إجابات على تساؤلات


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إخواني: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً على طاعة الله، وأن يعقبه مغفرة من الله، وأن تنزل علينا فيه ملائكة الله، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المقبولين عنده، ومن الذين رفع درجتهم وغفر ذنوبهم، وأبدل سيئاتهم حسنات.

إخواني: إن الله عز وجل خلق عقل الإنسان، ومن حكمته سبحانه وتعالى أن جعل هذا الإنسان يفكر، وأن ترد على ذهنه الأسئلة التي تثير عنده حب المعرفة والتعلم، ولولا استثارة الذهن لفقد الإنسان جزءاً كبيراً من علمه؛ لأن الإنسان يتعلم بالتلقي والتلقين، ولكنه أيضاً يتعلم بطريقة السؤال، ولذلك يقول أحد السلف رحمه الله: العلوم خزائن والسؤالات مفاتيحها، والعقل المتوقد هو الذي لا تمر به الأمور هكذا، ويتلقى أي شيء يسمعه أو يقال له من دون قناعة ولا دليل ولا تساؤل، والإنسان البليد هو الذي يقبل كل شيء بغير تروٍ وبغير تساؤل ودليل، وبغير محاولة للتفهم والاقتناع بما يسمع وبما يقال له أو بما يقرأ.

ونحن قد خصصنا هذا الدرس للإجابة على تساؤلات دارت في أذهان البعض، وأسئلة متراكمة كثيرة من المرات السابقة، ولعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيها الفائدة لنا جميعاً، وبعض هذه الأسئلة أسئلة تصورية، وبعضها فقهية عن الأحكام الشرعية، وأيضاً هناك أسئلة تتعلق بمشكلات اجتماعية موجودة في الواقع الذي نحيا فيه.

السؤال: يقول: هل القاعدة التي تقول: لا إنكار في مسائل الخلاف، هل هي قاعدة صحيحة أم لا؟

الجواب: هذه المقولة تتردد على ألسنة الكثيرين، فإذا حصل خلاف في مسألة يقوم واحد ويقول: لا إنكار في مسائل الخلاف، ودع الناس كل واحد يأخذ بالقول الذي يرتاح إليه ويعجبه، ولا تنكر على أحد، وكل واحد معذور في فناعاته التي وصل إليها.

ونقول أيها الإخوة: إن فهم هؤلاء الناس الذين يقولون بهذا فيه خطأ كبير، فإن القاعدة الصحيحة أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد، لا أنه لا إنكار في مسائل الخلاف، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: إذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً شائعاً وجب إنكاره اتفاقاً، وإذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع، وللاجتهاد فيها مساغ لم تنكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً، وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف ممن ليس لهم تحقيق في العلم، والصواب ما عليه الأئمة؛ أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً، مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ فيها.

والمعنى: أن بعض الناس يقول: أي مسألة حصل فيها خلاف فلا مشكلة، فإذا حصل خلاف مثلاً في مسألة الوضوء من لحم الإبل فلا إشكال، فالذي يرى أن الوضوء من لحم الإبل يجب وجب عليه أن يتوضأ، والذي لا يرى الوضوء من لحم الإبل فلا يجب عليه أن يتوضأ، والذي يرى أن الزكاة في حلي الذهب واجبة عليه زكاه، والذي لا يرى أنها واجبة فليس عليه ذلك، وهكذا.

ونقول: ليس هذا صحيحاً على إطلاقه؛ لأن بعض المسائل فيها خلاف، وقلما تجد مسألة ليس فيها خلاف، صحيح أن هناك طائفة كبيرة من المسائل ليس فيها خلاف، لكن الناس الذين يتبعون الرخص يبحثون عن أسهل قولٍ في المسألة، فيقال له: القول الفلاني، فيقول: إذاً.. أتبعه، ومن ثم إذا جئت تنكر عليه، يقول: لا يا أخي، هذه مسألة اختلف فيها العلماء، وأنا حر، أخذت بالقول الذي أريده، والقول الذي أرتاح له فلا تنكر عليّ.

ونقول: ليست القاعدة الصحيحة أنه لا إنكار في مسائل الخلاف، وإنما القاعدة الصحيحة لا إنكار في مسائل الاجتهاد، والفرق أن المسائل التي فيها دليل قطعي فحتى لو حصل فيها خلاف فالخلاف هنا غير معتبر، أما إذا حصل خلاف في مسألة اجتهادية ليس فيها دليل قطعي، ولا سنة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا إجماع من العلماء، وهي في مجال الاجتهاد فنقول هنا: نتباحث ونتناقش لكن لا ينكر أحد على أحد.

قد يقول إنسان: هل هناك مسائل حدث فيها خلاف بين أهل العلم وفيها دليل واضح؟

نقول: نعم. هناك مسائل كثيرة ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى، قال: والمسائل التي اختلف فيها السلف والخلف، وقد تيقنا صحة أحد القولين في كثير، مثل: كون الحامل تعتد بوضع الحمل.

قبل أيام جاء سؤال: امرأة حامل مات زوجها في الصباح وولدت في الليل، كم عدتها؟

والجواب: بمجرد وضع الحمل تنتهي العدة، قال تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4].

ومثل: إن إصابة الزوج الثاني شرط في حلها للأول فيمن طلق زوجته طلقة ثالثة بائنة وتزوجها رجل آخر، فلا تحل للأول حتى يصيبها الزوج الثاني، وعدم إصابة الزوج الثاني وتطليقها ليتزوجها الأول وهو المعروف بالتيس المستعار (لعن الله المحلل والمحلل له).

ومثل: أن الغسل يجب بمجرد الإيلاج وإن لم ينزل.

وقد حصل فيها خلاف، ولكن الدليل وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (وإن جهدها فقد وجب عليه الغسل أنزل أو لم ينزل).

وإن المتعة حرام، فزواج المتعة حصل فيه خلاف، لكن الأدلة واضحة على أن زواج المتعة حرام، فلا يأتي واحد يقول: أنا حر والمسألة فيها خلاف، ويأخذ بجواز نكاح المتعة، نقول له: خطأ ولا يجوز، والخلاف فيها غير معتبر، والدليل فيها واضح.

وأن المسح على الخفين جائز حضراً وسفراً، وأن السنة في الركوع وضع اليدين على الركبتين دون تطبيق اليدين ووضعهما بين الفخذين كما ورد ذلك وقد نسخ، وأن رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه سنة، وأن المحرم له استدامة الطيب دون ابتدائه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رئي وبيص الطيب في مفرق رأسه وهو محرم؛ لأنه كان قد وضعه قبل الإحرام، فإذا أحرم وعليه الطيب فلا يلزمه غسله، لكن لا يجوز أن يضع طيباً جديداً بعد الإحرام.

وأضعاف أضعاف ذلك من المسائل.

ولا عذر عند الله يوم القيامة لمن بلغه ما في المسألة من هذا الباب وغيره من الأحاديث والآثار التي لا معارض لها، لا عذر له عند الله إذا نبذه وراءه ظهريا، وقلد من نهاه عن تقليده، وقال له: لا يحل لك أن تقول بقولي إذا خالف السنة، وهذه مشكلة متعصبة المذاهب، يقيمون على أقوال في مذاهبهم مخالفة للدليل، ويقول لك: قال إمامي، نقول: إمامك يقول: إذا رأيت الدليل يخالف قولي فاضرب بقولي عرض الحائط وخذ بالدليل.

وهذه أيضاً مشكلة بعض الإسلاميين الذين يعتقدون أن المجال واسع في الاختلاف، وأن هناك مجالس لوحدة المسلمين، أو لوحدة المنتسبين إلى الإسلام من أهل القبلة وغيرهم؛ فيقال: نتفق على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، وهذه القاعدة كما ذكر الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله ليست من قواعد أهل السنة والجماعة ، ولا تعرف أنها من قواعد أهل السنة والجماعة ، وإنما نتفق على الأصول الصحيحة من الكتاب والسنة في أبواب العقيدة واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وغيرها من الأشياء، ولا نقول: هذا مبتدع وأنا من أهل السنة، ونحن نؤمن بوجود الله، إذاً نجتمع على وجود الله، ولا يمكن أن ينصر الله خليطاً فيهم هذه الأجناس وهذه التفكيرات العجيبة والقناعات اللاشرعية.

السؤال: هل صحيح أن الثواب على قدر المشقة أم لا؟

الجواب: هذه قناعة عند بعض الناس، يقول: أن الثواب على قدر المشقة.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومما ينبغي أن يعرف أن الله ليس رضاه أو محبته في مجرد عذاب النفس، حتى يكون العمل كلما كان أشق كان أفضل، كما يحسب كثير من الجهال أن الأجر على قدر المشقة في كل شيء، لا. ولكن الأجر على قدر منفعة العمل، ومصلحته، وفائدته، وعلى قدر طاعة أمر الله ورسوله، فأي العملين كان أحسن، وصاحبه أطوع وأتبع كان أفضل من العمل الآخر، فإن الأعمال لا تتفاضل بالكثرة، وإنما تتفاضل بما يحصل في القلوب حال العمل، ولهذا لما نذرت أخت عقبة بن عامر أن تحج ماشية حافية منعها النبي صلى الله عليه وسلم وقال لأخيها: (إن الله لغني عن تعذيب أختك نفسها، مرها فلتركب).

وكذلك حديث جويرية وقد دخل عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ضحى، ثم دخل عليها عشية، -أي: عند الظهر- فوجدها على تلك الحال، قال لها: أما زلت على تلك الحال التي فارقتك عليها؟ فقالت: نعم. فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لرجحت، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته) فهذه أربع كلمات قالها ثلاث مرات، كانت أرجح من تسبيح جويرية من الضحى إلى العشي.

فإذاً ليس الثواب على قدر المشقة دائماً، وإنما تتفاوت الأجور بتفاوت قرب العمل من الله ورسوله، والإخلاص فيه، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وكلما كان العمل أخلص، ومتابعة صاحبه أكثر كلما كان أفضل، وليست المسألة بالمشقة دائماً، صحيح أن الذي يكثر من صيام النفل -وفيه مشقة- أفضل من الذي لا يصوم النفل، لكن هذه ليست قاعدة مضطردة.

صحيح أن الذي يقوم الليل أطول، يكون أفضل من الذي لا يقوم نهائياً أو يقوم خمس دقائق، لكن ليس هذه قاعدة على إطلاقها كما ذكرنا.

مثال آخر: لو صلى إنسان في ليلة ألف ركعة، وصلَّى آخر إحدى عشرة ركعة متأنياً متمهلاً، فمن هو الأفضل؟ الذي صلّى إحدى عشرة ركعة، نقول: الرسول صلى الله عليه وسلم صلى إحدى عشرة فقط أو ثلاث عشرة ولم يصلِّ ألفاً، فليست المسألة مسألة زيادة فقط، وإنما مسألة إخلاص ومتابعة.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وأصل ذلك أن يعلم أن الله لم يأمرنا إلا بما فيه صلاحنا، ولم ينهنا إلا عما فيه فسادنا، ولهذا يثني الله على العمل الصالح، ويأمر بالصلاح والإصلاح وينهى عن الفساد.

فالله سبحانه إنما حرم علينا الخبائث؛ لما فيها من المضرة والفساد، وأمرنا بالأعمال الصالحة؛ لما فيها من المنفعة والصلاح لنا، وقد لا تحصل هذه الأعمال إلا بالمشقة.

أي: حتى لا يأتي من يقول: إذاً ليس هناك داعي لأن نشق على أنفسنا، بل علينا أن نريحها، وعليه فلا داعي لأن نجاهد أو نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ولا أ، نسهر لطلب العلم؛ لأنه مشقة، فنقول: لا. هناك أعمال فرضها الله لا تنال إلا بالمشقة.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله: وقد لا تحصل هذه الأعمال إلا بمشقة كالجهاد، والحج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلب العلم، فيحتمل تلك المشقة، ويثاب عليها لما يعقبه من المنفعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعائشة لما اعتمرت من التنعيم عام حجة الوداع: (أجرك على قدر نصبك) النصب: التعب، وأما إذا كانت فائدة العمل لا تقاوم مشقته، أي: أن فائدة العمل والمنفعة أقل من المشقة التي فيه، فهذا فساد والله لا يحب الفساد.

والأمر المشروع المسنون مبناه على العدل والاقتصاد والتوسط الذي هو خير الأمور، مثل الفردوس، وسط الجنة وأعلى الجنة، فإذاً الأعلى والأفضل والأكمل هو أواسط الأمور، لا إفراط ولا تفريط.

السؤال: ما سبب الوحشة التي تحدث بين الإخوان في الله؟

الجواب: هذا السؤال -أيها الإخوة- له نصيب كبير من الواقع، ولابد أن يتساءل الإنسان الذي يحدث بينه وبين بعض إخوانه نفور، لماذا يحدث هذا النفور؟ وما هي الأسباب؟

فنقول: إن من الأسباب التي تُوجِد النفرة بين قلوب الإخوة متعددة فمنها:

أولاً: المعاصي، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ما تواد اثنان في الله فيفَرَّق بينهما إلا بذنب أحدثه أحدهما أو كلاهما) فالمعاصي سبب للتفريق بين الإخوان، وسبب لتفرق الكلمة وضعف الصف، لذلك كان يحرص قادة الجيوش الإسلامية أن يبعدوا الجنود عن المعاصي؛ لأنه سهل على الأعداء اختراق الصف الذي تملأه المعصية، ولذلك ورد عن بعضهم أنه قال: لأنا أخوف على الجنود من المعاصي أكثر من الأعداء.

والصف الإسلامي في حالة مقاومة ومجابهة للباطل، ولذلك فهو يحتاج إلى وحدة واعتصام بالكتاب والسنة، حتى لا يحصل التفرق والتنابذ والتفسخ بين أفراد الصف الإسلامي.

ثانياً: ومن أسباب النفور بين الإخوة كذلك: عدم القيام بحقوقهم:

فحقوق الإخوة كثيرة، وإذا قصر بعضهم في حقوق إخوانهم الآخرين حصلت بسبب ذلك الفرقة، فمن ذلك مثلاً تقصير بعضهم في السؤال عن أحوال البعض الآخر، وفي تفقد شئون البعض الآخر، ومساندة ودعم بعضهم الآخر في حال الضائقة والملمات، فعندما ينظر الواحد ويرى أن أخاه قد أعرض عنه ولم يسأل عن حاله، وأنه وقع في ضائقة ولم يجد من ينقذه؛ فإن هذا يسبب نفرة بلا شك.

ثالثاً: كذلك من الأسباب التي يحصل بسببها الشقاق بين الإخوة: إساءة الإخوة الأدب مع بغضهم، فمثلاً: يكثر بعضهم من مقاطعة البعض الآخر في الكلام، أو قد يأتي في وصفه له بكلمات غير مناسبة وغير صحيحة، وليست من أدب الإسلام، فيحصل بذلك فرقة وشقاق، وقد يكون تدخل بعضهم في شئون الآخر تدخلاً مذموماً، مما يحصل بسببه شقاق وفرقة وخلاف.

ويسأل بعض الإخوان سؤالاً فيقول: كيف نعرف التدخل الصحيح من التدخل غير الصحيح؟

فأقول لك يا أخي: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قعد لنا قاعدة مهمة في هذا، وهي قوله عليه الصلاة والسلام: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) فمثلاً: قد يتدخل إنسان في خصوصيات إنسان آخر، وليس عند الإنسان الآخر منكر يوجب التدخل، ففي هذه الحالة يكون هذا التدخل غير صحيح، وكذلك الإلحاح عليه في الأسئلة المزعجة والمتكررة، للحصول على معلومات ليس من ورائها طائل، ولا مصلحة شرعية بقدر ما تسبب له من الإيذاء والإحساس بالحرج وأنت تلح عليه في السؤال.

ومن ذلك مثلاً التجسس، وهو تدخل في أمور الآخرين، وهو محرم ولاشك.

ومن التدخل ما يكون صحيحاً، مثل أن يكون التدخل لتغيير منكر، أو دعوة إلى الله، أو لتعديل وضعه بحيث يصبح أفضل أو أحسن، لو أنك رأيت عيباً في طريقة إلقائه فأرشدته بإرشادات تجعل طريقة إلقائه أفضل وأحسن، فهذا التدخل طيب لكن المهم هو الأسلوب في التدخل.

والتدخل يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص؛ مثال الاختلاف بالأشخاص مثلاً: الأب يحق له التدخل في أمور ابنه ما لا يحق لواحد غريب، المدرس يحق له التدخل في شئون تلميذه في الفصل ما لا يحق لواحد خارج الفصل، فيختلف باختلاف الأحوال والأشخاص.

وأحياناً يختلف بحسب درجة الاستفصال في السؤال، فلو أنك مثلاً لقيت إنساناً فقلت له: هل تزوجت؟ قال: نعم. قلت: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير، فهذا شيء طيب، لكن ولو أنك زدت فقلت له: وهل دخلت بأهلك أم لا؟ ومتى كان ذلك؟ هنا يكون التدخل أمراً مشيناً ومعيباً، ولا يحق لك أن تفعل مثل هذا الأمر.

بعض الناس أحياناً يدسون أنوفهم ويتدخلون في أشياء لا تخصهم، مثلاً: لماذا أثاث البيت لونه أخضر؟ أنا لا يعجبني، لابد أن تجعل لونه أزرق؛ لأنه يعجبني اللون الأزرق، نقول: يا أخي! ليس لك حق أن تتدخل بهذه الطريقة، وهنا تعتبر إنساناً قد وضع الأمر في غير محله.

فإذاً.. قد يكون التدخل محرماً مثل: التجسس، وقد يكون واجباً مثل التدخل لتغيير منكر عند أخيك أو في بيتك، وقد يكون مستحباً مثل تحسين وضع أخيك -كما ذكرنا- وقد يكون مكروهاً مثل الإلحاح على شخص في أمر تحرج من ذكره، وقد يكون مباحاً مثل أن تسأل الإنسان مثلاً: هل سافرت أم لا؟ هذا ملخص عن قضية التدخل، بعد أن تكلمنا عن بعض الأسباب التي توجب تفرق الإخوان عن بعضهم.

السؤال: بالنسبة لعلاقة المرأة مع الرجل، وبالذات زوجة طالب العلم والداعية إلى الله، فقد تطالبه بأشياء أكثر من حقها المشروع مما يضيع عليه الوقت، فهل من نصيحة؟

الجواب: نقول أيها الإخوة: الحقوق الزوجية أمر من صلب الإسلام، ومع الأسف الشديد أننا لا زلنا نسمع عن قصص عجيبة في العلاقات الزوجية السيئة؛ تحدث أحياناً بين بعض الناس الذين ظاهرهم التمسك بالدين، وهذه مسألة خطيرة جداً.

واحد من الناس أول ما تزوج ضرب زوجته في ليلة العرس، وواحد آخر كان يدس لزوجته الحبوب المخدرة، على أنها أقراص مهدئة أو مسكنة للصداع.

وواحد يكتف زوجته بالحبل ويطأها في دبرها رغماً عنها، وهو معروف أنه حرام، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من أتى امرأة في دبرها.

وإنسان يطرد زوجته من البيت، وقد يرميها بأقرب إناء في يده.

في المقابل زوجات تثور على زوجها لأتفه الأسباب، وتقول له: اغسل ثيابك بنفسك، وقد تقول له أيضاً: إذا لم يعجبك الأكل فاذهب إلى المطعم، وقد تتمرد عليه في الفراش ولا تجيبه، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن من فعلت ذلك تلعنها الملائكة حتى تأتي، وأن من دعاها زوجها إليها وجب أن تأتيه ولو كانت على التنور؛ لأنه قد يقوم في نفس الزوج في بعض الحالات من الحاجة إلى زوجته شيئاً كبيراً طارئاً لابد أن يلبى في آنه.

وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن من رأى امرأة في الطريق فأُعجب بها، فمن تمام كفارة ذلك وعلاج هذا الأمر أن يأتي أهله، فقد يحصل ذلك فيدخل البيت فيجدها تطبخ فيطلبها، فيجب عليها أن تلبيه فوراً؛ لأنه قد تحصل مفاسد من الامتناع عن ذلك.

وهذه مسألة الكلام فيها طويل، ولعل الله عزَّ وجلَّ ييسر لنا فرصة لنتكلم عنها بتفاصيل أكثر، وتبيان ما ورد في الشرع من آداب العشرة الزوجية، وحق الرجل على زوجته، وحق الزوجة على زوجها، ولكن نصيحة أقدمها بشأن هذا السؤال؛ زوجة الداعية إلى الله أو طالب العلم، لابد أن تراعي حال زوجها في أمور كثيرة، فمثلاً قد يكون الزوج ينفق قسطاً لا بأس به من مرتبه أو دخله في أشياء من الطاعات، كصدقات، أو شراء كتب علمية، أو إنفاقها على إخوانه في الله، وقد يكون الإنفاق مع مطالبته لها بأمور مثل الولائم وما شابه ذلك.

فالمرأة المسلمة الصادقة لابد أن تراعي حال زوجها، فالداعي إلى الله وطالب العلم عليه من المسئوليات التي تستتبع متطلبات مادية غير الشخص العادي، ولذلك لابد أن تراعي زوجته هذا الجانب؛ لأنه قد يكون عنده احتياجات ومتطلبات يحتاج إليها في خلال دعوته إلى الله وطلبه للعلم، فمثلاً: لا تكلفه بأن يشتري لها الثياب الغالية، أو أن يستأجر لها شقة مترفة أو مزينة ووثيرة الأثاث، فإنه لا يستطيع أن يتحمل الجمع بين الأعباء المالية التي تكلفه بها الزوجة، ومع المتطلبات المالية التي يحتاج إليها في خلال دعوته إلى الله وطلب العلم الشرعي، هذا من جهة.

من جهة أخرى: فإن الداعية إلى الله في عصرنا سيستغل جزء كبير من وقته في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، وطلب العلم وتعليمه للناس، والزوجة تريد من زوجها أن يجلس معها في البيت كثيراً، وأن يخلو بها كثيراً، وأن يخرج بها للفسحة كثيراً، تحب هذا منه، ووقته مزدحم بأعباء وأشغال، والتأخر الحاصل في حال المسلمين يتطلب من الإنسان المسلم عملاً دائباً وجهداً كبيراً، وهذا العمل والجهد يزاحم قضية الانفراد بالزوجة والخروج بها للفسحة وغيره، فلابد أن تراعي هذا الأمر، وألا تطلب منه كثيراً أن يأتي ويجلس معها دائماً، أو يخرج بها يفسحها ويزورها إلى آخره، أقول: لا تطلب منه كثيراً، لا ألا تطلب منه نهائياً.

كذلك قد يرهقها بأعمال، فهو يحب إكرام الناس، وقد يستغل الولائم في الدعوة إلى الله، والدخول إلى قلوب الخلق، وهذا سيرتب عليها مسئولية أن تطبخ، وقد تكثر هذه الأشياء بين فترات قريبة، فيحصل منها بعض التضايق في هذا الجانب، وقد يفاجئها بوليمة من غير خبر مسبق، إما أن يطرق الباب ويقول: حهزي فقد جاء معي خمسة؛ فاصنعي عشاء بسرعة، أو بالهاتف يقول: بعد نصف ساعة أنا سآتي ومعي سبعة أشخاص، نحن لا نقول: فعل الزوج هذا صحيح تماماً، لكن نقول من جهة الزوجة: أنه لابد أن تراعي هذا الشيء، ومن ثم قد تطبخ وتتعب وتنفخ وهكذا، ثم يأتي يلاحقها: أما أنجزتي، أسرعي في التجهيز... إلخ.

الغريب أحياناً أن هذا قد يقع، يدخل الواحد على زوجته معبساً مقطباً، فيأخذ الطبق ويدخل على إخوانه في المجلس مبتسماً منشرح الصدر، وهذا شيء غير صحيح، لكن الظروف قد تدفع الإنسان لهذا، فعليه أن يجاهد نفسه في هذا الأمر، وكما أنه يأخذ الأطباق مثلاً مستعجلاً عابساً، ينسى كلمة الشكر للزوجة، فإنه إذا ردها إليها بعد الأكل، أين الشاي؟ أين القهوة؟ تأخذ الأطباق، وينسى أن يقول لها كلمة ملاطفة، أو كلمة شكر واحدة.

إزاء هذه الأشياء التي تحدث؛ فلابد أن تكون الزوجة -زوجة طالب العلم والداعية إلى الله- واسعة الصدر، لا تغصب، ولا تشمئز، صحيح أن هذا الأمر قد يثير في نفسيتها أشياء، وقد يجرح كبرياءها وشعورها، ولكن التي تفهم الأمر كما ينبغي، وتعي الواقع جيداً، فإنها ولاشك ستحتسب هذا عند الله، وكما أن زوجها يقوم بالدعوة إلى الله وطلب العلم وتعليم الناس، فهي تقوم بدور لا يقل عنه أهمية في دعمه، وحمل المشاق عنه، وتوفير الجو الهادئ له.

قد يكون هذا الشخص منشغلاً بالقراءة وطلب العلم، يدخل ويقفل على نفسه ويترك المرأة مع الأولاد، وقد تقول له: علمني مما علمك الله، فيقصر في حقها، تقول له: أنت تذهب تعلم الناس وتطلب العلم، وأنا ليس لي شيء، وهو مقصر في حقها، لكن المراعاة من المرأة مهم، فنحن نتكلم من جانب الزوجة.

وإذا دخل البيت متعباً والأولاد يصرخون، فقد يقول: خذي الأولاد واذهبي غرفة ثانية بسرعة؛ أنا أريد أن أنام، أم هي فكأنها لا تريد أن تنام بزعمه، فقد تحزن أيضاً، فنقول: إن الحياة الزوجية ينبغي أن تكون قائمة على المودة، و(سددوا وقاربوا) فكما ننصح المرأة بهذا الكلام، نقول للزوج أيضاً: وأنت كذلك أيها الأخ المسلم، عليك بمراعاة زوجتك، وستخطئ عليها في كثير من الأحيان ولاشك، فعليك بتدارك ما فات، وإصلاح ما ينبغي أن يصلح، وألا تترك الأخطاء تتراكم منك على زوجتك.

السؤال: هذه مسألة متعلقة بالزواج، واحد يتكلم عن ضرر المشاهد المحرمة التي شاهدها قبل أن يلتزم بدين الله ويستقيم على شرع الله.

الجواب: بين يدي نقطتين الآن أذكرهما في هذا الجانب: المعاصي -أيها الإخوة- لها آثار سيئة، وأحياناً قد يكون الأثر السيئ ممتداً إلى سنوات طويلة، وهذا مثاله: فهذا شخص يقول: أنه تاب إلى الله واستقام على شرع الله، وترك الأشياء المحرمة، والنظر إلى النساء الأجنبيات، ومشاهدة المسلسلات المشتملة على النساء، والمجلات وغيرها، ترك هذا كله، لكنه يقول: إنه إذا خلى بنفسه، فإنه لا يزال يتذكر من هذا الرصيد الضخم الذي كان قد شاهده في حياته الجاهلية؛ من صور النساء وغيرها من الأشياء المثيرة ما يقوده للوقوع في المحرم مثل: الاستمناء وغيره، لا حول ولا قوة إلا بالله! لكن هذا حاصل.

أقول: انظر إلى الأثر السيئ، والحياة السيئة التي كان يعيشها الإنسان، فلها آثار جانبية ممتدة، وليست المسألة تنتهي بنهاية المعاصي، اللهم إلا من جاهد نفسه وعصمه الله، فنسي تماماً أو جاهد نفسه في أول فكرة وخاطرة خطرت له فانتهى الأمر من ذهنه بالكلية، والنفس إلم تشغلها بطاعة الله شغلتك بالمعصية؛ حتى بتذكر الأِشياء، هذه سلبية من سلبيات مشاهدة المناظر، فإن بعض الناس يستعيدونها في مخيلتهم، بحيث أنها تقودهم إلى ارتكاب بعض المعاصي.

وضرر آخر من هذه الأشياء متعلق بالزواج: المشاهد المحرمة التي شاهدها الإنسان في السابق، فإن بعض الشباب عندما يتزوج ويدخل بزوجته؛ فإنه إما في مقتبل الأمر أو بعد فترة، لا يشاهدها بمستوى الجمال الذي كان يتخيله عند الزواج، أو وهو يبحث عن الزوجة.

لماذا لما يشاهدها بنفس المستوى من الجمال الذي كان يتخيله قبل الزواج؟

ولماذا لا يقنع كثير من الشباب بزوجاتهم بعد الزواج؟ مما يدفعهم إلى مسائل كبيرة مثل الطلاق، أو إلى إساءة معاملتها، وفي شيء لا ذنب لها فيه، هذا يحصل أحياناً.

أحياناً الشخص يتبرم وينفر، وفي النهاية لا تجد سبباً معقولاً أو معيناً، كأن تكون الزوجة قد قصرت في حقه، وإنما يقول: ليست هذه هي المرأة التي كنت أتخيلها قبل الزواج، لأن كلاً منهم كان يظن في حال الخطبة أو البحث؛ أنه سيتزوج ملكة من ملكات الجمال، وملكات الجمال هذه بدعة شهوانية كفرية وردت إلينا من الكفار.

فأحد الأسباب غير قضية الرضا والقناعة بما قسمه الله له، أن هذا الشاب كان قد شاهد من قبل في أثناء حياته الأولى السيئة مناظر كثيرة على صفحات المجلات، وفي المسلسلات والأفلام وغيرها، مما جعل يتصور مستوى جمال معين، ويقول: أنا أريد أن أعف نفسي، فأنا أريد زوجة أجمل من كل التي رأيتهن في المسلسلات والأفلام والمجلات، فبعضهم عندهم هذه النفسية، فلما يرى المجتمع ليس فيه ذلك، فمن أين نأتي بجميلات؟ والله عز وجل خلق النساء متفاوتات في الجمال، فإذا أنت بحثت وبحثت فلم تجد إلا هذا الشيء، فأنت الذي فتحت على نفسك الباب، ولابد أن تواجه نفسك وتذكرها أنها السبب.

في الماضي كان الرجل قد لا يرى زوجته في الخطبة، لكن يدخل عليها ويرضى بها وتسير الحياة بطريقة عادية، مع أن المرأة قد تكون دميمة؛ لأنه لم يكن يوجد انتشار لهذه الصور والأشياء التي تجعل الواحد يضع في ذهنه ومخيلته مستوى معيناً من مستويات الجمال، فتحصل بعض المشاكل في الحياة الزوجية من هذا الباب.

فانظر -يا أخي- إلى الأثر السيئ للمعاصي التي تحدث سابقاً كيف تمتد حتى تدخل في أشياء كثيرة حتى بعدما يهتدي الإنسان، وهذا مما يؤكد أهمية استئناف الحياة الإسلامية الصحيحة، التي في ظلها تتربى الأجيال المسلمة التي تكون بمنأى وبمبعد عن هذه التأثيرات الشهوانية، والمناظر المحرمة التي تسبب له المشاكل في المستقبل.

السؤال: هذا والله سؤال عجيب، يقول: واحد يريد أن يزني بامرأة أو يفعل الفاحشة بشخص، فاستدل لإقناع الطرف الآخر بحديث (المؤمن يزني؟ قال: نعم).

الجواب: هناك حديث مشهور أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل: (المؤمن يزني؟ قال: نعم. المؤمن يسرق؟ قال: نعم. المؤمن يكذب؟ قال: لا.) هذا الحديث فيه ضعف، وإنما الذي صح في هذا الباب أحاديث منها:

الحديث الصحيح الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (يطبع المؤمن على الخلال كلها، إلا الخيانة والكذب) ولنفترض أن الحديث صحيح، وربما يكون هذا المعنى صحيح فأن المؤمن إذا زنى لا يخرج عن الإسلام، ولا ينتفي عنه الإيمان كله، ولكن ينقص من إيمانه بقدر المعصية التي فعلها.

ولكن هل هذا مبرر لمن يزني؟ كون الرسول صلى الله عليه وسلم يخبر أن المؤمن لا يخرج عن الإيمان بالكلية إذا زنى، وأنه يبقى داخل دائرة الإسلام، ويكون مسلماً عاصياً فاسقاً ومرتكب كبيرة، لا دليل فيه على إباحة الزنا، وقضية الاستدلال الخاطئ بالقرآن والسنة هو منهج أهل البدعة ولاشك.

ولذلك كان من منهج أهل السنة والجماعة صحة الاستدلال، ليس الأمر أن تأتي بآية أو حديث، لكن المهم أن تأتي لي بهما في المكان المناسب، وإلا فإن كثيراً من أهل البدع استدلوا لصحة مذاهبهم بأدلة من القرآن والسنة الصحيحة، لكن الموضع الذي استشهدوا به خطأ، ومن ضمنهم الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه، استدلوا بأشياء من القرآن.

بعض الفتيات تضع قصة خطبة خديجة للرسول صلى الله عليه وسلم ومحادثة الرسول صلى الله عليه وسلم مع خديجة ، حجة في جواز محادثة الفتيان والمعاكسات في الهاتف، وانظر كيف الاستدلال! والله لو أن الشيطان يريد أن يفكر فيها يمكن ألا يتوصل إليها.

ومن هذا الباب استدل أحد الناس النشالين بقوله عز وجل: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ [الشرح:7] قال: فانصب، أي: انصب واسرق، فإذا فرغت أي: إذا فرغت جيوبك من الفلوس فانصب على العالم. ومن هذا الباب ترجم أحد المستشرقين الفرنسيين القرآن إلى اللغة الفرنسية، فلما جاء في قوله عز وجل: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43]، والمعنى: إذا جامعت زوجتك أو ما ملكت يمينك ولم تجد ماء وأنت تريد الصلاة فتيمم، فلما جاء يترجم (أو لامستم النساء) قال: وهذا دليل على إباحة الإسلام للزنا؛ لأنه قال: لامستم النساء، وهي عامة، إذاً فالإسلام يبيح الزنا، انظر إلى خبث المستشرقين.

وكما قاس مصطفى محمود على قول الله عز وجل: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [الغاشية:17] قال: أفلا ينظرون إلى المرأة كيف خلقت، فهذا دليل قياس على القرآن.

فإذاً أيها الإخوة: قضية الاستدلال خطيرة جداً، ولابد فيها من العلم، وليس الأمر أن تحفظ من القرآن والسنة فحسب، بل الأهم أن يصح استدلالك بهما، ولذلك عقد العلماء فصولاً وكتباً خاصة في هذا الموضوع، ومما أحيلك عليه: الباب الرابع في كتاب الاعتصام للشاطبي رحمه الله الذي خصصه فقط لقضية الاستدلال، وصحة الاستدلال، ومواجهة أهل البدع في استدلالاتهم الخاطئة من القرآن والسنة.

تعقيباً على هذا الذي يقول: المؤمن يزني؟ فيقول: يجوز هذا، فنقول له: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود والحاكم عن أبي هريرة : (إذا زنى العبد خرج منه الإيمان، فكان على رأسه كالظلة، فإذا أقلع رجع إليه).

السؤال: ما حكم قول المرأة للرجل والعكس إني أحبك في الله؟

الجواب: وهذا السؤال صارت دارت مناقشات ومباحثات أسفرت عنا استفهامات وإشكالات نوضحها إن شاء الله، وكنت قد سمعت بأن الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين قد سئل عن هذا السؤال، فأخبر أنه يجوز، فسألته بنفسي حتى أعرف ماذا قال بالتفصيل.

ونقول أيها الإخوة: إن الرسول صلى الله عليه وسلم بين بأن الإنسان المسلم إذا أحب أخاه فليعلمه، وقال أيضاً عليه السلام: (إذا أحب أحدكم أخاه فليبين له، فإنه أدوم في الألفة وأبقى في المودة) أو كما قال، والحديث في السلسلة الصحيحة رقم ثلاثة، ونعلم أن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تشمل الرجال والنساء، وأنه لا نفرق إلا فيما دل الدليل على التفريق فيه، ولكن عندما يكون هناك مجال ومدخل للفتنة في أمر جائز في الشريعة، ولكن يؤدي إلى حرام، فإنه يصبح حراماً ولاشك.

ولذلك يقول الشيخ ابن عثيمين: قلنا لمن سأل هذا السؤال: إنه يجوز بشرط الأمن من الفتنة، بحيث يعرف أن الرجل الذي إذا قالت له المرأة هذا الكلام لا يكون فيه قابلية للفتنة، وضرب لي مثالاً، فقال: افرض أن امرأة كلمت الشيخ ابن باز ، فقالت له: إني أحبك في الله، فلا شيء في ذلك؛ لأن ذلك الرجل في مقام لا يتصور منه حصول هذا الأمر، ولكن أن يكون شاباً، وكان يذكر بالخير، ثم تتصل عليه وتقول: إنني أحبك في الله، فهذا لا يجوز.

قال: ونحن نتحذر من هذا كثيراً؛ لأن المحبة في الله قد تؤدي إذا أسيء استخدامها، أو أسيء تطبيقها إلى محبة لغير الله، وقد تؤدي إلى محبة مع الله وهذا شرك، فلابد أن تؤمن الفتنة أمناً كاملاً.

هذا هو الجواب على هذا الاستشكال، فإذاً لا يصلح لامرأة أن تتصل على شاب مهما بلغ من العمل والتقى -مادام أنه عرضة لأن يقع في الحرام- وتقول: إني أحبك في الله، ولا يصلح هو أن يتصل على شابة أو امرأة أجنبية ويقول: إني أحبكِ في الله.

وإني أعرف قصصاً من هذا القبيل كانت هذه الكلمة سبباً لحصول مقابلة محرمة، فإذاً -أيها الإخوة- لابد من الحذر من هذه الأشياء تماماً.

السؤال: هل يجوز للخطيب أن يهدي خطيبته قبل أن يعقد عليها هدية؟

الجواب: قال الشيخ ابن باز : نعم يجوز. أن يرسل لها هدية لكي يرغبها وأهلها فيه، ولكن من غير خلوة أو مقابلة خبيثة.

السؤال: ما حكم التسمية بالأسماء التالية: وداعة الله، غلام الله، جار الله، نور الله؟

الجواب: يقول الشيخ ابن باز : يجوز التسمية بوداعة الله وجار الله، والأحسن تغيير اسم غلام الله، وينبغي تغيير اسم نور الله، أما غلام الرسول أو عبد النبي، وغيره من المعبدة لغير الله فلا تجوز، وأما التسمية ببشير ونذير، فإنها تصح ولا بأس بهذه التسمية.

السؤال: هل يجوز إطلاق كلمة الأخ أو الصديق على اليهودي أو النصراني؟

الجواب: جواب الشيخ ابن باز : لا يجوز؛ لأنه نوع من المودة.




استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة اسٌتمع
اقتضاء العلم العمل 3611 استماع
التوسم والفراسة 3608 استماع
مجزرة بيت حانون 3530 استماع
الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1] 3496 استماع
اليهودية والإرهابي 3424 استماع
إن أكرمكم عند الله أتقاكم 3424 استماع
حتى يستجاب لك 3393 استماع
المحفزات إلى عمل الخيرات 3370 استماع
ازدد فقهاً بفروض الشريعة 3347 استماع
الزينة والجمال 3335 استماع