الشهوة الخفية [حب الرئاسة، حب الشهرة]


الحلقة مفرغة

الحمد لله الذي شرع لنا الإسلام دينا، وأوجب علينا الإخلاص له سبحانه وتعالى في العبادة، فالذي يعبده لا يشرك به شيئاً يدخل الجنة، والذي يعبده مع الشرك فإن كان الشرك أكبر فإنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها، أمرنا بالإخلاص فقال: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ [الزمر:2] وقال الله سبحانه وتعالى مبيناً خطورة الشرك: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48].. وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

وهذا الشرك -أيها الإخوة- له صورٌ كثيرة: ومن صور الشرك، ومن أنواع الشرك ما يكون جلياً واضحاً ومنه ما يكون خفياً، كما أنه ينقسم إلى شركٍ أكبر وأصغر فلذلك ينقسم إلى شركٍ جليٍ وخفي، فالشرك الجلي واضح يعرفه كل أحد، والشرك الخفي: الذي يخفى على كثيرٍ من الناس، أما المؤمنون فإن الدافع عندهم للشرك الجلي لا يكاد يوجد، لكن الخطورة والمصيبة في الشرك الخفي -بالنسبة للمؤمنين- أما المشركون فهم واقعون في أنواع الشرك، جليها وخفيها.

موضوعنا في هذه الليلة -أيها الإخوة- عن شهوةٍ خفية في النفس تقدح في الإخلاص وتخالف التجرد لله سبحانه وتعالى، وهي حب الرئاسة وحب الشهرة، وهما موضوعان متقاربان، بينهما كثيرٌ من الارتباط ولعلنا نتحدث عن هذين الموضوعين -إن شاء الله- في هذه الليلة ونسأل الله الإخلاص والقبول والسداد، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجنبنا وإياكم هذه المزالق، وأن يطهر نفوسنا من أنواع الشرك جليه وخفيه.

أما حب الرئاسة فهو: حالقةٌ تحلق الدين، ومزلقٌ عظيمٌ من المزالق التي يفنى فيها الإخلاص ويذوب، بل إن خطورته على الدين أشد من خطورة الذئب الذي يترك في زريبة غنم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنمٍ بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه).

ذئبان جائعان: الحرص على المال ذئب والحرص على الشرف شبهه بذئبٍ آخر، إذا أرسل الذئب في الغنم ماذا يفعل؟ فكذلك يفعل الحرص على الشرف والحرص على الجاه والحرص على الرئاسة كذلك تفعل في الدين، تفسد الدين إفساداً عظيماً، والحرص على الرئاسة وحب الرئاسة والسعي لها، شهوةٌ خفيةٌ في النفس ولا شك، والناس عندهم استعداد للزهد في الطعام والشراب والثياب لكن الزهد في الرئاسة هذا نادر.

قال سفيان الثوري رحمه الله: ما رأيت زهداً في شيءٍ أقل منه في الرئاسة، ترى الرجل يزهد في المطعم والمشرب والمال والثياب فإن نوزع الرئاسة تحامى عليها وعادى.

وقال يوسف بن أسباط : الزهد في الرئاسة أشد من الزهد في الدنيا، ولذلك كان السلف رحمهم الله يحذرون أتباعهم وأصحابهم من ذلك، كتب سفيان إلى صاحبه عباد بن عباد رسالةً فيها: إياك وحب الرئاسة، فإن الرجل تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة وهو بابٌ غامضٌ لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة فتفقد نفسك واعمل بنية.

إذاً: هو خفي جداً إنه شهوة خفية في النفس، وقال أيوب السختياني رحمه الله: ما صدق عبدٌ قط فأحب الشهرة، وقال بشرٌ: ما اتقى الله من أحب الشهرة، وقال يحيى بن معاذ : لا يفلح من شممت منه رائحة الرياسة، وقال ابن الحداد: ما صدّ عن الله مثل طلب المحامد وطلب الرفعة: المنصب، والرياسة.

وحب الرئاسة له مظاهر كثيرة، فمنها مثلاً: أنه لا يعمل إلا إذا صدر، فإذا لم يصدر لم يقدم شيئاً ولا حتى رأياً مفيداً ينفع من عنده، وربما يقول: أَدَعُ غيري يفشل حتى أستلم أنا، مع أن بالإمكان أن يساعده ويكون التعاون من أسباب النجاح، لكن يريد أن يفشله ليخرج هو إلى الصدارة.

وقال بعض السلف موضحاً مظاهر حب الرئاسة: ما أحب أحدٌ الرياسة إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب، فهذه أيضاً من علامات حب الرئاسة، ما أحب أحدٌ الرياسة إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب ليتميز هو بالكمال، ويكره أن يذكر الناس أحداً عنده بخير، ومن عشق الرئاسة فقد تودع من صلاحه.

وكذلك من مظاهرها: ألا يدل على من هو أفضل منه في الدين أو العلم والخلق ويحجب فضائل الآخرين، ويكتم أخبارهم حتى لا يستدل الناس عليهم فيتركوه ويذهبون إلى الأخير، أو يخشى أن يقارن الناس بينه وبين الأفضل فينفضوا عنه أو ينزل في أعينهم ويقل مقداره عندهم.

وكذلك من مظاهر حب الرئاسة الحسرة إذا زالت أو أخذت منه، تأمل لو أن إنساناً كان في قريةٍ أو مدرسةٍ أو بلد، فالتف الناس حوله يعلمهم، ثم جاء من هو أعلم منه، فسكن البلد، ونزل فيها، فماذا يحصل؟

سيتركه الناس ويذهبون إلى الأعلم، فهذا السؤال الآن: هل يفرح الرجل أو يحزن.؟ هل يفرح لأنه قد جاء من هو أعلم منه يحمل عنه المسئولية ويرفع عنه التبعة؟ ويفيد الناس أكثر.؟ أو أنه يغتم ويخزن لأنه قد جاء من خطف منه الأضواء وبهت نجمه بقدوم غيره؟

هب أن شخصاً في مجلس فجاء من هو أعلم منه في المجلس، أو أقدر منه، فهل يفرح لمجيء من هو أعلم منه، ويفسح له المجال في الكلام، أو يغتم لحضور شخصٍ سيتصدر المجلس وتلتفت إليه الأنظار ويسعى إليه الناس الجالسون بأسئلتهم؟!

لو أن شخصاً في منصب فنقل إلى دائرته أو القسم الذي هو فيه شخصٌ أقدر منه، وشهادته عالية ويرجح أنه يرشح للمنصب بدلاً منه، فكيف يكون عمله في هذه الحالة؟! هناك يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، إن هذا خطر عظيم أيها الإخوة.

حب الرئاسة كما أن له مظاهراً، فكذلك له أسباب ومن ذلك:

التحرر من سلطة الآخرين، يريد أن يكون هو رئيساً، لا يريد أحداً فوقه، لو أن الذي فوقه كافرٌ أو فاسقٌ أو خائنٌ، لقلنا: نعم. ينبغي إزاحته، لكن لو كان الذي يرأسه تقياً مسلماً أميناً عارفاً، فما هو المبرر للتحرر من هذه السلطة والرئاسة التي فوقه؟

وكذلك من أسبابها: الرغبة في التسلط على الآخرين، النفس جبلت على التسلط والسعي للتحكم والسيطرة والنفوذ، ولذلك ترى الذين يحبون هذه يريدون التسلط على الآخرين، ويتلذذون بإعطاء الأوامر، هو يصدرُ أمراً وعلى من تحته أن ينفذ، وربما كان عنده ظلمٌ وبغي فيتلذذ بتعذيب غيره، أو أن يسوم من تحته ألوان العذاب بأوامره الجوفاء.

ومن أسبابه كذلك، من أسباب حب الرئاسة وعدم التورع عن السعي إليها: عدم تقدير عواقب التقصير في الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: ( ما من رجلٍ يلي أمر عشرةٍ فما فوق ذلك ) انتبه يا أيها الأب في البيت! ويا أيها الرئيس في القسم والدائرة! ويا أيها الصاحب للعمل وتحته عمال! ( ما من رجلٍ يلي أمر عشرةٍ فما فوق ) وانتبه يا طالب العلم الذي تعلم من تحتك، وانتبه يا أيها المربي الذي تدرب من عندك وتسوسهم وينبغي أن تسوسهم بأمر الشريعة: (ما من رجلٍ يلي أمر عشرةٍ فما فوق ذلك، إلا أتى الله مغلولاً يده إلى عنقه، فكه بره أو أوثقه إثمه)، أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزيٌ يوم القيامة أولها ملامة: تتوجه إليه سهام الانتقادات، وأوسطها ندامة: إذا نحي عن منصبه، أو خرج عليه فخلع، وآخرها: خزيٌ يوم القيامة بما يلقى الله عز وجل من الخيانة أو عدم القيام بالمسئولية وأداء الأمانة.

حب الرئاسة له آثارٌ مترتبةٌ عليه لمن لم يخش الله ولم يتقه فيما وُلِّي، والسعي إليها بغير مبررٍ شرعي من أسباب حبوط العمل وفقدان الإخلاص، لأنه يصبح للإنسان غرض دنيوي يسعى إليه، وهدفٌ يطمح إلى تحقيقه وهو أن يترأس ويتزعم، فيوالي ويعادي بناءً على هذه المصلحة الشخصية، وقد يظلم ويفتري ويقترف من الآثام ما يقترف من أجل الوصول إلى هدفه، ويظلم العباد من أجل المحافظة على منصبه ومكانته، وبناءً على ذلك أي إخلاصٍ يرجى في مثل هذا الموقع؟!

ومن الأمور والآثار المترتبة على هذا كذلك: الحرمان من التوفيق، قال النبي عليه الصلاة والسلام لـعبد الرحمن بن سمرة : (يا عبد الرحمن بن سمرة ! لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألةٍ) -أعطوك الإمارة لما سألت وألححت- ( أوكلت إليها ) فالله لا يعينك بسبب حرصك على ذلك، (أوكلت إليها)، والناس لا يعينوك أيضاً، لأنك أنت تسعى فأنت صاحب الطمع الشخصي- (وإن أوتيتها عن غير مسألةٍ أُعِنْتَ عليها) إذا رفعك الناس وقالوا: تعال وتولَّ، أنت أفضل من هو موجود، نحن نريدك، فإذا دفع إليها دفعاً، أعين عليها، الناس يتكاتفون معه، يقومون معه يعينونه، لأنه ليس صاحب طمع شخصي، بل هم الذين دفعوه وحملوه المسئولية، فيقومون معه، ويعينه الله قبل ذلك، لأنه ما تولى هذا الشيء إلا لمصلحة المسلمين ليس لمصلحته الشخصية هو.

وكذلك من آثار حب الرئاسة السلبي: الوقوع في البدع والضلال، كما قال أبو العتاهية رحمه الله:

أخي من عشق الرئاسة خفت     أن يطغى ويحدث بدعةً وضلالة

فهو يزين الذميم ويقمع المخالف بأي وسيلة، يترتب عليه ظلمٌ كثير إذا لم يخش الله، فيمنع غيره من الأكفاء من الوصول إلى مثل منصبه ويعرقلهم ويضع العوائق في طريقهم، كيف وقد تلبس الشيطان بداخله وزين له أمره؟! هذه لذة لا يتخلى عنها لمن هو أفضل منه إلا من عصمه الله ليس الأمر سهلاً..

وكذلك: إذا لم يكن على أهلية، افتضح وظهر أمره وتقصيره وأنه عاجز ليس بأهل، ولا يستطيع حل المشكلات، فإما أن يعاند ويستمر وينجرُّ عليه من الإثم، أو يتخلى مع ما حصل له من الفشل وهذا أيضاً أمرٌ مر، ولكنه أهون، لكن السؤال لماذا تصدر وليس بأهل لذلك؟!!

قد يجلس في مجلس علم يتصدر، ويجمع الناس حوله ليعلمهم ثم يظهر من حاله وفي جلسته وحلقته وإجابته عن الأسئلة لا يفضح حاله ويبين جهله، فيتركه الناس ويقومون عليه، هو الذي تصدر؛ [تفقهوا قبل أن تسودوا].

فالمنصب له أحكام، والمسألة تحتاج إلى علم، ولا يجوز لإنسان أن يتقدم بدون علم وأهلية، هو الذي اختار ذلك وسعى إليه، فأكلَ النتيجة، كانت النتيجة مراً وعلقماً.

وكذلك من آثار الحرص على الرئاسة والسعي إليها: الابتلاء بالشحناء وتفرق الصف وحصول الصراعات الداخلية والتنافسات، وكلٌ من الحريصين عليها يتهم الآخر بأنه قاصر وعاجز، أو يتهم الواحد الآخر بأنه يريد إقصاءه ويتبادلون الاتهامات، يقول هذا: تريد أن تقصيني عن موضع التأثير والقيادة، وهذا يتهم الآخر في مثل ذلك فيفشل العمل، أي عمل تجاري دعوي أو أي عملٍ من الأعمال إذا حصل في هذا الأمر يفشل.

اللجوء إلى الله

وأما علاج هذه الآفة، فلا شك أنه اللجوء إلى الله أولاً وقبل كل شيء، اللجوء إلى الله بأن يرزقه الإخلاص والسداد وأن يزيل ما في نفسه من المرض والعيب، فإن الإخلاص هو الذي عليه قبول الأعمال: (أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، عالم ومجاهد وقارئ) يقول هذا: تعلمتُ العلم في سبيلك لأعلم الناس وأنشر العلم، فيقال: تعلمت ليقال: عالم، وذاك يقول: قاتلتُ في سبيلك، فيقال: كلا. قاتلت ليقال: جريء، وقد قيل، أخذت أجرك في الدنيا، قيل عنك أنك جريء، فيسحب إلى النار، والآخر يقول: قرأت القرآن فيك، فيقال: قرأت ليقال: قارئ، حسن الصوت، خاشعٌ في تلاوته، مؤثر، وذاك يقول: تصدقت في سبيلك، فيقال: لا: تصدقت ليقال: جواد، وقد قيل، أخذت أجرك في الدنيا، فيسحبون إلى النار.

فلابد من الإخلاص لله سبحانه وتعالى, والتجرد عن النوازع الشخصية وتقديم مصلحة الإسلام والمسلمين قبل كل شيء.

استشعار المسئولية

وكذلك من العلاج: استشعار المسئولية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى سائلٌ كل راع ٍعما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته). (إن الله تعالى سائل كل راعٍ عما استرعاه) كل واحد عنده رعية، يسوس أُناساً أو يقودهم ويرأسهم ويتولى عليهم، يحاسب أمام الله يوم القيامة على هذا، والسؤال يوم القيامة ليس سؤالاً هيناً بل سؤال حساب. (إن الله تعالى سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) وكلما كبرت المسئولية، ازداد الحساب واشتد.

رحم الله امرأً عرف قدر نفسه

وكذلك من علاج حب الرئاسة: تقدير النفس أن يعرف الإنسان قدره: [رحم الله امرأً عرف قدر نفسه] يعرف المسئولية وما يتطلبه الوضع، ويعرف إمكانات نفسه، وهل يستطيع أن يقوم بالمسئولية أو لا، هذا الحساب للنفس مهم، هل أنا أصلح لهذه المسئولية؟ هل عندي قدرات لأن أقوم بهذه المسئولية؟ هل عندي ما أستطيع أن أملأ به هذا المكان وأعطيه حقه وأؤدي الأمانة؟

محاسبة النفس في غاية الأهمية، فإذا عرف أنه ضعيف فلا يقدم، قال النبي صلى الله عليه وسلم لـأبي ذر -وهذا حديث عجيب- فعلاً: (يا أبا ذر ! إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) وقال في رواية أخرى: (يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تتأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم) النبي عليه الصلاة والسلام يعرف شخصية أبي ذر جيداً، فـأبو ذر رحمه الله ورضي عنه وأرضاه صادق من أصدق الناس لساناً، ورع، زاهد في الدنيا، عنده مناقب كثيرة ومن السابقين للإسلام، ضرب حتى صار نقباً أحمر من الدم الذي نزل عليه، ضربه كفار قريش لما جهر بإسلامه فما خاف، ومن أوائل السابقين للإسلام أبو ذر الغفاري ، لكن ليس كل فاضل عابد عنده علم وزهد وورع يصلح للقيادة، القيادة تتطلب متطلبات ومواصفات معينة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا أبا ذر ! إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي) أحب لك أن تبقى في جانب السلامة، أن تظل على خير، ألا تظلم أحداً ولا تبوء بإثم أحد: (إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تتأمرن على اثنين- لا تتأمرن على اثنين ولو في طريق سفر- ولا تولين مال يتيم) رضي الله عنه كان عنده شدةٌ يأخذ نفسه بها، وربما رغم غيره ويدعو غيره عليها، يحملهم عليها، فلا يطيقه؛ لا يطيق زهده وورعه من تحته، ولذلك قال: (لا تتأمرن على اثنين).

التفكر في العاقبة يوم الدين

ومن علاج حب الرئاسة: التفكر في العاقبة يوم الدين، يوم الجزاء والحساب، يوم يحاسب كل إنسانٍ: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً [آل عمران:30] يوم الحساب؛ لأن فيه محاسبة قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي، أولها: ملامة، وثانيها: ندامة، وثالثها: عذابٌ يوم القيامة إلا من عدل) وقال عليه الصلاة والسلام: (إنكم ستحرصون على الإمارة، وإنها ستكون ندامةً وحسرةً يوم القيامة، فنعمَ المرضعة وبئست الفاطمة) نعم المرضعة في الدنيا بما تأتي على صاحبها من المنافع وتجر له من الجاه والأموال والبسط والنفوذ، ولكن بئست الفاطمة بالموت الذي يهدم لذاتها، ويورث النفس الحسرات، بما سيكون يوم القيامة، هذا أمر خطير ينبغي أن يحسب له حسابه، لا يتقدم إنسان ويتجرأ على منصب أو مكان أو مسئولية إلا وهو يضع نصب عينيه ماذا سيحدث له يوم القيامة ويحاسب نفسه قبل أن يحاسب، قال عليه الصلاة والسلام: (ليتمنينَ أقوامٌ ولوا هذا الأمر أنهم خروا من الثريا وأنهم لم يلوا شيئاً) سيأتي عليهم يوم يندمون ويتمنون لو أنهم خروا من السماء -نجم الثريا الذي في السماء- خروا إلى الأرض وأنهم ما تولوا شيئاً من أمور الناس لما حصلَ منهم من الخيانة أو التقصير أو الإثم والاعتداء والظلم، وقال عليه الصلاة والسلام: (ليودَّنَّ رجلٌ أن خرَّ من عند الثريا وأنه لم يلِ من أمر الناس شيئاً).

ولذلك كان أحد الخلفاء يقول: [وددت أني خرجت منها كفافاً لا لي ولا علي] من عظم استشعار المسئولية، ولو حصل خطأ أو شيء جلس يبكى، كيف هو مقصر، كيف لم يعلم عن هذه الأمة، أو كيف لم يعلم عن هؤلاء الناس والأفراد، وقال صلى الله عليه وسلم مبيناً خطورتها أيضاً: (لابد من العريف، والعريف في النار) أما العريف فهو: الذي يلي أمر القبيلة أو الجماعة من الناس.

رئيس الفوج من الجنود المتولي عليهم، المراتب العسكرية كل مرتبة تحته أشخاص، كلما ازدادت رتبته ازداد عدد الأفراد الذين يشرف عليهم، (لابد من العريف والعريف في النار) لابد من العريف لأنه لا يمكن أن يستقيم أمر الناس بدون عرفاء، لابد من وجود مسئولين ينظمون الأمور، والعريف في النار إذا لم يعدل، فهذا مقيد بعدم العدل وحصول الظلم منه يكون في النار، أما إذا عدل واستقام، فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمامٌ عادل؛ تولى وعدل.

إيثار الباقي على الفاني

وكذلك من الأشياء التي تعين على علاج حب الرئاسة في النفس: إيثار الباقي على الفاني والتفكر في هذه الدنيا وزوالها وسرعة انقضائها وهمومها وغمومها وأحزانها، وقصرها وهوانها على الله، لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فلو كانت تساوي جناح بعوضة ما أعطى الكافر ولا شربة ماء.

جاء في البخاري: أن عبد الله بن عمر حضر خطبة من تولى الملك في زمنه، قال الخطيب الذي تولى: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر -يعني: ينازعنا فيه- من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر، فليطلع لنا قرنه -فليظهر وليقف- فلنحنُ أحقُّ به منه ومن أبيه -نحن أحق بهذا الأمر منه ومن أبيه وعبد الله بن عمر جالس- قال عبد الله بن عمر : [فحللت حبوتي وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام -لأنه كان متأخراً في الإسلام هو وأبوه -يقول عبد الله بن عمر : هممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام من السابقين الأولين- قال ابن عمر : فخشيت أن أقول كلمةً تفرق بين الجمع وتسفك الدم، ويحمل عني غير ذلك، فذكرت -هذا الشاهد- فذكرت ما أعد الله في الجنان -أي: لما تذكر ما أعد الله في الجنان، سكت وما تكلم فالمسألة الآن في الرئاسة، كاد ابن عمر أن يتكلم لكنه سكت، لماذا سكت؟- قال: فذكرت ما أعد الله في الجنان فهانت علي] هينة لا شيء لا تساوي شيئاً.

التفكر في حال السلف وموقفهم من الرئاسة

وكذلك من علاج حب الرئاسة في النفس ومطاردة هذا النازع الموجود: التفكر في حال السلف في قضية موقفهم من الإمارة والرئاسة، فعن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: (كان سعد في إبلٍ له وغنم -ترك البلد جلس في الإبل والغنم- فأتاه ابنه عمر بن سعد ، فلما رآه قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب، فلما انتهى إليه فإذا هو ابنه عمر، قال: يا أبتي! أرضيتَ أن تكون أعرابياً في إبلك وغنمك والناس يتنازعون في الملك؟!) -أنت تخرج خارج المدينة بالإبل والغنم والناس يتنازعون في الملك وأنت من الصحابة السابقين الأولين، فـسعد بن أبي وقاص! ما خرج رغبة في الدنيا والترويح عن النفس والغنم والإبل، لا. لكنه هجر الفتنة، وترك هذا التنازع- (قال: فضرب سعدٌ صدر عمر وقال: اسكت يا بني فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي) غني النفس، تقي في نفسه، خفي يخفي عمله ولا يطلب رئاسات ومناصب، يكفيه ما هو فيه من شئون نفسه.

وكذلك حال الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، كيف كانوا يقولون، وعمر بن عبد العزيز بكى عدة مرات على المنبر، ويقول: يا أيها الناس: أنا أخلع نفسي ولا ألزم أحداً بطاعة، والناس هم الذين يصرون عليه ويقولون: بلى. أنتَ وتبقى، ويؤكدون له العهد، كذلك العلماء لما تهربوا من القضاء، القضاء مسئولية خطيرة جداً (قاضٍ في الجنة وقاضيان في النار) كيف كان هروب العلماء من القضاء؟ القضاء منصب ومسئولية وسلطة، وكان القاضي من أعظم الناس في زمانه، وكلمته لا تنزل إلى الأرض؛ فقد كانت مسموعة، وكانوا يهربون ويضربون عن القضاء ولا يتولونه ويسجنون ولا يتولونه، يرغمون يدفعون ويأبون، وكانوا يهربون من منصب الفتوى، مع أنهم أهل، لكن الواحد يرد الفتوى إلى الآخر، يقول: اذهب فاسأل فلاناً؟ لا يريد أن يتبوأ منصباً ويتصدر في الفتوى، لا يتصدر الفتوى بل يحيلها على غيره، وكانت الفتوى تذهب تدور على نفر وترجع إلى الأول كل واحد يرحلها إلى صاحبه، فهربوا من المسئوليات والقضاء والمناصب والفتوى هربوا يريدون النجاة لأنفسهم، لا يريدون تبعات، لم يكن قصدهم التهرب من المسئولية، وإنما كان الابتعاد عن النار.

التعود على الطاعة بالمعروف

وكذلك من علاج هذه النزعة في النفس: التعود على الطاعة بالمعروف وهضم النفس بأن يقبل أن يكون جندياً، يوضع حيث يوضع.

ألم تر أنه صلى الله عليه وسلم أثنى على رجل وعلى صنف من الناس فقال عليه الصلاة والسلام: (طوبى لعبدٍ آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعثٌ رأسه مغبرةٌ قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة ) -إذا وضعوه يحرس حرس، وإذا وضعوه في مؤخرة الجيش في الساقة: بقي في المؤخرة، ما قال: لا. لابد أن أكون في المقدمة وفي الصفوف الأولى، أنا في آخر الناس لماذا؟ (إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة ) ما دام في ذلك مصلحة المسلمين، وما دام هذا الذي أمره به القائد المسلم الذي يحكم فيهم بشريعة الله يطيع وينفذ- (إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع) هذا الرجل من هوانه على الناس أنه إذا استأذن على إنسان لا يؤذن له، وإن شفع في شخص لا يشفع، مغمور مجهول ليس له قدر، فلذلك لا تقبل شفاعته عند الناس، لكن هذا عند الله شأنه عظيمٌ جداً.

وأما علاج هذه الآفة، فلا شك أنه اللجوء إلى الله أولاً وقبل كل شيء، اللجوء إلى الله بأن يرزقه الإخلاص والسداد وأن يزيل ما في نفسه من المرض والعيب، فإن الإخلاص هو الذي عليه قبول الأعمال: (أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، عالم ومجاهد وقارئ) يقول هذا: تعلمتُ العلم في سبيلك لأعلم الناس وأنشر العلم، فيقال: تعلمت ليقال: عالم، وذاك يقول: قاتلتُ في سبيلك، فيقال: كلا. قاتلت ليقال: جريء، وقد قيل، أخذت أجرك في الدنيا، قيل عنك أنك جريء، فيسحب إلى النار، والآخر يقول: قرأت القرآن فيك، فيقال: قرأت ليقال: قارئ، حسن الصوت، خاشعٌ في تلاوته، مؤثر، وذاك يقول: تصدقت في سبيلك، فيقال: لا: تصدقت ليقال: جواد، وقد قيل، أخذت أجرك في الدنيا، فيسحبون إلى النار.

فلابد من الإخلاص لله سبحانه وتعالى, والتجرد عن النوازع الشخصية وتقديم مصلحة الإسلام والمسلمين قبل كل شيء.

وكذلك من العلاج: استشعار المسئولية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى سائلٌ كل راع ٍعما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته). (إن الله تعالى سائل كل راعٍ عما استرعاه) كل واحد عنده رعية، يسوس أُناساً أو يقودهم ويرأسهم ويتولى عليهم، يحاسب أمام الله يوم القيامة على هذا، والسؤال يوم القيامة ليس سؤالاً هيناً بل سؤال حساب. (إن الله تعالى سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) وكلما كبرت المسئولية، ازداد الحساب واشتد.

وكذلك من علاج حب الرئاسة: تقدير النفس أن يعرف الإنسان قدره: [رحم الله امرأً عرف قدر نفسه] يعرف المسئولية وما يتطلبه الوضع، ويعرف إمكانات نفسه، وهل يستطيع أن يقوم بالمسئولية أو لا، هذا الحساب للنفس مهم، هل أنا أصلح لهذه المسئولية؟ هل عندي قدرات لأن أقوم بهذه المسئولية؟ هل عندي ما أستطيع أن أملأ به هذا المكان وأعطيه حقه وأؤدي الأمانة؟

محاسبة النفس في غاية الأهمية، فإذا عرف أنه ضعيف فلا يقدم، قال النبي صلى الله عليه وسلم لـأبي ذر -وهذا حديث عجيب- فعلاً: (يا أبا ذر ! إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) وقال في رواية أخرى: (يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تتأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم) النبي عليه الصلاة والسلام يعرف شخصية أبي ذر جيداً، فـأبو ذر رحمه الله ورضي عنه وأرضاه صادق من أصدق الناس لساناً، ورع، زاهد في الدنيا، عنده مناقب كثيرة ومن السابقين للإسلام، ضرب حتى صار نقباً أحمر من الدم الذي نزل عليه، ضربه كفار قريش لما جهر بإسلامه فما خاف، ومن أوائل السابقين للإسلام أبو ذر الغفاري ، لكن ليس كل فاضل عابد عنده علم وزهد وورع يصلح للقيادة، القيادة تتطلب متطلبات ومواصفات معينة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا أبا ذر ! إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي) أحب لك أن تبقى في جانب السلامة، أن تظل على خير، ألا تظلم أحداً ولا تبوء بإثم أحد: (إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تتأمرن على اثنين- لا تتأمرن على اثنين ولو في طريق سفر- ولا تولين مال يتيم) رضي الله عنه كان عنده شدةٌ يأخذ نفسه بها، وربما رغم غيره ويدعو غيره عليها، يحملهم عليها، فلا يطيقه؛ لا يطيق زهده وورعه من تحته، ولذلك قال: (لا تتأمرن على اثنين).

ومن علاج حب الرئاسة: التفكر في العاقبة يوم الدين، يوم الجزاء والحساب، يوم يحاسب كل إنسانٍ: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً [آل عمران:30] يوم الحساب؛ لأن فيه محاسبة قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي، أولها: ملامة، وثانيها: ندامة، وثالثها: عذابٌ يوم القيامة إلا من عدل) وقال عليه الصلاة والسلام: (إنكم ستحرصون على الإمارة، وإنها ستكون ندامةً وحسرةً يوم القيامة، فنعمَ المرضعة وبئست الفاطمة) نعم المرضعة في الدنيا بما تأتي على صاحبها من المنافع وتجر له من الجاه والأموال والبسط والنفوذ، ولكن بئست الفاطمة بالموت الذي يهدم لذاتها، ويورث النفس الحسرات، بما سيكون يوم القيامة، هذا أمر خطير ينبغي أن يحسب له حسابه، لا يتقدم إنسان ويتجرأ على منصب أو مكان أو مسئولية إلا وهو يضع نصب عينيه ماذا سيحدث له يوم القيامة ويحاسب نفسه قبل أن يحاسب، قال عليه الصلاة والسلام: (ليتمنينَ أقوامٌ ولوا هذا الأمر أنهم خروا من الثريا وأنهم لم يلوا شيئاً) سيأتي عليهم يوم يندمون ويتمنون لو أنهم خروا من السماء -نجم الثريا الذي في السماء- خروا إلى الأرض وأنهم ما تولوا شيئاً من أمور الناس لما حصلَ منهم من الخيانة أو التقصير أو الإثم والاعتداء والظلم، وقال عليه الصلاة والسلام: (ليودَّنَّ رجلٌ أن خرَّ من عند الثريا وأنه لم يلِ من أمر الناس شيئاً).

ولذلك كان أحد الخلفاء يقول: [وددت أني خرجت منها كفافاً لا لي ولا علي] من عظم استشعار المسئولية، ولو حصل خطأ أو شيء جلس يبكى، كيف هو مقصر، كيف لم يعلم عن هذه الأمة، أو كيف لم يعلم عن هؤلاء الناس والأفراد، وقال صلى الله عليه وسلم مبيناً خطورتها أيضاً: (لابد من العريف، والعريف في النار) أما العريف فهو: الذي يلي أمر القبيلة أو الجماعة من الناس.

رئيس الفوج من الجنود المتولي عليهم، المراتب العسكرية كل مرتبة تحته أشخاص، كلما ازدادت رتبته ازداد عدد الأفراد الذين يشرف عليهم، (لابد من العريف والعريف في النار) لابد من العريف لأنه لا يمكن أن يستقيم أمر الناس بدون عرفاء، لابد من وجود مسئولين ينظمون الأمور، والعريف في النار إذا لم يعدل، فهذا مقيد بعدم العدل وحصول الظلم منه يكون في النار، أما إذا عدل واستقام، فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمامٌ عادل؛ تولى وعدل.

وكذلك من الأشياء التي تعين على علاج حب الرئاسة في النفس: إيثار الباقي على الفاني والتفكر في هذه الدنيا وزوالها وسرعة انقضائها وهمومها وغمومها وأحزانها، وقصرها وهوانها على الله، لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فلو كانت تساوي جناح بعوضة ما أعطى الكافر ولا شربة ماء.

جاء في البخاري: أن عبد الله بن عمر حضر خطبة من تولى الملك في زمنه، قال الخطيب الذي تولى: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر -يعني: ينازعنا فيه- من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر، فليطلع لنا قرنه -فليظهر وليقف- فلنحنُ أحقُّ به منه ومن أبيه -نحن أحق بهذا الأمر منه ومن أبيه وعبد الله بن عمر جالس- قال عبد الله بن عمر : [فحللت حبوتي وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام -لأنه كان متأخراً في الإسلام هو وأبوه -يقول عبد الله بن عمر : هممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام من السابقين الأولين- قال ابن عمر : فخشيت أن أقول كلمةً تفرق بين الجمع وتسفك الدم، ويحمل عني غير ذلك، فذكرت -هذا الشاهد- فذكرت ما أعد الله في الجنان -أي: لما تذكر ما أعد الله في الجنان، سكت وما تكلم فالمسألة الآن في الرئاسة، كاد ابن عمر أن يتكلم لكنه سكت، لماذا سكت؟- قال: فذكرت ما أعد الله في الجنان فهانت علي] هينة لا شيء لا تساوي شيئاً.