من هم أولياء الله؟


الحلقة مفرغة

الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

يقول الله جل وعلا في تعريف أوليائه: الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63] وقد ورد حديث عظيم القدر، شريف المنزلة، قال العلماء: إنه أجل حديث في الأولياء، قالوا: إنه أشرف حديث روي في ذكر الأولياء وهو حديث رواه الإمام البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) رواه البخاري رحمه الله تعالى. وفي رواية: (وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته).

هذا الحديث العظيم يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه عن ربه عز وجل: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) ومعنى: (آذنته بالحرب) أي: أعلنت أني محارب له؛ لأنه يحارب أوليائي فأنا أحاربه، وأنا خصمه، وويل لمن كان الله تعالى خصمه، ومن عادى أولياء الله فقد بارز الله تعالى بالمحاربة، والله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا؛ لهوانهم على الناس، ولم يعرفوا؛ لأنهم ليسوا بأصحاب سمعة ولا شهرة، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة أنقياء أتقياء؛ لأن قلوبهم منيرة بذكر الله تعالى، فإذا دخلوا في الفتن خرجوا منها أحسن من الذهب الأحمر.

أرأيت الخام إذا أريد استخلاص الذهب منه، فإنه يدخل في الفرن ويحمى عليه، وينفخ لتتطاير هذه الشوائب وما غطاه من الخلائف، ثم يصبح ذهباً أحمر نقياً لا شيء فيه، فكذلك أولياء الله، إذا فتنوا خرجوا من الفتنة وهم أقوياء أنقياء، فأولياء الله عز وجل تجب موالاتهم وتحرم معاداتهم، كما أنه يجب معاداة أعداء الله وتحرم موالاة أعداء الله، فكذلك تجب موالاة أولياء الله.

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ [الممتحنة:1] .. وقال عز وجل: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:55-56] فهم الغالبون باللسان والبيان والحجة، وهم الغالبون بالسيف والسنان ولو بعد حين، والله تعالى وصف أحباءه الذين يحبهم ويحبونه، بأنهم أذلة على المؤمنين، إذا قال قائلهم أولياء الله، نقول: الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63]. من هم أولياء الله؟ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة:55].

من هم أولياء الله؟ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة:54] هؤلاء أولياء الله تعالى، هؤلاء الذين من أهانهم أو أخافهم فقد بارز الله بالمحاربة، وبدأه بالمحاربة، وعرض نفسه لسخط الرب وانتقامه، والله أسرع شيء إلى نصرة أوليائه، أفيظن الذي يحارب الله أن يقوم له ويقاومه؟ أويظن الذي يحارب أولياء الله أن يعجز الله تعالى؟ أويظن الذي يبارز الله أن يفلته ويفوته؟!! كيف والله يثأر له في الدنيا والآخرة، ولذلك لا يكل الله نصرة أوليائه إلى غيره، بل هو الذي ينصرهم عز وجل.

معاداة أولياء الله محاربة لله

لنعلم -أيها الإخوة- أن جميع المعاصي محاربة لله تعالى، ولذلك قال الحسن البصري رحمه الله: [ابن آدم! هل بمحاربة الله من طاقة؟ فإن من عصى الله فقد حاربه، لكن كلما كان الذنب أقبح كان أشد محاربة لله] ولهذا سمى الله أكلة الربا وقطاع الطريق محاربين لله ولرسوله؛ لعظيم ظلمهم للعباد، وسعيهم بالفساد في البلاد.

وكذلك معاداة أولياء الله تعالى، قيل: إن آكل الربا يعطى يوم القيامة سيفاً أو رمحاً ويقال له: حارب ودافع، والله تعالى يحاربه، فكيف وأنّى تكون له الغلبة؟!

ولذلك قال الله في أكلة الربا: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا [البقرة:279] فإن لم تتركوا أكل الربا. فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279] حرب الله عليهم ما يصيبهم به من الآفات وأنواع الانتقام، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الربا وإن كثر فإن عاقبته إلى قل) أي: يصبح في النهاية قليلاً منزوع البركة، تذهب الأموال من حيث لا يدري صاحبها، وآكل الربا لا يبارك له في ماله، فسرعان ما يذهب ويضمحل، والحرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا بما يقام عليه من التعزير والتنكيل، ومن خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا وأهل الصلاح من الحكام الذين يحاربون أكلة الربا، فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279].

والذي يعادي الله تعالى يحاربه الله أيضاً، ولذلك فإن أشد الناس محاربة من الله هم الذين يقعون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم رأس الأولياء، هم قمة الأولياء، فهم أشد خلق الله بعد الأنبياء ولاءً لله تعالى، والله تعالى يحبهم، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يؤذي أصحابه: (أن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) وقال عليه الصلاة والسلام: (الله الله في أصحابي) حذرنا من الوقوع فيهم، وقال: (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا) لا تتكلموا فيهم، لا تتخذوهم غرضاً، من يؤذيهم يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يؤذيهم يوشك أن يأخذه الله، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) ولذلك فإن من أعظم الناس جرماً الذين يقعون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيقولون: ارتدوا، ويقولون: إنهم سفكوا الدماء بالباطل، وإنهم غصبوا علياً حقه، وإنهم كفروا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنهم ظلمة وفسقة، ونحو ذلك من الألفاظ البذيئة، والشتائم العجيبة التي يلحقونها بالصحابة، فلا شك أن الذي يسب الصحابة أول واحد ينطبق عليه هذا الحديث وهو قوله تعالى: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب).

ولذلك ترى الذين يحاربون الصحابة يحاربهم الله في الدنيا بأن يوقع بأسهم بينهم، وأن يجعل أمورهم فتنة واختلاطاً، وأن يجعل فيهم القتل والحرب، فلا يزال أمرهم في اضطراب ونظمهم في اختلال، وأمرهم إلى زوال، فلا تقوم لهم قائمة، ولذلك لا يستقر لهم حال أبداً؛ لأنهم سبوا أولياء الله تعالى، وهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله تعالى: (وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) لما ذكر الله تعالى أن معاداة أوليائه هي معاداة ومحاربة له، ذكر صفات هؤلاء الأولياء الذين تحرم معاداتهم وتجب موالاتهم، والموالاة هي النصرة والقرب، الولاية هي النصرة والقيام بالحق والدفاع والذب.

لنعلم -أيها الإخوة- أن جميع المعاصي محاربة لله تعالى، ولذلك قال الحسن البصري رحمه الله: [ابن آدم! هل بمحاربة الله من طاقة؟ فإن من عصى الله فقد حاربه، لكن كلما كان الذنب أقبح كان أشد محاربة لله] ولهذا سمى الله أكلة الربا وقطاع الطريق محاربين لله ولرسوله؛ لعظيم ظلمهم للعباد، وسعيهم بالفساد في البلاد.

وكذلك معاداة أولياء الله تعالى، قيل: إن آكل الربا يعطى يوم القيامة سيفاً أو رمحاً ويقال له: حارب ودافع، والله تعالى يحاربه، فكيف وأنّى تكون له الغلبة؟!

ولذلك قال الله في أكلة الربا: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا [البقرة:279] فإن لم تتركوا أكل الربا. فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279] حرب الله عليهم ما يصيبهم به من الآفات وأنواع الانتقام، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الربا وإن كثر فإن عاقبته إلى قل) أي: يصبح في النهاية قليلاً منزوع البركة، تذهب الأموال من حيث لا يدري صاحبها، وآكل الربا لا يبارك له في ماله، فسرعان ما يذهب ويضمحل، والحرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا بما يقام عليه من التعزير والتنكيل، ومن خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا وأهل الصلاح من الحكام الذين يحاربون أكلة الربا، فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279].

والذي يعادي الله تعالى يحاربه الله أيضاً، ولذلك فإن أشد الناس محاربة من الله هم الذين يقعون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم رأس الأولياء، هم قمة الأولياء، فهم أشد خلق الله بعد الأنبياء ولاءً لله تعالى، والله تعالى يحبهم، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يؤذي أصحابه: (أن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) وقال عليه الصلاة والسلام: (الله الله في أصحابي) حذرنا من الوقوع فيهم، وقال: (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا) لا تتكلموا فيهم، لا تتخذوهم غرضاً، من يؤذيهم يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يؤذيهم يوشك أن يأخذه الله، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) ولذلك فإن من أعظم الناس جرماً الذين يقعون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيقولون: ارتدوا، ويقولون: إنهم سفكوا الدماء بالباطل، وإنهم غصبوا علياً حقه، وإنهم كفروا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنهم ظلمة وفسقة، ونحو ذلك من الألفاظ البذيئة، والشتائم العجيبة التي يلحقونها بالصحابة، فلا شك أن الذي يسب الصحابة أول واحد ينطبق عليه هذا الحديث وهو قوله تعالى: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب).

ولذلك ترى الذين يحاربون الصحابة يحاربهم الله في الدنيا بأن يوقع بأسهم بينهم، وأن يجعل أمورهم فتنة واختلاطاً، وأن يجعل فيهم القتل والحرب، فلا يزال أمرهم في اضطراب ونظمهم في اختلال، وأمرهم إلى زوال، فلا تقوم لهم قائمة، ولذلك لا يستقر لهم حال أبداً؛ لأنهم سبوا أولياء الله تعالى، وهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله تعالى: (وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) لما ذكر الله تعالى أن معاداة أوليائه هي معاداة ومحاربة له، ذكر صفات هؤلاء الأولياء الذين تحرم معاداتهم وتجب موالاتهم، والموالاة هي النصرة والقرب، الولاية هي النصرة والقيام بالحق والدفاع والذب.

أولياء الله عز وجل على قسمين: منهم من تقرب إليه بأداء الفرائض، وهذا يشمل فعل الواجبات وترك المحرمات، ومنهم من تقرب إليه بعد الفرائض بالنوافل، فلذلك ارتقى منزلة أخرى بعد منزلته الأولى بأداء الفرائض، ثم صار في هذه المنزلة العظيمة، فإذاً هم على درجتين.

أصحاب اليمين

الأولى: المتقربون إلى الله بأداء الفرائض، وهذه درجة المقتصدين أصحاب اليمين، ولا شك أن أداء الفرائض أفضل الأعمال عند الله كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [أفضل الأعمال أداء ما افترضه الله، والورع عما حرم الله، وصدق النية فيما عند الله عز وجل].

وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: [أفضل العبادة أداء الفرائض واجتناب المحارم، وذلك لأن الله عز وجل إنما افترض على عباده هذه الفرائض ليقربهم منه، ويوجب لهم رضوانه ورحمته].

ولا شك أن هذه الفرائض أنواع، فمنها بدني كالصلاة: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19]، (وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، (إن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت).

وكذلك عدل الراعي في الرعية، سواء كانت رعية عامة أو خاصة، ومنها الرعية الخاصة: عدل آحاد الناس في أهله وولده، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) والعدل بين الأولاد، وكان السلف يحرصون عليه حتى في القُبَل، إذا قبل هذا الولد يقبل الآخر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين سبحانه وتعالى) فأيدي البشر تتفاوت بالقوة والعطاء، وتجد أن كثيراً من الناس يمينهم أقوى من شمالهم، وبعضهم شماله أقوى من يمينه، ويعطي بيمينه، والله تعالى كلتا يديه في القوة سواء، وهما سواء في العطاء، والخير كله في يديه، سحاء الليل والنهار؛ والسحاء هو المهطال الذي يهطل ويتواصل في النزول والانصباب، يعطي سبحانه وتعالى، يعطي والخير في يديه، ومنذ أن خلق السموات والأرض وهو ينفق على عباده، منذ أن خلق العباد ينفق عليهم، ومع ذلك لم ينفذ مما عنده شيء، لأن خزائن السموات والأرض بيديه، إنما أمره لشيء إذا أراد أن يقول له: كن، فيكون، هؤلاء المقسطون عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم بين أهليهم وما ولوا من أنواع الولايات؛ سواء كان في وظيفة، أو كان في أسرة، أو كان في تجارة، فإنه إذا تولى ولاية صار هناك أناس تحته يعدل بينهم، فاتصف بصفة من صفات أولياء الله تعالى.

السابقون المقربون

والدرجة الثانية من أولياء الله: وهي درجة السابقين المقربين، الذين تقربوا إلى الله بعد الفرائض بالاجتهاد في نوافل الطاعات والالتفات عن دقائق المكروهات من خلال الورع الذي يحجبهم عن الشبهات، ولا يظنن الظان أن القيام بالواجبات والامتناع عن المحرمات أمر سهل، فمن هو الذي يفعل هذا الآن؟ من الذي لا يرتكب محرماً من المحرمات؟

ولذلك فإنه لا يمكن الوصول إلى رتبة الأولياء إلا بالإكثار من التوبة، بحيث لو أن الإنسان عمل معصية يسرع إلى التوبة منها، وهذا أمر في غاية الأهمية.

الأولى: المتقربون إلى الله بأداء الفرائض، وهذه درجة المقتصدين أصحاب اليمين، ولا شك أن أداء الفرائض أفضل الأعمال عند الله كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [أفضل الأعمال أداء ما افترضه الله، والورع عما حرم الله، وصدق النية فيما عند الله عز وجل].

وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: [أفضل العبادة أداء الفرائض واجتناب المحارم، وذلك لأن الله عز وجل إنما افترض على عباده هذه الفرائض ليقربهم منه، ويوجب لهم رضوانه ورحمته].

ولا شك أن هذه الفرائض أنواع، فمنها بدني كالصلاة: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19]، (وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، (إن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت).

وكذلك عدل الراعي في الرعية، سواء كانت رعية عامة أو خاصة، ومنها الرعية الخاصة: عدل آحاد الناس في أهله وولده، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) والعدل بين الأولاد، وكان السلف يحرصون عليه حتى في القُبَل، إذا قبل هذا الولد يقبل الآخر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين سبحانه وتعالى) فأيدي البشر تتفاوت بالقوة والعطاء، وتجد أن كثيراً من الناس يمينهم أقوى من شمالهم، وبعضهم شماله أقوى من يمينه، ويعطي بيمينه، والله تعالى كلتا يديه في القوة سواء، وهما سواء في العطاء، والخير كله في يديه، سحاء الليل والنهار؛ والسحاء هو المهطال الذي يهطل ويتواصل في النزول والانصباب، يعطي سبحانه وتعالى، يعطي والخير في يديه، ومنذ أن خلق السموات والأرض وهو ينفق على عباده، منذ أن خلق العباد ينفق عليهم، ومع ذلك لم ينفذ مما عنده شيء، لأن خزائن السموات والأرض بيديه، إنما أمره لشيء إذا أراد أن يقول له: كن، فيكون، هؤلاء المقسطون عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم بين أهليهم وما ولوا من أنواع الولايات؛ سواء كان في وظيفة، أو كان في أسرة، أو كان في تجارة، فإنه إذا تولى ولاية صار هناك أناس تحته يعدل بينهم، فاتصف بصفة من صفات أولياء الله تعالى.

والدرجة الثانية من أولياء الله: وهي درجة السابقين المقربين، الذين تقربوا إلى الله بعد الفرائض بالاجتهاد في نوافل الطاعات والالتفات عن دقائق المكروهات من خلال الورع الذي يحجبهم عن الشبهات، ولا يظنن الظان أن القيام بالواجبات والامتناع عن المحرمات أمر سهل، فمن هو الذي يفعل هذا الآن؟ من الذي لا يرتكب محرماً من المحرمات؟

ولذلك فإنه لا يمكن الوصول إلى رتبة الأولياء إلا بالإكثار من التوبة، بحيث لو أن الإنسان عمل معصية يسرع إلى التوبة منها، وهذا أمر في غاية الأهمية.

ثم إن من صفاتهم كما تقدم: أنهم أذلة للمؤمنين، يعاملون المؤمنين بالذلة واللين وخفض الجناح، ويعاملون الكفرة بالغلظة والشدة والعزة؛ وذلك لأن أولئك المؤمنين يحبون الله، فهم يحبونهم لأجله، لا يحبون الشخص لشخصه، ولا لشكله، وإنما يحبونه لأجل محبته لله، ولذلك ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى قاعدة مهمة في الجمال في كتاب الاستقامة ، لعلنا سنأتي إلى تفصيلها إن شاء الله، قال ما معناه: لو أن الشخص يحب لجماله لكان يوسف أفضل من كل الأنبياء، ولكن لا يحب الشخص لشكله ولا لجماله ولا لماله، ولكن الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) فمن صفات هؤلاء الأولياء الذين يدافع الله عنهم، وينصرهم وينتصر لهم، من صفاتهم أنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين.

ولذلك فإن هؤلاء لا يغلظون للمؤمنين، ومن الصفات السيئة أن تجد الشخص يقع في أهل الإيمان والتوحيد، ويقع في أعراض الدعاة إلى الله، يقع في أعراض أهل العلم؛ يسب ويشتم، ويرمي بأنواع السباب والمعايب أهلَ التوحيد والدين، والذين قاموا بواجب الدعوة والأمر والنهي، فهذا لا يمكن أن يكون من أولياء الله بحال، بل سرعان ما يخبو أمره وينطفئ، ويحدث انتقام الله منه، ويرى ذلك بأم العين في الدنيا قبل الآخرة.

والمتأمل في الواقع يعرف أن هذا أمر حاصل؛ لأن سنة الله تعالى في الحياة ماضية، وقد تكفل الله بالدفاع عن أوليائه، ولذلك فإنك لا تكاد ترى من يقع في أهل الإيمان والدين ونصرة الشريعة إلا والله منتقم منه ولو بعد حين.

قال الله عز وجل في صفات الأولياء: وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54] ما داموا قد أحبوا حبيبهم وهو الله عز وجل فلا يخافون في سبيله شيئاً، فيعملون بمرضاته، رضي من رضي وسخط من سخط، ولذلك فمن الأمور المهمة أن الإنسان يحب أولياء الله، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاني ربي عز وجل -في المنام- فقال لي: يا محمد! قل: اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك) هذا الحديث رواه الإمام أحمد رحمه الله والترمذي وقال: حسن صحيح. وقال: سألت محمد بن إسماعيل -يعني البخاري - عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث حسن صحيح.

إذاً إذا كان الإنسان عنده إيمان ويقين ودين، ويريد أن يتصف بصفات الولاية، فعليه أن يسأل الله محبة أوليائه، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك) لأن هناك أناساً محبتهم تضر عند الله، وأناساً محبتهم تنفع عند الله، ولذلك يقول: (اللهم ارزقني حبك، وحب من ينفعني حبه عندك، اللهم ما رقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب -الإنسان يحب المال، يحب الزوجة، يحب الشهوات- اللهم ما زويت عني مما أحب -ما حرمتني من النعم- فاجعله فراغاً لي فيما تحب) وهذا الحديث رواه ابن المبارك رحمه الله في كتابه الزهد ، وسنده صحيح، وحسنه الترمذي رحمه الله تعالى.

وهذه الدرجة التي ليس لأصحابها همٌّ إلا ما يقربهم من محبوبات الله تعالى، ومن الأشخاص الذين يحبهم الله عز وجل، قال بعض السلف: العمل على المخافة قد يغيره الرجاء، والعمل على المحبة لا يدخله الفتور. وهذه عبارة بالغة بليغة، (العمل على المخافة) إذا عملت من أجل الخوف فقط، فقد يعتريك الفتور إذا حصل لك رجاء، فالإنسان الذي يعمل فقط خوفاً من العذاب، هذا إذا جاء يوم من الأيام وتأمل فحصل له شيء من الرجاء أو مر به شيء مما فيه ذكر رجاء الله تعالى وثوابه؛ حصل له شيء من الفتور؛ لأن الدافع للعمل هو الخوف، فإذا حصل شيء من الرجاء خفّ للخوف فإذا كان الدافع للعمل هو الخوف الذي قد خف خفَّ العمل أيضاً لكن إذا كان الدافع للعمل هو محبة الله، فأي شيء يخففها؟ لا شيء، ولذلك كان الدافع للعمل إذا صار فيه محبة أقوى منه إذا صار من الخوف، ولذلك المحبة هي الرأس والخوف والرجاء الجناحان، وإذا قطع الرأس لا يطير الطائر أصلاً ولا يمشي ولا يتحرك.

من الناس من يعبد الله خوفاً، ومن الناس من يعبد الله رجاءً، ومن الناس من يعبد الله محبة، والمؤمن ينبغي أن تجتمع فيه هذه الثلاثة بدون أن ينتفي شيء منها، لو انتفى شيء منها معنى ذلك أنه قد وقع في خطر عظيم، فإذا صار الدافع للعمل محبة الله، فلا تخف، فيستمر العمل، إذا كان الدافع هو الخوف، يمكن أن يخف إذا عرض عارض رجاء في الفكر أو السماع، أو قراءة شيء مما فيه سعة الرحمة والتوبة، حصل للخوف نقص، ففتر العمل.

وكذلك قال بعضهم: إذا سئم البطالون من بطالتهم فلن يسأم محبوك من مناجاتك وذكرك.

فالبطالون الذين يسعون في الدنيا بالبطالة يسأمون ولا بد، فإما أن يحصل عندهم شيء من الملل من كثرة ما يفعلونه ومن تشابه ما يفعلونه؛ لأن هذه الأشياء التي في الدنيا من الملهيات والألعاب والنعيم، لا بد فيها من آفات، فالأكل إذا أكثر منه مرض، والشهوة إذا أكثر الوقوع فيها مرض واضمحلت قوته، وهذه الألعاب الموجودة لو أكثر منها لأصابه الملل، ولكن مناجاة الله تعالى وذكره لا يحصل فيها ذلك إذا كانت موافقةً للسنة، ومن ذلك قال: (فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى).

ومن أحب الله لم يكن عنده شيء آثر من هواه، ومن أحب الدنيا لم يكن عنده شيء آثر من هوى نفسه، والمحب لله تعالى أمير مؤمر على الأمراء، زمرته أول الزمر يوم القيامة، ومجلسه أقرب المجالس فيما هنالك، والمحبة منتهى القربة والاجتهاد، ولم يسأم المحبون من طول اجتهادهم لله عز وجل؛ يحبونه ويحبون ذكره ويحببونه إلى خلقه، وهذه الصفة مهمة جداً؛ أعني تحبيب الله إلى الخلق.

ليست المسألة فقط أن الإنسان يحب الله، وإنما أيضاً إتقان الصنعة وإتقان العبادة وإتقان الولاية أن يحبب الله إلى الخلق، قد يسهل على الإنسان أن يحب الله، فإذا تأمل في نعم الله أحب الله، لكن أن يحبب الله إلى الخلق فهذه مسألة لا يقوم بها إلا الدعاة إلى الله، وليس كل الدعاة إلى الله، بعض الدعاة إلى الله ينجحون في تحبيب الرب إلى الخلق، ولذلك فالداعية إلى الله عز وجل يمارس هذه الوظيفة فيعمل جاهداً لأجل تحبيب الله إلى خلقه، فإذا أوصلتهم إلى محبة الخالق فاتركهم وهم سيكملون الطريق، فإذاً التحبيب إلى الخلق بالمشي بالنصائح بين العباد، كما قال بعض السلف: يحببونه إلى خلقه، يمشون بين عباده بالنصائح، ويخافون عليهم من أعمالهم يوم تبدو الفضائح، أولئك أولياء الله وأحباؤه وأهل صفوته، أولئك الذين لا راحة لهم دون لقائه. وقبل ذلك فهم في تعب ووصب في مرضاة الله، فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ [الشرح:7-8]. وكيف نحبب الناس إلى الله؟ بأشياء كثيرة:

منها: شرح أسمائه وصفاته وربط ذلك بالواقع.

ومنها: تعداد نعم الله تعالى وذكر آلائه، فإن الناس قد جبلوا على محبة من أحسن إليهم، وذلك إذا توالت النعم وتفطن الإنسان لها.

إن النعم متوالية لكن التفطن للنعم هو الذي يغيب عن البال، فإذا تفطن الإنسان أن نعم الله عليه متوالية فإنه يحبه، أرأيت لو أن شخصاً أعطاك اليوم مائة، وأعطاك غداً ألفاً، وأعطاك بعده عشرة آلاف، وأعطاك بعده مائة ألف، وأعطاك بعده سيارة، وأعطاك بعده بيتاً، وأعطاك وظيفة، أي شعور يكون له في قلبك وقد ازداد إحسانه معروفه إليك، ولا تزال أياديه متوالية في مصلحتك؟ لا شك أن محبته تعظم، إن الناس إذا أحسن إليهم ولو بشربة ماء أحبوا من أحسن إليهم، فكيف إذا تفطن العبد لنعم الله المتوالية؟ الصحة نعمة متوالية حتى يمرض، المال نعمة متوالية حتى يفتقر، الشباب نعمة متوالية حتى يشيخ ويهرم، وهكذا نعمه متوالية، وحتى لو حرم من نعمة فإنها تأتي بدلها نعمة أخرى، فلو حرم من نعمة الصحة فإن نعمة الابتلاء في تكفير السيئات ورفع الدرجات حاصلة، ولذلك فالعبد لا يزال يتقلب في أطباق نعمة الرب عليه ولكن قليل هم المتفطنون لذلك.

المحب لا يجد مع حب الله عز وجل للدنيا لذة، ولا يغفل عن ذكر الله طرفة عين؛ لأن غاية مناه أن يجد لذة العبادة، غاية ما يرجو أن يحس بحلاوة الاتصال، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (أرحنا بالصلاة يا بلال) وقال: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) قرة العين وراحة البال وهدوء النفس جعلت في الصلاة، لأنها كانت صلة بينه وبين ربه صلى الله عليه وسلم، فكان يقوم ويناجيه، وكلما أحس العبد باللذة ازداد في العبادة وازداد في القيام، وازداد في الركوع والسجود وازداد في الصيام، وهكذا.

وقال بعض السلف: لا يكاد يمل القرب إلى الله تعالى محب لله عز وجل، ولا يكاد يسأم من ذلك.

وقال بعضهم: المحب لله طائر القلب كثير الذكر متسبب إلى رضوانه بكل سبيل يقدر عليها من الوسائل والنوافل، دوماً دوما وشوقاً شوقاً.

ومن أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى، لمن يريد الوصول إلى مرتبة الولاية: كثرة تلاوة كلامه، وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم، قال خباب رضي الله عنه لرجل: [تقرب إلى الله ما استطعت، واعلم أنك لم تتقرب إليه بشيء هو أحب إليه من كلامه] ألا ترى أن الرجل إذا وصله خطاب ممن يحبه حباً جماً قرأه مرات كثيرة، واحتفظ به، ولا يزال يخرجه بين آونة وأخرى يقرأ فيه لأنه كلام الحبيب، ولذلك فهو إليه باشتياق مستمر، فكيف بكلام الرب إذا كان الإنسان محباً له؟! فإنه لا يزال يقرأ كلام الرب، ويتصفحه ويطالع فيه، ويسمعه ويعرف معناه، وهكذا يبقى القرآن هو لذة قلوب العارفين، وهو محرك ألسنتهم بالتلاوة، ولذلك كان بعض السلف ينعى على من لم يحفظ القرآن، ويقول لصاحب له: أتحفظ القرآن؟ قال: لا. فقال: واغوثاه بالله، مريد لا يحفظ القرآن فبم يتنعم؟!

أي: الذي يريد الله تعالى لا يحفظ كلامه فبم يترنم؟ فبم يناجي ربه عز وجل؟ وإذا واطأ اللسان القلب كان ذلك أفضل الأعمال؛ لأن موافقة اللسان للقلب هي حقيقة التدبر والتفكر، قال الله تعالى: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً [المزمل:6] قيل: أشد مواطأة من القلب للسان.

وإذا ذكر العبد الله تعالى ولو بغير القرآن، فإنه أيضاً مما يوصله ذلك إلى الولاية، لذلك يقول الله عز وجل: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه) وقال الله عز وجل أيضاً: (أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه) رواه الإمام أحمد ، وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي ، هذا معنى قوله الله عز وجل: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152].

أيها الإخوة! ولاية الله هي المنـزلة العظيمة التي يدافع الله عن أصحابها، ولا شك أن لها مقتضيات، فمن مقتضيات الولاية كما قلنا: محبة الله ومحبة أوليائه، والذي يعاديهم ليس من أولياء الله قطعاً، وقد قال بعض السلف: إن الذين يتحابون في الله تعالى يجتمعون على غير أرحام بينهم، ولا على أموال يتعاطونها فيما بينهم، وإنما يجتمعون على طاعة الله، ولذلك ربما يلتقي الواحد بالآخر بمكان في الحرم عند الكعبة أو في المسجد أو في غيره، يحس بانجذاب خاص لهذا الشخص؛ ذلك لأن الصلة بالله تقرب بينهم، ولذلك سرعان ما يتداخلون، والأرواح جنود مجندة، وتجد الشخص إذا أراد أن يتداخل مع آخر ربما يحتاج إلى وقت طويل، من حصول سلام وكلام وموعد ولقاء واستئناس ودعوة على طعام ومشاركة وسفر حتى تحصل الخلطة المؤدية إلى المحبة، أما إذا كان من أولياء الله بمجرد أن يرى الواحد الآخر ما هي إلا كلمات ومجالسة حتى يحس أنه صاحب له منذ زمن بعيد، وهؤلاء لا شك أنهم يكونون يوم القيامة في مجالس عن يمين الرحمن يغبطهم من يغبطهم بقربهم من الرب عز وجل.

ومن ثمرات الولاية: أن الله عز وجل يسدد الولي للحق والصواب، وهذا معنى قوله في الحديث: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها) لا شك أنه إذا وصل إلى هذه المرتبة فإن الله تعالى يسدده في جميع حواسه، فلا ينظر إلا إلى ما يحب الله، ولا يستمع إلا إلى ما يحب الله، ولا يمشي إلا إلى ما يحب الله، من جلسة ذكر، أو حلقة علم، أو مكان وعظ، أو صلة رحم، أو حج أو عمرة، ونحو ذلك من أنواع المماشي التي هي في طاعة الله عز وجل، وكذلك لا يبطش إلا في مرضاة الله؛ من جهاد، أو إزالة منكر، أو نصرة مظلوم ونحو ذلك، وكذلك يستمع إلى ما يحب الله؛ من كتابه وذكره، وسنة رسوله، وعلم شريعته ونحو ذلك، والنظر في المصحف من العبادات، وكذلك النظر في الأمانات لتمييزها لأصحابها، والنظر في كتب العلم والفقه ونحو ذلك من أنواع النظر الذي هو من العبادات.

ولا شك أيضاً أن من أعظم ما تؤدي إليه الولاية: أن يستجيب الله دعاء الولي، وهذا ما سوف نخصص له الدرس القادم إن شاء الله تعالى، وهو: إجابة دعوة الأولياء وكرامات الأولياء عند رب العالمين.

ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يسلك بنا سبيل الولاية وأن ينعم علينا بهذه الرتبة الشريفة، وأن يجعلنا ممن دافع عنهم وناصرهم، وأن يجعلنا من المتحابين فيه، والذين يلتقون ويجتمعون على نصرة شريعته.




استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة اسٌتمع
اقتضاء العلم العمل 3612 استماع
التوسم والفراسة 3608 استماع
مجزرة بيت حانون 3530 استماع
الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1] 3497 استماع
اليهودية والإرهابي 3425 استماع
إن أكرمكم عند الله أتقاكم 3425 استماع
حتى يستجاب لك 3393 استماع
المحفزات إلى عمل الخيرات 3371 استماع
ازدد فقهاً بفروض الشريعة 3348 استماع
الزينة والجمال 3336 استماع