خطب ومحاضرات
لقاء الباب المفتوح [95]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو يوم الخميس التاسع من شهر محرم (عام 1416هـ) وهو اللقاء الثاني من هذا العام نبدؤه بتفسير قول الله تبارك إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1].
يقول الله عز وجل: إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة:1-4] هذا هو جواب الشرط.
تفسير قوله تعالى: (إذا زلزلت الأرض زلزالها)
تفسير قوله تعالى: (وأخرجت الأرض أثقالها)
تفسير قوله تعالى: (وقال الإنسان مالها)
تفسير قوله تعالى: (يومئذٍ تحدث أخبارها)
تفسير قوله تعالى: (بأن ربك أوحى لها)
وقال الله تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يس:65] فالله عز وجل إذا وجه الكلام إلى شيء ولو جماداً فإنه يخاطب الله ويتكلم ولهذا قال: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا [الزلزلة:4-5].
تفسير قوله تعالى: (يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً)
تفسير قوله تعالى: (ليروا أعمالهم)
وقوله: لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ [الزلزلة:6] هذا مضاف، والمضاف يقتضي العموم، وظاهره: أنهم يرون الأعمال الصغيرة والكبيرة، وهو كذلك إلا ما غفره الله من قبل بحسنات أو دعاء أو ما أشبه ذلك فهذا يمحى كما قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114] فيرى الإنسان عمله يرى عمله القليل والكثير، حتى يتبين له الأمر جلياً ويُعطى كتابه ويقال: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الإسراء:14] ولهذا يجب على الإنسان ألا يقدم على شيء لا يرضي الله عز وجل؛ لأنه يعلم أنه مكتوب عليه، وأنه سوف يحاسب عليه.
تفسير قوله تعالى: (فمن يعمل مثال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)
وقوله تبارك وتعالى: مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [الزلزلة:7] يفيد أن الذي يوزن هو الأعمال. وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم:
فمن العلماء من يقول: إن الذي يوزن هو العمل.
ومنهم من يقول: إن الذي يوزن هي صحائف الأعمال.
ومنهم من يقول: إن الذي يوزن هو العامل نفسه. ولكل دليل.
أما من قال: إن الذي يوزن هو العمل فاستدل بهذه الآية: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [الزلزلة:7]؛ لأن تقدير الآية: فمن يعمل عملاً مثقال ذرة، واستدلوا أيضاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان) وهذا القول كما ترى له دليل من القرآن ومن السنة.
لكن يشكل على هذا: أن العمل ليس جسماً يمكن أن يوضع في الميزان بل العمل عمل انتهى وانقضى.
ولكن يجاب عن هذا:
أولاً: بأن يقال: على المرء أن يصدق بما أخبر الله به من أمور الغيب، وإن كان عقله قد يحار فيه ويتعجب ويقول: كيف يكون هذا؟ فعلينا التصديق؛ لأن قدرة الله تعالى فوق ما نتصور.
ثانياً: أن الله تعالى يجعل هذه الأعمال أجساماً توضع في الميزان وتثقل وتخف، والله تعالى قادر على أن يجعل الأمور المعنوية أجساماً كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن الموت يؤتى به على صورة كبش ويوقف بين الجنة والنار، ويقال: يا أهل الجنة فيشرئبون ويطلعون لماذا نودوا، ويقال: يا أهل النار فيشرئبون ويطلعون لماذا نودوا، فيقال لهم: هل تعرفون هذا؟ فيقولوا: نعم هذا الموت مع أنه في صورة كبش، والموت معنىً ليس جسماً، ولكن الله تعالى يجعله جسماً يوم القيامة فيقال: (هذا الموت فيذبح أمامهم ويقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت) وبهذا يزول الإشكال الوارد على هذا القول.
أما من قال: إن الذي يوزن هو صحائف الأعمال، فاستدلوا بحديث صاحب البطاقة: (الذي يؤتى يوم القيامة به ويقال: انظر إلى عملك، فتمد له السجلات مكتوب بها العمل السيئ -سجلات عظيمة- فإذا رأى أنه قد هلك، أوتي بالبطاقة الصغيرة فيها: لا إله إلا الله، فيقول: يا رب! ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال له: إنك لا تظلم شيئاً، ثم توزن البطاقة في كفة والسجلات في كفة فترجح بهن البطاقة) وهي: لا إله إلا الله. قالوا: فهذا دليل على أن الذي يوزن هو صحائف الأعمال.
وأما الذين قالوا: إن الذي يوزن هو العامل نفسه، فاستدلوا بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أنه كان ذات يوم مع النبي صلى الله عليه وسلم فهبت ريح شديدة، فقام
فيقال: نأخذ بالقول الأول: أن الذي يوزن العمل، ولكن ربما يكون بعض الناس توزن صحائف أعماله، وبعض الناس يوزن هو بنفسه.
فإن قال قائل: على هذا القول أن الذي يوزن هو العامل هل ينبني هذا على أجسام الناس في الدنيا؟ وأن صاحب الجسم الكبير العظيم يثقل ميزانه يوم القيامة؟
فالجواب: لا، لا ينبني على إنسان الدنيا، يؤتى بالرجل السمين الغليظ الكبير الواسع الجسم يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، وهذا عبد الله بن مسعود يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إن ساقيه في الميزان أثقل من أحد) فالعبرة ليست بثقل الجسم أو عدم ثقله يوم القيامة وإنما بما كان معهم من أعمال صالحة.
يقول الله عز وجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8].
وفي هذه السورة كلها: التحذير والتخويف من زلزلة الأرض.
وفيها: الحث على الأعمال الصالحة.
وفيها: أن العمل لا يضيع مهما قلَّ حتى لو كان مثقال ذرة أو أقل فإنه لا بد أن يراه الإنسان ويطلع عليه يوم القيامة.
نسأل الله تعالى أن يختم لنا ولكم بالخير والسعادة والصلاح والفلاح، وأن يجعلنا ممن يحشرون إلى الرحمن وفداً، إنه على كل شيء قدير.
قال تعالى: إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1] والمراد بذلك ما ذكره الله تعالى في قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:1-2] وقوله: (زلزالها) أي: الزلزال العظيم الذي لم يكن مثله قط، ولهذا يقول الله عز وجل: وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى [الحج:2] من شدة ذهولهم وما أصابهم تجدهم كأنهم سكارى وما هم بسكارى بل هم صحاة لكن لشدة الهول صار الإنسان كأنه سكران، لا يدري كيف يتصرف ولا كيف يفعل.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
لقاء الباب المفتوح [63] | 3395 استماع |
لقاء الباب المفتوح [146] | 3350 استماع |
لقاء الباب المفتوح [85] | 3315 استماع |
لقاء الباب المفتوح [132] | 3293 استماع |
لقاء الباب المفتوح [8] | 3275 استماع |
لقاء الباب المفتوح [13] | 3259 استماع |
لقاء الباب المفتوح [127] | 3116 استماع |
لقاء الباب المفتوح [172] | 3090 استماع |
لقاء الباب المفتوح [150] | 3037 استماع |
لقاء الباب المفتوح [47] | 3033 استماع |