خطب ومحاضرات
لقاء الباب المفتوح [205]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا اللقاء هو الخامس بعد المائتين من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الخامس من شهر صفر عام (1420هـ).
تفسير قوله تعالى: (فلا أقسم بمواقع النجوم)
وقيل المراد بمواقع النجوم: مواقع الطلوع والغروب، لأن مواقع غروبها إيذان بالنهار، ومواقع طلوعها إيذان بالليل، وتعاقب الليل والنهار من آيات الله العظيمة الكبيرة، من آيات الله العظيمة التي لا يقدر عليها إلا الله عز وجل، فيكون الله تبارك وتعالى أقسم بما يدل على إقبال الليل وإدباره.
وقيل: المراد بمواقع النجوم: الأنواء، وكانوا في الجاهلية يعظمونها، حتى كانوا يقولون: إن المطر ينزل بالنوء، ويقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا.
والمهم أن الله تعالى أقسم بمواقع النجوم على أمر من أعظم الأمور وهو قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ [الواقعة:77] لكن الله بين عظم هذا القسم قبل أن يبين المقسم عليه، فقال: وإنه لقسم عظيم، وأتى بالجملة الاعتراضية في قوله: لو تعلمون، إشارة إلى أنه يجب أن نتفطن لهذا القسم وعظمته حتى نكون ذوي علم به.
تفسير قوله تعالى: (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم)
وهو كريم: يعني القرآن كريم في ثوابه، فالحرف بحسنة، والحسنة بعشرة أمثالها.
وهو كريم في آثاره على القلوب وصلاحها، فإن قراءة القرآن تلين القلوب، وتوجب الخشوع لله عز وجل.
وكريم في آثاره بدعوة الناس إلى شريعة الله، كما قال تعالى: فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً [الفرقان:52] فالمهم أن القرآن كريم بكل معنى الكرم.
قال تعالى: فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:78-79] اختلف العلماء في الكتاب المكنون، فقيل: إنه اللوح المحفوظ، لقوله تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:21-22].
وقيل: المراد به الكتب التي بأيدي الملائكة، كما قال تعالى: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ [عبس:12-16] وهذا القول رجحه ابن القيم رحمه الله في كتابه التبيان في أقسام القرآن أن المراد به الصحف التي بأيدي الملائكة.
وأكثر المفسرين على أن المراد به: اللوح المحفوظ. (لا يمسه) أي: لا يمس هذا الكتاب المكنون إلا المطهرون وهم الملائكة، طهرهم الله تعالى من الشرك والمعاصي ولهذا لا تقع من الملائكة معصية بل هم ممتثلون لأمر الله، قائمون به على ما أراد الله.
وذهب بعض المفسرين إلى قول غريب حيث قالوا: المراد بقوله: لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] أي: لا يمس القرآن إلا طاهر، ولكن هذا قول ضعيف لا تدل عليه الآية، لأنه لو كان المراد ذلك لقال: إلا المُطَّهِّرون -يعني: المتطهرين- ولكن قال: الْمُطَهَّرُونَ، أي: من قبل الله عز وجل، فهذا القول ضعيف، ولولا أنه يوجد في بعض التفاسير التي بأيدي الناس ما تعرضنا له، فإنه لا قيمة له، والصواب أن المراد بذلك الملائكة.
فإن قلنا: إن المراد بالكتاب المكنون الصحف التي بأيديهم فواضح في قوله: لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] وإذا قيل: المراد به اللوح المحفوظ، فكذلك الْمُطَهَّرُونَ قد يمسونه بأمر الله عز وجل، وقد لا يمسونه.
تفسير قوله تعالى: (تنزيل من رب العالمين)
ويستفاد من هذه الآية الكريمة أن القرآن ليس بمخلوق، لأنه نزل من الله فهو كلامه، وكلامه من صفاته تعالى، وصفاته غير مخلوقه.
وفي قوله: (تنـزيل من رب العالمين) إشارة إلى أنه يجب علينا أن نعمل به؛ لأن الذي أنزله هو الرب المطاع الخالق الرازق، الذي يجب أن نطيعه فيما أمر، وننتهي عما عنه نهى وزجر. تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ و(العالمين): كل من سوى الله، وسموا عالمين؛ لأنهم علم على خالقهم، فإن هذا الخلق إذا تأمله الإنسان دله على ما لله عز وجل من عظمة وسلطان ورحمة وغير ذلك من صفات.
تفسير قوله تعالى: (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون)
تفسير قوله تعالى: (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون)
نبتدئ هذا اللقاء كما هي العادة بتفسير آيات من كتاب الله عز وجل، وقد انتهينا في اللقاء الماضي إلى قول الله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [الواقعة:75-76] يخبر الله تبارك وتعالى أنه يقسم بمواقع النجوم، و(لا) في قوله: فَلا أُقْسِمُ [الواقعة:75] للتنبيه والتوكيد، وليست للنفي؛ لأن المراد إثبات القسم وليس نفيه، وهذا كقوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ [البلد:1]، وقوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [القيامة:1]، وقوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [النساء:65] وأمثال ذلك، يؤتى بـ (لا) بصورة النفي، ولكن المراد بذلك التوكيد والتنبيه، والقسم: تأكيد الشيء بذكر مُعَظَّمٍ بأدوات مخصوصة، وهي: الواو، والباء، والتاء، وقوله: بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ [الواقعة:75] اختلف فيها العلماء رحمهم الله، فمنهم من قال: إن المراد بذلك أوقات نزول القرآن، أي: أن القرآن نزل مفرقاً، والشيء المفرق يسمى منجماً، كما يقال في الدين المقسط على سنوات أو أشهر، يقال: إنه دين منجم.
وقيل المراد بمواقع النجوم: مواقع الطلوع والغروب، لأن مواقع غروبها إيذان بالنهار، ومواقع طلوعها إيذان بالليل، وتعاقب الليل والنهار من آيات الله العظيمة الكبيرة، من آيات الله العظيمة التي لا يقدر عليها إلا الله عز وجل، فيكون الله تبارك وتعالى أقسم بما يدل على إقبال الليل وإدباره.
وقيل: المراد بمواقع النجوم: الأنواء، وكانوا في الجاهلية يعظمونها، حتى كانوا يقولون: إن المطر ينزل بالنوء، ويقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا.
والمهم أن الله تعالى أقسم بمواقع النجوم على أمر من أعظم الأمور وهو قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ [الواقعة:77] لكن الله بين عظم هذا القسم قبل أن يبين المقسم عليه، فقال: وإنه لقسم عظيم، وأتى بالجملة الاعتراضية في قوله: لو تعلمون، إشارة إلى أنه يجب أن نتفطن لهذا القسم وعظمته حتى نكون ذوي علم به.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
لقاء الباب المفتوح [63] | 3400 استماع |
لقاء الباب المفتوح [146] | 3358 استماع |
لقاء الباب المفتوح [85] | 3321 استماع |
لقاء الباب المفتوح [132] | 3300 استماع |
لقاء الباب المفتوح [8] | 3283 استماع |
لقاء الباب المفتوح [13] | 3262 استماع |
لقاء الباب المفتوح [127] | 3121 استماع |
لقاء الباب المفتوح [172] | 3096 استماع |
لقاء الباب المفتوح [150] | 3044 استماع |
لقاء الباب المفتوح [47] | 3039 استماع |