شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجمعة - حديث 470-471


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

نحمد الله تعالى ونستعينه ونستغفره ونثني عليه الخير كله، ونشكره ولا نكفره، ونصلي ونسلم على خاتم أنبيائه وأفضل رسله وخيرته من خلقه، وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

رقم هذا الدرس (171) من أمالي شرح بلوغ المرام، وهذا يوم الأربعاء (28) من ربيع الثاني من سنة (1425هـ)، وهذا جامع الراجحي بـبريدة.

الجمعة في اللغة

باب صلاة الجمعة:

الجمعة فيها ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: بضم الجيم والميم (الجُمُعة)، وهذه قراءة الجمهور في القرآن الكريم، ومذهب الحجازيين.

الوجه الثاني: بسكون الميم (الجمْعة)، وهذا مستخدم عندنا وهو الرائج عندنا، يقول: ذهبت لصلاة الجمعة، وكذلك عندنا عائلة يسمونها بهذا الاسم، فهذه لغة عقيل، وهي أيضاً قراءة.

الوجه الثالث: (الجُمَعة) بضم الجيم وفتح الميم، وهذه لغة تميم، ولغة تميم هذه (الجُمَعة) مثل: همزة ولمزة وضحكة، على سبيل المبالغة لكثرة الاجتماع، فنحن نقول: لمزة، يعني: كثير اللمز، همزة: كثير الهمز، وكذلك ضحكة إما أنه كثير الضحك أو أنه يضحك عليه، فجُمَعة للمبالغة في كثرة ما يجتمعون فيها.

وكانت الجُمُعة في الجاهلية تسمى: يوم العروبة باتفاقهم، وقد ذكر الأئمة مثل ابن كثير في التفسير وغيره، ذكروا أسماء الأيام والشهور عند أهل الجاهلية، فمن المتفق عليه أن الجمعة كانت تسمى العروبة، وفي الإسلام سميت الجُمُعة، ونزل بها القرآن الكريم.

التسمية بالجمعة

سبب تسميتها بالجمعة، طبعاً يوم الجمعة الشافعي رحمه الله قال: الجمعة هو اليوم الذي بعد الخميس وقبل السبت، وبعضهم قالوا: هذا تحصيل حاصل.

وأنا أقول: وإن كان تحصيل حاصل إلا أنه من ضبط العلم؛ لأن اللبس قد يقع، ونحن نجد في هذا العصر أن بعض المسلمين الذين يعيشون في ديار الغرب وغيرهم، والإجازة عندهم في بلادهم تكون يوم السبت أو تكون يوم الأحد، بعضهم بسبب غلبة الجهل ظنوا أن من الممكن أن يصلوا الجمعة -بدلاً من يوم الجمعة- يوم السبت أو يوم الأحد، ومن الطريف أن أحد العلماء قال: إذا كنتم مصرين على ذلك لابد أن تغيروا المصحف! طبعاً: يقول ذلك على سبيل التحدي والتعجيز لهم، لتجعلوه: (إذا نودي للصلاة من يوم الأحد) مثلاً، طبعاً هو يشير بهذا إلى أنكم تتصرفون في مسائل قطعية لا مجال للتصرف فيها، يعني: الجمعة ليس الأمر فيها مبنياً على ظروف الإنسان أو فراغه أو شيء من هذا القبيل.

فهذا يوم الجمعة سمِّي بهذا الاسم لأحد احتمالات:

إما أنه سمي يوم الجمعة لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم، وهذا جاء في حديث مرفوع عند البيهقي وعبد الرزاق وغيرهم، وسنده لا بأس به.

وإما أن يكون سمي الجمعة لاجتماع الناس فيه، وهذا أيضاً مذهب قوي.

وقيل: سمي يوم الجمعة؛ لأن أسعد بن زرارة جمع الناس في المدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا المذهب الثالث يرجع إلى الثاني.

فنقول: إنه سمي يوم الجمعة لجمع خلق آدم فيه، أو لاجتماع الناس فيه، ولعل الثاني أوجه وأقوى، وإن كان لا يعارض الأول.

ويوم الجمعة سمي يوم الجمعة لأن فيه صلاة الجمعة، إذاً الجمعة اسم للصلاة، ولأن الصلاة توقع في هذا اليوم فقد سمي اليوم كله باسم الصلاة إشادة بها، وبياناً لفضلها وعظمتها.

فإذاً الجمعة اسم للصلاة بخطبتيها، وسمي اليوم وكذلك الليلة يوم الجمعة وليلة الجمعة نظراً لإيقاع الصلاة فيها.

حكم صلاة الجمعة

وهذه الصلاة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع: فأما الكتاب فقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9]، وهذا فيه أمر ونهي.

الأمر: فَاسْعَوْا ، وليس المقصود السعي الذي هو الإسراع في المشي، وإنما المقصود المضي، ولذلك في قراءة: (فامضوا) وهي قراءة تفسيرية وليست توقيفية، (فامضوا إلى ذكر الله) يعني: فامشوا إلى ذكر الله، فاسعوا، والمقصود بذكر الله الخطبة والصلاة.

وفيه نهي: وهو قوله: وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9]، وعاتب في الآية التي بعدها من لم يفعل، وقال: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا [الجمعة:11]، فهذا دليل على وجوب صلاة الجمعة.

وأما السنة: فما لا يحصى من الأحاديث، ومنها: حديث الباب الذي ذكره المصنف عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ) والحديث رواه مسلم وسيأتي تخريجه بعد قليل، والأحاديث في الجمعة كثيرة جداً.

وأما الإجماع: فقد أجمع العلماء أيضاً على وجوب صلاة الجمعة على الحر البالغ القادر المستطيع، وممن حكى الإجماع على ذلك ابن المنذر وابن حزم وابن العربي وجمع من الفقهاء.

وقد نقل عن الشافعي رحمه الله أنه قال: تجب الجمعة على من تجب عليه العيد، فظن بعض الفقهاء أن الشافعي يرى أن الجمعة فرض كفاية مثل العيد عنده، وهذا غلط على الشافعي كما صرح به كبار فقهاء الشافعية، وإنما مقصود الإمام الشافعي بهذه الكلمة: أن الإنسان الذي هو أهل لمخاطبته بصلاة العيد على سبيل الكفاية هو أهل أيضاً لأن يخاطب بصلاة الجمعة على سبيل التعيين والفرض العيني.

يعني: أن شروط من يخاطب بصلاة الجمعة هي شروط من يخاطب بصلاة العيد، وليس المقصود أن حكم الجمعة كحكم العيد، ولذلك حكم فقهاء الشافعية بأن من نسب إلى الشافعي أنه يقول: إنها فرض كفاية فهو غلط غلط!

وهكذا نقل ابن وهب عن مالك أنه قال: إن الجمعة سنة، وهذا نقل شاذ، فإن ابن وهب نفسه نقل عن مالك أن الجمعة حق على كل مسلم، وكذلك الجماهير نقلوا عن مالك القول بوجوب صلاة الجمعة على الأعيان، وما نقل عن مالك فهو شاذ كما صرح به فقهاء المالكية، وعلى فرض ثبوته فإنه يحمل على وجه من وجوه التأويل المعروفة، مثل: أن يكون مقصوده بالسنة أن لها الحكم الخاص المروي بالسنة من جهة إقامة الخطبتين وصلاة الجمعة وما يتعلق بها، وأنها لا تقاس على غيرها، فهذا من الوجوب.

الخلاصة: أن صلاة الجمعة فرض على الأعيان عند الكافة من أهل العلم، وحكى الإجماع عليه من ذكرنا كـابن المنذر وابن العربي، وفقهاء المذاهب كلهم نقلوا الإجماع على وجوب صلاة الجمعة.

باب صلاة الجمعة:

الجمعة فيها ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: بضم الجيم والميم (الجُمُعة)، وهذه قراءة الجمهور في القرآن الكريم، ومذهب الحجازيين.

الوجه الثاني: بسكون الميم (الجمْعة)، وهذا مستخدم عندنا وهو الرائج عندنا، يقول: ذهبت لصلاة الجمعة، وكذلك عندنا عائلة يسمونها بهذا الاسم، فهذه لغة عقيل، وهي أيضاً قراءة.

الوجه الثالث: (الجُمَعة) بضم الجيم وفتح الميم، وهذه لغة تميم، ولغة تميم هذه (الجُمَعة) مثل: همزة ولمزة وضحكة، على سبيل المبالغة لكثرة الاجتماع، فنحن نقول: لمزة، يعني: كثير اللمز، همزة: كثير الهمز، وكذلك ضحكة إما أنه كثير الضحك أو أنه يضحك عليه، فجُمَعة للمبالغة في كثرة ما يجتمعون فيها.

وكانت الجُمُعة في الجاهلية تسمى: يوم العروبة باتفاقهم، وقد ذكر الأئمة مثل ابن كثير في التفسير وغيره، ذكروا أسماء الأيام والشهور عند أهل الجاهلية، فمن المتفق عليه أن الجمعة كانت تسمى العروبة، وفي الإسلام سميت الجُمُعة، ونزل بها القرآن الكريم.

سبب تسميتها بالجمعة، طبعاً يوم الجمعة الشافعي رحمه الله قال: الجمعة هو اليوم الذي بعد الخميس وقبل السبت، وبعضهم قالوا: هذا تحصيل حاصل.

وأنا أقول: وإن كان تحصيل حاصل إلا أنه من ضبط العلم؛ لأن اللبس قد يقع، ونحن نجد في هذا العصر أن بعض المسلمين الذين يعيشون في ديار الغرب وغيرهم، والإجازة عندهم في بلادهم تكون يوم السبت أو تكون يوم الأحد، بعضهم بسبب غلبة الجهل ظنوا أن من الممكن أن يصلوا الجمعة -بدلاً من يوم الجمعة- يوم السبت أو يوم الأحد، ومن الطريف أن أحد العلماء قال: إذا كنتم مصرين على ذلك لابد أن تغيروا المصحف! طبعاً: يقول ذلك على سبيل التحدي والتعجيز لهم، لتجعلوه: (إذا نودي للصلاة من يوم الأحد) مثلاً، طبعاً هو يشير بهذا إلى أنكم تتصرفون في مسائل قطعية لا مجال للتصرف فيها، يعني: الجمعة ليس الأمر فيها مبنياً على ظروف الإنسان أو فراغه أو شيء من هذا القبيل.

فهذا يوم الجمعة سمِّي بهذا الاسم لأحد احتمالات:

إما أنه سمي يوم الجمعة لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم، وهذا جاء في حديث مرفوع عند البيهقي وعبد الرزاق وغيرهم، وسنده لا بأس به.

وإما أن يكون سمي الجمعة لاجتماع الناس فيه، وهذا أيضاً مذهب قوي.

وقيل: سمي يوم الجمعة؛ لأن أسعد بن زرارة جمع الناس في المدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا المذهب الثالث يرجع إلى الثاني.

فنقول: إنه سمي يوم الجمعة لجمع خلق آدم فيه، أو لاجتماع الناس فيه، ولعل الثاني أوجه وأقوى، وإن كان لا يعارض الأول.

ويوم الجمعة سمي يوم الجمعة لأن فيه صلاة الجمعة، إذاً الجمعة اسم للصلاة، ولأن الصلاة توقع في هذا اليوم فقد سمي اليوم كله باسم الصلاة إشادة بها، وبياناً لفضلها وعظمتها.

فإذاً الجمعة اسم للصلاة بخطبتيها، وسمي اليوم وكذلك الليلة يوم الجمعة وليلة الجمعة نظراً لإيقاع الصلاة فيها.

وهذه الصلاة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع: فأما الكتاب فقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9]، وهذا فيه أمر ونهي.

الأمر: فَاسْعَوْا ، وليس المقصود السعي الذي هو الإسراع في المشي، وإنما المقصود المضي، ولذلك في قراءة: (فامضوا) وهي قراءة تفسيرية وليست توقيفية، (فامضوا إلى ذكر الله) يعني: فامشوا إلى ذكر الله، فاسعوا، والمقصود بذكر الله الخطبة والصلاة.

وفيه نهي: وهو قوله: وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9]، وعاتب في الآية التي بعدها من لم يفعل، وقال: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا [الجمعة:11]، فهذا دليل على وجوب صلاة الجمعة.

وأما السنة: فما لا يحصى من الأحاديث، ومنها: حديث الباب الذي ذكره المصنف عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ) والحديث رواه مسلم وسيأتي تخريجه بعد قليل، والأحاديث في الجمعة كثيرة جداً.

وأما الإجماع: فقد أجمع العلماء أيضاً على وجوب صلاة الجمعة على الحر البالغ القادر المستطيع، وممن حكى الإجماع على ذلك ابن المنذر وابن حزم وابن العربي وجمع من الفقهاء.

وقد نقل عن الشافعي رحمه الله أنه قال: تجب الجمعة على من تجب عليه العيد، فظن بعض الفقهاء أن الشافعي يرى أن الجمعة فرض كفاية مثل العيد عنده، وهذا غلط على الشافعي كما صرح به كبار فقهاء الشافعية، وإنما مقصود الإمام الشافعي بهذه الكلمة: أن الإنسان الذي هو أهل لمخاطبته بصلاة العيد على سبيل الكفاية هو أهل أيضاً لأن يخاطب بصلاة الجمعة على سبيل التعيين والفرض العيني.

يعني: أن شروط من يخاطب بصلاة الجمعة هي شروط من يخاطب بصلاة العيد، وليس المقصود أن حكم الجمعة كحكم العيد، ولذلك حكم فقهاء الشافعية بأن من نسب إلى الشافعي أنه يقول: إنها فرض كفاية فهو غلط غلط!

وهكذا نقل ابن وهب عن مالك أنه قال: إن الجمعة سنة، وهذا نقل شاذ، فإن ابن وهب نفسه نقل عن مالك أن الجمعة حق على كل مسلم، وكذلك الجماهير نقلوا عن مالك القول بوجوب صلاة الجمعة على الأعيان، وما نقل عن مالك فهو شاذ كما صرح به فقهاء المالكية، وعلى فرض ثبوته فإنه يحمل على وجه من وجوه التأويل المعروفة، مثل: أن يكون مقصوده بالسنة أن لها الحكم الخاص المروي بالسنة من جهة إقامة الخطبتين وصلاة الجمعة وما يتعلق بها، وأنها لا تقاس على غيرها، فهذا من الوجوب.

الخلاصة: أن صلاة الجمعة فرض على الأعيان عند الكافة من أهل العلم، وحكى الإجماع عليه من ذكرنا كـابن المنذر وابن العربي، وفقهاء المذاهب كلهم نقلوا الإجماع على وجوب صلاة الجمعة.

انتهينا الآن من مسألة صلاة الجمعة ووجوبها وفرضيتها على الأعيان، فنقول:

إن هذا اليوم الذي فضل الله به هذه الأمة وسمي باسم الصلاة التي توقع فيه، والتي هي فرض على الأعيان كما ذكرنا، جعل الله سبحانه وتعالى له أحكاماً خاصة وفضائل وخصائص أطال فيها أهل العلم، فكتب فيها الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد وسرد ما يزيد على ثلاثين فضيلة أو خاصية، كما ألف فيها الإمام السيوطي كتاب اللمعة في فضائل الجمعة، وسرد فيه ما يزيد على مائة وواحد من الخصائص، وبعضها خصائص وبعضها أحكام تتعلق بصلاة الجمعة، كما سوف نشير إلى طرف منها.

فمن الفضائل الواردة في السنة في شأن هذا اليوم الفضيل، ويمكن أن نتعاون معكم؛ لأن الخصائص والفضائل مشهورة، نحن سوف نقسم الكلام في هذه النقطة إلى قسمين:

قسم يتعلق بالخصائص والفضائل، ونعني بها ما ورد في القرآن أو السنة من بيان فضل لهذا اليوم، أو مزية عند الله.

وأما القسم الثاني: فهو ما يتعلق بالأحكام الخاصة بالجمعة، وهو ما يتعلق بما يطلب من المكلفين، هذا الفرق بين الفضائل والأحكام.

سنبدأ أولاً: بالفضائل، نريد أن نقتصر على عشر من أشهر فضائل الجمعة، وإن زاد فلا بأس، ونقتصر أيضاً على عشرة من أحكام يوم الجمعة.

نبدأ أولاً بما يتعلق بفضائل يوم الجمعة.

ساعة الإجابة يوم الجمعة

نحن الآن في الفضائل والخصائص، من فضائل يوم الجمعة:

أن ( فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى من خير في الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه )، وهذا جاء بأحاديث عديدة عن أبي سعيد الخدري، وعن أبي موسى الأشعري، وجاء عن عبد الله بن سلام وجابر وأبي هريرة وغيرهم.

وما يتعلق بأمر الساعة فيها خلاف أوصله بعضهم إلى نحو من أربعين قولاً، وأصح قولين فيها:

أن الساعة هي بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهذا جاء عن عبد الله بن سلام، وذهب إليه كثير من السلف ولعله أصح ما ورد.

والقول الثاني: أن هذه الساعة من دخول الخطيب إلى أن تقضى الصلاة، وهذا جاء عن أبي موسى، وهو في مسلم وسنده صحيح.

وذهب جمع من أهل العلم إلى احتمال أن تكون الساعة تتنقل فتكون مرة هنا ومرة هنا، أو أن تكون الساعة تتجزأ فيكون جزء منها بعد دخول الخطيب إلى أن تقضى الصلاة، والجزء الآخر آخر ساعة من العصر.

والأقرب والله أعلم أن يكون الساعة المنصوص عليها هي آخر ساعة من العصر، ولا يعارض هذا الحديث الآخر أن من دخول الخطيب إلى قضاء الصلاة أنها ساعة إجابة أيضاً؛ لأن ساعات الإجابة لا تتوقف على الساعة المحددة.

وأما قوله: ( لا يوافقها عبد مؤمن وهو قائم يصلي )، فإننا نقول: إنه لا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة، وما دامت الصلاة تحبسه، وليس المقصود بالساعة الساعة الزمنية بالضبط، وإن كان جاء في حديث صحيح: ( أن يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، وفيها ساعة .. )

فعلى هذا لا يبعد أن يكون المقصود بالساعة قريباً من الساعة الزمنية المعروفة، يعني: واحد من اثني عشر من يوم الجمعة، واليوم قد يزيد وينقص كما هو معروف، هذا يتعلق بالساعة.

يوم الجمعة خلق فيه آدم وخص الله به هذه الأمة

ثانياً: أن فيه خلق آدم، فإن خلق آدم كان يوم الجمعة، وهذا جاء في الصحيح، وذكرنا أن من أسباب تسمية الجمعة بهذا الاسم أن خلق آدم كان فيه.

أن الله تعالى خص الأمة بهذا اليوم، أن يوم الجمعة من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في غير ما حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله أعمى من قبلنا عن هذا اليوم، فكان اليهود لهم يوم السبت، والنصارى يوم الأحد، وهدانا الله تعالى لما أضلهم عنه، هدانا الله تعالى ليوم الجمعة فهم لنا فيه تبعاً؛ اليهود غداً والنصارى بعد غد ) فهذا فيه دليل على تخصيص يوم الجمعة لهذه الأمة، وأن الأمة فيه أسبق، فصار الناس لها فيه تبعاً من اليهود والنصارى وأهل الكتاب.

يوم الجمعة مات فيه آدم وأخرج من الجنة وفيه تقوم الساعة

ثالثاً: أن هذا اليوم هو اليوم الذي مات فيه آدم، هذا صحيح، وهو أيضاً اليوم الذي أخرج فيه من الجنة، فهذا من خصائص ذلك اليوم.

وأنه اليوم الذي تقوم فيه الساعة وهذا صحيح، ولا يعارض هذا أن علمها عند الله سبحانه تعالى؛ لأنه لم يحدد أي جمعة تقوم فيها الساعة.

فضل الموت يوم الجمعة

رابعاً: أن الذي يموت يوم الجمعة يقيه الله تعالى من الفتَّان، من فتنة القبر، وهذا جاء فيه حديث عند الترمذي وغيره وقال الترمذي : حسن غريب.

يوم الجمعة عيد الأسبوع

خامساً: أنها عيد الأسبوع، وهذا جاء فيه أيضاً عند ابن ماجه، وعن أنس وغيره، وله شاهد آخر عند الطبراني، فمجموعهما لا بأس به.

ومما يؤيد أن يوم الجمعة هي عيد الأسبوع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تخصيصها بالصوم، وكونها فرصة لاجتماع المسلمين، فهي عيد الأسبوع.

وفي كون الجمعة عيد الأسبوع وشرعية صلاة الجمعة فيها حكمة ربانية عظيمة في اجتماع الناس؛ لأن الله تعالى لما شرع للناس الاجتماع في اليوم عدة مرات في صلاة الفرض، شرع لهم الاجتماع الأسبوعي على نطاق أوسع في صلاة الجمعة، وجعله على مدار الأسبوع لما في ذلك من الحكمة البديعة العظيمة، ولذلك تجد أن نظام الأسبوع هذا نظام عالمي عند جميع الأمم، سواء كانت من الأمم الكتابية كـاليهود والنصارى، أو كانت من الأمم الوثنية أو غيرها.

فلا تجد أمة في الدنيا اليوم من اليابان -مثلاً- أوروبا، أمريكا، أمريكا الجنوبية، اليهود، النصارى، الوثنيون، الصينيون، الروس، كلهم تجد عندهم نظام الأسبوع وأيام الأسبوع، ثم نظام الشهر، ثم نظام السنة أيضاً، فهذه من الحكمة الربانية التي تواضع الناس كلهم عليها.

فجعل الله سبحانه وتعالى للمسلمين في هذا اليوم اجتماعاً خلال الأسبوع، كما هناك اجتماع في الشهر وهناك اجتماع في السنة، إلى غير ذلك.

إذاً الخلاصة: أن الجمعة هي عيد الأسبوع عند المسلمين.

يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس

ومن فضائل يوم الجمعة ( أنه خير يوم طلعت عليه الشمس )، ونحن نقول: إنه خير يوم -هذا حديث- طلعت عليه الشمس. يعني: بالنسبة لأيام الأسبوع، وإن كان هنالك فضيلة، مثلاً: ليوم عرفة باعتبار أيام السنة، وفضيلة ليوم النحر، لكن خير يوم طلعت عليه الشمس من أيام الأسبوع يوم الجمعة.

تخصيص يوم الجمعة بصلاة الجمعة وخطبتيها

من خصائص يوم الجمعة: تخصيص صلاة الجمعة فيه، بما فيها من الخطبتين وصلاة ركعتين، فهذه خاصية ليوم الجمعة ليست لغيره من الأيام، هذا ما يتعلق بالفضائل.

نحن الآن في الفضائل والخصائص، من فضائل يوم الجمعة:

أن ( فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى من خير في الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه )، وهذا جاء بأحاديث عديدة عن أبي سعيد الخدري، وعن أبي موسى الأشعري، وجاء عن عبد الله بن سلام وجابر وأبي هريرة وغيرهم.

وما يتعلق بأمر الساعة فيها خلاف أوصله بعضهم إلى نحو من أربعين قولاً، وأصح قولين فيها:

أن الساعة هي بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهذا جاء عن عبد الله بن سلام، وذهب إليه كثير من السلف ولعله أصح ما ورد.

والقول الثاني: أن هذه الساعة من دخول الخطيب إلى أن تقضى الصلاة، وهذا جاء عن أبي موسى، وهو في مسلم وسنده صحيح.

وذهب جمع من أهل العلم إلى احتمال أن تكون الساعة تتنقل فتكون مرة هنا ومرة هنا، أو أن تكون الساعة تتجزأ فيكون جزء منها بعد دخول الخطيب إلى أن تقضى الصلاة، والجزء الآخر آخر ساعة من العصر.

والأقرب والله أعلم أن يكون الساعة المنصوص عليها هي آخر ساعة من العصر، ولا يعارض هذا الحديث الآخر أن من دخول الخطيب إلى قضاء الصلاة أنها ساعة إجابة أيضاً؛ لأن ساعات الإجابة لا تتوقف على الساعة المحددة.

وأما قوله: ( لا يوافقها عبد مؤمن وهو قائم يصلي )، فإننا نقول: إنه لا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة، وما دامت الصلاة تحبسه، وليس المقصود بالساعة الساعة الزمنية بالضبط، وإن كان جاء في حديث صحيح: ( أن يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، وفيها ساعة .. )

فعلى هذا لا يبعد أن يكون المقصود بالساعة قريباً من الساعة الزمنية المعروفة، يعني: واحد من اثني عشر من يوم الجمعة، واليوم قد يزيد وينقص كما هو معروف، هذا يتعلق بالساعة.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 4787 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 4394 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 4213 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 4095 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 4047 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 4022 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 3974 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 3917 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 3900 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 3879 استماع