فقه العبادات [46]


الحلقة مفرغة

المقدم: في بداية هذا اللقاء نود أن نعرف حكم من نسي شيئاً من أشواط الطواف أو السعي؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

نسيان شوط في الطواف أو السعي

إذا نسي الإنسان شيئاً من أشواط الطواف والسعي، فإن ذكر قريباً أتم ما بقي عليه، فلو طاف ستة أشواط بالبيت، ثم انصرف إلى مقام إبراهيم ليصلي وفي أثناء انصرافه ذكر أنه لم يطف إلا ستة أشواط، فإنه يرجع من الحجر الأسود ليأخذ الشوط التالي ولا حرج عليه، أما إذا لم يذكر إلا بعد مدة طويلة، فإن كان الطواف طواف نسك وجب عليه إعادة طواف جديد؛ لأن طوافه الأول لم يصح لكونه ناقصاً، ولا يمكن بناء ما تركه على ما سبق؛ لطول الفصل بينهما، فيستأنف الطواف من جديد، وهكذا نقول في السعي: إنه إذا نسي شوطاً من السعي، فإن ذكر قريباً أتى بالشوط الذي نسيه، وإن طال الفصل استأنفه من جديد، هذا إذا قلنا: إن الموالاة في السعي شرط، أما إذا قلنا: إنها ليست بشرط كما هو قول بعض أهل العلم، فإنه يأتي بما نسي ولو طال الفصل، ولكن الأحوط أن يبدأ بالسعي من جديد إذا طال الفصل؛ لأن ظهور كون الموالاة شرطاً أبلغ من عدم كونها شرطاً.

إذا أقيمت الصلاة والرجل يطوف أو يسعي

المقدم: لو أقيمت الصلاة وهو في الطواف أو السعي فماذا يفعل؟

الشيخ: إذا أقيمت الصلاة وهو في الطواف أو في السعي فإنه يدخل مع الجماعة، وإذا انتهت الصلاة أتم الشوط من حيث وقف، ولا يلزمه أن يأتي به من أول الشوط، فإذا قدر أنها أقيمت الصلاة وهو في منتصف الشوط الثالث من السعي، فليقف مكانه ويصلي، ثم إذا سلم الإمام أتم الشوط من مكانه، وإن لم يكن حوله أحد يصلي معه في المسعى فإنه يتقدم ويصلي حيث يجد من يصافه، فإذا سلم من الصلاة خرج إلى المسعى وأتم من المكان الذي قطعه منه ولا يلزمه أن يعيد الشوط للابتداء به, وهكذا نقول في الطواف: لو أقيمت الصلاة وأنت في حذاء الحجر من الناحية الشمالية مثلاً فإنك تصلي في مكانك، فإذا انتهت الصلاة فأتم الشوط من المكان الذي وقفت فيه، ولا حاجة أن تعيد الشوط من الحجر الأسود.

المقدم: لكن هل يلزمه قطع الطواف أو السعي للصلاة أو يجوز له الطواف؟

الشيخ: إن كانت الصلاة فريضة يجب عليه أن يقطع الطواف والسعي ليصلي؛ لأن صلاة الجماعة واجبة، وقد رخص للإنسان أن يقطع سعيه من أجلها، فيكون خروجه من السعي أو الطواف خروجاً مباحاً ودخوله مع الجماعة دخولاً واجباً، فيجب عليه أن يدخل مع الجماعة، أما إذا كانت الصلاة نافلة، كما لو كانت مثلاً صلاة التراويح في رمضان، فمعروف أنه لا يقطع السعي أو الطواف من أجل ذلك، لكن الأفضل أن يتحرى فيجعل الطواف بعد القيام أو قبله، وكذلك السعي؛ لئلا يفوت نفسه فضيلة قيام الليل مع الجماعة.

فصل السعي بالوضوء والصلاة

المقدم: إذا أذن للصلاة وهو في المسعى بين الصفا والمروة، وهو على غير طهارة؛ لأننا عرفنا منكم أنه يجوز أن يسعى بدون طهارة، فهل يجوز له أن يخرج خارج الحرم ليتوضأ ويرجع ويصلي مع الناس وممكن يتوضأ؟

الشيخ: نعم، لابد أن يخرج إلى الميضأة ويتوضأ ويصلي مع الجماعة، وفي هذه الحال فإنه إن كان الفصل قصيراً أتم السعي، فإذا قدر أن الميضأة قريبة من المسعى ولم تستوعب وقتاً وأنه من حيث جاء أقيمت الصلاة، فهذا زمن قليل فليتم السعي، وأما إذا كان الزمن طويلاً بأن تكون الميضأة بعيدة، بحيث يكون له بين أجزاء السعي فاصل طويل فإنه يعيد السعي من أوله.

التمسح بالكعبة حال الطواف

المقدم: في أثناء الطواف يشاهد بعض الناس والقلة من الناس جداً يتمسحون بحيطان الكعبة وكسوتها وبالمقام والحجر، فما حكم ذلك العمل؟

الشيخ: هذا العمل يفعله الناس يريدون به التقرب إلى الله عز وجل والتعبد له، وكل عمل يريد به التقرب إلى الله والتعبد له وليس له أصل في الشرع فإنه بدعة حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ( إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة )، ولم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه مسح سوى الركن اليماني والحجر الأسود، وعليه فإذا مسح الإنسان أي ركن من أركان الكعبة أو جهة من جهاتها غير الركن اليماني والحجر الأسود فإنه يعتبر مبتدعاً، ( ولما رأى عبد الله بن عباس معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما يمسح الركنين الشماليين نهاه، فقال له معاوية رضي الله عنه: ليس شيء من البيت مهجوراً، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الركنين اليمانيين )، يعني: الركن اليماني والحجر الأسود، فرجع معاوية رضي الله عنه إلى قول ابن عباس؛ لقوله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]. نعم.

ومن باب أولى في البدعة ما يفعله بعض الناس من التمسح بمقام إبراهيم، فإن ذلك لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه مسح في أي جهة كانت من المقام، وكذلك ما يفعله بعض الناس من التمسح بزمزم، والتمسح بأعمدة الرواق وغير ذلك مما لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام فكله بدعة وكل بدعة ضلالة.

التعلق بأستار الكعبة والدعاء عندها

المقدم: لكن أيضاً الذين يتمسكون بأستار الكعبة ويدعون طويلاً؟

الشيخ: هؤلاء أيضاً عملهم لا أصل له، وهو بدعة، يجب على طالب العلم أن يبين لهم هذا وأنه ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الالتزام بين الحجر الأسود وبين الكعبة، فهذا قد ورد عن الصحابة رضي الله عنهم فعله، ولا بأس به، لكن مع المزاحمة والضيق كما يشاهد اليوم، فلا ينبغي للإنسان أن يفعل ما يتأذى به أو يؤذي به غيره، لأنه ليس من الواجبات.

المقدم: لكن الالتزام هل هو تعلق بهذا الجزء من الكعبة الذي بين الحجر الأسود والبيت، أم أنه وقوف ودعاء؟

الشيخ: لا، هو وقوف وإلصاق، يلصق الإنسان يديه وذراعيه وخده على هذا الجدار.

إذا نسي الإنسان شيئاً من أشواط الطواف والسعي، فإن ذكر قريباً أتم ما بقي عليه، فلو طاف ستة أشواط بالبيت، ثم انصرف إلى مقام إبراهيم ليصلي وفي أثناء انصرافه ذكر أنه لم يطف إلا ستة أشواط، فإنه يرجع من الحجر الأسود ليأخذ الشوط التالي ولا حرج عليه، أما إذا لم يذكر إلا بعد مدة طويلة، فإن كان الطواف طواف نسك وجب عليه إعادة طواف جديد؛ لأن طوافه الأول لم يصح لكونه ناقصاً، ولا يمكن بناء ما تركه على ما سبق؛ لطول الفصل بينهما، فيستأنف الطواف من جديد، وهكذا نقول في السعي: إنه إذا نسي شوطاً من السعي، فإن ذكر قريباً أتى بالشوط الذي نسيه، وإن طال الفصل استأنفه من جديد، هذا إذا قلنا: إن الموالاة في السعي شرط، أما إذا قلنا: إنها ليست بشرط كما هو قول بعض أهل العلم، فإنه يأتي بما نسي ولو طال الفصل، ولكن الأحوط أن يبدأ بالسعي من جديد إذا طال الفصل؛ لأن ظهور كون الموالاة شرطاً أبلغ من عدم كونها شرطاً.

المقدم: لو أقيمت الصلاة وهو في الطواف أو السعي فماذا يفعل؟

الشيخ: إذا أقيمت الصلاة وهو في الطواف أو في السعي فإنه يدخل مع الجماعة، وإذا انتهت الصلاة أتم الشوط من حيث وقف، ولا يلزمه أن يأتي به من أول الشوط، فإذا قدر أنها أقيمت الصلاة وهو في منتصف الشوط الثالث من السعي، فليقف مكانه ويصلي، ثم إذا سلم الإمام أتم الشوط من مكانه، وإن لم يكن حوله أحد يصلي معه في المسعى فإنه يتقدم ويصلي حيث يجد من يصافه، فإذا سلم من الصلاة خرج إلى المسعى وأتم من المكان الذي قطعه منه ولا يلزمه أن يعيد الشوط للابتداء به, وهكذا نقول في الطواف: لو أقيمت الصلاة وأنت في حذاء الحجر من الناحية الشمالية مثلاً فإنك تصلي في مكانك، فإذا انتهت الصلاة فأتم الشوط من المكان الذي وقفت فيه، ولا حاجة أن تعيد الشوط من الحجر الأسود.

المقدم: لكن هل يلزمه قطع الطواف أو السعي للصلاة أو يجوز له الطواف؟

الشيخ: إن كانت الصلاة فريضة يجب عليه أن يقطع الطواف والسعي ليصلي؛ لأن صلاة الجماعة واجبة، وقد رخص للإنسان أن يقطع سعيه من أجلها، فيكون خروجه من السعي أو الطواف خروجاً مباحاً ودخوله مع الجماعة دخولاً واجباً، فيجب عليه أن يدخل مع الجماعة، أما إذا كانت الصلاة نافلة، كما لو كانت مثلاً صلاة التراويح في رمضان، فمعروف أنه لا يقطع السعي أو الطواف من أجل ذلك، لكن الأفضل أن يتحرى فيجعل الطواف بعد القيام أو قبله، وكذلك السعي؛ لئلا يفوت نفسه فضيلة قيام الليل مع الجماعة.

المقدم: إذا أذن للصلاة وهو في المسعى بين الصفا والمروة، وهو على غير طهارة؛ لأننا عرفنا منكم أنه يجوز أن يسعى بدون طهارة، فهل يجوز له أن يخرج خارج الحرم ليتوضأ ويرجع ويصلي مع الناس وممكن يتوضأ؟

الشيخ: نعم، لابد أن يخرج إلى الميضأة ويتوضأ ويصلي مع الجماعة، وفي هذه الحال فإنه إن كان الفصل قصيراً أتم السعي، فإذا قدر أن الميضأة قريبة من المسعى ولم تستوعب وقتاً وأنه من حيث جاء أقيمت الصلاة، فهذا زمن قليل فليتم السعي، وأما إذا كان الزمن طويلاً بأن تكون الميضأة بعيدة، بحيث يكون له بين أجزاء السعي فاصل طويل فإنه يعيد السعي من أوله.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فقه العبادات [40] 3736 استماع
فقه العبادات [22] 3393 استماع
فقه العبادات [31] 3343 استماع
فقه العبادات [14] 3313 استماع
فقه العبادات [33] 3199 استماع
فقه العبادات [43] 3052 استماع
فقه العبادات [27] 2972 استماع
فقه العبادات [59] 2872 استماع
فقه العبادات [52] 2862 استماع
فقه العبادات [18] 2757 استماع