شرح عمدة الأحكام [21]


الحلقة مفرغة

السؤال: بعد التشهد الأخير في صلاة الظهر سلمت قبل أن يسلم الإمام ناسياً، وعندما تذكرت انتظرت إلى أن سلم الإمام فقمت وأتيت بركعة خامسة جهلاً مني بالحكم، فماذا علي في ذلك؟

الجواب: أخطأت في هذه الزيادة، وكان عليك أن تسجد وحدك للسهو جبراً لذلك بعد أن يسلم إمامك، ومن العلماء من يقول: إن الإمام يتحمل عن المأموم ولا سجود عليه.

على كل حال: هذه الزيادة خطأ، وتعتبر مجزئة لك لعذر الجهل.

السؤال: دخلت المسجد قرب إقامة صلاة العشاء، وكنت لم أصل المغرب، فدخلت مع الإمام في صلاة العشاء، ولكني في الركعة الثالثة بقيت جالساً حتى سلم الإمام ثم سلمت معه، ثم أقمت الصلاة وصليت العشاء، فهل فعلي هذا صحيح؟

الجواب: أجازه بعض المشايخ، إلا أن العلماء الأوائل وأهل المؤلفات لا يجيزون مثل هذا، بل يأمرونك بأن تصلي وحدك صلاة المغرب، ثم بعد ذلك تدخل معهم في بقية صلاة العشاء، ولكن أفتى بعض مشايخنا، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز وفقه الله بأنه يجوز أن تدخل معهم في عشائهم وتجعلها مغرباً وتصلي معهم ثلاثاً وتنوي السلام، أو تنتظرهم حتى يسلموا وتنويها مغرباً لك وتصلي بعدها العشاء.

وإن كان هذا لم يكن عليه نقل، ولكن أجازوه من باب الاغتنام لصلاة الجماعة، والأفضل أن يصلي وحده صلاة المغرب، ثم بعد ذلك يصلي ما بقي من صلاة العشاء مع الإمام.

مداخلة: لو دخل مع الإمام في صلاة العشاء كاملة ثم صلى بعدها المغرب؟

الشيخ: أما تقديم العشاء على المغرب فلا يجوز ما دام الوقت متسعاً؛ وذلك لترتيب الصلوات، وقد مر بنا الحديث الذي جاء فيه أنه عليه السلام صلى العصر ثم صلى بعدها المغرب.

السؤال: ما رأيكم في قول بعض المصلين عندما يسمعون جملة: قد قامت الصلاة، يقولون: أقامها الله وأدامها؟ وهل لها أصل في السنة؟

الجواب: ورد فيها حديث ولكنه ضعيف، ومع ذلك استحبها كثير من العلماء، وذكروها في مؤلفاتهم وفي أدعيتهم، وإن لم يكن الدليل قوياً؛ وذلك لأنهم اعتبروها دعاء، والدعاء لا يحتاج إلى توقيف بل يدعو الإنسان بما تيسر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقر أصحابه على كثير من الأدعية لم يكن علمهم إياها بل استحسنوها فدعوا بها فأقرهم على ذلك، فهذا دعاء فيه خير لإقامة الصلاة ولاستمرارها ودوامها، فلا مانع من القول بذلك إن شاء الله.

السؤال: يكون في المساجد هذه الأيام قسم خاص كمصلى للنساء ينعزل فيه النساء عن الرجال، فيحصل أن يصطف بعض النساء في مقدمة المصلى ويتركن المؤخرة، وفي نفس الوقت تأتي بعض النساء ويقفن في المؤخرة ويتركن المقدمة، فما هو رأيكم فيما يقع من اختلاف الصفوف وعدم إقامتها إقامة تامة؟

الجواب: ما دام أنه محجوز بينهن وبين الرجال بحاجز، ويوجد المكبر الذي يوصل الصوت، فنرى أن صفوفهن كصفوف الرجال، فيكون أفضلها هو المقدم، أما قوله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)، فهذا فيما إذا كانت الصفوف متصلة ليس بينها وبين صفوف الرجال حاجز، فجعل أفضلها أبعدها عن الرجال، وشرها أقربها من صفوف الرجال مخافة الاختلاط ومخافة السماع، أما وقد انعزلن بحاجز قوي لا يمكن معه الرؤية ولا الملامسة ولا الاتصال فصفوفهن كصفوف الرجال يبدأ بالأول؛ ومعلوم أنهن إذا صففن في مؤخرة الصفوف فإن من بعدهن يدخلن بعد اكتمال الصف فيحتجن إلى أن ينشئن صفاً ثانياً متقدماً، وستضطر عندها كل من دخلت إلى المرور أمام المصليات وهكذا، فيحصل بذلك شيء من التشويش، فالأولى كما قلنا أن يبدأ بالصفوف المتقدمة الأول فالأول.

السؤال: إذا غربت الشمس والمؤذن لم يشرع في الأذان ثم دخل رجل المسجد، فهل يصلي تحية المسجد أم ينتظر؟

الجواب: يصلي ما دام أن الشمس قد غربت؛ لأن النهي يمتد إلى غروب الشمس، يقول الحديث: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس) ولم يقل: حتى يؤذن المؤذنون، فإذا تحققت أن الشمس قد غربت فلك أن تصلي.

السؤال: هل يجوز التكلم لتنبيه الإمام، مثل قول: قم، أو اجلس بعد عدم فهمه لقولنا: سبحان الله؟

الجواب: يقولون: إذا احتيج إلى الكلام في مصلحة الصلاة مع كون الإمام لم يفهم المطلوب، فيمكن أن يختار كلمة من القرآن إذا كان يستحضر، فمثلاً: إذا أراد منه أن يقوم قرأ عليه: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] يعني: أمر بالقيام، وإذا أراد له أن يجلس أو أن يقعد جاء بمثل قوله تعالى: وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ [التوبة:46] أو نحو ذلك.

وكذلك إذا أراد منه الركوع قرأ عليه: ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]أو أراد منه السلام، قرأ عليه: وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56] وما أشبه ذلك فإذا لم يستحضر ذلك، وقال له: اسجد بدون كلمة واقْتَرِبْ أو قال له: اجلس، عفي عن ذلك؛ لأنه من مصلحة الصلاة.

السؤال: إذا أصاب الإنسان نجاسة في بدنه وغسلها عدة مرات، وبعد ذلك اكتشف أن هناك رائحة نجاسة في بدنه، فهل تكون هذه الرائحة مانعة من الصلاة؟

الجواب: لا تكون ما دام أنه قد غسلها عدة مرات؛ وذلك لأن الأصل أن النجاسة تزول بالغسل بالماء، فإذا كانت على يديه مثلاً أو على ساقيه وغسلها ودلكها -ولو لم يكن معه صابون أو منديل أو نحو ذلك- اكتفى بذلك، كذلك إذا كانت على الثوب وغسلها حتى لا يبقى إلا ما لا يزيله الماء، وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن دم الحيض يصيب الثوب فقال للمرأة: (يكفيك الماء ولا يضرك أثره) أي: اغسليه حتى يزول ولو بقيت بقعه في الثوب فإنه لا يضر ذلك، كذلك لو بقيت رائحة -وإن كان ذلك نادراً- فإن ذلك أيضاً لا يضر.

السؤال: ما دليل الظاهرية وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية على بطلان صلاة من صلى بحضرة طعام؟

الجواب: أخذوه من ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة طعام)، فهذا النهي يدل على أنه ترك واجباً، يقول شيخ الإسلام في قواعده: إن الله ورسوله لا ينفيان مسمى اسم شرعي إلا للإخلال ببعض واجباته، فهنا نفي اسم شرعي وهو كلمة (الصلاة) مثل قوله: (لا صلاة لمن أحدث حتى يتوضأ)، ومثل قوله: (لا صلاة إلا بوضوء، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله)، أخذوا من وجوب ذكر التسمية عند الوضوء مع التذكر أن من صلى وهو متعلق القلب بالطعام، أو متعلق القلب بإخراج البول أو الغائط أنه لا يقبل على صلاته ولا يطمئن فيها، والطمأنينة ركن من أركان الصلاة، والخشوع روح الصلاة ولبها، فهذا مذهب الظاهرية أنهم تشبثوا بهذا الحديث، ولكن الجمهور قالوا: تنعقد الصلاة مع الكراهة.

السؤال: هل الصلاة مع الجوع أو مع مدافعة الأخبثين جائزة، وهل النهي في الحديث للكراهة أو التحريم؟

الجواب: يظهر أن النهي لأجل التعليم والتوجيه والإرشاد، والحث على الإتيان بالأسباب التي يخشع فيها الإنسان، ويخضع ويقبل على صلاته، ويطمئن فيها، وإلا فالصلاة مجزئة إن شاء الله وإن كانت ناقصة.

السؤال: تعتبر الفاتحة ركناً من أركان الصلاة، فكيف يتم الجمع بين ذلك وبين ما جاء في الحديث: (من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، مع العلم أن من أدرك الركوع لم يقرأ الفاتحة، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: المسألة لها فروع وفيها كلام طويل قد يطول استقصاؤه، ولكن المختار أنها واجبة في حق الإمام، وهو يتحملها عن المأموم، ومع ذلك فإنها مستحبة للمأموم في سكتات إمامه، وإذا كانت تسقط عن المأموم فإن المسبوق لا قراءة عليه، فتسقط عنه القراءة، أما إذا أدرك الإمام وهو قائم فإنه يتأكد عليه أن يقرأ ولا يركع حتى يتم القراءة، ولكن لو لم يدركه قائماً سقطت عنه وتحملها الإمام، هذا القول الذي يجمع به بين الأقوال مع كثرتها وكثرة النزاع فيها.


استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عمدة الأحكام [4] 2582 استماع
شرح عمدة الأحكام [29] 2580 استماع
شرح عمدة الأحكام [47] 2518 استماع
شرح عمدة الأحكام [36] 2501 استماع
شرح عمدة الأحكام 6 2440 استماع
شرح عمدة الأحكام 9 2369 استماع
شرح عمدة الأحكام 53 2355 استماع
شرح عمدة الأحكام [31] 2339 استماع
شرح عمدة الأحكام 56 2330 استماع
شرح عمدة الأحكام 7 2329 استماع