا مَقَالي فيكَ غَيثٌ، وَرُبّمَا | رميت العدا من وقعه بالصواعق |
إذا أنتَ يَوْماً سِمْتَنِيهِ، فإنّمَا | تُكَلّفُني قَطْعَ الذّرَى وَالشّوَاهِقِ |
وَحَسبُكَ منهُ ما رَضِيتَ استِمَاعَهُ | وأكثر ما في الناس لغو المناطق |