اللقاء الشهري [70] رقم 1؛2


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء المتمم للسبعين من اللقاءات الشهرية التي تتم في الجامع الكبير في مدينة عنيزة في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة هي ليلة عشرين من شهر شعبان عام (1420هـ).

أسأل الله أن ينفعنا بهذه اللقاءات، وأن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً، ورزقاً طيباً واسعاً يغنينا به عن خلقه، ولا يغنينا به عنه عز وجل.

في هذه الليلة نرحب بإخواننا في مدينة بريدة في مسجد الغانم بحي البصيرية، حيث إنهم شاركوا في الاستماع إلى هذا اللقاء عبر الهاتف جزاهم الله خيراً وأخلف عليهم ما أنفقوه بالبركة، كما سبقهم في ذلك إخواننا في رياض الخضراء .

إن الأمة الإسلامية في هذه الأيام تستقبل شهر رمضان المبارك، ولكنها تعيش بألم ونكد فيما يجري على إخواننا في الشيشان من تسلط أولئك الملحدين من بلاد الروس عليهم، لا لشيء؛ إلا لأنهم شرعوا في نشر الدين الإسلامي الصافي من البدع في بلاد البلقان ، ولكن أعداء الإسلام لا يرضون بهذا أبداً سواءٌ كانوا من الملحدين الشيوعيين، أو كانوا من النصارى أو من اليهود أو من غيرهم، وهذا ظاهر.

إن الدول الغربية ساكتة، بل ربما يكون بعضها يساعد الروس بالخفاء -قاتل الله الجميع- ولما أرادت تيمور الشرقية وهي جزء من الأمة الإسلامية في إندونيسيا أن تتحرر لأن أكثرها نصارى، قام الغرب وقعد، وهيأ الأسطول الجوي والبحري والبري من أجل أن ينفصل هذا الجزء من إندونيسيا لأن أكثره نصارى، أما جمهورية الشيشان الجمهورية الفتية التي عرفت حقيقة الحياة، وعرفت حقيقة التوحيد، وعرفت الدين الصافي، فهي عند الغرب منشقة، والمجاهدون فيها إرهابيون وما أشبه ذلك، ولكني أقول: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:249].

إننا لن نيئس ولن نقنط وسوف يرجع الروس على أعقابهم مخذولين إن شاء الله كما رجعوا في أول مرة، وإن من حق إخواننا علينا، بل أدنى حق أن ندعو الله لهم أن ينجيهم من القوم الظالمين، وأن ينصرهم على القوم الكافرين في أوقات وأحوال الإجابة .. في السجود .. في الفريضة والنافلة، بين الأذان والإقامة، في آخر الليل، في يوم الجمعة من مجيء الإمام إلى أن تُقضى الصلاة، كل هذه أوقات إجابة علينا أن نلح على الله عز وجل بالدعاء.

اللهم انصر إخواننا المسلمين في الشيشان ، اللهم انصرهم على عدوهم، اللهم اردد عدوهم خائباً نادماً، اللهم أذله بعد العزة، اللهم أضعفه بعد القوة، اللهم أفقره بعد الغنى، اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم يا رب العالمين، واجعل بأسهم بينهم.

من خصائص رمضان: نزول القرآن فيه

المسلمون اليوم يستقبلون شهر رمضان، وهذا الشهر له مزايا كثيرة على غيره من الشهور:

منها: أن الله أنزل فيه القرآن قال تعالى: هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185] أنزل الله هذا القرآن في ليلة القدر، وهذا القرآن الكريم -أيها الإخوة- كلام الله عز وجل تكلم به حقيقة، وتلقاه جبريل من الله عز وجل، ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وتناقله المسلمون قرناً بعد قرن كابراً عن كابر حتى بلغنا -ولله الحمد- غير منقوص ولا مزيد، وهذا القرآن له أيضاً خصائص، منها:

1/ أنه كلام الله ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور، ولا بسورة من مثله، ولا بأي حديث مثله، قال الله عز وجل: قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88] ومعنى (ظهيراً) أي: معيناً، وقال عز وجل: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ [هود:13] وقال عز وجل: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ [يونس:38] وقال عز وجل: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ [الطور:34] ولو دون آية، ولكن لا أحد يستطيع.

2/ ومن خصائص القرآن الكريم: أنه لا يجوز للجنب أن يقرأه حتى يغتسل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحرص الناس على إقراء القرآن لا يمنعه عن إقرائهم إلا الجنابة.

3/ ومنها: أنه لا يجوز مس المصحف أو أي ورقة فيها قرآن إلا بوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يمس القرآن إلا طاهر).

4/ ومنها: أن الحائض لا تقرأ القرآن إلا لحاجة، والحاجة مثل: الأوراد كآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وقل هو الله أحد، والمعوذات، وغيرها مما ورد من الأوراد.

ومن الحاجة: أن تخاف نسيانه فتقرأه ولا بأس.

ومن الحاجة: أن تكون معلمة تعلم القرآن ولو كانت حائضاً ولا بأس.

ومن الحاجة: أن تكون متعلمة فتسمع القرآن معلمتها، لأن هذه حاجة ولا بأس في ذلك.

5/ ومن خصائص القرآن: أن الحرف الواحد منه بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فمثلاً إذا قرأت: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] (مالك) أربعة حروف فيها أربع حسنات، كل حسنة بعشر أمثالها، فالجميع أربعون حسنة، في أي كلام يحصل هذا الفضل؟ لا يحصل إلا في القرآن الكريم.

6/ ومنها: أن القرآن يلين القلب ولو كان قاسياً، ودليل ذلك قول الله تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [الحشر:21] وهو الجبل، وفيه يقول ابن عبد القوي رحمه الله:

وحافظ على درس القران فإنه     يلين قلباً قاسياً مثل جلمد

نسأل الله تعالى أن يلين قلوبنا بالقرآن الكريم.

من خصائص رمضان: وجوب صومه

من خصائص رمضان: مشروعية قيام لياليه

ومنها: أن (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) ولو قمت شهر رجب أو شعبان أو شوال لم يحصل لك هذا الأجر، إنما الأجر لمن قام رمضان إيماناً واحتساباً.

فإن قال قائل: وهل يمكن أن يقوم الإنسان رمضان كله؟

قلنا: نعم يمكن ذلك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة كاملة) وهو على فراشه، وسبب هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قام بأصحابه إلى نصف الليل، فقالوا: (يا رسول الله، نفلنا بقية ليلتنا -أي: زدنا- قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) اللهم لك الحمد، قيام ليلة وأنت على فراشك نائم .. ولكن حافظ إذا دخلت مع الإمام على ألا تنصرف حتى ينتهي، أما أن تصلي مع هذا ركعتين ومع هذا ركعتين ومع هذا ركعتين فلا يصح.

فإن قال إنسان: هل الأفضل إذا صليت مع الإمام حتى ينصرف أن أقتصر على هذا وأنتهي ولا أقوم، أو الأفضل أن الإمام إذا قام للوتر أترك الإمام؛ لأني سوف أصلي في آخر الليل، وإذا صليت آخر الليل أختم صلاتي بالوتر؟

الجواب: الأول أفضل؛ لأنك إذا مكثت مع الإمام حتى ينصرف أدركت قيام الليل كله مع الجماعة، وأعطيت نفسك حظاً أكثر من الراحة، ولو كانت الصورة الثانية -أعني: أن يترك الإمام ويتهجد في آخر الليل ويوتر- ولو كان هذا أمراً مطلوباً لقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: تهجدوا في آخر الليل، لكنه لم يقل هذا بل قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة).

من خصائص رمضان: أن فيه ليلة القدر

ليلة القدر أشاد الله تعالى بذكرها فوصفها بأنها مباركة في سورة الدخان: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ [الدخان:3] وأنزل الله تعالى فيها سورة كاملة: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:1-5] هذه الليلة من قامها إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وفي هذه الليلة يفرق كل أمر حكيم، ويكتب فيها كل ما يكون في السنة.

من خصائص رمضان: مشروعية الاعتكاف فيه

من خصائص رمضان: أنه يسن فيه الاعتكاف وهو أن يلزم الإنسان المسجد لطاعة الله عز وجل، والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في العشر الأواخر منه، وقد اعتكف قبل ذلك العشر الأول ثم الأواسط يتحرى ليلة القدر، فأخبر أنها في العشر الأواخر فاعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله. ولكن الاعتكاف هل المراد به أن الأصحاب ينضم بعضهم إلى بعض في زاوية في المسجد يتحدثون باللغو وما لا فائدة منه، أو المقصود التعبد لله عز وجل؟

الثاني هو المقصود، ولهذا قال العلماء في تعريف الاعتكاف: هو لزوم مسجدٍ لطاعة الله.

فإياك أن تذهب هذه الأوقات الثمينة بالتحدث إلى أصحابك وإضاعة الأوقات، أما إذا تحدث معهم أحياناً فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث مع زوجته صفية بنت حيي رضي الله عنها ليلاً، ثم قام من أجل أن يقلبها إلى بيتها.

ثم إن الاعتكاف يدخله الإنسان إذا غابت الشمس يوم عشرين ويخرج إذا غابت الشمس من آخر يوم من رمضان سواء كان التاسع والعشرين أو الثلاثين.

من خصائص رمضان: أنه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار

من خصائص رمضان: أنه إذا دخل تفتح فيه أبواب السماء، وأبواب الرحمة، وأبواب الجنة ترغيباً لمن يريد الجنة أن يعمل لها، ولذلك يكثر الخير من أهل الخير، وتغلق فيه أبواب النار حتى لا يعمل الإنسان بعمل أهل النار، وتغل فيه الشياطين، فلا يصلون إلى ما يصلون إليه في غيره، وإلا لا بد من عمل الشياطين لكنهم لا يصلون إلى ما يصلون إليه في غيره.

المسلمون اليوم يستقبلون شهر رمضان، وهذا الشهر له مزايا كثيرة على غيره من الشهور:

منها: أن الله أنزل فيه القرآن قال تعالى: هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185] أنزل الله هذا القرآن في ليلة القدر، وهذا القرآن الكريم -أيها الإخوة- كلام الله عز وجل تكلم به حقيقة، وتلقاه جبريل من الله عز وجل، ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وتناقله المسلمون قرناً بعد قرن كابراً عن كابر حتى بلغنا -ولله الحمد- غير منقوص ولا مزيد، وهذا القرآن له أيضاً خصائص، منها:

1/ أنه كلام الله ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور، ولا بسورة من مثله، ولا بأي حديث مثله، قال الله عز وجل: قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88] ومعنى (ظهيراً) أي: معيناً، وقال عز وجل: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ [هود:13] وقال عز وجل: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ [يونس:38] وقال عز وجل: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ [الطور:34] ولو دون آية، ولكن لا أحد يستطيع.

2/ ومن خصائص القرآن الكريم: أنه لا يجوز للجنب أن يقرأه حتى يغتسل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحرص الناس على إقراء القرآن لا يمنعه عن إقرائهم إلا الجنابة.

3/ ومنها: أنه لا يجوز مس المصحف أو أي ورقة فيها قرآن إلا بوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يمس القرآن إلا طاهر).

4/ ومنها: أن الحائض لا تقرأ القرآن إلا لحاجة، والحاجة مثل: الأوراد كآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وقل هو الله أحد، والمعوذات، وغيرها مما ورد من الأوراد.

ومن الحاجة: أن تخاف نسيانه فتقرأه ولا بأس.

ومن الحاجة: أن تكون معلمة تعلم القرآن ولو كانت حائضاً ولا بأس.

ومن الحاجة: أن تكون متعلمة فتسمع القرآن معلمتها، لأن هذه حاجة ولا بأس في ذلك.

5/ ومن خصائص القرآن: أن الحرف الواحد منه بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فمثلاً إذا قرأت: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] (مالك) أربعة حروف فيها أربع حسنات، كل حسنة بعشر أمثالها، فالجميع أربعون حسنة، في أي كلام يحصل هذا الفضل؟ لا يحصل إلا في القرآن الكريم.

6/ ومنها: أن القرآن يلين القلب ولو كان قاسياً، ودليل ذلك قول الله تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [الحشر:21] وهو الجبل، وفيه يقول ابن عبد القوي رحمه الله:

وحافظ على درس القران فإنه     يلين قلباً قاسياً مثل جلمد

نسأل الله تعالى أن يلين قلوبنا بالقرآن الكريم.

ومنها: أن (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) ولو قمت شهر رجب أو شعبان أو شوال لم يحصل لك هذا الأجر، إنما الأجر لمن قام رمضان إيماناً واحتساباً.

فإن قال قائل: وهل يمكن أن يقوم الإنسان رمضان كله؟

قلنا: نعم يمكن ذلك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة كاملة) وهو على فراشه، وسبب هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قام بأصحابه إلى نصف الليل، فقالوا: (يا رسول الله، نفلنا بقية ليلتنا -أي: زدنا- قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) اللهم لك الحمد، قيام ليلة وأنت على فراشك نائم .. ولكن حافظ إذا دخلت مع الإمام على ألا تنصرف حتى ينتهي، أما أن تصلي مع هذا ركعتين ومع هذا ركعتين ومع هذا ركعتين فلا يصح.

فإن قال إنسان: هل الأفضل إذا صليت مع الإمام حتى ينصرف أن أقتصر على هذا وأنتهي ولا أقوم، أو الأفضل أن الإمام إذا قام للوتر أترك الإمام؛ لأني سوف أصلي في آخر الليل، وإذا صليت آخر الليل أختم صلاتي بالوتر؟

الجواب: الأول أفضل؛ لأنك إذا مكثت مع الإمام حتى ينصرف أدركت قيام الليل كله مع الجماعة، وأعطيت نفسك حظاً أكثر من الراحة، ولو كانت الصورة الثانية -أعني: أن يترك الإمام ويتهجد في آخر الليل ويوتر- ولو كان هذا أمراً مطلوباً لقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: تهجدوا في آخر الليل، لكنه لم يقل هذا بل قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة).

ليلة القدر أشاد الله تعالى بذكرها فوصفها بأنها مباركة في سورة الدخان: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ [الدخان:3] وأنزل الله تعالى فيها سورة كاملة: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:1-5] هذه الليلة من قامها إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وفي هذه الليلة يفرق كل أمر حكيم، ويكتب فيها كل ما يكون في السنة.