التدرج سنة إلهية في جميع الرسالات السماوية
مدة
قراءة المادة :
14 دقائق
.
التدرج سنة إلهية في جميع الرسالات السماويةتمهيد:
إن التدرج سنةٌ ربَّانية إلهية في جميع الرسالات منذ نوح عليه السلام إلى خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وعليهم أجمعين، ولا عجبَ في ذلك؛ فإن جميع الرسالات جاءت من عند اللهِ الواحد الأحد، وجميعُ الرسل أرسَلهم الله تعالى ليُبلِّغوا للخلقِ رسالة واحدة، هي الإسلام، وليأمروا الناس بعبادةِ الله وحده لا شريك له، ونَبْذ عبادة الأصنام والأنداد، سواء كانت بشرية أو خشبية أو حجرية، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [النحل: 36].
ويبدأ الرسولُ صلى الله عليه وسلم دعوتَه إلى توحيد الله تعالى باللِّين وبالرفق، ويُقِيم الأدلة والبراهين، ويدعو بالترغيب قبل الترهيب، ثم ما يلبَثُ الملأُ أصحابُ المصالح الدنيوية بالتكذيب وإلقاء الاتهامات، وقيادة حملات التشكيك والطعن في بشرية الرسول، أو في صدقه، أو في نبل الغاية التي جاء لأجلها، فهذا رسولٌ يُتَّهَم بأنه في ضلال مبين، وهو نوح عليه السلام ﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الأعراف: 60].
وآخر يُتَّهم بالسفاهة والكذب، وهو هود عليه السلام ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الأعراف: 66]، وهؤلاء الملأ كما هم في كل عصر ومصر، يتَّهِمون موسى عليه السلام بأنه ساحر ﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 109]، كما اتَّهموا خاتم الأنبياء والمرسلين محمدًا صلى الله عليه وسلم بالجنون ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ [القلم: 51].
ومع هذا يواجِهُ الرسلُ صلوات الله عليهم أجمعين هذه الاتهاماتِ بالصبر وباللين وسَعة الصدر، والأمل في الهداية، وكلُّ هذا بتوجيهٍ من الله عز وجل.
يقول - عز وجل - لموسى عليه السلام حينما بعَثه إلى فرعون: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 43، 44].
ويأمر ربنا - عز وجل - نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالصبر في قوله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ [ق: 39].
ومع استمرار الدعوة وإقامة الحجة لا بد أن تأتي سُنَّة الله سبحانه، وهي الانتقام من المجرمين، ونجاة المؤمنين، ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ﴾ [الأنفال: 42].
فهذا نوح عليه السلام الذي بدأ دعوته بالرفق واللين والترغيب، وظلَّ يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، ولَمَّا يئِس من إيمان قومه دعا عليهم ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ﴾ [القمر: 10 - 13]، وأُهلِكوا بالغرق.
وهذا موسى عليه السلام الذي سلك مع فرعون وقومِه أسلوبَ اللين وسَعة الصدر، ومواجهة الإساءة بالإحسان في بادئ الأمر، إذا به عليه السلام في نهاية المطاف يقول لفرعون: ﴿ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ﴾ [الإسراء: 102]؛ أي هالكًا خاسرًا[1]، ودعا موسى عليه السلام على فرعون وملئِه: ﴿ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 88]، وأُهلِكوا كذلك بالغرق.
وهذا التدرُّج في سير الدعوة عامٌّ في جميع الرسالات، ما عدا الرسالة الخاتمة؛ إذ إن نبيَّها عليه الصلاة والسلام رحمة للعالَمين، فلم يَدْعُ على قومِه بالهلاك، بل دعا الله تعالى بالهداية لقومِه، كما دعا الله تعالى أن يُخرِجَ من أصلاب المكذِّبين به مَن يعبدُ الله ولا يشرك به شيئًا، واختار أن يصبرَ على قومِه ويدعوهم يومًا بيوم، كما سأبين ذلك بعون الله.
كانت مشيئة الله تعالى وقضاؤه لأمة خاتم الأنبياء والمرسلين ألا يكون عذابُها استئصالاً، بل هو عذاب من نوعٍ آخر مستمر إلى يوم القيامة طالما أن المسلمين ليسوا على منهج الدين القويم، جاء ذلك في قوله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنعام: 65].
ذكر الرازي في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: لَمَّا نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية، شق ذلك على الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: ((ما بقاء أمتي إن عوملوا بذلك؟))، فقال جبريل: ((إنما أنا عبدٌ مثلك، فادعُ ربَّك لأمتك))، فسأل ربه ألا يفعل بهم ذلك، فقال جبريل: ((إن الله قد أمَّنهم من خصلتين: ألا يبعث عليهم عذابًا من فوقِهم كما بعثه على قوم نوح ولوط، ولا من تحت أرجلهم كما خسف بقارون، ولم يُجِرْهم من أن يَلْبِسَهم شيعًا بالأهواء المختلفة، ويُذِيق بعضهم بأس بعض بالسيف))[2].
قلت: وهذا الحال لا يخفى على أحد، ولعلنا - معاشرَ المسلمين - ننتبه كي يرفع عنا الله تعالى هذا العذاب، ونجتمع على الإسلام، ونعتصم بحبل الله تعالى، ونترك الأهواء، ونتجرَّد لله عز وجل.
إن الذنوب والمعاصي هي سبب البلاء، فما من مصيبةٍ إلا بذنب، ولا تُرفَع إلا بتوبة، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، وقال - عز وجل -: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 79].
يقول ابن كثير - رحمه الله -:
﴿ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾؛ أي: فمِن قِبَلِك، ومن عملك، والخطاب للرسول، والمراد جنس الإنسان[3].
كذلك ومما تجدر الإشارة إليه أن الكفر وحدَه ليس سببًا للهلاك أو العذاب، إلا أن يضاف إليه الظلم والفساد، نجد ذلك في قوله تعالى: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 116].
يقول الرازي - رحمه الله -:
"اعلم أنه تعالى لَمَّا بيَّن أن الأمم المتقدِّمين حل بهم عذاب الاستئصال، بيَّن أن السبب فيه أمران:
السبب الأول: أنه ما كان فيهم قوم ينهَون عن الفساد في الأرض، فقال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ ﴾، والمعنى: فهلاَّ كان.
السبب الثاني: قوله تعالى: ﴿ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ ﴾، والترفه: النعمة، والمُترَف الذي أبطرته النعمة وسَعة المعيشة، وأراد بالذين ظلموا تاركي النهي عن المنكرات؛ أي: لم يهتمُّوا بما هو ركنٌ عظيم من أركان الدين، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واتَّبعوا طلب الشهوات واللذَّات، واشتغلوا بتحصيل الرياسات، ثم قال تعالى: ﴿ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾"[4]، وهذا علم نفيس، وفهم عميق!
وجدير بالذكر أيضًا أن ترك النهي عن فعلِ المنكر والتواطؤ على ذلك مما يجلب لعنةَ الله وغضبه، قال تعالى: ﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 79].
هذا، ويَخرُج من العقوبة - ولا ينالهم العذاب - المُصلِحون والناهون عن المنكر، فهم أهل النجاة، وهذه سنة الله تعالى؛ قال - عز وجل -: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117]، ولم يقل: صالحون!
وقال - عز وجل -: ﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف: 164، 165].
وحينما يأتي الهلاك، فإنه لا يأتي فجأة، بل تسبقه مراحل وبتدرج حسب سنة الله تعالى في الإهلاك.
التدرج في الهلاك:
وسنة الله تعالى تقوم على العدل ورفض الظلم، ومن عدلِه تعالى المطلَقِ أنه لا يُهلِك قومًا إلا بعد تحقُّق المراحل الآتية: الإنذار، ثم الإمهال، ثم الاستدراج، ثم الاستحقاق، ثم الكشف، ثم الميعاد، ثم سنة الإهلاك الفعلي[5].
نجد ذلك في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 42 - 45].
فنجد الإنذار في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا ﴾، يقول الرازي: في الآية محذوف، والتقدير: ولقد أرسلنا رسلاً[6]؛ أي: لإنذار قومهم.
والإمهال في قوله تعالى: ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ...
﴾.
ثم الاستدراج في قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا ﴾ [الأنعام: 44]، وفيها كذلك الكشف والإهلاك الفعلي في بقية الآية ﴿ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾.
ونجد سنة الميعاد في قوله تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 59].
ونجد سنة الاستحقاق الفعلي في قوله تعالى: ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴾ [الشمس: 14، 15]، فكان التكذيب مضافًا إليه الإفساد والطغيان أسبابًا كافية لاستحقاق العذاب والإهلاك، ونلاحظ تَكرار (الفاء)، والتي تفيد الترتيب والتعقيب؛ لبيان أن العذاب مترتِّب على ما سبقه من فساد وطغيان، كما نجد كذلك سنة الميعاد في قوله تعالى: ﴿ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ﴾ [هود: 65]، ثم سنة الإهلاك الفعلي وعبَّر عنها في سورة الحاقة بقوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ﴾ [الحاقة: 5].
فالتدرج إذًا قانون إلهي، وسنة ربانية في جميع الرسالات؛ كي يقتفي الدعاة أثر الأنبياء والمرسلين في تبليغ الدعوة وإنذار الناس، سالكين مدارج السائرين إلى منازل "العبودية"، فإن الغاية التي من أجلها خَلَقَ الله تعالى الخَلْقَ، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب، هي تحقيق العبودية لله - عز وجل - في الأرض، ولن يتحقق ذلك إلا باتباع سبيل النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ خاتم الأنبياء والمرسلين، وقدوة الدعاة والمصلحين، وإمام المتقين والمجاهدين.
وسوف نبيِّن بعونِ لله تعالى – فيما هو قادم من مقالات وبحوث - سنةَ التدرُّج في دعوةِ بعض الأنبياء السابقين، وأذكر منهم أربعة: • نوح عليه السلام.
• إبراهيم عليه السلام.
• موسى عليه السلام.
• خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.
من كتاب: "خصيصة التدرج في الدعوة إلى الله (فقه التدرج)"
[1] مفاتيح الغيب، جزء10 ص220.
[2] مفاتيح الغيب؛ للإمام الرازي، دار الغد العربي 1412هـ / 1992م، جزء 6 ص359.
[3] تفسير القرآن العظيم، جزء 1 ص 528 الحلبي.
[4] مفاتيح الغيب، جزء 8 ص 633.
[5] قدر الدعوة؛ أ.
رفاعي سرور ص 84، مكتبة الحرمين 1992م.
[6] مفاتيح الغيب، جزء 6 ص311.