وسائل محاربة الشيطان وأتباعه


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً [فاطر:5-6].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [البقرة:208].

على رأس كل طريق شيطان يدعو إليه، فإياك أيها المسلم! من دخول سُبل الشيطان التي حذرنا الله منها، هو عدوك وعدو أبيك آدم، هذا الشيطان الذي طرده الله من رحمته وتوعده بالنار خالداً فيها، فطلب من رب العزة أن يمهله وأخذ العهد على نفسه أن يعمل على إضلال بني آدم، ولما كان الشيطان بهذا الخبث والمكر شرع الله لنا كل طريق للاستعاذة منه ومن شره، والوقاية منه ومن مكره، وتجنبه ورد كيده في نحره.

ومن أعظم طرق الشيطان ما قاله الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ... * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90-91] وكم من المسلمين يقعون اليوم في شرب الخمور التي هي من أعظم وسائل الشيطان لصد المسلم عن طاعة ربه وعبادة الله الواحد الأحد، وكذلك أنواع الميسر التي انتشرت بين الناس في بيوعهم وشراءاتهم، فلا يزالون يقعون فيها ويلعبون مختلف الألعاب التي تقوم على فكرة الميسر: وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام:68].

فهناك مجالس لأعوان الشيطان؛ يزين الشيطان للمسلم أن يقعد فيها، فيحذر الله من هذا أشد التحذير، وللشيطان سُبل كثيرة، لكن ما هي الوسائل التي تقي المسلم كيد إبليس؟ وما هي الأعمال التي يقوم بها فيبتعد بها عن شر هذا العدو؟

إن الشريعة قد جاءت بأمور كثيرة فمن ذلك:

الأذان: (إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة أحال -تحول من موضعه- وله ضراط حتى لا يسمع صوت التأذين، فإذا سكت -يعني: المؤذن- رجع فوسوس، فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته -صوت المؤذن- فإذا سكت رجع فوسوس للمصلي) فعليكم -عباد الله- بالأذان وإقام الصلاة، ولا تفعلوا كبعض الضعفاء الذين يستحيون إذا صاروا في بر أو موضع فيه أناس يستحيون من التأذين، وهذا شعار الإسلام ومطردة للشيطان.

ومما شرعه الإسلام لنا قول: باسم الله إذا وضع أحدنا ثوبه؛ لأن باسم الله ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم.

ومن ذلك: أن المرء المسلم ينبغي أن يخلو بذكر الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من راكب يخلو في مسيره بالله وذكره إلا كان رادفه ملك، ولا يخلو بشعر ونحوه -من هذه الأمور المذمومة- إلا كان رديفه شيطان) فانظر إلى أصحاب السيارات والمسافرين كم يحملون معهم من أشرطة الأشعار والأغاني التي هي من سبل الشيطان، يصحبون بها أنفسهم في السفر بدلاً من أن يصحبوا أنفسهم بذكر الله فيصحبهم الله في سفرهم.

وكذلك إذا قمت من النوم -يا عبد الله- فاستنثر ثلاث مرات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه) فاعتن بهذا الاستنشاق والاستنثار، ودع عنك ما يفعله الجهال من وضع الماء على طرف الأنف دون سحبه إلى الداخل.

وإذا سمعتم نهيق حمار أو نباح كلب بالليل، فتعوذوا بالله من الشيطان فإنهن يرين مالا ترون، وكذلك استعذ بالله عند قراءة القرآن كما قال الله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98] وعند الغضب (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لذهب عنه ما يجد) وعند دخول الخلاء قل: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) هؤلاء ذكران الشياطين وإناثهم، وأنت تستعيذ بالله منهم ومن شرهم قبل دخول الخلاء.

وكذلك فإن مما شرعه الله للمسلم أن يتعوذ بالمعوذتين: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، يتلوهما بعد كل صلاة ثلاث مرات وقبل النوم ثلاث مرات مع السورة العظيمة التي تعدل ثلث القرآن، إن مجموع هذه السور تحصن المسلم أشد تحصين من الشيطان وشره، من عين أو سحر أو كيد ونحو ذلك.

وهؤلاء ينامون كالجيف لا يذكرون الله قبل النوم، ولا يتعوذون بالله فقال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [الفلق:1-2].. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ [الناس:1-4].

والعوام تعودوا إذا حصل لهم شيء أن يلعنوا إبليس وأن يسبوا الشيطان بدلاً من أن يذكروا الله عز وجل، وهذا أقل ما فيه أنه يفوت عليه خيراً عظيماً، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا الشيطان وتعوذوا بالله من شره) وأرشدنا إلى أمر أهم وقال: (لا تقل تعس الشيطان فإنه يعظم حتى يصير مثل البيت، ويقول: بقوتي صرعته ولكن قل: باسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى صار مثل الذباب).

أرشدتنا الشريعة إلى قراءة سورة البقرة في البيت، وقال عليه الصلاة والسلام: (اقرءوا سورة البقرة في بيوتكم؛ فإن الشيطان لا يدخل بيتاً يُقرأ فيه سورة البقرة) فكم من قارئ لسورة البقرة في بيته!

وإذا مررت بسورة فيها سجدة فاسجد -يا عبد الله!- فإن سجودك إرغام للشيطان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويلاه! أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار) هكذا يتحسر إبليس.

وأنت يا أيها الزوج مع زوجته تجنب الشقاق والفراق، فإن هذا من أعظم مداخل إبليس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم -من الشياطين الصغار إلى القائد إبليس- فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً، ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، فيدنيه منه ويقول: نعم. أنت الذي قمت وعملت) أنت الناجح في عملك.

وهؤلاء المغتاظون من الرجال يطلقون ألفاظ الطلاق مرات عديدة متوالية، يؤزهم الشيطان أزاً، ولا يفكرون بمستقبل الأولاد، يعميهم الشيطان بالغضب أن يفكروا في مصالح أنفسهم.

رصوا الصفوف -يا عباد الله!- فإن رص الصفوف من وسائل محاربة الشيطان؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أقيموا الصفوف ولا تذروا فرجات للشيطان، أقيموا صفوفكم وتراصوا فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشياطين بين صفوفكم كأنها غنم عفر -بيضاء ليست بناصعة- بين أظهركم) فإذاً: ما حال الذين يتباعدون بينهم وبين جيرانهم في الصف، ولا يريدون إلزاقاً ولا سداً للفرجة، هؤلاء من الذين تشتد وسوسة الشيطان عليهم في صلاتهم، فإذا صليت يا أيها الإمام! ويا أيها المنفرد! اجعل سترةً أمامك فإنها مهمة في دفع الوساوس في الصلاة، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، لا يمر الشيطان بينه وبينها -وفي رواية- لا يقطع الشيطان عليه صلاته) فإذا جاءك في الصلاة فوسوس لك وذكرك بموضوعات الدنيا، وأدخلك في أوديتها ومتاهاتها، وأولجك شعبها فإن لك من نبيك نصيحة.

قال أحد الصحابة: (يا رسول الله! إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي، وقراءتي يلبسها عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته؛ فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت فأذهبه الله عني) فإذا كنت تصلي وحدك أو ليس بجانبك أحد وجاء الوسواس في الصلاة؛ فإنك تتفل عن يسارك كما في الحديث مع الاستعاذة، وإن كان بجانبك أحد فلم تحب أن تؤذي أحداً فاستعذ بالله من الشيطان أثناء الصلاة، فإن الله يُذهب عنك كيده ووسوسته، وما سجدتي السهو بهذه المناسبة إلا ترغيماً للشيطان الذي يوسوس للمصلي، فابن على الاستيقان وهو الأقل، إذا شككت ولم تعرف ترجيحاً لعدد الركعات التي صليتها، ثم بعد ذلك تسجد سجدتين للسهو ترغم بها أنف الشيطان.

ويا أيها المصلي المتشهد القارئ للتحيات! لا تنس رفع الإصبع أثناء التشهد في الصلاة، فإنه أثقل على الشيطان من الحديد، ارفعه وحركه، واجمع بين الرفع والتحريك دون عبث ولا سرعة شديدة جداً.

فإذا تثاءبت في الصلاة فلا يصدر منك ذلك الصوت الكريه، فإن الشيطان يضحك منك، وعليك أن تغطي فاك ولا تذره يدخل، فإنه يدخل مع التثاؤب ويضحك منك، بل اكتم التثاؤب ما استطعت ورده، وأغلق الفم ولا تذرها مضحكة للشيطان تؤذي عباد الله بصوتك ومنظرك الكريه.

وإذا دخلت بيتك فاذكر اسم الله تعالى حين تدخل وحين تطعم، فإنك إذا فعلت ذلك قال الشيطان لأعوانه: لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا وإذا دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه؛ قال الشيطان: أدركتم المبيت والعشاء.

ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمسك بيده يد أعرابي وجارية جاءا يسعيان إلى الطعام لم يذكرا الله عز وجل؛ معهما يد ثالثة وهي يد الشيطان، كما قال عليه الصلاة والسلام: (فوالذي نفسي بيده إن يده مع يديهما في يدي) وانظر إلى حال المتفرجين المقلدين للكفار في أكلهم، يقطعون اللحم باليمين، ويأكلون بالشوكة باليد الشمال، ويأكل الشيطان معهم؛ لأن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، تعودوا عليها حتى إنهم ليفعلونها دون تذكر، والشيطان يستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه.

وكذلك: فإننا نذكر الله عند كل حالنا طرداً للشيطان، ونحرم الشيطان من اللقمة التي تسقط في الأرض، فنميط الأذى عنها ونأكلها ولا ندعها للشيطان.

وإذا رأينا الرؤيا وانزعجنا منها، فإننا نتفل عن يسارنا ثلاثاً ونتعوذ بالله من الشطان ولا نخبر بها الناس (إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس) رواه الإمام مسلم في صحيحه.

وإياك -أيها المسلم- والعجلة؛ فإن العجلة من الشيطان، ولا تمش بنعل واحدة فإن الشيطان يمشي بنعل واحدة، ولا تجلس بين الشمس والظل؛ فإنه مجلس الشيطان، فإذا وصلتك الشمس وصار بعضك في الظل وبعضك في الشمس فتحول إما إلى الشمس أو إلى الظل، فإن ذلك مجلس الشيطان، كيف عرفنا هذا؟ بخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي حذرنا ونبهنا وعلمنا الصغيرة والكبيرة، الخمر والميسر والربا الذي لا يقوم آكله إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس.

من هذه الأشياء الكبيرة وعلى رأسها الشرك بالله؛ إلى الأشياء الصغيرة جداً كالمشي بالنعل الواحدة، وعدم الجلوس بين الشمس والظل، فأي دين أعظم من هذا؟ أرشد أتباعه إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم.

نسأل الله العظيم أن يقينا وإياكم شر الشيطان وشركه وأن يعيننا على أنفسنا.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله الذي لا إله إلا هو لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء، لا إله إلا الله الحي القيوم، لا إله إلا الله مالك الملك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، أشهد أنه عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه إلى يوم الدين.

ومن أعظم أتباع الشيطان: اليهود والنصارى والمشركون، الذين عاثوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، هؤلاء الذين يقتلون إخواننا يومياً، يقتلون المسلمين في أرض فلسطين ، ويقتلونهم اليوم في البوسنة ، ويقتلونهم اليوم في الهند ، هؤلاء الكفرة المشركون عباد الشيطان الوثنيون.

إن هذه الحادثة التي حدثت مؤخراً من إقدام الهندوس الكفرة الوثنيين عبدة الشيطان والأصنام، الذين يعتقدون البقرة إلهاً، ويستعد أحدهم ليحرف قطاراً عن مساره من أجل بقرة، عقولهم الوثنية التي تجعلهم يستحمون في نهرهم المقدس ويحرقون المرأة بعد موت زوجها، لأنه لا قيمة لها عند ذلك.

هذه التقاليد العفنة التي أورثها الشيطان لأولئكم القوم، والذين قاموا اليوم بتحريكٍ من أوليائهم من اليهود والنصارى بهدم مسجد تاريخي للمسلمين مسجد البابلي في الهند ، هؤلاء الذين فعلوا فعلتهم ثم أتبعوها بفعلة أشنع وأقسى، ولكن كثيراً من الناس عنها غافلون، ألا وهي الإقدام على قتل المسلمين الذين احتجوا في الهند على هدم المسجد بالرصاص، حتى بلغت الإحصائيات المعلنة نحواً من تسعمائة شخص حتى الليلة الماضية.

وزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مؤمن بغير حق، وقتل المؤمن أعظم من هدم المسجد، ولكنهم أتبعوا هدم المسجد بقتل نحو من تسعمائة مسلم، هذا ما أعلن وما خفي كان أعظم، قتل المؤمن أشد من هدم المسجد، ولكنهم قتلوا مؤمنين ومسلمين كثر، وأنت يمكن أن تعرف حجم المأساة في صبيحة ذلك اليوم الذي وصلت فيه الأخبار أنك لو دخلت إلى البقالات والدكاكين التي يوجد بها عمال مسلمون من الهند ، لوجدت حجم الكارثة على وجوههم، ونحن غافلون، ونحن نوظف الكفرة من الهندوس في الوظائف المختلفة عندنا.

يا أصحاب الأعمال! توبوا إلى الله، أما كفاكم أن يقوموا بتقتيل إخوانكم وهدم مساجدكم ونحن أمة واحدة لا فرق بين شرقيها وغربيها، ثم توظفونهم وتعطونهم الرواتب لكي يدفعوا منها إلى منظماتهم المنحرفة هناك، لتقوم بتمويل أعمال الاضطهاد ضد المسلمين، وتقوونهم اقتصادياً بهذه الرواتب والتحويلات الهائلة، حرام عليكم أن تفعلوا ذلك، كيف وقد نهاكم نبيكم أن تبقوهم في جزيرة العرب ، فاتق الله يا من تستخدم هندوسياً أو كافراً وقد أعلنوا الحرب على إخوانك، ثم أنت توظفهم.. فلعنة الله على الظالمين.

ثم إن هؤلاء الهندوس قد فرحوا حتى وهم بين أظهرنا، ووزعوا الحلويات وهم بين أظهرنا بعد هدم المسجد، أقصد الذين يعيشون بيننا منهم ويشتغلون عندنا وزعوا الحلويات فرحاً بهدم المسجد.

يا من وضعت المسلمين والكفار في سكن واحد! كيف شعور إخوانك وهؤلاء يكيدون لهم ويغيظونهم الآن بعد هدم المسجد؟

أين رجل الأعمال المسلم، والتاجر المسلم، والمقاول المسلم، وصاحب البيت المسلم وهو يوظف هؤلاء الكفرة؟ نعم. هم تآمروا على أن يجعلوا الوظائف، وعمال الاستقدام، ومكاتب الاستقدام تدفع بهم إلينا، لكن نحن لنا عقول ولنا وسائل، والمفروض أن نتجه لنصرة دين الله.

لقد نوى أمير المؤمنين عمر أن يفتح الهند ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار: عصابة تغزو الهند وعصابة يقاتلون مع المسيح ابن مريم) إذاً: هذا الجيش الذي فتح الهند ووصل إليها أحرزه الله من الشيطان، وأحرزه الله من النار بشارة بفتح الهند .

وقد تولى البداية في ذلك محمد بن القاسم رحمه الله تعالى لما استولى الوثنيون على سفينة فيها نساء للمسلمين، فاستنجدن بالمسلمين فجرد الجيش، وفتحت الأطراف، وخاض المسلمون البحر إليهم ودخلوا الدبيل وهي مدينة كراتشي اليوم، ثم اكتملت الفتوحات الإسلامية، وأشهر من توغل في بلاد الهند من المسلمين محمود بن سبكتكين الغزنوي رحمه الله، الذي انطلق من قاعدته غزنة في أفغانستان ليدخل بلاد الهند فاتحاً منصوراً، مكسراً أصنامهم، هادماً لمعابدهم، رافعاً راية التوحيد، عاملاً بين كل ثلاثة أميال مسجداً ورتب له إماماً ومؤذناً، وارتفعت راية التوحيد في بلاد الهند ، فقتل الله من ملوكهم خلقاً عظيماً، قاتلوا المسلمين بالفيلة ولكن الله نصر عسكر التوحيد، هذا السلطان الذي آثر ما عند الله على أن يُعطَى من الجواهر واللآلئ والذهب والفضة مقابل أن يترك صنمهم الأعظم، لكنه آثر أن ينادى: يا عبد الله هادم الصنم عند الله يوم القيامة، أحسن من أن يقال: يا عبد الله يا آخذ اللآلئ والذهب والجواهر والفضة مقابل أن تتركها لهم.

هؤلاء اليوم يريدون القضاء على تاريخ المسلمين في الهند ، حتى لو كان هناك مساجد لا يصلى فيها فهم يريدون هدمها، ولعلهم قد وقتوا ذلك مع هجوم شنيع على عاصمة البوسنة سراييفو ، لتكون المصائب مجتمعة على المسلمين في آن واحد، وهذا تخطيط ماكر ولا شك، يريدون إيقاع المصائب متعددة في وقت واحد للمسلمين، فيوقتون هذه الأشياء لِنُصاب نحن بالإحباط، ونحن مع اعتقادنا ويقيننا أننا أكثر أمة مستهدفة في العالم.

نحن الذين نعرف كما اعترف اللورد البريطاني في الهند حينما كانت مستعمرة، قال: إننا نرى أن عدونا الأكبر هم المسلمون، إن هؤلاء القوم في قلوبهم عداوة لنا شديدة فلا بد أن نتجه إلى الهندوس، ولذلك في أيام الاستعمار ولوهم المناصب وأعطوهم أشياء كثيرة جداً، حتى آل الحال إلى ما آل إليه الآن، رغم أن الهند كانت تحكم قروناً بالإسلام.

إن جمع المصائب على المسلمين، وإغراق المسلمين بالأخبار السيئة والهجمات الشرسة التي يراد منها إحباط روح المعنوية، إنها -أيها المسلمون- خطة ماكرة، ولكننا على ثقة بأن الله سينصر دينه، المهم أن ننصر الله حتى ينصرنا الله، فإذا لم ننصر الله ولا شريعة الله ولا دين الله فكيف ينصرنا الله.

ولذلك: فإننا نتوجه إلى الله العلي العظيم مالك الملك الجبار، اللهم إنا نسألك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، نسألك بأسمائك الحسنى أن تنصر الإسلام والمسلمين، وتقمع الكفر والكافرين، اللهم أفشل مخططات الكفار، واجعل كيدهم في نحرهم، واجعل دائرة السوء عليهم، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم الكافرين، واشدد وطأتك عليهم يا قوي إنك على كل شيء قدير.

اللهم اجعل بأسهم بينهم، واردد سهامهم في نحورهم، ورد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً، اللهم اهد فاسقنا إلى الدين، وثبت المهتدي منا على السنة والحق المبين، اللهم طهر بيوتنا من المنكرات، اللهم أصلح ذرياتنا ونياتنا، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.