لقاء الباب المفتوح [91]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء الحادي والتسعون من اللقاءات الأسبوعية التي تتم كل يوم خميس، وهذا اليوم هو السابع والعشرون من شهر ذي القعدة عام (1415هـ).

يكون الكلام في هذا اللقاء على محظورات الإحرام، ومحظورات الإحرام: هي الأشياء التي تحرم بسبب الإحرام، لأن كل عبادة لها محرمات، الصلاة مثلاً يحرم فيها الكلام، الصيام يحرم فيه الأكل والشرب، الحج له محظورات -أي: محرمات بسببه- فمحظورات الإحرام هي الممنوعات بسبب الإحرام.

فنبدأ أولاً بما ذكر الله عز وجل: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] هذه ثلاثة أشياء كلها تجتنب في الحج، لكن الأول خاص بالحج بعض العبادات، والثاني والثالث عام، فالفسوق منهي عنه دائماً لكنه يتأكد في الحج، والجدال الذي يقصد به المماراة والمغالبة منهي عنه في كل وقت، وفي كل حال، فما هو الرفث؟

الرفث هو الجماع، هذا هو الأصل، كما قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187] أي: فلا جماع في الحج، والجماع هو أعظم محظورات الإحرام، وإذا جامع الإنسان قبل التحلل الأول في الحج ترتب على جماعه خمسة أشياء:

الأول: الإثم.

الثاني: فساد النسك.

الثالث: وجوب إكماله.

الرابع: وجوب القضاء من العام المقبل.

الخامس: بدنة يذبحها ويتصدق بجميعها على الفقراء.

هذا ما يترتب على الجماع قبل التحلل الأول.

وما الذي يتعلق بهذا المحظور؟

يتعلق به المباشرة، والنظر بشهوة، وعقد النكاح، وخطبة النكاح، كلها تتعلق بهذا؛ لأنها مقدمات للجماع، ولهذا يحرم على المحرم أن يباشر زوجته لشهوة، بتقبيل أو غيره، وكذلك يحرم عليه تكرار النظر لشهوة، ويحرم عليه أيضاً عقد النكاح فلا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب، ويحرم عليه الخطبة -أي: أن يخطب امرأة- وهو محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَنْكَحْ المحرم ولا يُنْكِحْ ولا يخطب).

ومن محظورات الإحرام التي في القرآن: حلق شعر الرأس؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] فلا يجوز للمحرم أن يحلق رأسه حتى يحل، وألحق العلماء رحمهم الله بشعر الرأس شعر بقية البدن كالشارب والعانة والإبط، وزاد بعضهم: الظفر، قالوا: لا يحل للمحرم أن يقلم أظفاره.

فنعود الآن ننظر ما حصر من المحظورات: الجماع، المباشرة بشهوة، النظر لشهوة ولا سيما مع التكرار، الخامس: عقد النكاح، السادس: الخطبة، والسابع: حلق شعر الرأس، ويلحق به بقية شعر البدن. والثامن: تقليم الأظفار. هذه موجودة في القرآن نصاً في الجماع وفي حلق شعر الرأس، وإلحاقاً بما نص عليه أو بالقياس أو لكونه من مقدمات هذا المحظور الذي نص عليه.

ومن محظورات الإحرام: قتل الصيد وهو منصوص عليه في القرآن؛ لقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [المائدة:95] أي: محرمون.

ومن محظورات الإحرام أيضاً: ما بينه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل: ما يلبس المحرم؟ قال: (لا يلبس القميص ولا السراويل ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف) هذه خمسة أشياء لا تلبس.

القميص: هو هذا الدرع الذي نلبسه كلباسنا الآن، وأما السراويل فمعروفة أيضاً: ما يلبس بدلاً عن الإزار، وأما العمائم: فهي ما يلف على الرأس، وأما البرانس: فهي ثياب واسعة فضفاضة كما يقولون ولها غطاء على الرأس متصل بها، وأكثر من يلبس ذلك المغاربة، وأما الخفاف فهي (الكنادر) فهذه خمسة أشياء نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم أن المحرم لا يلبسها.

هل يلحق بها غيرها؟

نقول: نعم يلحق بها ما كان مثلها أو أولى منها، فالقميص مثلاً يلحق به الفنيلة الكوت، والسراويل يلحق بها السراويل القصيرة الكمين: وهي ما يعرف بالسراويل الفخذية، وأما العمائم فيلحق بها الغترة والطاقية؛ لأنها لباس الرأس كالعمامة، وأما البرانس فيلحق بها المشارف؛ لأنها أقرب ما تكون، وهذه الأشياء الخمسة التي نص عليها الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (لا يلبس) وبناءً على ذلك: لو أن الإنسان تلفلف بالقميص بدون لبس فلا حرج؛ لأنه لم يلبسه، ولو أنه خاط إزاراً خياطة فلا حرج؛ لأنه لا يعدو أن يكون إزاراً حتى وإن خيط.

ويبقى أن نسأل: هل يلبس الجوارب؟ يعني: الشراب

الجواب: لا، لأنها بمعنى الخفين، هل يلبس ساعة اليد؟

الجواب: نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: لا يلبس كذا، علمنا منه أنه يلبس ما سواه.

طيب! هل يلبس نظارة العين؟

نعم؛ لأنها لا تدخل فيما نص عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وليست فيما نهى.

هل يلبس سماعة الأذن؟

نعم.

هل يلبس الخاتم؟

نعم.

هل يلبس الكمر؟

نعم، المهم يلبس كل ما سوى المذكور في الحديث أو ما كان بمعناه.

ومن محظورات الإحرام: الطيب، والدليل على أنه من محظورات الإحرام: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل الذي وقصته ناقته في عرفة: (اغسلوه بماء وسدر ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) والحنوط: الطيب الذي يجعل في الميت، وهو يدل على أن جميع أنواع الطيب لا تحل للمحرم، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس) وعلى هذا فيحرم على المحرم استعمال الطيب في بدنه، واستعمال الطيب في إحرامه، وكذلك استعمال الطيب في فراشه، فلا ينام على فراش فيه طيب، وكذلك استعمال الطيب في أكله وشربه، فلا يشرب قهوة فيها زعفران ما دامت رائحته موجودة.

ويدخل أيضاً استعمال الطيب في تغسيله فبعض الصابون فيه طيب يظهر على الإنسان إذا غسل به فهذا لا يستعمل، أما الطيب الذي ليس له إلا رائحة طيبة منعشة ولكنها ليست طيباً فلا بأس بذلك، ولهذا نقول للمحرم: لك أن تأكل التوت والنعناع وما أشبهها مع أنه ذو رائحة طيبة ذكية.

ومن محظورات الإحرام: تغطية الرأس بأي غطاء كان؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تخمروا رأسه) أي: لا تغطوه، سواء كان في منديل أو غترة أو طاقية أو غيرها، لكن قال العلماء رحمهم الله: يجوز للمحرم أن يحمل عفشه على رأسه، لأن هذا لم تجد عادته للستر به، ويجوز أن يتظلل بالخيمة، وكذلك على القول الراجح: يجوز أن يتظلل بالشمسية، وبالسيارة المسقفة، وما أشبه ذلك، لأن هذا ليس تغطية وإنما هو استظلال، والممنوع هو تغطية الرأس.

ومن محظورات الإحرام: لبس القفازين على الرجل والمرأة، فالمرأة لا تلبس القفازين وكذلك الرجل، ولا تنتقب، أي: لا تلبس نقاباً على وجهها، ولكن إذا كان حولها رجالٌ من غير محارمها وجب عليها أن تغطي وجهها؛ لأنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها لغير المحارم أو الزوج.

إذا علمنا هذه المحظورات فلنسأل: هل فيها فدية؟

والجواب أن يقال: هذه المحظورات تنقسم إلى أربعة أقسام:

القسم الأول: ما لا فدية فيه.

القسم الثاني: ما فيه فدية مغلظة.

القسم الثالث: ما فديته مثله.

القسم الرابع: ما فديته على التخيير بين أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يذبح شاة يتصدق بها ولا يأكل منها شيئاً.

- فأما الأول: وهو الذي لا فدية فيه فهو عقد النكاح، إذا عقد المحرم النكاح فإنه ليس عليه فدية، لكن النكاح فاسد، يجب أن يجدد بعد حله من الإحرام؛ لأن كل شيء نهى عنه الشرع فإنه فاسد لا يجوز اعتباره، وكذلك خطبة النكاح، لو أن الإنسان خطب امرأة وهو محرم فلا فدية عليه لكنه آثم.

- وأما ما فيه فدية مغلظة فهو الجماع في الحج قبل التحلل الأول، ففديته بدنة يذبحها ويفرقها كلها على الفقراء.

- وأما ما فديته مثله فهو الصيد؛ لقوله تعالى: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95].

- وأما ما فديته على التخيير بين الصيام والصدقة وذبح الشاة فهو بقية المحظورات.

فهذه الأقسام الأربعة تحصر لك الفدية.

أحوال الفاعل للمحظورات

ثم اعلم أن هذه المحظورات إذا فعلها الإنسان فله ثلاث حالات: إما أن يفعلها متعمداً بلا عذر، أو يفعلها متعمداً لعذر، أو يفعلها جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً، فإن فعلها متعمداً بلا عذر فهو آثم وعليه الفدية، مثال هذا: رجل حلق رأسه متعمداً بلا عذر نقول: هو آثم وعليه الفدية ونسكه لا يفسد؛ لأنه لا يفسد النسك إلا بالجماع قبل التحلل الأول.

الثاني: أن يفعلها متعمداً لعذر، فهذا عليه فدية وليس عليه إثم، كما فعل كعب بن عجرة رضي الله عنه حين أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو مريض ورأسه مملوء من القمل يتناثر القمل من رأسه على وجهه، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما كنت أظن أن الوجع بلغ بك ما أرى) ثم أخبره بالفدية وأمره أن يفدي، لأن هذا فعله متعمداً لعذر.

ومثل ذلك: لو اضطر الإنسان إلى صيد، لم يجد شيئاً يأكله إلا الصيد فقتل صيداً فأكله فعليه جزاءٌ ولا إثم.

الثالث: أن يفعله جاهلاً أو ناسياً أو مرغماً، فهذا لا شيء عليه -لا إثم ولا فدية- لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] قال الله تعالى: قد فعلت.

ولقوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] فإذا كان الكفر وهو أعظم الذنوب يرتفع حكمه مع الإكراه فما دونه من باب أولى، وعلى هذا فلو أن الإنسان أحرم ولبس الإزار والرداء ولكنه نسي أن يخلع السراويل ولم يتذكر إلا في أثناء النسك بعد أن طاف مثلاً تذكر وخلع السراويل فوراً فهل عليه شي؟

الجواب: لا، لماذا؟ لأنه ناسي.

ولو أن إنساناً دعس أرنباً وهو لم يعلم بها حتى ماتت وهو محرم فليس عليه إثم، وليس عليه جزاء؛ لأنه كان جاهلاً.

ولو أنه صاد أرنباً يظن أن المحرم لا يحرم عليه الصيد إلا إذا دخل حدود الحرم فليس عليه شيء؛ لأنه كان جاهلاً.

ولو أكره الرجل زوجته فجامعها وهي كارهة عاجزة عن أن تتخلص منه فليس عليها شيء؛ لأنها مكرهة.

فصار الضابط في فاعل المحظورات على النحو التالي:

الأول: ما فعله متعمداً بغير عذر فحكمه الإثم مع الفدية، إلا فيما لا فدية فيه، كعقد النكاح فليس عليه فدية لكنه آثم والنكاح لا يصح.

الثاني: ما فعله متعمداً لكن بعذر، فلا إثم عليه ولكن عليه الفدية.

الثالث: ما فعله ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فليس عليه شيء لا إثم ولا فدية، وهذا من نعمة الله تعالى وتيسيره على عباده.

مسألة في عدم لبس ملابس الإحرام

فإن قال قائل: هل من العذر: إذا كان الإنسان في الطائرة وكانت ملابس إحرامه مع العفش لا يتمكن من لبسها وأحرم وهو في الطائرة لأنه لا يجوز أن يتجاوز الميقات بلا إحرام فأحرم هل من العذر أن يبقى على ملابسه؟

الجواب: لا، ليس عذراً؛ لأن بإمكانه أن يخلع القميص ويلفه على جسده لفاً لا لبساً، وأما السراويل فإن أمكن أن يتزر بالغترة استتر بها ثم خلع السراويل، وإذا لم يمكن لا بأس أن يبقى عليه لكن ليس عليه فدية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل) ولم يجعل عليه فدية، وهذه مع الأسف تقع لكثير من الناس، يكون في الطائرة وقد نوى العمرة ولكن ثيابه في العفش في بطن الطائرة لا يتمكن من لبسها، فيبقى متردداً: هل يحرم وعليه ثيابه، أو لا يحرم حتى يصل إلى المطار وينزل من الطائرة ويأخذ ثياب الإحرام؟

والجواب: أن حل هذه المشكلة أن ينـزع الثوب أو القميص ويلفه على صدره، وأما السراويل فإن أمكن أن يتزر بالغترة فهذا هو المطلوب، وإن لم يمكن لكونها قصيرة لا تستر تماماً فليبق على سراويله وليس عليه شيء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل) ولا يجوز أن يؤخر الإحرام حتى ينـزل إلى جدة .

وهذه المسألة ينبغي لكم أن تحرصوا على بثها في الناس؛ لأنها كثيرة الوقوع، وهي خفية على كثير من الناس.

وينبغي للمحرم أن يحرص على فعل الواجبات وترك المحرمات حتى وإن لم تكن من محظورات الإحرام، وأن يتخلق بالأخلاق الفاضلة، وألا يؤذي المسلمين بقول أو فعل، وأن يكون سمح البال منشرح الصدر باسط اليد حتى يكون محبوباً عند الناس، وأن لا يماري أو يجادل لا عند دورات المياه ولا عند صنابير الماء ولا في المطار ولا في أي مكان، بل يكون دائماً ليناً مع الخلق حتى يكتب في عداد الذين أحسن الله خلقهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أكمل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً).

ثم اعلم أن هذه المحظورات إذا فعلها الإنسان فله ثلاث حالات: إما أن يفعلها متعمداً بلا عذر، أو يفعلها متعمداً لعذر، أو يفعلها جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً، فإن فعلها متعمداً بلا عذر فهو آثم وعليه الفدية، مثال هذا: رجل حلق رأسه متعمداً بلا عذر نقول: هو آثم وعليه الفدية ونسكه لا يفسد؛ لأنه لا يفسد النسك إلا بالجماع قبل التحلل الأول.

الثاني: أن يفعلها متعمداً لعذر، فهذا عليه فدية وليس عليه إثم، كما فعل كعب بن عجرة رضي الله عنه حين أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو مريض ورأسه مملوء من القمل يتناثر القمل من رأسه على وجهه، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما كنت أظن أن الوجع بلغ بك ما أرى) ثم أخبره بالفدية وأمره أن يفدي، لأن هذا فعله متعمداً لعذر.

ومثل ذلك: لو اضطر الإنسان إلى صيد، لم يجد شيئاً يأكله إلا الصيد فقتل صيداً فأكله فعليه جزاءٌ ولا إثم.

الثالث: أن يفعله جاهلاً أو ناسياً أو مرغماً، فهذا لا شيء عليه -لا إثم ولا فدية- لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] قال الله تعالى: قد فعلت.

ولقوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] فإذا كان الكفر وهو أعظم الذنوب يرتفع حكمه مع الإكراه فما دونه من باب أولى، وعلى هذا فلو أن الإنسان أحرم ولبس الإزار والرداء ولكنه نسي أن يخلع السراويل ولم يتذكر إلا في أثناء النسك بعد أن طاف مثلاً تذكر وخلع السراويل فوراً فهل عليه شي؟

الجواب: لا، لماذا؟ لأنه ناسي.

ولو أن إنساناً دعس أرنباً وهو لم يعلم بها حتى ماتت وهو محرم فليس عليه إثم، وليس عليه جزاء؛ لأنه كان جاهلاً.

ولو أنه صاد أرنباً يظن أن المحرم لا يحرم عليه الصيد إلا إذا دخل حدود الحرم فليس عليه شيء؛ لأنه كان جاهلاً.

ولو أكره الرجل زوجته فجامعها وهي كارهة عاجزة عن أن تتخلص منه فليس عليها شيء؛ لأنها مكرهة.

فصار الضابط في فاعل المحظورات على النحو التالي:

الأول: ما فعله متعمداً بغير عذر فحكمه الإثم مع الفدية، إلا فيما لا فدية فيه، كعقد النكاح فليس عليه فدية لكنه آثم والنكاح لا يصح.

الثاني: ما فعله متعمداً لكن بعذر، فلا إثم عليه ولكن عليه الفدية.

الثالث: ما فعله ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فليس عليه شيء لا إثم ولا فدية، وهذا من نعمة الله تعالى وتيسيره على عباده.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3395 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3350 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3315 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3293 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3275 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3259 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3116 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3090 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3037 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3034 استماع