أرشيف المقالات

الحجز والتنفيذ (4)

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
فقه التقاضي
الحلقة الثمانون
الحجز والتنفيذ (4)

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله - مستمعيَّ الأفاضل - في برنامجكم: "فقه التقاضي"، وكنا في الحلقات الماضية دلفنا إلى "باب الحجز والتنفيذ"، وهو الباب الثاني عشر من نظام المرافعات، وهو باب مهمٌّ؛ لأهمية موضوعه؛ إذ هو ثمرة الحكم النهائي المكتسب للقطعية.

وقد وقفنا عند الفصل الرابع المخصص للحديث عن "التنفيذ على أموال المحكوم عليه".

ففي المادة السابعة عشرة بعد المائتين:
(يجري التنفيذ على أموال المحكوم عليه إذا لم يقُمْ بتسليم المبلغ المحكوم به، وذلك بتوقيع الحجز على ما يكفي لتنفيذ الحكم من منقولاته وعقاراته، وبيعِ هذه الأموال إن اقتضى الحال بالمزاد العلني بأمر المحكمة، وفقًا لما نص عليه في هذا الفصل، ويحدد القاضي قبل البيع ما تدعو الحاجة إلى تركه للمحجوز عليه من المنقول والعقار).

وأوضحت اللائحة التنفيذية للمادة أن لجهة التنفيذ أن تطلب من الدائن عند طلبه التنفيذ إفادتَها بما يعلمه من أموال ثابتة أو منقولة للمحكوم عليه للتنفيذ عليها.

وأنه لا يجوز إيقاع الحجز التنفيذي إلا بحكم نهائي مذيل بالصيغة التنفيذية.

وأنه إذا اقتضى الحالُ بيعَ الأموال للتنفيذ عليها، فيأمر بذلك المشرف على قسم الحجز والتنفيذ، وهو رئيس المحكمة أو قاضي التنفيذ.

وأنه يترك للمحجوز عليه ما تدعو الحاجة إلى تركه له، من منقول وعقار، مثل مسكنه ومركبه المعتاد.

وأنه إذا أودع المدين المبلغ المحكوم به لدى صندوق المحكمة، أو سلمه لخَصمه زال الحجز عن أملاكه.

كما يجوز الحجز على مال المدين من راتبٍ أو مخصصاتٍ بعد تقدير الكفاية له من نفقة ونحوها.

وأنه لا يجوز إيقاع الحجز على عقارات المدين، إذا كانت تقع خارج المملكة؛ لأنه لا ولاية للقاضي على عقار يقع خارج المملكة، وهذا مبدأ قضائي مقرَّر في الأنظمة القضائية.

وبينت المادة الثامنة عشرة بعد المائتين الجهات التي تتولى التنفيذ، ونصها:
(يجري التنفيذ بوساطة الجهات الإدارية المنوط بها التنفيذ).

والمراد بهذه الجهات: أمراءُ المناطق، ومحافظو المحافظات، ورؤساء المراكز.

وأما حجز أموال المدين أو حجزُ ما للمدين لدى الغير من الديون والأعيان المنقولة عند الامتناع عن التسليم، والتنفيذ على هذه الأموال، فهو من اختصاص المحاكم العامة؛ لأن ذلك يتطلب إجراءً قضائيًّا.

ولذا؛ فإن المحكمة تشارك في بعض إجراءات التنفيذ التي تتطلب احتياطًا وتوثيقًا، جاء في المادة التاسعة عشرة بعد المائتين: (لا يجوز لمن يتولى التنفيذ كسر الأبواب، أو فض الأقفال لتوقيع الحجز إلا بحضور مندوب من المحكمة، وتوقيعه على المحضر).

كما لا يجوز نقل الأشياء المحجوزة من موضعها إلا بإذن من القاضي المشرف على قسم الحجز والتنفيذ في المحكمة.

وأما كيفية الحجز على الأموال المنقولة - أي التي يمكن نقلها؛ كالذهب، والأدوات والأجهزة المنزلية، ونحوها - فبيان ذلك في المادة العشرين بعد المائتين، ونصها: (الحجز على منقولات المحكوم عليه يكون بمحضر تُبيَّنُ فيه مفردات الأشياء المحجوزة مع ذكر أوصافها، وبيان قيمتها التقريبية، وإذا كانت الأموال المحجوزة تشتمل على حُليٍّ أو مجوهرات فلا بد أن يكون تقويمُها وذكر أوصافها بوساطة خبير مختص).

وفي المادة الحادية والعشرين بعد المائتين:
(يجب على من يقوم بالحجز عقب إقفال محضر الحجز مباشرة: أن يلصق على باب المكان الذي وجدت به الأشياء المحجوزة وفي اللوحة المعدة لذلك بالمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها المحجوز عليه بيانًا موقعًا عليه منه، يبين فيه نوع الأشياء المحجوزة، ووصفها بالإجمال، ويذكر ذلك في محضر ملحق بمحضر الحجز، وتصبح الأشياء محجوزة بمجرد ذكرها في محضر الحجز).

وفي المادة الثانية والعشرين بعد المائتين:
(يَطلب من يتولى الحجز من المحجوز عليه تقديمَ كفيل غارم بعدم التصرف في المحجوزات التي في عهدته؛ فإن عجز عن تقديم الكفيل جاز للمحكمة إيداع المحجوزات حتى يتم التنفيذ عليها، ولا ينفُذُ تصرُّفُ المحجوز عليه فيما تم الحجز عليه إلا بإذن من المحكمة الواقع في نطاق اختصاصها).

والغرض من إيقاع الحجز التمهيد للبيع لتنفيذ الحكم الذي صدر في حق المحجوز عليه.

جاء في المادة الثالثة والعشرين بعد المائتين:
(يجري البيع بالمزاد العلني في الزمان والمكان المحددين بعد الإعلان عنه إعلانًا كافيًا، وعلى المكلف بالتنفيذ أن يكف عن المضي في البيع إذا نتج عنه مبلغٌ كافٍ لوفاء الديون المحجوز من أجلها، أو أحضر المحجوز عليه المبلغ الواجب دفعُه، أو أحضر كفيلًا غارمًا لمدة عشرة أيام على الأكثر).

وتبين المادة الرابعة والعشرون بعد المائتين وجوب إبلاغ المحجوز عليه وإعطائه المهلة قبل تنفيذ البيع، ونصها:
(لا يجوز أن يجري البيع إلا بعد إخطار المحجوز عليه وإمهاله مدة عشرة أيام من تاريخ الإخطار، ومع ذلك إذا كانت الأشياءُ المحجوزة عرضةً للتلف أو بضائعَ عرضة لتقلب الأسعار، فللمحكمة أن تأمر بإجراء البيع من ساعة لساعة بناءً على عريضة تُقدَّم من أحد ذوي الشأن).

والمراد بذوي الشأن في هذه المادة هم الدائن والمدين أو ورثتهما، والحارس القضائي، والمكلف بالتنفيذ، ومَن له مصلحة في وفاء الدين بعد استئذان القاضي المشرف على قسم الحجز والتنفيذ.

وتبين المادة الخامسة والعشرون بعد المائتين كيفية الحجز على العقار المملوك لمن يُراد التنفيذ على أمواله، ونصها:
(الحجز على عقار المدين يكون بمحضر يبين فيه العقار المحجوز، وموقعه، وحدوده، ومساحته، ووثيقة تملُّكه، وثمنه التقديري معروضًا للبيع، كما يجب إبلاغ الجهة التي صدرت منها وثيقة تملُّك العقار بصورة من المحضر للتأشير على سجل الوثيقة بأن العقار محجوز لوفاء دَين محكوم به).

والمحكمة المختصة بإيقاع الحجز على العقار وإعداد محضره هي المحكمة التي يقع العقار في نطاق اختصاصها.

والمراد بثمن العقار التقديري هنا هو: قيمة العقار حال البيع في نظر أهل الخبرة.

وتبين بقية مواد هذا الفصل من نظام المرافعات الشرعية أنه يُعلن عن بيع العقار قبل اليوم المحدد لإجرائه بمدة كافية.

وأن المكلف بالتنفيذ يتولى في اليوم المعيَّن للبيع إجراء المزايدة، ويُرسى المزاد على من تقدم بأكبر عرض، على أنه إذا لم يبلغ أكبرُ عرضٍ الثمنَ التقديري، يعاد تقديره، ثم تعاد المزايدة عليه.

وأنه يجب على من يرسو عليه مزاد العقار المحجوز عليه أن يودِعَ حال انقضاء جلسة البيع عُشرَ الثمن الذي رسا به المزاد والمصروفات، وأن يودع باقي الثمن خزانة المحكمة خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ البيع عليه، أو يقدم به شيكًا مقبول الدفع من مصرف معتبر.

مستمعي الأفاضل:
كان حديثنا في هذه الحلقة منصبًّا على الإجراءات التي يُعمل بها عند التنفيذ على أموال المحكوم عليه.

وهناك تفصيلات دقيقة في هذا الفصل أعرضت عنها من باب الاختصار، ويمكن لمن أراد التفصيل فيها الرجوعُ إلى النظام ولائحته التنفيذية.

وإلى لقاء قادم في حلقة جديدة، نبدأ فيها حديثنا بالفصل الخامس من الباب الثاني عشر، الذي يعالج توقيف المدين وحبسه كي يسدد ما وجب عليه.

وحتى ذلك الحين، أستودعكم الله تعالى.

نسأل الله تعالى أن يوفِّقنا لصالح القول والعمل، وأن يعيننا على أداء ما وجب علينا دون مَطْلٍ أو ظلم.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير