خطب ومحاضرات
شرح عمدة الأحكام [3]
الحلقة مفرغة
قال المصنف رحمه الله: [باب المسح على الخفين:
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال: دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما).
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فبال وتوضأ ومسح على خفيه) مختصراً].
وقت ابتداء المسح على الخفين وانتهاؤه للمقيم والمسافر
انتقاض الوضوء بمضي مدة المسح على الخفين
والصحيح أنه ينتقض الوضوء بانقضاء المدة، وإن كان بعض العلماء يرى أنه يبقى على وضوئه حتى ينتقض، لكن الفتوى على أنه ينتقض؛ وذلك لأنه لم يغسل قدميه، المسح له مدة انتهت، فإذا تم اليوم والليلة فكأنه على وضوء ما عدا قدميه.
كون المسح خاصاً بالحدث الأصغر فقط
حكم المسح قبل السفر أو أول ابتداء السفر
حكم المسح على الجوارب
فذهب إلى جواز المسح عليه الإمام أحمد ، وخالف في ذلك الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي فقالوا: لا يمسح عليه؛ وذلك لأنه يخرقه الماء، فلا يكون ساتراً للقدم، ولأنه يبين صورة القدم، أي: تعرف منه الأصابع والعقب والأخمص وظهر القدم، فكأنه لم يلبس عليه شيء يستره بخلاف القطن.
قالوا: والحديث الذي فيه لم يثبت، وهو عن المغيرة : (أنه مسح على الجوربين والنعلين) قالوا: إنه خطأ من الراوي، وأن الصواب ما في رواية الباقين عن المغيرة أنه مسح على الخفين وليس فيه المسح على الجوربين، ولكن الإمام أحمد ترجح عنده أنه يمسح على الجوربين وإن لم يثبت عنده الحديث، ولكن قد روي فيه أحاديث وآثار عن جملة من الصحابة أنهم مسحوا على الجوارب، فأجاز ذلك اتباعاً لهم؛ فإنهم لا يفعلون إلا ما هو جائز أو مسنون، ولأن في ذلك رخصة؛ لأن الإنسان قد يحتاج إلى لبس هذه الجوارب لتدفئة القدمين، سيما في وقت اشتداد البرد، فإذا لبسهما رخص له بأن يمسح عليهما كما يمسح على الخفين.
شروط المسح على الجوارب
كذلك أيضاً يشترط أن يكون الجورب صفيقاً، والصفيق معناه: الغليظ المتين الذي يستر البشرة ولا ترى من ورائه، فإذا كان خفيفاً فلا يمسح عليه، ويتساهل كثير من الناس فيمسحون مع أن جواربهم شفافة يرى منها البشرة ونحوها.
وقد كانت خفاف الصحابة من جلود وقد يكون فيها خروق، أما جواربهم فإنها تنسج من الصوف ومن الشعر، ويجعلون في أسفلها جلدة يمشون عليها، وقد يلبسون تحتها نعلاً، ولكن كثيراً ما يمشون على الجورب وحده، حيث يجعلون تحته رقعة تقيهم كما يقيهم النعل، فكانت جواربهم غليظة جداً، بحيث إنه لا يخرقها الماء؛ لقوتها، وأنها يمكن المشي عليها حتى في الرمضاء وفي الأرض المليئة بالحجارة، يمكن لأحدهم أن يمشي فيها؛ لقوتها ولغلظها، ولأن تحتها تلك الجلدة، فعلى هذا إذا كان الدليل الذي أبيح لنا فيه المسح على الجوارب هو قصة الصحابة، فلنقف على جواربهم لنعرف أن جواربهم غليظة ليست شفافة، أما الذين يلبسون جوارب شفافة بحيث يخرقها البصر فضلاً عن الماء، فنقول: لا يجوز المسح على مثل هذه؛ لكونها خفيفة. فالعلماء اشترطوا الصفاقة والغلظ والمتانة في الجوارب، ومعلوم أنك ما لبستها إلا للتدفئة، وإذا كانت خفيفة فلا تحصل بها تدفئة ولا تحصل بها وقاية للقدم، مع أنه لا يمشى بها غالباً وحدها، فكل ذلك دليل على أنه لا بد من التثبت في هذا.
صفة المسح على الخفين
ولا يلزم أن يظهر البلل على الخف أو على الجورب؛ بل قد روي أنه عليه الصلاة والسلام لما مسح على الخفين يقول الراوي: (كأني أنظر إلى أثر أصابعه خطوطاً في الخف) يعني: أن أصابعه قد أثرت بللاً في الخف كمثل الخطوط، مما يدل على أنه لا يلزم أن تبتل.
أما مسح أسفله فليس من السنة، ولهذا ورد في حديث عن علي رضي الله عنه أنه قال: (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه).
ويلاحظ أن البعض من الناس يمسح على خفيه ثم يخلعهما ويصلي في الشراب، فيبطل بذلك مسحه، فنقول: إذا كان عليك شراب وجعلت الخف كالنعل يخلع ويلبس، فاجعل المسح على الأسفل الذي هو الشراب، بحيث إذا أردت الوضوء خلعت الخف أو النعل ومسحت على الشراب ثم لبسته، وإذا دخلت المسجد خلعتهما وصليت في الشراب وحدها كما هو المعتاد.
أما أن تمسح على الخف ثم تخلعه وتترك الشراب وحدها، فإنه يبطل مسحه؛ لأنك مسحت على شيء وخلعته، فلم يبق الممسوح معك، بل قد خلعته.
فهذا مما يغلط فيه كثير من الناس، ترى أحدهم عندما يتوضأ يمسح على ظهر الخفين أو النعلين، وإذا دخل المسجد خلعهما وترك الشراب، فانتبهوا لهذا ونبهوا إخوانكم.
استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح عمدة الأحكام [4] | 2581 استماع |
شرح عمدة الأحكام [29] | 2579 استماع |
شرح عمدة الأحكام [47] | 2517 استماع |
شرح عمدة الأحكام [36] | 2499 استماع |
شرح عمدة الأحكام 6 | 2439 استماع |
شرح عمدة الأحكام 9 | 2368 استماع |
شرح عمدة الأحكام 53 | 2354 استماع |
شرح عمدة الأحكام [31] | 2338 استماع |
شرح عمدة الأحكام 56 | 2329 استماع |
شرح عمدة الأحكام 7 | 2328 استماع |