أغَدْراً يا زَمَانُ وَيا شَبَابُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أغَدْراً يا زَمَانُ وَيا شَبَابُ | اصاب بذا لقد عظم المصاب |
وما جزعي لان غرب التصابي | وَحَلّقَ عَنْ مَفَارِقيَ الغُرَابُ |
فَقَبْلَ الشّيْبِ أسْلَفْتُ الغَوَاني | قلى ً وامالني عنها اجتناب |
عفَفتُ عنِ الحِسانِ، فلَم يرُعني | المشيب ولم ينزقني الشباب |
تجاذبني يد الايام نفسي | ويوشك ان يكون لها الغلاب |
وَتَغدُرُ بي الأقارِبُ وَالأداني | فلا عجب اذا غدر الصحاب |
نهضت وقد قعدن بي الليالي | فلا خيل أعنَّ ولا ركاب |
وما ذنبي اذا اتفقت خطوب | مُغَالِبَة ٌ، وَأيّامٌ غِضَابُ |
وَآمُلُ أنْ تَقي الأيّامُ نَفْسِي | وَفي جَنْبي لهَا ظِفْرٌ وَنَابُ |
فما لي والمقام على رجال | دَعَتْ بهمُ المَطامعُ، فاستَجابُوا |
وَلمْ أرَ كالرّجَاءِ اليَوْمَ شَيْئاً | تذل له الجماجم والرقاب |
وَكَانَ الغَبْنُ لَوْ ذَلّوا وَنَالُوا | فكَيْفَ إذاً وَقَدْ ذَلّوا وَخَابُوا |
يُرِيدُونَ الغِنَى ، وَالفَقْرُ خَيْرٌ | اذا ما الذل اعقبه الطلاب |
وَبَعْضُ العُدْمِ مَأثَرَة ٌ وَفَخْرٌ | وَبَعضُ المَالِ مَنقَصَة ٌ وَعَابُ |
بناني والعنان اذا نبت بي | رُبَى أرْضٍ وَرَحْلي وَالرّكَابُ |
وَسَابِغَة ٌ كَأنّ السّرْدَ فيهَا | زلال الماء لمعه الحباب |
من اللآئي يماط العيب عنها | إذا نُثِلَتْ لَدَى الرّوْعِ العِيابُ |
اذا ادرعت تجنبت المواضي | معاجمها وقهقهت الكعاب |
وَمُشْرِفَة ُ القَذالِ تَمُرّ رَهْواً | كمَا عَسَلَتْ على القاعِ الذّئَابُ |
مجلية تشق بها يداها | كمَا جَلّى لِغَايَتِهِ العُقَابُ |
وَمَرْقَبَة ٍ رَبَأتُ عَلى ذُرَاهَا | وَللّيْلِ انْجِفَالٌ وَانْجِيَابُ |
بقرب النجم عالية الهوادي | يبيت على مناكبها السحاب |
إلى أن لوح الصبح انفتاقا | كمَا جُلّي عَنِ العَضْبِ القِرَابُ |
و قد عرفت توقلي المعالي | كمَا عَرَفَتْ تَوَقُّليَ العِقَابُ |
وَنَقْبِ ثَنِيّة ٍ سَدّدْتُ فيهَا | أصَمَّ كَأنّ لَهْذَمَهُ شِهَابُ |
لأِمْنَعَ جَانِباً وَأُفيدَ عِزّاً | وَعِزُّ المَرْءِ مَا عَزَّ الجَنَابُ |
إذا هول دعاك فلا تهبه | فلم يبق الذين ابوا وهابوا |
كُلَيْبٌ عاقَصَتْهُ يَدٌ، وَأوْدَى | عُتَيْبَة ُ يَوْمَ أقْعَصَهُ ذُؤابُ |
سواء من اقل الترب منا | و من وارى معالمه التراب |
وَإنّ مُزَايِلَ العَيْشِ اختِصَاراً | مُسَاوٍ للّذينَ بَقُوا، فَشابُوا |
فاولنا العناء اذا طلعنا | إلى الدّنْيَا، وَآخرُنَا الذَّهَابُ |
إلى كَمْ ذا التّرَدّدُ في الأمَاني | وَكَمْ يُلْوِي بنَاظِرِيَ السّرَابُ |
و لا نقع يثار ولا قتام | و لا طعن يشب ولا ضراب |
و لا خيل معقدة النواصي | يَمُوجُ عَلى شَكَائِمِهَا اللُّعَابُ |
عليها كل ملتهب الحواشي | يُصِيبُ مِن العَدُوّ وَلا يُصَابُ |
أمَامَ مُجَلْجِلٍ كاللّيْلِ تَهوِي | أوَاخِرَهُ، الجَمَايلُ وَالقِبَابُ |
وَأينَ يَحِيدُ عَنْ مُضَرٍ عَدُوّ | اذا زخرت وعب لها العباب |
وَقدْ زَأدَتْ ضَرَاغِمُها الضّوَارِي | و قد هدرت مصاعبها الصعاب |
هنالك لا قريب يرد عنا | و لا نسب نيط بنا قراب |
سأخطبها بحد السيف فعلاً | إذا لمْ يُغْنِ قَوْلٌ، أوْ خِطَابُ |
وآخُذُهَا، وَإنْ رُغِمَتْ أُنُوفٌ | مُغالَبَة ً، وَإنْ ذَلّتْ رِقَابُ |
و إن مقام مثلي في الأعادي | مُقَامُ البَدْرِ تَنْبَحُهُ الكِلابُ |
رَمَوْني بِالعُيُوبِ مُلَفَّقَاتٍ | و قد علموا بأني لا أعاب |
و أني لا تدنسني المخازي | و أني لا يروعني السباب |
وَلَمّا لَمْ يُلاقُوا فيّ عَيْباً | كسوني من عيوبهم وعابوا |