أربعون نصيحة لإصلاح البيوت


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أيها الإخوة! موضوعنا في هذه الليلة "أربعون نصيحة لإصلاح البيوت" وهي وإن كانت ليست بالعدد، بل ربما تزيد على هذا قليلاً، ولكن المهم -أيها الإخوة- من وراء طرح هذا الموضوع هو الالتفاف ولفت الأنظار من قبل إخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات إلى بيوتهم وبيوتهن، ولعلكم تدركون معي جميعاً أهمية طرق هذا الموضوع ولا أدل على ذلك من حضوركم في هذه الليلة بهذا العدد لسماع هذا الموضوع.

محاور الكلام في هذا الموضوع

وسنتحدث إن شاء الله في هذا الموضوع عن مقدمة في نعمة البيت، ثم نصائح في الطاعات في البيوت، ونصائح في العلاقات في البيت، ونصائح في أخلاقيات البيت، ونصائح عن الأطفال في البيت، ونصائح عن المنكرات في البيت، ونصائح تتعلق بأحكام البيوت، وأخرى تتعلق بسنن البيوت، ونختم بخاتمة عن اختيار البيت المناسب.

والكلام عن هذا الموضوع في شقين:- الشق الأول: جلب المصالح، والشق الثاني: درء المفاسد، وأنتم تعلمون أن طريقة الشريعة في علاج أي موضوع تكون بذكر أمرين: جلب المصالح ودرء المفاسد، ونستطيع أن نعبر بعبارة أخرى أن الكلام عن هذا الموضوع سيكون في الأمر بالمعروف وهو جلب للمصالح، والنهي عن المنكر وهو درء للمفاسد.

كيفية إدراك هذه النعمة العظيمة

أما البيوت فإنها نعمة عظيمة امتن الله بها على عباده فقال: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً [النحل:80] قال ابن كثير رحمه الله: يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها، ويستقرون بها، وينتفعون بها من سائر وجوه الانتفاع.

وأنت تعلم أيها الأخ المسلم مدى نعمة الله عليك في البيت عندما تتذكر أكلك أين يكون، وراحتك أين تكون، ونكاحك لأهلك أين يكون، وخلوتك أين تكون، واجتماعك بأهلك وأولادك أين يكون.

وتأمل في أحوال الناس الذين لا بيوت لهم ممن يعيشون في الخيام، أو يفترشون أرصفة الطرقات كيف يكون وضعهم، وعندما تسمع وتتذكر من قصص الناس الذي لا بيوت لهم كما يقول أحدهم: إن ثيابي في سيارتي ولا مكان ثابت لي، فأنا أنتقل من بيت فلان، إلى حجرة فلان، إلى الفندق الفلاني لأنام فيه، وأحياناً أنام على رصيف الشارع.. عندما تتذكر هذه المسألة تعلم فعلاً بأن البيت نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل.

البيت مكان لستر المرأة، ولصيانتها، النساء بدون بيوت كيف تكون أوضاعهن؟ ولذلك قال الله عز وجل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33] ولما انتقم الله من يهود بني النضير الذين كانوا بقرب المدينة قال الله عنهم: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ [الحشر:2] ثم قال: يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:2] فالبيت أيها الإخوة مكانٌ يقضي فيه الناس كثيراً من أوقاتهم، خصوصاً في الحر الشديد، والبرد الشديد، والأمطار، وفي أول النهار وآخره، وأوقات الإجازة.

علاقة صلاح البيت بصلاح المجتمع

الشاهد: أن إصلاح البيت مهم جداً؛ لأنه مأوى وملجأ ومكان استقرار يعيش فيه الإنسان جزءاً كبيراً من حياته، لذلك إذا صلح البيت وأهله، صلحت عيشة المسلم وحياته؛ لذلك لابد من التركيز على إصلاح البيوت.

مجتمعات المسلمين تتكون من عوائل يعيشون في بيوت، والبيوت تكون أحياء، والأحياء تكون مدناً، والمدن هي مجتمعات المسلمين، فإذا صلحت هذا اللبنة من اللبنات وصلحت اللبنات الأخرى صار المجتمع صالحاً.

يقول عليه الصلاة والسلام موصياً المسلم عند الفتنة وعندما يحدث منه شر أن يلجأ إلى بيته: (طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته) حديث حسن وقال صلى الله عليه وسلم: (خمس من فعل واحدة منهن كان ضامناً على الله: من عاد مريضاً، أو خرج غازياً، أو دخل على إمامه يريد تعزيره -يعني: نصرته- وتوقيره، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس) أحياناً إذا خرج الشخص من البيت أساء، فإذا قعد في البيت ستر نفسه وكف شره عن الناس، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن: (سلامة الرجل في الفتنة أن يلزم بيته).

والبيت مسئولية عظيمة يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه؛ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) حديث حسن.

وهذه هي المسئولية التي لو استشعرناها جميعاً لاتجهنا فعلاً إلى إصلاح البيوت، ولتوجهت همتنا حقيقة إلى بعث الروح الإسلامية في بيوتنا.

بيوتنا أيها الإخوة تحوي منكرات كثيرة، وفيها تقصير كثير، وإهمال وتفريط، لذلك ينبغي أن تتجه الهمم خصوصاً في هذا الزمان لإعادة رسالة البيت المسلم إلى ما كانت عليه، لجعل هذا البيت عشاً يلجأ إليه المسلم، وكنفاً يطمئن في جنباته، يغلق بابه عليه فيعرف كيف يربي نفسه وأهله وأولاده.

وسنتحدث إن شاء الله في هذا الموضوع عن مقدمة في نعمة البيت، ثم نصائح في الطاعات في البيوت، ونصائح في العلاقات في البيت، ونصائح في أخلاقيات البيت، ونصائح عن الأطفال في البيت، ونصائح عن المنكرات في البيت، ونصائح تتعلق بأحكام البيوت، وأخرى تتعلق بسنن البيوت، ونختم بخاتمة عن اختيار البيت المناسب.

والكلام عن هذا الموضوع في شقين:- الشق الأول: جلب المصالح، والشق الثاني: درء المفاسد، وأنتم تعلمون أن طريقة الشريعة في علاج أي موضوع تكون بذكر أمرين: جلب المصالح ودرء المفاسد، ونستطيع أن نعبر بعبارة أخرى أن الكلام عن هذا الموضوع سيكون في الأمر بالمعروف وهو جلب للمصالح، والنهي عن المنكر وهو درء للمفاسد.

أما البيوت فإنها نعمة عظيمة امتن الله بها على عباده فقال: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً [النحل:80] قال ابن كثير رحمه الله: يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها، ويستقرون بها، وينتفعون بها من سائر وجوه الانتفاع.

وأنت تعلم أيها الأخ المسلم مدى نعمة الله عليك في البيت عندما تتذكر أكلك أين يكون، وراحتك أين تكون، ونكاحك لأهلك أين يكون، وخلوتك أين تكون، واجتماعك بأهلك وأولادك أين يكون.

وتأمل في أحوال الناس الذين لا بيوت لهم ممن يعيشون في الخيام، أو يفترشون أرصفة الطرقات كيف يكون وضعهم، وعندما تسمع وتتذكر من قصص الناس الذي لا بيوت لهم كما يقول أحدهم: إن ثيابي في سيارتي ولا مكان ثابت لي، فأنا أنتقل من بيت فلان، إلى حجرة فلان، إلى الفندق الفلاني لأنام فيه، وأحياناً أنام على رصيف الشارع.. عندما تتذكر هذه المسألة تعلم فعلاً بأن البيت نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل.

البيت مكان لستر المرأة، ولصيانتها، النساء بدون بيوت كيف تكون أوضاعهن؟ ولذلك قال الله عز وجل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33] ولما انتقم الله من يهود بني النضير الذين كانوا بقرب المدينة قال الله عنهم: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ [الحشر:2] ثم قال: يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:2] فالبيت أيها الإخوة مكانٌ يقضي فيه الناس كثيراً من أوقاتهم، خصوصاً في الحر الشديد، والبرد الشديد، والأمطار، وفي أول النهار وآخره، وأوقات الإجازة.

الشاهد: أن إصلاح البيت مهم جداً؛ لأنه مأوى وملجأ ومكان استقرار يعيش فيه الإنسان جزءاً كبيراً من حياته، لذلك إذا صلح البيت وأهله، صلحت عيشة المسلم وحياته؛ لذلك لابد من التركيز على إصلاح البيوت.

مجتمعات المسلمين تتكون من عوائل يعيشون في بيوت، والبيوت تكون أحياء، والأحياء تكون مدناً، والمدن هي مجتمعات المسلمين، فإذا صلحت هذا اللبنة من اللبنات وصلحت اللبنات الأخرى صار المجتمع صالحاً.

يقول عليه الصلاة والسلام موصياً المسلم عند الفتنة وعندما يحدث منه شر أن يلجأ إلى بيته: (طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته) حديث حسن وقال صلى الله عليه وسلم: (خمس من فعل واحدة منهن كان ضامناً على الله: من عاد مريضاً، أو خرج غازياً، أو دخل على إمامه يريد تعزيره -يعني: نصرته- وتوقيره، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس) أحياناً إذا خرج الشخص من البيت أساء، فإذا قعد في البيت ستر نفسه وكف شره عن الناس، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن: (سلامة الرجل في الفتنة أن يلزم بيته).

والبيت مسئولية عظيمة يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه؛ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) حديث حسن.

وهذه هي المسئولية التي لو استشعرناها جميعاً لاتجهنا فعلاً إلى إصلاح البيوت، ولتوجهت همتنا حقيقة إلى بعث الروح الإسلامية في بيوتنا.

بيوتنا أيها الإخوة تحوي منكرات كثيرة، وفيها تقصير كثير، وإهمال وتفريط، لذلك ينبغي أن تتجه الهمم خصوصاً في هذا الزمان لإعادة رسالة البيت المسلم إلى ما كانت عليه، لجعل هذا البيت عشاً يلجأ إليه المسلم، وكنفاً يطمئن في جنباته، يغلق بابه عليه فيعرف كيف يربي نفسه وأهله وأولاده.

ومن النصائح التي نبدأ بها: نصيحة لمن يريد أن يكوِّن البيت المسلم:-

حسن اختيار الزوجة

أولاً: أن يحسن اختيار زوجته؛ فإن البيت يقوم على الزوج والزوجة، ومنهما ينبثق الأولاد، فإذا كان الزوج صالحاً وكانت الزوجة صالحة صار البيت صالحاً، ومظنة لخروج الأولاد الصالحين، وكثير من البيوت التي يكون فيها الزوج سيئاً أو الزوجة سيئة يكون البيت سيئاً؛ نكداً خبيثاً يخرج نباته خبيثاً كما أن مكوناته خبيثة.

على الزوج أن يكون قدوة في الدين

نصيحة: ولابد أن يكون رب المنزل قدوة في الخير يتعلم منه أهل المنزل طاعة الله عز وجل، لابد أن يكون هذا الرجل صمام أمن في بيته، يدرأ عنه المفاسد، ويجلب إليه المصالح، قال الله عز وجل: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74] وقال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله).

نصيحة: لابد أن يحمل كل رجل مسلم زوجته على الالتزام بهذا الدين، لابد أن يجعلها تعيش حياة إسلامية، ويكون ذلك بأمور كثيرة ووسائل متعددة: من تعليمها وتربيتها ووعظها، وأن يجعلها تزار من أخوات صالحات، وتزور أخوات صالحات، ويهدي إليها الكتب النافعة، والأشرطة الجيدة، وأن يدرأ عنها المفاسد، ويراقب تصرفاتها، فإذا أوشكت أن تقع في حرام وعظها وجنبها إياه، وقد تكلمنا عن هذه المسألة في محاضرة بعنوان "قوا أنفسكم وأهليكم ناراً".

أهمية جعل البيت مكان عبادة وذكر

نصيحة: اجعل البيت مكان عبادة، قال الله عز وجل عن موسى وبني إسرائيل: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس:87] قال ابن كثير رحمه الله: قال بعض أهل العلم: إن العلماء ذكروا في تفسير قوله: وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً [يونس:87] معنيين:-

الأول عن ابن عباس : أمروا أن يتخذوا مساجد، أي يسجدون فيها، أي يصلون فيها، أي يعبدون الله فيها.

وعن إبراهيم معنى آخر قال: كانوا خائفين من فرعون، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم، لا يستطيعون أن يتجمعوا في المساجد مثلاً فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.

قال ابن كثير : وكان هذا -والله أعلم- لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:153] أمروا أن يجعلوا بيوتهم قبلة.

فجعلوا البيت مكاناً يصلى فيه، يقول عليه الصلاة والسلام: ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ) أي: لا تجعلوها خالية من العبادة كالمقبرة، والمقبرة لا يجوز الصلاة فيها إلا صلاة الجنازة على الميت بعد دفنه في القبر، وإلا فلا مصلى، ولا يصلى في المقابر البتة ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ) أي: صلوا فيها.

نصيحة: لابد أن يجعل البيت بيتاً يذكر الله فيه بأنواع الذكر، سواءً كان ذكر القلب أو ذكر اللسان أو الصلوات أو قراءة القرآن في البيت، أو قراءة كتب العلم، ومدارسة أنواع العلم، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت) وكثير من بيوت المسلمين اليوم -حقيقةً- ميتة بمعنى الكلمة؛ لأنها مليئة بالمنكرات والمعاصي، والألحان، والكذب، والغيبة، والنميمة، والاختلاط، والتبرج بين الأقارب من غير المحارم، أو الجيران الذين يدخلون في البيوت، كثير من البيوت مليئة بالمنكرات على جدرانها، وفي أرصفها، وفي خزاناتها، وفي أنواع اللهو المعمول فيها، هذه البيوت كيف تدخلها الملائكة! البيت الذي يعج بالشياطين كيف تدخله الملائكة، البيت من هذا النوع كيف يمكن أن يكون مصدراً للإصلاح؟!

إذاً النصيحة: (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت) فأحيوا بيوتكم -رحمكم الله- بأنواع الذكر وأصنافه.

احترام أوقات الصلوات

نصيحة: وينبغي أن يتعلم أهل البيت احترام أوقات الصلوات، احترام الأذان إذا أذن للصلاة كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (أنه كان يكون في مهنة أهله فإذا أذن المؤذن خرج للصلاة) استعد للصلاة وخرج للصلاة، توقفت الأعمال كلها في البيت استعداداً لهذا الحدث العظيم والخطب الجسيم وهو الصلاة، هذه الصلوات الخمس ينبغي أن يكون لها وزن، ولآذانها وقع في بيوتنا نحن، ينبغي أن نتوقف عن الأعمال فعلاً لأداء الصلاة توقفاً حقيقياً يرضي الله عز وجل.

نصيحة: وأمر أهل البيت بالصلاة من شعائر هذا الدين، قال الله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طـه:132] ومدح الله نبياً من أنبيائه فقال: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ [مريم:55] وقال صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر) فأثبت أمر الأولاد غير البالغين بالصلاة، فما بالك بأمر البالغين وأمر الكبار بالصلاة، من النساء والأولاد الشباب في البيوت، وحتى أمر الولد أباه بالصلاة برفق وإحسان يدخل في هذا ولا شك.

وكثير من المسلمين اليوم ضيعوا ذرياتهم وأولادهم فلا يأمرون بصلاة، وربما يكون الأب صالحاً لكن صلاحه في نفسه، فيخرج هو للصلاة فقط ويذر أولاده نائمين أو لاهين، وزوجته في البيت تعمل لا يسألها مطلقاً ولا يذكرها هل صلت أم لا..! أين هو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أن الرجل سيوقف بين يدي الله سبحانه فيسأله عن أهل بيته، وعن مسئوليته فيهم؛ أحفظ ذلك أم ضيعه.

أهمية الجماعة وأداء النوافل

نصيحة: واحرص على إقامة صلاة الجماعة في المسجد إن أمكن ذلك، فإن فاتتك الصلاة في المسجد لعذر؛ فاجمع أهلك في البيت وصل بهم، إن عدت من المسجد فأحببت أن تتنفل بهم فصل بهم مرة أخرى، واجمعهم أحياناً حتى تقام هذه الشريعة، ويتعلم هؤلاء منك كيفية الصلاة، يتعلمون الاطمئنان في الصلاة منك وأنت تصلي بهم، ويتعلمون قراءة القرآن في الصلاة منك وأنت تقرأ بهم، وتصحح كثيراً من الأخطاء في الصلاة إذا أنت أممتهم فصليت بهم، كما ثبت أنه عليه الصلاة والسلام صلى ببعض المسلمين في بيوتهم رجالاً ونساءً وأطفالاً، وعلمهم كيفية الصلاة.

نصيحة: اجعل النوافل من الصلوات في بيتك تنفيذاً لأمره عليه الصلاة والسلام: (إذا حضر أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيباً من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً) أي أن هذه الصلاة هي سبب خير للبيت عموماً، لكن ما هي الصلوات التي تجعل في البيت؟ هي ما سوى الفرائض، لأن الفرائض للرجال مكانها في المسجد، قال عليه الصلاة والسلام: (أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) ويقتدي أهل البيت عملياً بالرجل وهو يصلي في بيته.

نصيحة: وتجعل المرأة صلاتها كلها في بيتها، وكلما كانت داخل البيت كلما كان أفضل، قال صلى الله عليه وسلم: (صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في حجرتها) ولذلك كلما كانت أعمق في البيت وكانت أستر كانت صلاتها أفضل.

أولاً: أن يحسن اختيار زوجته؛ فإن البيت يقوم على الزوج والزوجة، ومنهما ينبثق الأولاد، فإذا كان الزوج صالحاً وكانت الزوجة صالحة صار البيت صالحاً، ومظنة لخروج الأولاد الصالحين، وكثير من البيوت التي يكون فيها الزوج سيئاً أو الزوجة سيئة يكون البيت سيئاً؛ نكداً خبيثاً يخرج نباته خبيثاً كما أن مكوناته خبيثة.

نصيحة: ولابد أن يكون رب المنزل قدوة في الخير يتعلم منه أهل المنزل طاعة الله عز وجل، لابد أن يكون هذا الرجل صمام أمن في بيته، يدرأ عنه المفاسد، ويجلب إليه المصالح، قال الله عز وجل: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74] وقال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله).

نصيحة: لابد أن يحمل كل رجل مسلم زوجته على الالتزام بهذا الدين، لابد أن يجعلها تعيش حياة إسلامية، ويكون ذلك بأمور كثيرة ووسائل متعددة: من تعليمها وتربيتها ووعظها، وأن يجعلها تزار من أخوات صالحات، وتزور أخوات صالحات، ويهدي إليها الكتب النافعة، والأشرطة الجيدة، وأن يدرأ عنها المفاسد، ويراقب تصرفاتها، فإذا أوشكت أن تقع في حرام وعظها وجنبها إياه، وقد تكلمنا عن هذه المسألة في محاضرة بعنوان "قوا أنفسكم وأهليكم ناراً".

نصيحة: اجعل البيت مكان عبادة، قال الله عز وجل عن موسى وبني إسرائيل: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس:87] قال ابن كثير رحمه الله: قال بعض أهل العلم: إن العلماء ذكروا في تفسير قوله: وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً [يونس:87] معنيين:-

الأول عن ابن عباس : أمروا أن يتخذوا مساجد، أي يسجدون فيها، أي يصلون فيها، أي يعبدون الله فيها.

وعن إبراهيم معنى آخر قال: كانوا خائفين من فرعون، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم، لا يستطيعون أن يتجمعوا في المساجد مثلاً فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.

قال ابن كثير : وكان هذا -والله أعلم- لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:153] أمروا أن يجعلوا بيوتهم قبلة.

فجعلوا البيت مكاناً يصلى فيه، يقول عليه الصلاة والسلام: ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ) أي: لا تجعلوها خالية من العبادة كالمقبرة، والمقبرة لا يجوز الصلاة فيها إلا صلاة الجنازة على الميت بعد دفنه في القبر، وإلا فلا مصلى، ولا يصلى في المقابر البتة ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ) أي: صلوا فيها.

نصيحة: لابد أن يجعل البيت بيتاً يذكر الله فيه بأنواع الذكر، سواءً كان ذكر القلب أو ذكر اللسان أو الصلوات أو قراءة القرآن في البيت، أو قراءة كتب العلم، ومدارسة أنواع العلم، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت) وكثير من بيوت المسلمين اليوم -حقيقةً- ميتة بمعنى الكلمة؛ لأنها مليئة بالمنكرات والمعاصي، والألحان، والكذب، والغيبة، والنميمة، والاختلاط، والتبرج بين الأقارب من غير المحارم، أو الجيران الذين يدخلون في البيوت، كثير من البيوت مليئة بالمنكرات على جدرانها، وفي أرصفها، وفي خزاناتها، وفي أنواع اللهو المعمول فيها، هذه البيوت كيف تدخلها الملائكة! البيت الذي يعج بالشياطين كيف تدخله الملائكة، البيت من هذا النوع كيف يمكن أن يكون مصدراً للإصلاح؟!

إذاً النصيحة: (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت) فأحيوا بيوتكم -رحمكم الله- بأنواع الذكر وأصنافه.