خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/35"> الشيخ محمد صالح المنجد . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/35?sub=16019"> خطب عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
زيد بن عمرو موحد في الجاهلية
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ففي هذه السلسلة الجديدة -أيها الإخوة- من قصص الصحابة في عهد النبوة، نتناول واحداً من المؤمنين الموحدين الذي ربما يدخل في شرط هذه السلسلة، وربما لا يدخل، ولكنه -على أية حال- رجل من الموحدين ينبغي التعريف به، ومعرفة سيرته التي اعتنى الإمام البخاري رحمه الله تعالى من بين أصحاب الكتب التسعة جميعاً بذكر سيرته، حتى لا يكاد يوجد في كتابٍِ غير صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل مثل هذه الروايات المجموعة، وهذا الرجل هو زيد بن عمرو بن نفيل رحمه الله تعالى ورضي الله عنه وأرضاه.
روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: [أن
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: [رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائماً مسنداً ظهره إلى الكعبة، يقول: يا معشر قريش! والله ما منكم على دين إبراهيم غيري، وكان يحيي الموءودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها، أنا أكفيك مؤنتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت، قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤنتها].
هذا الرجل زيد بن عمرو بن نفيل هو والد سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة، وزيد بن عمرو بن نفيل هو ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، كان ممن طلب التوحيد، وخلع الأوثان، وجانب الشرك، لكنه مات قبل البعثة النبوية.
قال زيد بن عمرو : إني خالفت قومي، واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان، وكانا يصليان إلى هذه القبلة، وأنا أنتظر نبياً من بني إسماعيل يبعث ولا أراني أدركه -هذا إحساسه- وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي.
فمن قبل البعثة يشهد أنه نبي؛ لأنه قد علم أنه سيبعث، لكنه ما بعث، فأشهد الله والناس أنه يؤمن ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعرفه.
قال زيد بن عمرو لـعامر بن ربيعة: "وإن طالت بك حياةٌ، فأقرئه مني السلام". أنا أحس يا عامر أني لن أدركه، فإذا أدركته أنت، فأقرئه مني السلام.
قال عامر : فلما أسلمت أعلمت النبي صلى الله عليه وسلم بخبره، قال: فرد عليه السلام وترحم عليه، وقال: (ولقد رأيته في الجنة يسحب ذيولا) مما أسبغ الله عليه من الثياب والنعيم.
زيد بن عمرو يبحث عن الحقيقة
وقد سأل سعيد بن زيد هو وعمر بن الخطاب ؛ باعتبار أن عمر ابن عمه، يهمه أمره أيضاً، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد ؟ فقال: (غفر الله له ورحمه، فإنه مات على دين إبراهيم).
وعن عروة قال: [بلغنا أن
قال ابن إسحاق : لما توسط بلاد لخم قتلوه، وقيل: إنه مات قبل البعثة بخمس سنين عند بناء قريش للكعبة.
هل زيد بن عمرو من الصحابة؟
لأنه إذا جاء على أحد الاحتمالين في تعريف الصحابي دخل وإلا فلا.
أما تعريف الصحابي، فهو: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك.
من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، هل يشترط في كونه مؤمناً به أن تقع رؤيته له بعد البعثة، أم لا؟
الآن: زيد بن عمرو لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، لكنه لا يعرف أن هذا هو النبي، لقي النبي صلى الله عليه وسلم وجلس وتحدث معه ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث بعد، لكنه لقيه وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن هناك نبيٌ سيبعث هو رسول الله ولم يكن يعلم أنه هو، فهل يشترط في الصحابي أن يكون قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به بعد البعثة؟ أو أنه يكفي أن يراه قبل البعثة وهو يؤمن أنه سيبعث؟
فعلى الأول: لا يدخل في تعريف الصحابي، وعلى الثاني يدخل في تعريف الصحابي.
ولا شك أنه كان حنيفاً مؤمناً موحداً رحمه الله ورضي عنه، فإنه كان قد رفع يديه يقول: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم.
وقد جاء عن أسامة بن زيد عن أبيه أنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار من أيام مكة ، وهو مردفي- أنا وراءه- فلقينا زيد بن عمرو ، فقال له: يا زيد : ما لي أرى قومك سبقوك، فقال: خرجت أبتغي هذا الدين، فذكر الحديث المشهور باجتماعه مع اليهودي وقوله: لا تكن من ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله، واجتماعه مع النصراني وقوله: لا تكن من ديننا حتى تأخذ نصيبك من لعنة الله.
وفي آخر الأثر: [ إن الذي تطلبه قد ظهر ببلادك -قد بعث نبيٌ طلع نجمه- وجميع من رأيت في ضلال ].
فهذا يعني: أنه رحمه الله قد مات على التوحيد، وهو يؤمن بالنبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم.
كان من خبر زيد ما روى البزار والطبراني من حديث سعيد بن زيد ولده، قال: خرج زيد بن عمرو وورقة بن نوفل يطلبان الدين -يبحثان عن الحق، وعن الدين الصحيح قبل البعثة- حتى أتيا الشام، فتنصر ورقة بن نوفل -دخل في دين النصارى- لكن على دين التوحيد -أي: تابع عيسى بن مريم- وامتنع زيد ، فأتى الموصل فلقي راهباً، فعرض عليه النصرانية ، فامتنع.
وقد سأل سعيد بن زيد هو وعمر بن الخطاب ؛ باعتبار أن عمر ابن عمه، يهمه أمره أيضاً، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد ؟ فقال: (غفر الله له ورحمه، فإنه مات على دين إبراهيم).
وعن عروة قال: [بلغنا أن
قال ابن إسحاق : لما توسط بلاد لخم قتلوه، وقيل: إنه مات قبل البعثة بخمس سنين عند بناء قريش للكعبة.
بناءً على ما تقدم فإن هذا الرجل يحتمل أن يكون من الصحابة ويحتمل ألا يكون. لماذا؟
لأنه إذا جاء على أحد الاحتمالين في تعريف الصحابي دخل وإلا فلا.
أما تعريف الصحابي، فهو: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك.
من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، هل يشترط في كونه مؤمناً به أن تقع رؤيته له بعد البعثة، أم لا؟
الآن: زيد بن عمرو لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، لكنه لا يعرف أن هذا هو النبي، لقي النبي صلى الله عليه وسلم وجلس وتحدث معه ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث بعد، لكنه لقيه وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن هناك نبيٌ سيبعث هو رسول الله ولم يكن يعلم أنه هو، فهل يشترط في الصحابي أن يكون قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به بعد البعثة؟ أو أنه يكفي أن يراه قبل البعثة وهو يؤمن أنه سيبعث؟
فعلى الأول: لا يدخل في تعريف الصحابي، وعلى الثاني يدخل في تعريف الصحابي.
ولا شك أنه كان حنيفاً مؤمناً موحداً رحمه الله ورضي عنه، فإنه كان قد رفع يديه يقول: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم.
وقد جاء عن أسامة بن زيد عن أبيه أنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار من أيام مكة ، وهو مردفي- أنا وراءه- فلقينا زيد بن عمرو ، فقال له: يا زيد : ما لي أرى قومك سبقوك، فقال: خرجت أبتغي هذا الدين، فذكر الحديث المشهور باجتماعه مع اليهودي وقوله: لا تكن من ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله، واجتماعه مع النصراني وقوله: لا تكن من ديننا حتى تأخذ نصيبك من لعنة الله.
وفي آخر الأثر: [ إن الذي تطلبه قد ظهر ببلادك -قد بعث نبيٌ طلع نجمه- وجميع من رأيت في ضلال ].
فهذا يعني: أنه رحمه الله قد مات على التوحيد، وهو يؤمن بالنبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم.
الحديث الأول: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي
قوله: بلدح : مكان في طريق التنعيم ، ويقال: هو وادٍ، التقى فيه زيد بن عمرو بن نفيل بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، فقدّم إليه النبي صلى الله عليه وسلم سفرة قبل أن يكون نبياً؛ وهي: المائدة التي عليها الطعام، وقيل: إن السفرة كانت لقريش قدموها للنبي صلى الله عليه وسلم، فقدمها هو لـزيد بن عمرو ، واللحم الذي في السفرة ذبحه القرشيون وكانوا مشركين، ذبحوه على عادتهم وهي الذبح على الأنصاب والأوثان والأصنام، فلما قدم اللحم لـزيد بن عمرو بن نفيل رفض أن يأكله، وقال: إنا لا نأكل ما ذبح على أنصابكم. والأنصاب جمع نصب: وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها.
قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل مما كانوا يذبحون عليها، ويأكل ما عدا ذلك، وإن كانوا لا يذكرون اسم الله عليه؛ لأن الشرع لم يكن نزل بعد.
فالطعام الذي قُدّم لـزيد بن عمرو بن نفيل كان قد ذبح على النصب، وكان زيد يعلم كيف يذبحون، وكان موحداً لا يعبد إلا الله ويفهم أن الذبح عبادة، وأنه ما دام ذبح على النصب، فلا يجوز أن يؤكل لأنه شرك، وهو موحد على ملة إبراهيم، ولذلك رفض زيد بن عمرو بن نفيل أن يأكل، وكان يقول: عذت بما عاذ به إبراهيم، ثم يخر ساجداً للكعبة. لا يعرف كيف الصلاة، ولا الركعات، ولا الأوقات، لكن يعرف أن السجود تعظيم، وأنه يعبد الله، فكان يسجد للكعبة التي بناها إبراهيم لله عز وجل، ساجداً لله عز وجل إلى جهة الكعبة.. هكذا كان يفعل.
فمر زيد بن عمرو بـزيد بن حارثة والنبي صلى الله عليه وسلم وهما يأكلان فدعياه، فقال: يا بن أخي! لا آكل مما ذبح على النصب.
قال زيد بن حارثة : [ فما رئي النبي صلى الله عليه وسلم يأكل مما ذبح على النصب من يومه ذلك ].
وجاء أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه وكان على بقايا دين إبراهيم الذي كان في قريش، وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة، وتحريم ما ذبح على النصب، فكان زيد يفهم أنه لا يجوز له أكلها؛ ولذلك امتنع عن أكلها.
وكذلك كان من أَمرِه أنه خرج يسأل عن التوحيد؛ فلقي عالماً من اليهود كما جاء في القصة وسأله، وكانت هذه القصة مما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم سمعها من زيد بن عمرو ، وقال له: (مالي أرى قومك قد سبقوا عليك -أي: أبغضوك، النبي صلى الله عليه وسلم يسأل
إذاً: هذا يدل على أن زيداً رجع إلى الشام حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع به، فرجع فمات، لكنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا عندما بحث عنه في الشام ، لما برز وخرج من أرضهم، قال: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم.
وكان يقول لقريش: ما منكم على دين إبراهيم غيري، وفي رواية كان يقول: إلهي إله إبراهيم، وديني دين إبراهيم، وكان قد ترك عبادة الأوثان، وترك أكل ما يذبح على النصب، وفي رواية ابن إسحاق أنه كان يقول: اللهم لو أعلم أحب الوجوه إليك لعبدتك به. أي: لو أعلم أحب الطرق التي تحب أن تعبد بها، وكيفية عبادة معينة، ووجه معين من أوجه التعبد لعبدتك به، ولكني لا أعلمه، ثم يسجد على الأرض براحته.
كان من كريم أخلاق هذا الرجل أنه كان يحيي الموءودة كما جاء في الحديث، والمقصود بإحياء الموءودة، أي: إبقاؤها حية، وإلا فلا يحيي من العدم إلا الله، ومعنى يحيي الموءودة: أي: يبقيها على قيد الحياة، يفتديها أن تقتل، ويمنع عنها القتل، ووأد الشيء: إذا أثقله، وأطلق على دفن البنات وهن على قيد الحياة.
سبب وأد البنات في الجاهلية
فاختارت الذي سباها -كل هذا الكلام في الجاهلية- فحلف أبوها عندما رأى هذا الأمر ليقتلن كل بنتٍ تولد له، قال: ما دام أن هذه البنت استغنت عني واختارت الذي سباها، فإن كل بنت تأتيني سأقتلها -جاهلي- فتبعه العرب على هذا المبدأ. يعني: هذه كانت بداية وأد البنات عند العرب نتيجة -كما قيل- لهذه القصة.
ثم إن منهم من كان يفعل ذلك من إملاق؛ أي: خوف الفقر، ولذلك قال الله عز وجل: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] فكان العرب يئدون بناتهم خشية الفضيحة، وخشية الإملاق.
ويقولون: الذكر والولد يدافع عن نفسه وأهله ويعين أباه، ويعمل ويكسب ويصيد، لكن البنت ضعيفة، فإما أن تسبى فتصبح عاراً علينا، أو أنها تكون عالةًً علينا، فإما عار وإما عالة، فالحل قتل البنات وإزهاق أرواحهن.
يقال: إن أصل وأد البنات كان نتيجة الغيرة على البنت؛ لأن بعض العرب سبيت ابنته عندما أغار عليه رجل من العرب وسبى ابنته وأخذها، فاستفرشها ووطئها وصارت عنده، فلما أراد أبوها أن يفتديها منه، خيرها الذي سباها، قال: أتريدين أن ترجعي إلى أبيك أو تمكثي عندي؟
فاختارت الذي سباها -كل هذا الكلام في الجاهلية- فحلف أبوها عندما رأى هذا الأمر ليقتلن كل بنتٍ تولد له، قال: ما دام أن هذه البنت استغنت عني واختارت الذي سباها، فإن كل بنت تأتيني سأقتلها -جاهلي- فتبعه العرب على هذا المبدأ. يعني: هذه كانت بداية وأد البنات عند العرب نتيجة -كما قيل- لهذه القصة.
ثم إن منهم من كان يفعل ذلك من إملاق؛ أي: خوف الفقر، ولذلك قال الله عز وجل: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] فكان العرب يئدون بناتهم خشية الفضيحة، وخشية الإملاق.
ويقولون: الذكر والولد يدافع عن نفسه وأهله ويعين أباه، ويعمل ويكسب ويصيد، لكن البنت ضعيفة، فإما أن تسبى فتصبح عاراً علينا، أو أنها تكون عالةًً علينا، فإما عار وإما عالة، فالحل قتل البنات وإزهاق أرواحهن.
كانت العرب تقتل البنات بطريقتين:
الطريقة الأولى: أن تأتي المرأة الحامل على وشك الوضع إلى حفرة -تحفر فتكون عند الحفرة- وتأتي القابلة التي تستلم المولود، فتولد المرأة، فإذا خرج ذكراً أبقته، وإذا خرجت أنثى ألقتها في الحفرة مباشرة.
الطريقة الثانية: أن بعضهم كان يتأني بها وينتظر ولا يدفنها مباشرة، فإذا بلغت سبع سنين، قال لأمها: زينيها؛ لأزور بها أقاربها، فإذا زينتها وجملتها أخذها في الطريق إلى بئرٍ، ثم قال: انظري فيه، فإذا نظرت دفعها من الخلف فوقعت على رأسها وطم عليها الحجارة والتراب وتموت، قال الله: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [النحل:58-59] وجاء الله تعالى بالإسلام، وحرَّم وأد البنات وقتل الأولاد عموماً، قال تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9] وسؤالها يوم القيامة ليس سؤال محاسبة؛ لأنها صغيرة غير مكلفة، لكن تسأل توبيخاً لمن قتلها، فتسأل الوليدة: لم قتلت؟ والمقصود بالسؤال توبيخ القاتل؛ وهو أبوها: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9] وبالإضافة إلى ذلك جاء الإسلام بالأجر العظيم لمن أحسن تربية البنات: (من عال جاريتين أو ثلاثاً وأطعمهن وكساهن من جذته -من ماله ومما أعطاه الله- وصبر عليهن، كن له ستراً من النار).
وجاء في فضل تربية البنات، وأجر تربية البنات ما لم يأتِ في أجر تربية الذكران؛ لأن النفوس قد تثقل عليها البنت، وبعض الناس يكرهون البنات، وربما إذا كانت المرأة قائمةً فجاءها خبر ولادة بنت من أحد أهلها قعدت، أو دعت عليها مباشرة أن يعجل الله أخذها، وترى بعضهم إذا سأل الآخر: ماذا أتى لك؟ فإذا قال: أتاني ذكر، جعل يهنئه ويظهر الفرح والاستبشار بقدوم المولود الذكر لصاحبه، وإذا قال: جاءتنا بنت؟ قال: يا الله! الحمد لله على سلامة الأم، أي: المهم أن الأم سلمت، ولا يظهر الفرح بالبنت والاستبشار مثلما يظهر للولد، ولذلك نهينا عن تهنئة الجاهلية: بالرفاء والبنين.
لماذا نهينا عن هذه التهنئة؟
الرفاء هو: الالتحام والارتفاق والتوافق؛ وهذا جيد ولا بأس أن تدعو للمتزوج بالرفاء، فليست المشكلة في قولهم: بالرفاء، لكن المشكلة والمصيبة في قولهم: بالبنين؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يكرهون البنات، فأي إنسان من المتزوجين الجدد يقال له: بالرفاء والبنين، لماذا البنين؟ جمع ابن؛ لأنهم يكرهون البنات، فيقولون: الرفاء والبنين؛ هذه التهنئة الجاهلية انتقلت إلينا، مع أنه قد ورد النهي عنها، فتجد بعض الناس إذا كتب بطاقة تهنئة لمتزوج قال: بالرفاء والبنين.
إذاً: كل ما أتى من عند الله، فحياه الله ومرحباً وأهلاً وعلى الرحب والسعة، واحتساب الأجر في الإنفاق على البنات ربما يفوق الإنفاق على الذكور؛ بحسب ما ورد في الأحاديث من فضل الإنفاق على البنات.
وكان هذا الرجل يقول للعربي الجاهلي إذا جاءته بنت: أنا أكفيك مؤنتها، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن زيد ؟ فقال: (يبعث يوم القيامة أمةً وحده بيني وبين عيسى بن مريم).
وكان زيد بن عمرو بن نفيل يذكر أشعاراً في مجانبة الأوثان، وكان يدعو كفار قريش إلى التوحيد، وقد فارق قومه واتبع ملة إبراهيم، وكان ينتظر نبياً من ولد إسماعيل، ولكن شاء الله وقدَّر أن يموت قبل ذلك، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ترحم عليه، وبشَّر أهله أنه من أهل الجنة.
هذا طرف من سيرة هذا الرجل رحمه الله ورضي عنه وأرضاه.