شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 378-382


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

وعندنا في هذا اليوم أولاً: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر )، والحديث متفق عليه كما ذكر المصنف.

تخريج الحديث

فقد رواه البخاري في صحيحه في كتاب التهجد، وهو كتاب التطوع أيضاً، فقد يسمى التهجد أو التطوع، باب تعاهد ركعتي الفجر، ومن سماهما: تطوعاً؛ لأنه جاء في بعض الروايات عن عائشة أو عن غيرها أنهم سموا ذلك: تطوعاً، فترجم البخاري رحمه الله تعالى: باب تعاهد ركعتي الفجر ومن سماهما أو سماها: تطوعاً، ورواه مسلم أيضاً في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنة الفجر، والمصنف اقتصر على عزوه إلى الصحيحين، ولكن الحديث في الواقع موجود في أبي داود، والترمذي، والنسائي، فضلاً عن أبي عوانة في صحيحه، والبيهقي، والبغوي، وابن خزيمة، وابن حبان .. وغيرهم.

فوائد الحديث

والحديث فيه فوائد:

منها: تأكيد استحباب ركعتي الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعاهدها أشد مما يتعاهد غيرها من النوافل، فهذا يدل على آكديتها وأفضليتها.

وفيه أيضاً: مشروعية صلاة ركعتي سنة الفجر في الحضر والسفر؛ لأن هذا من التعاهد الذي كان يتعاهده النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت هذا عنه عليه الصلاة والسلام من غير هذا الوجه، ولكن هذا الحديث يدل ضمناً على أنه كان يصليهما عليه الصلاة والسلام في الحضر وفي السفر.

ومن فوائد هذا الحديث: أن ركعتي سنة الفجر، يعني: الركعتين قبل صلاة الفجر، أنهما سنة وليستا بفريضة، والدليل على ذلك قولها: ( لم يكن على شيء من النوافل )، فدل على أن ركعتي الفجر -ركعتي السنة- أنهما من النوافل أيضاً وليستا بواجب، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، كما ذكره النووي في شرح صحيح مسلم .. وغيره من العلماء، فهو مذهب الجماهير من أهل العلم من السلف والخلف، وهل هناك قائل بوجوب ركعتي الفجر؟ نقل القول بوجوب الركعتين، نقله بعض المصنفين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، كما نقله المرغيناني عنه، وكذلك نقل كما في مصنف ابن أبي شيبة عن الحسن البصري رحمه الله تعالى من التابعين: (أنه كان يرى الركعتين قبل الفجر واجبتين).

ولا شك أن هذا القول قول ضعيف لا يسنده دليل.

واستدل بالحديث بعض الشافعية على أن ركعتي الفجر أفضل وآكد من الوتر، وهذا هو المذهب القديم للشافعي، وأما مذهبه الجديد فهو أن الوتر آكد من ركعتي الفجر.

والواقع أن هذا الحديث ليس فيه دليل على هذا ولا على ذاك، فليس دليلاً على أن ركعتي الفجر آكد من الوتر، لماذا؟ ليس دليلاً على أن ركعتي الفجر آكد من الوتر، مع أنها تقول: ( لم يكن على شيء من النوافل ).

لأن الوتر كان واجباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إما مطلقاً، أو في بعض الوقت في بعض عمره عليه الصلاة والسلام، وبعضهم يرى وجوبه على النبي عليه الصلاة والسلام على الدوام، أن الوتر كان واجباً، وقد جاء فيه حديث: ( ثلاث هن علي فرض، وهن لكم تطوع -وذكر فيها-: الوتر ).

فلذلك لا نقول: بأن الحديث يدل على أن الركعتين أفضل من الوتر، ولا أنه يدل على ضد ذلك أيضاً، ولكن الحديث يدل على شدة تعاهد النبي صلى الله عليه وسلم للركعتين.

ومن فوائد الحديث: أن السنة صلاة هاتين الركعتين في البيت، بدليل أن كون عائشة رضي الله عنها تعلم ذلك، وتدرك تعاهد النبي صلى الله عليه وسلم لهاتين الركعتين غالباً، لا ينطلق إلا من أنه كان يصليهما في البيت، وهذا هو الواقع كما دلت عليه أحاديث أخرى، هي نص في هذا الموضع.

فقد رواه البخاري في صحيحه في كتاب التهجد، وهو كتاب التطوع أيضاً، فقد يسمى التهجد أو التطوع، باب تعاهد ركعتي الفجر، ومن سماهما: تطوعاً؛ لأنه جاء في بعض الروايات عن عائشة أو عن غيرها أنهم سموا ذلك: تطوعاً، فترجم البخاري رحمه الله تعالى: باب تعاهد ركعتي الفجر ومن سماهما أو سماها: تطوعاً، ورواه مسلم أيضاً في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنة الفجر، والمصنف اقتصر على عزوه إلى الصحيحين، ولكن الحديث في الواقع موجود في أبي داود، والترمذي، والنسائي، فضلاً عن أبي عوانة في صحيحه، والبيهقي، والبغوي، وابن خزيمة، وابن حبان .. وغيرهم.

والحديث فيه فوائد:

منها: تأكيد استحباب ركعتي الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعاهدها أشد مما يتعاهد غيرها من النوافل، فهذا يدل على آكديتها وأفضليتها.

وفيه أيضاً: مشروعية صلاة ركعتي سنة الفجر في الحضر والسفر؛ لأن هذا من التعاهد الذي كان يتعاهده النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت هذا عنه عليه الصلاة والسلام من غير هذا الوجه، ولكن هذا الحديث يدل ضمناً على أنه كان يصليهما عليه الصلاة والسلام في الحضر وفي السفر.

ومن فوائد هذا الحديث: أن ركعتي سنة الفجر، يعني: الركعتين قبل صلاة الفجر، أنهما سنة وليستا بفريضة، والدليل على ذلك قولها: ( لم يكن على شيء من النوافل )، فدل على أن ركعتي الفجر -ركعتي السنة- أنهما من النوافل أيضاً وليستا بواجب، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، كما ذكره النووي في شرح صحيح مسلم .. وغيره من العلماء، فهو مذهب الجماهير من أهل العلم من السلف والخلف، وهل هناك قائل بوجوب ركعتي الفجر؟ نقل القول بوجوب الركعتين، نقله بعض المصنفين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، كما نقله المرغيناني عنه، وكذلك نقل كما في مصنف ابن أبي شيبة عن الحسن البصري رحمه الله تعالى من التابعين: (أنه كان يرى الركعتين قبل الفجر واجبتين).

ولا شك أن هذا القول قول ضعيف لا يسنده دليل.

واستدل بالحديث بعض الشافعية على أن ركعتي الفجر أفضل وآكد من الوتر، وهذا هو المذهب القديم للشافعي، وأما مذهبه الجديد فهو أن الوتر آكد من ركعتي الفجر.

والواقع أن هذا الحديث ليس فيه دليل على هذا ولا على ذاك، فليس دليلاً على أن ركعتي الفجر آكد من الوتر، لماذا؟ ليس دليلاً على أن ركعتي الفجر آكد من الوتر، مع أنها تقول: ( لم يكن على شيء من النوافل ).

لأن الوتر كان واجباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إما مطلقاً، أو في بعض الوقت في بعض عمره عليه الصلاة والسلام، وبعضهم يرى وجوبه على النبي عليه الصلاة والسلام على الدوام، أن الوتر كان واجباً، وقد جاء فيه حديث: ( ثلاث هن علي فرض، وهن لكم تطوع -وذكر فيها-: الوتر ).

فلذلك لا نقول: بأن الحديث يدل على أن الركعتين أفضل من الوتر، ولا أنه يدل على ضد ذلك أيضاً، ولكن الحديث يدل على شدة تعاهد النبي صلى الله عليه وسلم للركعتين.

ومن فوائد الحديث: أن السنة صلاة هاتين الركعتين في البيت، بدليل أن كون عائشة رضي الله عنها تعلم ذلك، وتدرك تعاهد النبي صلى الله عليه وسلم لهاتين الركعتين غالباً، لا ينطلق إلا من أنه كان يصليهما في البيت، وهذا هو الواقع كما دلت عليه أحاديث أخرى، هي نص في هذا الموضع.

أما الحديث الثاني: فهو قولها رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها )، والحديث نسبه المصنف لـمسلم . ‏

تخريج الحديث

وهو فيه أيضاً في الموضع السابق في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب ركعتي سنة الفجر، وفي رواية أخرى لـمسلم رحمه الله تعالى في الموضع ذاته ونفسه: أنه صلى الله عليه وسلم قال في شأن الركعتين عند طلوع الفجر: ( لهي أحب إلي من الدنيا جميعاً )، فهو بمعنى قوله: ( خير من الدنيا وما فيها )، وفي رواية أيضاً عند الطيالسي للحديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( لهي أحب إلي من حمر النعم ).

والحديث: ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها )، رواه أيضاً الترمذي في جامعه، وأبو عوانة في مستخرجه على مسلم، والطيالسي والنسائي، وأحمد في المسند، والبيهقي، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم في مستدركه .

معاني ألفاظ الحديث

وقوله عليه الصلاة والسلام: ( خير من الدنيا وما فيها ) يعني: من متاع الدنيا.. من زينة الدنيا.. من زخرف الدنيا، فهذا هو المتجه في تفسير الحديث، وإلا ففي الدنيا من العبادات والأعمال ما هو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ركعتي الفجر، كالفرائض والواجبات.. وغير ذلك، وإنما المقصود من متاع الدنيا وزينتها؛ ولهذا قال في رواية الطيالسي : ( من حمر النعم )، وهذا مثال للدنيا، يعني: أحب إليه من الدنيا، ومن الأموال، ومن الزينة.. وما أشبه ذلك.

فوائد الحديث

وفي هذا الحديث: فضيلة ركعتي الفجر، واستحباب المحافظة عليهما.

وفيه: بيان هوان الدنيا وحقارتها، فإن ركعتين يركعهما الإنسان لا تستغرق منه خمس دقائق، أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العالِم بشأن الدنيا من الدنيا وما فيها.

وفيه أيضاً: أن حساب العمر يكون بالأعمال لا بالأعمار، فكم من إنسان عاش سنين طويلة كانت وبالاً عليه، وآخر قضى في هذه الدنيا أقل منه بقليل، ولكن كانت فترة نافعة مجدية، فالعبرة ليس بطول العمر، بل ربما طال عمر الإنسان فملَّ:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم

إن الثمانين وبلغتها قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

يريد الفتى طول السلامة جاهداً فكيف ترى طول السلامة يفعل

فليست العبرة بأن يعيش الإنسان مائة سنة أو أكثر، وإنما العبرة هل هذا العمر مجدٍ ومفيد؟ وهل أنت تستثمر أيامك أم لا؟ وبالمناسبة فإن العمر لا يؤكل إلا مرة فعليك أن تستدركه.

وهو فيه أيضاً في الموضع السابق في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب ركعتي سنة الفجر، وفي رواية أخرى لـمسلم رحمه الله تعالى في الموضع ذاته ونفسه: أنه صلى الله عليه وسلم قال في شأن الركعتين عند طلوع الفجر: ( لهي أحب إلي من الدنيا جميعاً )، فهو بمعنى قوله: ( خير من الدنيا وما فيها )، وفي رواية أيضاً عند الطيالسي للحديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( لهي أحب إلي من حمر النعم ).

والحديث: ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها )، رواه أيضاً الترمذي في جامعه، وأبو عوانة في مستخرجه على مسلم، والطيالسي والنسائي، وأحمد في المسند، والبيهقي، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم في مستدركه .

وقوله عليه الصلاة والسلام: ( خير من الدنيا وما فيها ) يعني: من متاع الدنيا.. من زينة الدنيا.. من زخرف الدنيا، فهذا هو المتجه في تفسير الحديث، وإلا ففي الدنيا من العبادات والأعمال ما هو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ركعتي الفجر، كالفرائض والواجبات.. وغير ذلك، وإنما المقصود من متاع الدنيا وزينتها؛ ولهذا قال في رواية الطيالسي : ( من حمر النعم )، وهذا مثال للدنيا، يعني: أحب إليه من الدنيا، ومن الأموال، ومن الزينة.. وما أشبه ذلك.




استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 4737 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 4383 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 4202 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 4083 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 4036 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 4011 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 3963 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 3910 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 3890 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 3871 استماع