خطب ومحاضرات
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 447-448
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
نحمد الله تعالى ونستعينه ونستغفره، ونثني عليه الخير كله، ونشكره ولا نكفره، ونخلع ونترك من يفجره، ونصلي ونسلم على خاتم رسله، وأفضل أنبيائه، وخيرته من خلقه محمد عليه الصلاة والسلام.
هذه ليلة الإثنين الثامن من شهر صفر من سنة ألف وأربعمائة وخمس وعشرين للهجرة، ورقم هذا الدرس حسبما عندي (161) من أمالي شرح بلوغ المرام.
الحديث الذي عندنا اليوم حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى )، وهذا الحديث المصنف رحمه الله قال: رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان.
تخريج الحديث
فقد رواه أبو داود كما ذكر المصنف في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة من سننه.
ورواه النسائي أيضاً في كتاب الجماعة، باب إذا كانوا اثنين.
ورواه أيضاً البيهقي في سننه في الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة.
وخرج الحديث جماعة أشار المصنف لـابن حبان، فقد أخرجه في صحيحه .
وهكذا رواه الإمام أحمد في مسنده .
ورواه الضياء المقدسي في كتابه الأحاديث المختارة .
والطبراني في معجمه الأوسط .. وغيرهم.
هذا ما يتعلق بالتخريج.
أما ما يتعلق بتصحيح الحديث:
فقد صححه أيضاً أو حسنه جماعة، ذكر المصنف منهم هنا: ابن حبان، وهكذا الحاكم فإنه صحح الحديث في مستدركه على شرطهما.
وقد ذكر الحديث في كتابه الترغيب والترهيب الإمام المنذري، ونسب تصحيحه أيضاً إلى جماعة من أئمة الحديث، كـيحيى بن معين، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهكذا نسب غير واحد إلى علي بن المديني أنه صححه، فتصحيحه إذاً مشهور، وذكر النووي في كتاب الخلاصة، وهو كتاب في أحاديث الأحكام: أن الحديث رجاله ثقات وإسناده صحيح، وإن كان ذكر فيه راوياً سوف نعرض له بعد قليل.
ومن المعاصرين صحح الحديث الشيخ الألباني، والشيخ ابن باز رحمهما الله.
شواهد الحديث
طيب، سند الحديث: ذكرت لكن النووي وغيره ذكروا في إسناده رجلاً فيه كلام، هذا الرجل اسمه: عبد الله بن أبي بصير، في سند الحديث راو اسمه عبد الله بن أبي بصير، عبد الله بن أبي بصير هذا وثقه ابن حبان والعجلي، وتعرفون أن مذهب العجلي وابن حبان أنهم قد يوثقون كثيراً من المجهولين الذين لم يأت في حقهم جرح من الأئمة، فهم يتساهلون في التوثيق، والغالب على أمثال هؤلاء الذين انفردوا بتوثيقهم أن يكون فيهم شيء من الجهالة
فـعبد الله بن أبي بصير هذا وثقه ابن حبان، والواقع أنه ليس بالمشهور عند الأئمة، ومع ذلك فقد اختُلف على عبد الله بن أبي بصير هذا في إسناد الحديث، فمرة يقول عبد الله بن أبي بصير : عن أبيه، وأبوه كما سماه بعضهم: حفص، فيكون عبد الله بن حفص وكنيته أبو بصير، وأحياناً يقول عبد الله بن أبي بصير : عن أبي بن كعب رضي الله عنه، ولا يذكر أباه، وهذا يعتبر نوعاً من الاضطراب في الحديث.
لكن البيهقي في سننه ذكر عن شعبة وعن علي بن المديني أنهما قالا: إن عبد الله بن أبي بصير سمع الحديث من أبي بن كعب مع والده، كأنه ذهب هو وأبوه إلى أبي بن كعب فسمعا الحديث معاً، فسمعه هو من أبيه مرة أخرى أيضاً، فهو مرة يرويه عن أبيه، فيكون الإسناد نازلاً، هذا معروف نزول الإسناد، يعني: كلما طال اعتبر نازلاً؛ لأنه زاد فيه رجل، ومرة يرويه بعلو عن أبي بن كعب مباشرة، وهذا يسمى إسناداً عالياً، كلما قلَّ الإسناد قل احتمال الخطأ، فيسمى إسناداً عالياً، وكلما كثر الرجال سمي إسناداً نازلاً، فهكذا يقول البيهقي، ويرويه عن شعبة وعلي بن المديني .
والذي يروي عن عبد الله بن أبي بصير هو أبو إسحاق السبيعي من أئمة الحديث، وهو مرة يرويه هكذا ومرة يرويه هكذا عنه. هذا ما يتعلق بسنده.
وبناءً على ذلك نقول: إن أكثر الأئمة قد صححوا أو حسنوا هذا الحديث كما رأيتم، وإن كان فيه عبد الله بن أبي بصير وهو ليس بالمشهور، لكن ربما صححوه؛ لأنه ليس فيه رجل متكلم فيه، ولأن له شاهداً من حديث قباث بن أشيم عند البيهقي .. وغيره كما ذكرنا.
معاني ألفاظ الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الرجل مع الرجل )، ما المقصود بالصلاة هنا؟ وأي صلاة؟
الظاهر أن المقصود صلاة الفرض، ويعزز هذا المعنى: أن في بعض روايات الحديث كما عند أبي داود وغيره: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الفجر، ثم انصرف إليهم وقال: أشاهد فلان؟ أشاهد فلان؟ ثم قال صلى الله عليه وسلم: أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر.. -ثم ذكر هذا الحديث- أن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده )، فهذا دليل على أن المقصود صلاة الفرض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك بعد صلاة الفجر، وتفقد الناس فيها، ولأنه فيما يتعلق بالنفل فإن الأمر فيها ليس على إطلاقه، وإنما فيه تفصيل ذكرناه سابقاً: أن من النفل ما يستحب له الجماعة، كصلاة العيد مثلاً، والكسوف، والخسوف، والاستسقاء.. وغيرها، والتراويح، والقيام عند كثير من الأئمة.
ومنها ما لا تشرع له الجماعة: كالسنن الرواتب مثلاً، وكصلاة الضحى.. وغيرها، وأنه لو صلى فيها جماعة جاز، لكن على ألا يلتزموا ذلك ولا يحافظوا عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم : ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده )، ما معنى الزكاة هنا؟
أزكى معناها: أفضل، وكلمة الزكاة جاءت في القرآن الكريم تقريباً على أربعة معان أو أكثر.
فمن معاني الزكاة في القرآن: المدح والثناء، مثلاً: فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ [النجم:32] يعني: لا يمدح الإنسان نفسه أو يزكيها.
ومن معاني التزكية أيضاً: الطهارة.
ومن معانيها: النماء والزيادة، كما في كتاب الزكاة وإخراج الزكاة.
وكذلك البركة، فإنها قد تطلق في الزكاة، ويراد بها البركة.
وكل المعاني الثلاثة واردة في موضوع: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى ) يعني: أبرك وأكثر أجراً ونمواً وخيراً، وكذلك أنها أزكى بمعنى: أفضل وأعظم وأطهر، فكل هذه المعاني الثلاثة واردة في الباب.
قال: ( وما كان أكثر فهو أحب إلى الله ) أكثر عدداً، وما كان أكثر عدداً في الجماعة فهو أحب إلى الله، فالمسجد الذي يكثر فيه المصلون، يكون أفضل من المسجد الذي يقلّون فيه، كما سوف يأتي.
فوائد الحديث
أبي موسى الأشعري
، وعنأنس بن مالك
، وعنأبي أمامة
، وعنابن عباس
، وعنابن مسعود
.. وغيرهم، لكن جميع طرق هذا الحديث واهية ؛ ولذلك لا يحتج به، وإنما يكفينا في الاحتجاج بأن أقل الجماعة اثنان فصاعداً حديثابن عباس
(لما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الليل). وحديث: (أبي داود
، والترمذي
وحسنه من حديثأبي سعيد الخدري
فقال: (حذيفة
(في صلاة الليل مع النبي صلى الله عليه وسلم) وهو فيمسلم
في الصحيح. وأيضاً حديث الباب، حديثأبي بن كعب
، وحديثابن مسعود
(لما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وأطال القراءة) وليس فيه دليل واضح؛ لأنهم لم يذكروا أنهم صلوا جماعة في رحالهم، وهناك حديث أشهر من كل ما ذكر حديثمالك بن الحويرث
، وهو في صحيحالبخاري
: (البخاري
رحمه الله بوَّب لحديثمالك بن الحويرث
في صحيحه قال: (باب الاثنان فما فوقهما جماعة) ثم ذكر حديثمالك بن الحويرث
، فتلاحظون في طريقةالبخاري
في التبويب أنه بوَّب على ماذا؟ لفظالبخاري
هو لفظ الحديث الذي قلنا لكم: إنه حديث ضعيف،البخاري
لم يخرج الحديث ولكنه وضعه عنواناً للترجمة: (باب الاثنان فما فوقهما جماعة)؛ ليبين أن معنى الحديث صحيح، وإن كان لفظه لم يثبت، واستدل بحديثمالك بن الحويرث
في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أبي
في هذا الحديث: (ابن عمر
وأبي هريرة
.. وغيرهما في: (القرافي
في الفروق وابن القيم
.. وغيرهما رحمهما الله، خصوصاً ممن كتبوا في أبواب التربية والتهذيب والسلوك والطريق إلى الله سبحانه وتعالى، ذكروا الأسباب والأحوال التي تتفاضل بها الأعمال فيما بينها: فقد تتفاضل الأعمال غالباً بتفاضل أحوال العاملين، بما عندهم من الإخلاص، والصدق، وعدم إظهار العمل، وعدم الإدلال به، وعدم الحديث عنه، وكلما صح يقين المرء وصدق قصده، وحسنت نيته، كان عمله أفضل؛ ولهذا جاء في الحديث المتفق عليه: (الزهري
ومالك
.. وغيرهما أنهم كانوا يقولون: (طلب العلم أفضل من نوافل العبادة لمن صحت نيته). ولاحظ قولهم: (لمن صحت نيته)، فهم أرجعوا الأمر كذلك إلى السبب الأول الذي ذكرناه قبل قليل: وهو القصد والنية، وما يقوم بقلب العامل. إذاً: السبب الثاني من أسباب التفاضل: أن يكون العمل بذاته أفضل من غيره، كما نقول مثلاً: إن الصلاة أفضل من مجرد الذكر؛ لأن الصلاة فيها ذكر، وفيها زيادة عليه بالقيام والركوع والسجود، وكما نقول مثلاً: إن القرآن أفضل من التسبيح، يعني: في الأحوال العادية، وهكذا يكون العمل أفضل من غيره بذاته. السبب الثالث من أسباب التفاضل: هو ما يترتب على العمل من النفع للآخرين، كما نقول مثلاً في الدرهم الذي سبق مائة ألف درهم، فهذا الدرهم ليس أفضل من مائة ألف درهم من حيث كثرة النفع؛ لأن الذي تبرع بمائة ألف ممكن يكون نفع مائة ألف إنسان، أو لا؟ ولكن الدرهم أفضل من جهة السبب الأول الذي هو الإخلاص، وقد تكون مائة ألف درهم لها الفضل الذي في الدرجة الثالثة: وهو كثرة النفع، وهذا أيضاً وجه من وجوه فضيلة العلم أنه متعد للآخرين. ولذلك نقول: العلم الفاضل، العلم الذي له هذه الفضيلة، أي علم؟ هل هو علم الجدل والمماحكة، والقيل والقال، والتبجح، والتصدر في المجالس، وأن الإنسان يكون عنده معلومات؟ هل هذا هو العلم الذي له الفضيلة؟ لا، العلم الذي له الفضيلة: هو العلم الذي يلامس القلب، ويقرب إلى الرب، ويكون فيه نفع للعباد. من فوائد الحديث وهي السادسة: فضل الألفة والاجتماع على الخير، مثل: الاجتماع على الصلاة، ومثل: الاجتماع على الذكر.. على الدعوة.. حتى على المباح، فإنه خير أحياناً من التفرق الذي يكون مصحوباً بفساد في القلوب، وتعكر في الأخوة، فالشريعة جاءت بالدعوة إلى الاجتماع والوحدة والألفة، بينما هذا المعنى على أنه معنى يتكرر كثيراً في القرآن والحديث، ونستطيع ألا نغادر حديثاً أصلاً إلا استخرجنا منه هذه الفائدة، لكن انظروا كم إن الأمم الكافرة اليوم أدركت فضيلة الوحدة والاجتماع، فصارت تتوحد وتجتمع، بينما نحن اليوم والبارحة بالذات سمعنا عن أيش؟ عن إلغاء مؤتمر القمة العربية، وأنا أقول الله أعلم، يعني: قد يقول البعض: إن هذا الإلغاء هو بحد ذاته إنجاز؛ لأنه ماذا تتوقع أن يحدث؟ لكن أنا والله لا أستطيع أن أنكر الحرقة التي أشعر بها في قلبي، حينما أجد هذه الأمة التي كل نصوصها، وكل دينها، وكل تاريخها، وكل ظروفها الواقعية تدعو إلى الوحدة، وإلى الاجتماع، وإلى التركيز على جوانب الاتفاق، بينما واقعها سواء كان الواقع السياسي، أو الواقع العلمي، واقع طلبة العلم، أو الواقع الدعوي، واقع الجماعات، أو الواقع الاجتماعي في المناطق والأقاليم والقبائل، كل واقعها يضج بألوان من التفرق والاختلاف، يوحي بأن في تربيتنا خللاً يحتاج إلى تدارك. من فوائد الحديث أيضاً: تفقد المصلين، تفقد الإمام ومن في حكمه لجماعته، فإن في أول الحديث كما أسلفت لكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ابن عمر
رضي الله عنه كان يقول: (إذا فقدنا رجلاً في صلاة الفجر أسأنا به الظن). يعني: إذا فقد الجماعة عما اعتادهم عليه، أما مسألة تحضير، يعني: يكون هناك دفتر تحضير، كل من جاء يسجل توقيع أو كذا، يعني: هذه ظاهرة غريبة على روح العبادات، التي الأصل فيها الدافع عند الإنسان يكون دافعاً إيمانياً وقوياً، وقد يعزز أحياناً بمثل هذه المعاني، لكن لا يكون هو الأصل، كان بعض الناس مثلاً أحياناً قد يصلي بدون وضوء؛ لأنه ما يمديه يتوضأ فيأتي إلى المسجد، من أجل أن يعمل تحضيراً، ثم يذهب ويتوضأ، أو يغتسل إن كان يحتاج إلى غسل ويعيد الصلاة، وربما يجد أنه إذا قام متأخراً يستطيع أن يذهب إلى مسجد بعيد ويدرك الصلاة فيه، لكنه لا يصلي فيه؛ خشية أن يتناوله بعض الناس بألسنتهم، مثلاً: لماذا غاب عن الصلاة؟الفقرة الأولى: ما يتعلق بتخريج الحديث:
فقد رواه أبو داود كما ذكر المصنف في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة من سننه.
ورواه النسائي أيضاً في كتاب الجماعة، باب إذا كانوا اثنين.
ورواه أيضاً البيهقي في سننه في الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة.
وخرج الحديث جماعة أشار المصنف لـابن حبان، فقد أخرجه في صحيحه .
وهكذا رواه الإمام أحمد في مسنده .
ورواه الضياء المقدسي في كتابه الأحاديث المختارة .
والطبراني في معجمه الأوسط .. وغيرهم.
هذا ما يتعلق بالتخريج.
أما ما يتعلق بتصحيح الحديث:
فقد صححه أيضاً أو حسنه جماعة، ذكر المصنف منهم هنا: ابن حبان، وهكذا الحاكم فإنه صحح الحديث في مستدركه على شرطهما.
وقد ذكر الحديث في كتابه الترغيب والترهيب الإمام المنذري، ونسب تصحيحه أيضاً إلى جماعة من أئمة الحديث، كـيحيى بن معين، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهكذا نسب غير واحد إلى علي بن المديني أنه صححه، فتصحيحه إذاً مشهور، وذكر النووي في كتاب الخلاصة، وهو كتاب في أحاديث الأحكام: أن الحديث رجاله ثقات وإسناده صحيح، وإن كان ذكر فيه راوياً سوف نعرض له بعد قليل.
ومن المعاصرين صحح الحديث الشيخ الألباني، والشيخ ابن باز رحمهما الله.
للحديث أيضاً شاهد بمعناه عند الطبراني والبيهقي، من حديث قباث بن أشيم، وهكذا يضبط الاسم: قباث بن أشيم بفتح الهمزة وسكون الشين وفتح الياء، يعني: بوزن أحمر، وهذا السند عند البيهقي وغيره بمعنى حديث أبي هنا، وقال ابن حجر في فتح الباري : هو شاهد قوي، وقال آخرون: إن في إسناده نظراً.
طيب، سند الحديث: ذكرت لكن النووي وغيره ذكروا في إسناده رجلاً فيه كلام، هذا الرجل اسمه: عبد الله بن أبي بصير، في سند الحديث راو اسمه عبد الله بن أبي بصير، عبد الله بن أبي بصير هذا وثقه ابن حبان والعجلي، وتعرفون أن مذهب العجلي وابن حبان أنهم قد يوثقون كثيراً من المجهولين الذين لم يأت في حقهم جرح من الأئمة، فهم يتساهلون في التوثيق، والغالب على أمثال هؤلاء الذين انفردوا بتوثيقهم أن يكون فيهم شيء من الجهالة
فـعبد الله بن أبي بصير هذا وثقه ابن حبان، والواقع أنه ليس بالمشهور عند الأئمة، ومع ذلك فقد اختُلف على عبد الله بن أبي بصير هذا في إسناد الحديث، فمرة يقول عبد الله بن أبي بصير : عن أبيه، وأبوه كما سماه بعضهم: حفص، فيكون عبد الله بن حفص وكنيته أبو بصير، وأحياناً يقول عبد الله بن أبي بصير : عن أبي بن كعب رضي الله عنه، ولا يذكر أباه، وهذا يعتبر نوعاً من الاضطراب في الحديث.
لكن البيهقي في سننه ذكر عن شعبة وعن علي بن المديني أنهما قالا: إن عبد الله بن أبي بصير سمع الحديث من أبي بن كعب مع والده، كأنه ذهب هو وأبوه إلى أبي بن كعب فسمعا الحديث معاً، فسمعه هو من أبيه مرة أخرى أيضاً، فهو مرة يرويه عن أبيه، فيكون الإسناد نازلاً، هذا معروف نزول الإسناد، يعني: كلما طال اعتبر نازلاً؛ لأنه زاد فيه رجل، ومرة يرويه بعلو عن أبي بن كعب مباشرة، وهذا يسمى إسناداً عالياً، كلما قلَّ الإسناد قل احتمال الخطأ، فيسمى إسناداً عالياً، وكلما كثر الرجال سمي إسناداً نازلاً، فهكذا يقول البيهقي، ويرويه عن شعبة وعلي بن المديني .
والذي يروي عن عبد الله بن أبي بصير هو أبو إسحاق السبيعي من أئمة الحديث، وهو مرة يرويه هكذا ومرة يرويه هكذا عنه. هذا ما يتعلق بسنده.
وبناءً على ذلك نقول: إن أكثر الأئمة قد صححوا أو حسنوا هذا الحديث كما رأيتم، وإن كان فيه عبد الله بن أبي بصير وهو ليس بالمشهور، لكن ربما صححوه؛ لأنه ليس فيه رجل متكلم فيه، ولأن له شاهداً من حديث قباث بن أشيم عند البيهقي .. وغيره كما ذكرنا.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 | 4761 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 | 4393 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 | 4212 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 | 4094 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 | 4045 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 | 4019 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 | 3972 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 | 3916 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 | 3898 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 | 3877 استماع |