خطب ومحاضرات
المسائل المستجدة في نوازل الزكاة [2]
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله وبعد:
المسألة الثانية: وهي تتعلق بزكاة الراتب الشهري، كيف نخرج زكاة الراتب الشهري؟
تعريف الراتب الشهري
أنت الآن عندك أموال، ثم بعد ذلك جاءك مال، هذا المال المستفاد في أثناء الحول كيف تزكيه؟ وهل يجب له حول تضمه في حوله إلى المال الذي عندك.. إلخ؟
زكاة الأموال المستفادة
نقول: الأموال المستفادة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن تكون هذه الأموال ربح تجارة أو نتاج سائمة، فإذا كانت هذه الأموال ربح تجارة أو نتاج سائمة فإن حولها حول أصلها، فمثلاً: إنسان صاحب بقالة أو عنده محل لبيع الملابس الرجالية أو لبيع الكتب ونحو ذلك، في أول محرم البقالة ثمنها يساوي مائة ألف ريال، بدأ يبيع ويشتري، ولما جاء رمضان أصبحت قيمة البقالة مائة وخمسين ألف ريال، الآن هذه الخمسون التي استفادها أثناء الحول، هل نقول: اجعل لها حولاً مستقلاً، أو نقول: بأن حولها حول أصلها؟
نقول: إذا كانت ربح تجارة فحولها حول أصلها، وعلى هذا إذا جاء محرم من العام القادم يخرج الزكاة عن مائة ألف أو عن مائة وخمسين ألفاً؟ نقول: عن مائة وخمسين، فربح التجارة هذا حوله حول الأصل، وعلى هذا أصحاب البقالات كيف يزكون بقالاتهم وأصحاب الكتب وأصحاب الدكاكين والمحلات؟ مثلاً: انظر إلى البقالة كم تساوي بسعر البيع وليس بسعر الشراء، فإن كان يبيع بالإفراد فينظر إلى سعر البيع بالإفراد، وإن كان يبيع بسعر الجملة فينظر إلى سعر البيع بالجملة، فإذا حال عليها الحول فينظر كم تساوي البقالة، ربما أن البقالة في أول الحول تساوي مائة ألف، لكن في آخر الحول أصبحت تساوي مائتي ألف، زادت ونمت البقالة بسبب البيع والشراء فيخرج عن مائتي ألف بسعر البيع، فينظر كم تساوي بسعر ما يبيعه للناس..إلخ، فإذا قدر أنها تساوي مثلاً مائتي ألف فيخرج ربع العشر، فاقسم مائتي ألف على أربعين، والناتج هو الزكاة، وهو خمسة آلاف.
كذلك أيضاً نتاج السائمة حوله حول أصله، فمثلاً: خمس من الإبل فيها شاة، وست فيها شاة، وسبع فيها شاة، وثمان فيها شاة، وتسع فيها شاة حتى تبلغ عشراً، فإذا بلغت عشراً ففيها شاتان، فلو أن رجلاً عنده خمس من الإبل ففيها شاة، فلو ملكها في ذي الحجة قبل محرم، فتوالدت وأصبحت عشراً، كم يجب عليه الزكاة؟ نقول: يجب عليه شاتان، فهذه الخمس التي رزقه الله في شهر ذي الحجة حولها حول أصلها؟
فتبين لنا أن ربح التجارة ونتاج السائمة حوله حول أصله، ولا تحسب له حولاً مستقلاً وإنما يكون حوله حول أصله.
القسم الثاني: أن يكون المستفاد ليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة، لكنه مثل جنس المال الذي عندك، فمثلاً: رجل عنده في المصرف مائة ألف، جاءه راتب عشرة آلاف أو خمسة آلاف، الآن استفاد هذا الراتب، وليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة، لكنه من جنس المال الذي عنده، فهل يحسب حوله من حول المال الذي عنده، أو يستأنف له حولاً مستقلاً؟
جمهور العلماء على أنه يستأنف له حولاً مستقلاً، خلافاً لـأبي حنيفة رحمه الله، فإنه يقول: ما دام أن الجنس واحد فإن حوله حول الجنس الذي عنده.
القسم الثالث والأخير، وهذا يتفق عليه العلماء: أنه يحسب له حولاً مستقلاً إذا كان المستفاد ليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة ولا يوافق المال الذي عنده في الجنس، بل يخالفه في الجنس، فرجل عنده مائة ألف ريال، ثم بعد ذلك جاءته سائمة من البقر أو سائمة من الإبل ونحو ذلك، فهذا يحسب له حولاً مستقلاً.
كيفية زكاة الراتب
الجواب أنها من القسم الثاني، يعني: من المال المستفاد الذي ليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة لكنه من الجنس، فعند الحنفية أنه يُضم إلى حول المال الذي عنده، وعند الجمهور أنه يحسب له حولاً مستقلاً، وهذا رأي جمهور أهل العلم هو الراجح، أنك إذا أخذت راتب محرم تجب عليك الزكاة عليه في محرم، أو في صفر يجب عليك أن تزكيه في صفر، وراتب صفر لا تضمه مع راتب محرم، وراتب ربيع الأول لا تضمه مع راتب محرم، فراتب محرم تخرج زكاته في محرم إن حال عليه الحول، وراتب صفر في صفر من السنة الثانية، وراتب ربيع الأول في ربيع الأول من السنة الثانية، وهكذا؛ لأن هذا مال مستفاد وليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة فلا يضم في الحول، لكنه على رأي الحنفية يضم فتخرج في محرم جميع الرواتب، لكن على رأي الجمهور كل راتب سيكون له حولاً مستقلاً، وهذا قد يكون فيه مشقة على الموظف، ولهذا هيئات الفتوى مثل اللجنة الدائمة للإفتاء في إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة، وغير ذلك كثير من العلماء يقولون للموظف بدلاً من كونه سيخرج في محرم، يخرج في صفر، أو في ربيع الأول، أو في ربيع الثاني.. إلخ، هذا قد يلحقه مشقة في ذلك، فيقولون: انظر إلى وقت كرمضان مثلاً أو شعبان ونحو ذلك، واجمع الأموال التي عندك وأخرج زكاتها ربع العشر، فإن حال الحول عليه فقد أخرجت زكاتك، وإن لم يحل الحول عليك فقد عجلت زكاتك، وتعجيل الزكاة جائز ولا بأس به.
فالخلاصة في زكاة رواتب الموظفين أننا نفهم أن هذه الرواتب من المال المستفاد الذي ليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة، وإذا كان كذلك فالصحيح ما ذهب إليه جمهور أهل العلم أن هذه الأموال المستفادة لها حول مستقل كما جاء عن الصحابة، وأنه لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، جاء عن أبي بكر وعثمان وعلي ، وابن مسعود، وغيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
وعلى هذا إذا كان الإنسان سيأخذ برأي الجمهور أنه كل شهر من العام القادم ينظر إلى راتبه ويخرج الزكاة عليه، لكن هذا قد يلحقه مشقة، لكن كما ذكرنا فإن العلماء الآن ولجان الفتوى يفتون أن الموظف يجعل له وقتاً يخرج فيه الزكاة، فينظر إلى ما تجمع عنده وما بقي ولم يستهلكه، فإن كان الباقي به الزكاة نصاب فأكثر فإنه يخرج زكاته ربع العشر، فإن كان حال عليه الحول فقد أخرج زكاته في وقته، وإن كان الحول حتى الآن لم يحل عليه فقد عجل الزكاة، وتعجيل الزكاة هنا جائز.
الراتب الشهري: هو الأجر الذي يتقاضاه الموظف مقابل عمله كل شهر ونحو ذلك، والرواتب الشهرية تعتبر من الأموال المستفادة، ولكي نعرف كيف نزكي الراتب الشهري لابد أن نعرف مسألة تكلم عليها العلماء رحمهم الله تعالى، وهذه المسألة هي: كيف نزكي المال المستفاد؟
أنت الآن عندك أموال، ثم بعد ذلك جاءك مال، هذا المال المستفاد في أثناء الحول كيف تزكيه؟ وهل يجب له حول تضمه في حوله إلى المال الذي عندك.. إلخ؟
وقبل أن ندخل في كيفية زكاة الرواتب لابد أن نعرف كيف نزكي الأموال المستفادة؟
نقول: الأموال المستفادة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن تكون هذه الأموال ربح تجارة أو نتاج سائمة، فإذا كانت هذه الأموال ربح تجارة أو نتاج سائمة فإن حولها حول أصلها، فمثلاً: إنسان صاحب بقالة أو عنده محل لبيع الملابس الرجالية أو لبيع الكتب ونحو ذلك، في أول محرم البقالة ثمنها يساوي مائة ألف ريال، بدأ يبيع ويشتري، ولما جاء رمضان أصبحت قيمة البقالة مائة وخمسين ألف ريال، الآن هذه الخمسون التي استفادها أثناء الحول، هل نقول: اجعل لها حولاً مستقلاً، أو نقول: بأن حولها حول أصلها؟
نقول: إذا كانت ربح تجارة فحولها حول أصلها، وعلى هذا إذا جاء محرم من العام القادم يخرج الزكاة عن مائة ألف أو عن مائة وخمسين ألفاً؟ نقول: عن مائة وخمسين، فربح التجارة هذا حوله حول الأصل، وعلى هذا أصحاب البقالات كيف يزكون بقالاتهم وأصحاب الكتب وأصحاب الدكاكين والمحلات؟ مثلاً: انظر إلى البقالة كم تساوي بسعر البيع وليس بسعر الشراء، فإن كان يبيع بالإفراد فينظر إلى سعر البيع بالإفراد، وإن كان يبيع بسعر الجملة فينظر إلى سعر البيع بالجملة، فإذا حال عليها الحول فينظر كم تساوي البقالة، ربما أن البقالة في أول الحول تساوي مائة ألف، لكن في آخر الحول أصبحت تساوي مائتي ألف، زادت ونمت البقالة بسبب البيع والشراء فيخرج عن مائتي ألف بسعر البيع، فينظر كم تساوي بسعر ما يبيعه للناس..إلخ، فإذا قدر أنها تساوي مثلاً مائتي ألف فيخرج ربع العشر، فاقسم مائتي ألف على أربعين، والناتج هو الزكاة، وهو خمسة آلاف.
كذلك أيضاً نتاج السائمة حوله حول أصله، فمثلاً: خمس من الإبل فيها شاة، وست فيها شاة، وسبع فيها شاة، وثمان فيها شاة، وتسع فيها شاة حتى تبلغ عشراً، فإذا بلغت عشراً ففيها شاتان، فلو أن رجلاً عنده خمس من الإبل ففيها شاة، فلو ملكها في ذي الحجة قبل محرم، فتوالدت وأصبحت عشراً، كم يجب عليه الزكاة؟ نقول: يجب عليه شاتان، فهذه الخمس التي رزقه الله في شهر ذي الحجة حولها حول أصلها؟
فتبين لنا أن ربح التجارة ونتاج السائمة حوله حول أصله، ولا تحسب له حولاً مستقلاً وإنما يكون حوله حول أصله.
القسم الثاني: أن يكون المستفاد ليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة، لكنه مثل جنس المال الذي عندك، فمثلاً: رجل عنده في المصرف مائة ألف، جاءه راتب عشرة آلاف أو خمسة آلاف، الآن استفاد هذا الراتب، وليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة، لكنه من جنس المال الذي عنده، فهل يحسب حوله من حول المال الذي عنده، أو يستأنف له حولاً مستقلاً؟
جمهور العلماء على أنه يستأنف له حولاً مستقلاً، خلافاً لـأبي حنيفة رحمه الله، فإنه يقول: ما دام أن الجنس واحد فإن حوله حول الجنس الذي عنده.
القسم الثالث والأخير، وهذا يتفق عليه العلماء: أنه يحسب له حولاً مستقلاً إذا كان المستفاد ليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة ولا يوافق المال الذي عنده في الجنس، بل يخالفه في الجنس، فرجل عنده مائة ألف ريال، ثم بعد ذلك جاءته سائمة من البقر أو سائمة من الإبل ونحو ذلك، فهذا يحسب له حولاً مستقلاً.
عندنا الآن رواتب الموظفين: كيف ننزلها على هذه الأقسام، وهل هي من القسم الأول أو من القسم الثاني أو من القسم الثالث؟
الجواب أنها من القسم الثاني، يعني: من المال المستفاد الذي ليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة لكنه من الجنس، فعند الحنفية أنه يُضم إلى حول المال الذي عنده، وعند الجمهور أنه يحسب له حولاً مستقلاً، وهذا رأي جمهور أهل العلم هو الراجح، أنك إذا أخذت راتب محرم تجب عليك الزكاة عليه في محرم، أو في صفر يجب عليك أن تزكيه في صفر، وراتب صفر لا تضمه مع راتب محرم، وراتب ربيع الأول لا تضمه مع راتب محرم، فراتب محرم تخرج زكاته في محرم إن حال عليه الحول، وراتب صفر في صفر من السنة الثانية، وراتب ربيع الأول في ربيع الأول من السنة الثانية، وهكذا؛ لأن هذا مال مستفاد وليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة فلا يضم في الحول، لكنه على رأي الحنفية يضم فتخرج في محرم جميع الرواتب، لكن على رأي الجمهور كل راتب سيكون له حولاً مستقلاً، وهذا قد يكون فيه مشقة على الموظف، ولهذا هيئات الفتوى مثل اللجنة الدائمة للإفتاء في إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة، وغير ذلك كثير من العلماء يقولون للموظف بدلاً من كونه سيخرج في محرم، يخرج في صفر، أو في ربيع الأول، أو في ربيع الثاني.. إلخ، هذا قد يلحقه مشقة في ذلك، فيقولون: انظر إلى وقت كرمضان مثلاً أو شعبان ونحو ذلك، واجمع الأموال التي عندك وأخرج زكاتها ربع العشر، فإن حال الحول عليه فقد أخرجت زكاتك، وإن لم يحل الحول عليك فقد عجلت زكاتك، وتعجيل الزكاة جائز ولا بأس به.
فالخلاصة في زكاة رواتب الموظفين أننا نفهم أن هذه الرواتب من المال المستفاد الذي ليس ربح تجارة ولا نتاج سائمة، وإذا كان كذلك فالصحيح ما ذهب إليه جمهور أهل العلم أن هذه الأموال المستفادة لها حول مستقل كما جاء عن الصحابة، وأنه لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، جاء عن أبي بكر وعثمان وعلي ، وابن مسعود، وغيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
وعلى هذا إذا كان الإنسان سيأخذ برأي الجمهور أنه كل شهر من العام القادم ينظر إلى راتبه ويخرج الزكاة عليه، لكن هذا قد يلحقه مشقة، لكن كما ذكرنا فإن العلماء الآن ولجان الفتوى يفتون أن الموظف يجعل له وقتاً يخرج فيه الزكاة، فينظر إلى ما تجمع عنده وما بقي ولم يستهلكه، فإن كان الباقي به الزكاة نصاب فأكثر فإنه يخرج زكاته ربع العشر، فإن كان حال عليه الحول فقد أخرج زكاته في وقته، وإن كان الحول حتى الآن لم يحل عليه فقد عجل الزكاة، وتعجيل الزكاة هنا جائز.
كذلك أيضاً من المسائل: ما يتعلق بمكافأة نهاية الخدمة، إذا أنهى الموظف خدمته في هذه الشركة أو في الحكومة ونحو ذلك فإنه يستحق مبلغاً من المال، وقد تكون نهاية هذه الخدمة بسبب التقاعد، وقد تكون بسبب الوفاة، وقد تكون بسبب آخر غير هذه الأسباب، المهم أنه إذا أنهى خدمته فإن الدولة تعطيه كذا وكذا من المال أو أن الشركة تعطيه كذا وكذا من المال، هذا المال الذي تحصل عليه: هل تجب فيه الزكاة، أو لا تجب عليه حتى يحول عليه الحول؟ هذه المسألة موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى.
مكافأة نهاية الخدمة هي حق مالي أوجبه ولي الأمر بشروط محددة على رب العمل لصالح الموظف عند نهاية خدمته، وهذا الحق المالي هل تجب فيه الزكاة؟ إذا أخذ مثلاً مائة ألف أو أخذ خمسين ألفاً أو أخذ مليوناً.. إلخ، هل نقول: يجب عليه أن يخرج الزكاة، أو نقول بأن الزكاة لا يجب عليه أن يخرجها..إلخ؟ هذه المسألة موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى.
فالرأي الأول: قالوا بأن هذه المكافأة تجب فيها الزكاة مباشرة، إذا قبضها الموظف بسبب التقاعد، أو بسبب الوفاة، أو بأي سبب من الأسباب، المهم أنه يجب عليه أن يزكي.
الرأي الثاني: أن هذه المكافأة لا زكاة عليها، لكن إذا تركها ولم يستهلكها حتى حال عليها الحول فإنه يجب عليه أن يزكي، وهذا كسائر الأموال.
وهذا القول هو الصواب، وأن هذه المكافأة التي يقبضها الموظف في نهاية خدمته، قلت أو كثرت، أنه لا زكاة فيها، والدليل على أنه لا زكاة فيها أن هذه المكافأة لا يستحقها الموظف إلا عند نهاية خدمته، ولهذا لا يملك أن يطالب بها قبل نهاية الخدمة، فدل ذلك على أنها ليست مملوكة له قبل، هو الآن ملكها عند نهاية الخدمة، فإذا كان ملكها فلابد لها من حول، كما ذكرنا في الأموال المستفادة إذا لم تكن ربح تجارة ولا نتاج سائمة فإنه لابد أن يحول عليها الحول، فهذه المكافأة يملكها الموظف عند نهاية خدمته، وقبل نهاية الخدمة ليست ملكاً له، ولهذا لا يحق له أن يطالب فيها، ولا يحق له أن يتصرف فيها قبل نهاية الخدمة، لا يحق له أن يهبها لأحد ولا أن يتنازل عنها لأحد..إلخ، مما يدل على أنه ملكها عند نهاية الخدمة، وإذا كان ملكه لها عند نهاية الخدمة فلابد أن يحول عليها الحول.
الدليل الثاني: أن هذه المكافأة إذا كانت بسبب الوفاة فإنها لا تصرف للورثة على أنها ميراث شرعي، فلا يقتسمونها حسب قسمة المواريث الشرعية، وإنما تقتسم بين الورثة حسب النظام الموجود، سواء كان نظام الحكومة أو كان نظام الشركة، فدل ذلك على أنها ليست ملكاً للموظف، ولو كانت ملكاً له لأصبحت ميراثاً يقتسمها الورثة اقتسام الميراث.
الدليل الثالث والأخير: أن هذه المكافأة قد يحرم منها الموظف أو قد يحرم من بعضها إذا أخل ببعض شروط العمل، فدل ذلك على أنها ليست ملكاً له، وأنه حتى الآن لم يملك هذه المكافأة، والعلماء رحمهم الله يقولون: من شروط وجوب الزكاة الملك التام، لأن الله سبحانه وتعالى قال: وَفِى أَمْوَالِهِم حَقٌ مَعْلُومٌ [المعارج:24] فأضاف المال إليهم.
وفي حديث ابن عباس لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله...) إلى أن قال: (فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أموالهم)، فأضاف المال إليهم، فدل ذلك على أنهم يملكونه، فلابد -إذاً- أن يكون مالكاً.
وعلى هذا نقول: إذا كان غير مالك فإنه لا تجب عليه الزكاة.
وبهذه الأدلة يتبين لنا أن الموظف قبل نهاية الخدمة ليس مالكاً، وإنما يملك هذه المكافأة عند نهاية خدمته، وحينئذ نقول: لا زكاة عليه حتى يحول الحول على هذه المكافأة، فإن استهلكها قبل ذلك بأن اشترى بها بيتاً أو اشترى بها سيارة أو تزوج بها ونحو ذلك فلا زكاة عليه حينئذ، وأشرنا إلى أن بعض العلماء قال بأنه يجب عليه أن يزكي؛ لأن هذا مال مستفاد يضم إلى حول المال الذي عنده، لكن الصواب في هذا هو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم أنه لا يضم الحول إلا إذا كان ربح تجارة أو نتاج سائمة.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
المسائل المستجدة في نوازل الزكاة [1] | 1455 استماع |
المسائل المستجدة في نوازل الزكاة [4] | 1172 استماع |
المسائل المستجدة في نوازل الزكاة [3] | 1071 استماع |