المسائل المستجدة في نوازل الزكاة [3]


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً يا عليم يا حكيم، وبعد:

ففي الدرس السابق تطرقنا لجملة من المسائل المستجدة المتعلقة بفقه الزكاة، وذكرنا من هذه المسائل زكاة الأوراق النقدية، وتكييف هذه السندات النقدية شرعاً، وما هو النصاب لهذه الأوراق، ثم بعد ذلك تطرقنا لكيفية زكاة الرواتب، ثم بعد ذلك تطرقنا لزكاة مكافأة نهاية الخدمة، وهل تجب الزكاة لهذه المكافأة التي يحصل عليها الموظف عند انتهاء عمله، سواء كان انتهاء عمله بسبب التقاعد أو بسبب الوفاة، أو بسبب آخر من الأسباب.

وكذلك أيضاً تطرقنا لزكاة الأجرة وكيف تزكى الأجرة ومتى يبدأ الحول لها؟ وهل يشترط الحول للأجرة أو لا يشترط.. إلخ؟ وكذلك تكلمنا عن زكاة الأموال المحرمة وهل تجب الزكاة في الأموال المحرمة أو لا تجب فيها الزكاة، وذكرنا أن الأموال المحرمة تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أموال تحريمها لعينها، بمعنى: أن عينها وذاتها محرمة كالخمر والخنزير والدخان ونحو ذلك، وذكرنا أن هذه الأموال لا زكاة فيها باتفاق الأئمة.

والقسم الثاني: الأموال المحرمة لكسبها، وهي التي تجمعت عند الشخص بسبب كسب محرم، كما لو تعامل بالربا أو تعامل ببيع المحرمات ونحو ذلك، فتوفرت عنده هذه الأموال، فهل تجب عليه الزكاة فيها أو لا زكاة فيها؟ تكلمنا حول هذه المسألة وذكرنا أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة، وأن الأقرب في هذه المسألة ما ذهب إليه أكثر المتأخرين وهو أن هذه الأموال التي تحريمها لكسبها لا زكاة فيها، رداً وتنكيلاً لفعل صاحبها؛ لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً).

وتطرقنا أيضاً إلى الأموال العامة: هل تجب الزكاة فيها أو لا تجب؟ والأموال العامة كأموال الدولة، وكذلك أيضاً أموال جمعيات البر وجمعيات تحفيظ القرآن ونحو ذلك، وتطرقنا أيضاً لزكاة الأموال الموقوفة هل تجب الزكاة في الأموال الموقوفة أم لا؟ وذكرنا أن الأموال الموقوفة تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أموال وقفت على جهات عامة، فهذه لا زكاة فيها، كما لو كان الوقف على المساجد أو على مسجد أو على طلاب علم أو على الفقراء أو على المساكين ونحو ذلك، فهذه الأموال التي وقفت على جهات عامة لا زكاة فيها.

والقسم الثاني: أن تكون هذه الأموال وقفت على جهات خاصة، كما لو وقف هذه العمارة أو هذه المحلات التجارية ونحو ذلك على أولاده، فإن الزكاة تجب في ريع هذه المحلات وهذه المساكن، أي: في أجرتها، وقد بينا كيفية إخراج زكاة الأجرة.

وبقي عندنا في هذا الدرس جملة من المسائل، فمن المسائل التي سنقوم بطرقها: ما يتعلق بزكاة الأسهم والسندات، وكذلك زكاة المصانع والورش، هل تجب الزكاة في هذه المصانع والورش، أو أن الزكاة لا تجب فيها، وكذلك أيضاً هل يجوز إعطاء الفقير من أموال الزكاة ما يتزوج به، أو إعطاء الفقير من أموال الزكاة ما يشتري به سيارة، أو إعطاء الفقير من أموال الزكاة ما يشتري به بيتاً يسكنه.

وكذلك أيضاً سنتطرق لحكم استثمار أموال الزكاة، بمعنى: المضاربة في أموال الزكاة والمتاجرة فيها وتنميتها: هل هذا جائز أو ليس جائزاً.. إلخ؟ كذلك أيضاً ما يتعلق بحفر الآبار من أموال الزكاة ونحو ذلك، وشراء الحوائج الأساسية كالأدوات المدرسية ونفقات علاج الفقراء.. إلخ. ‏

تعريف السندات وصورتها

المسألة الأولى: ما يتعلق بزكاة السندات؟

السندات: السندات جمع سند، وهي عبارة عن صكوك تصدرها بعض الدول أو بعض الشركات، وتمثل هذه الصكوك قرضاً تلتزم بسداده بفوائد ثابتة.

ومن صور هذه الصكوك أو هذه السندات: هذه الشركة تحتاج إلى أموال، وهذه الأموال التي تحتاجها إما لتوسيع أعمال الشركة، أو خشية إفلاس هذه الشركة وكسادها ونحو ذلك، فتقوم بطرح سندات للجمهور.

تطرح سندات للجمهور بمعنى أنها تأخذ من الجمهور أموالاً وتعطيهم سندات، وهذه الأموال التي تأخذها من الجمهور تكون قرضاً عليها بفوائد، وهذا لا شك أنه محرم ولا يجوز؛ لأن هذا قرض بفائدة، والقرض بفائدة ربا، فمالك السند إذا أخذ هذا السند وأعطى هذه الشركة جملة من المال على أنه قرض في ذمتها، وتعطيه عليه فوائد، فهذه السندات هل تجب فيها زكاة أو لا تجب فيها زكاة؟

فصورة هذه المسألة: أن بعض الدول تحتاج إلى سيولة أو أموال وبعض الشركات تحتاج إلى أموال، فتقوم بطرح هذه السندات للجمهور، والجمهور يشترون هذه السندات بدراهم، وهذه الدراهم هي قرض لهذه الشركة أو لهذه الدولة، تلتزم بسداده بفوائد، بأن تعطيه فوائد كل شهر أو كل ستة أشهر أو كل سنة حسب ما يتفقان عليه أو حسب ما هو منظم..إلخ.

وهذا العمل محرم ولا يجوز، ولا إشكال في ذلك؛ لأن كل قرض بفائدة فإنه محرم ولا يجوز، لأنه كما جاء عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وكما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا)، و(لا يحل سلف وقرض) .. إلخ، بل العلماء يتفقون على أنه إذا كان هناك شرط من المقرض على المقترض أن يعطيه فائدة، فإن هذا ضرب من ضروب الربا، فتبينت لنا صورة السندات.

التكييف الفقهي لزكاة السندات

إذاً: البحث فيما يتعلق بزكاة هذه السندات من وجهين:

الوجه الأول: زكاة الديون: هل تجب الزكاة في الديون أو لا؟ لأن هذه السندات هي عبارة عن قروض لهذه الشركات.

الوجه الثاني: الأموال المحرمة: هل تجب فيها الزكاة أو لا تجب فيها الزكاة؟ لأن هذه السندات قروض بفوائد.

فعندنا هذا السند مثلاً قيمته عشرة آلاف ريال، وفوائده في السنة خمسمائة ريال، أو ألف ريال، نحتاج أن ننظر إلى أصل السند عشرة آلاف ريال: هل فيها زكاة أو لا؟ والفوائد الربوية هذه هل فيها زكاة أو لا؟ فنحن بحاجة إلى بحث مسألتين: المسألة الأولى: زكاة الديون، والمسألة الثانية: الزكاة في الأموال المحرمة.

زكاة الديون من أجل أن نبحث أصل المال العشرة آلاف هذه هل فيها زكاة أو لا، وزكاة الأموال المحرمة من أجل أن نبحث في الفوائد هذه: هل تجب فيها الزكاة أو نقول: هذه الفوائد لا تجب فيها الزكاة؟

فعندنا المسألة الأولى وهي ما يتعلق بزكاة الديون:

العلماء رحمهم الله يقسمون الديون إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: دين على مليء باذل، يعني: على إنسان يقدر على سداد الدين وهو باذل غير جاحد وغير مماطل.

القسم الثاني: دين على معسر أو على مليء غير باذل، إما أن يكون جاحداً وإما أن يكون مماطلاً.

القسم الثالث: ديون مؤجلة.

هل تجب الزكاة في هذه الديون بأقسامها الثلاثة، أو نقول: لا تجب فيه الزكاة؟

العلماء رحمهم الله اختلفوا في ذلك خلافاً كثيراً، ولو أردنا أن نستعرض خلاف العلماء رحمهم الله تعالى وأدلتهم لطال بنا المقام، لكن نقول: الخلاصة في ذلك أن زكاة الديون تنقسم إلى قسمين:

إن كانت هذه الديون على مليء باذل، يعني على شخص يقدر على الوفاء وهو ليس مماطلاً ولو كان الدين مؤجلاً، فهذا تجب زكاته كل عام، وأنت بالخيار، إن شئت أن تزكي كل عام بعام، وإن شئت أن تنتظر حتى تقبض فتزكي عن جميع الأعوام.

القسم الثاني: أن يكون الدين على معسر، كإنسان ليس عنده شيء، أو على مليء لكنه جاحد أو مماطل، فهذا لا يجب عليه أن يزكيه إلا سنة واحدة هي سنة قبضه، فإذا قبضه زكاه مباشرة دون أن يستأنف له حوله.

ومثل ذلك أيضاً: الأموال المسروقة، فلو أن شخصاً له أموال مسروقة أو أموال مغصوبة أو أموال منتهبة أو أموال ضائعة تائهة ثم وجدها، فإنه يجب عليه أن يزكيها مرة واحدة متى ما وجدها، ومثل ذلك أيضاً الأموال التي تكون عند الحكومة وقد لا يتمكن منها الإنسان إلا بعد سنوات، يعني: يطالب بها ولا يتمكن منها إلا بعد سنوات، فهنا نقول: لا يجب عليه أن يزكيها إلا مرة واحدة.

كيفية زكاة السندات

عندنا الآن ما يتعلق بالسندات، وذكرنا أن هذه السندات قروض لهذه الدول أو هذه الشركات بفوائد، الآن بالنسبة للدولة: هل هي من القسم المعسر أو المليء باذل؟

بالنسبة لهذه الشركة هل هي من القسم المعسر أو من قسم المليء الباذل؟ الملاحظ والغالب أن هذه الشركات وهذه الدول أنها من القسم الأول: المدين الباذل، يعني: هي لا تجحد هذا المال ولا تماطل في بذله لصاحبه، بل هي من المدين الباذل، وعلى هذا نقول: يجب عليه أن يزكي أصل هذا المال كل عام.

بقينا في الفوائد المترتبة على هذه الأموال، كما ذكرنا أنها قروض بفوائد: هل تجب الزكاة في هذه الفوائد التي يستفيدها صاحب هذا السند، أو أن الزكاة لا تجب عليه؟

هذا كما تقدم لنا ينبني على ما ذكرنا في الدرس السابق، وهو أن الأموال المحرمة سواء كان تحريمها تحريماً عينياً أو كان تحريمها تحريماً كسبياً لكسبها أنه لا تجب فيها الزكاة، وعلى هذا نقول: هذه الفوائد التي تأخذها بسبب الربا هذه لا زكاة فيها؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، ويبقى أصل هذا القرض يجب عليك أن تزكيه.

المسألة الأولى: ما يتعلق بزكاة السندات؟

السندات: السندات جمع سند، وهي عبارة عن صكوك تصدرها بعض الدول أو بعض الشركات، وتمثل هذه الصكوك قرضاً تلتزم بسداده بفوائد ثابتة.

ومن صور هذه الصكوك أو هذه السندات: هذه الشركة تحتاج إلى أموال، وهذه الأموال التي تحتاجها إما لتوسيع أعمال الشركة، أو خشية إفلاس هذه الشركة وكسادها ونحو ذلك، فتقوم بطرح سندات للجمهور.

تطرح سندات للجمهور بمعنى أنها تأخذ من الجمهور أموالاً وتعطيهم سندات، وهذه الأموال التي تأخذها من الجمهور تكون قرضاً عليها بفوائد، وهذا لا شك أنه محرم ولا يجوز؛ لأن هذا قرض بفائدة، والقرض بفائدة ربا، فمالك السند إذا أخذ هذا السند وأعطى هذه الشركة جملة من المال على أنه قرض في ذمتها، وتعطيه عليه فوائد، فهذه السندات هل تجب فيها زكاة أو لا تجب فيها زكاة؟

فصورة هذه المسألة: أن بعض الدول تحتاج إلى سيولة أو أموال وبعض الشركات تحتاج إلى أموال، فتقوم بطرح هذه السندات للجمهور، والجمهور يشترون هذه السندات بدراهم، وهذه الدراهم هي قرض لهذه الشركة أو لهذه الدولة، تلتزم بسداده بفوائد، بأن تعطيه فوائد كل شهر أو كل ستة أشهر أو كل سنة حسب ما يتفقان عليه أو حسب ما هو منظم..إلخ.

وهذا العمل محرم ولا يجوز، ولا إشكال في ذلك؛ لأن كل قرض بفائدة فإنه محرم ولا يجوز، لأنه كما جاء عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وكما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا)، و(لا يحل سلف وقرض) .. إلخ، بل العلماء يتفقون على أنه إذا كان هناك شرط من المقرض على المقترض أن يعطيه فائدة، فإن هذا ضرب من ضروب الربا، فتبينت لنا صورة السندات.

إذاً: البحث فيما يتعلق بزكاة هذه السندات من وجهين:

الوجه الأول: زكاة الديون: هل تجب الزكاة في الديون أو لا؟ لأن هذه السندات هي عبارة عن قروض لهذه الشركات.

الوجه الثاني: الأموال المحرمة: هل تجب فيها الزكاة أو لا تجب فيها الزكاة؟ لأن هذه السندات قروض بفوائد.

فعندنا هذا السند مثلاً قيمته عشرة آلاف ريال، وفوائده في السنة خمسمائة ريال، أو ألف ريال، نحتاج أن ننظر إلى أصل السند عشرة آلاف ريال: هل فيها زكاة أو لا؟ والفوائد الربوية هذه هل فيها زكاة أو لا؟ فنحن بحاجة إلى بحث مسألتين: المسألة الأولى: زكاة الديون، والمسألة الثانية: الزكاة في الأموال المحرمة.

زكاة الديون من أجل أن نبحث أصل المال العشرة آلاف هذه هل فيها زكاة أو لا، وزكاة الأموال المحرمة من أجل أن نبحث في الفوائد هذه: هل تجب فيها الزكاة أو نقول: هذه الفوائد لا تجب فيها الزكاة؟

فعندنا المسألة الأولى وهي ما يتعلق بزكاة الديون:

العلماء رحمهم الله يقسمون الديون إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: دين على مليء باذل، يعني: على إنسان يقدر على سداد الدين وهو باذل غير جاحد وغير مماطل.

القسم الثاني: دين على معسر أو على مليء غير باذل، إما أن يكون جاحداً وإما أن يكون مماطلاً.

القسم الثالث: ديون مؤجلة.

هل تجب الزكاة في هذه الديون بأقسامها الثلاثة، أو نقول: لا تجب فيه الزكاة؟

العلماء رحمهم الله اختلفوا في ذلك خلافاً كثيراً، ولو أردنا أن نستعرض خلاف العلماء رحمهم الله تعالى وأدلتهم لطال بنا المقام، لكن نقول: الخلاصة في ذلك أن زكاة الديون تنقسم إلى قسمين:

إن كانت هذه الديون على مليء باذل، يعني على شخص يقدر على الوفاء وهو ليس مماطلاً ولو كان الدين مؤجلاً، فهذا تجب زكاته كل عام، وأنت بالخيار، إن شئت أن تزكي كل عام بعام، وإن شئت أن تنتظر حتى تقبض فتزكي عن جميع الأعوام.

القسم الثاني: أن يكون الدين على معسر، كإنسان ليس عنده شيء، أو على مليء لكنه جاحد أو مماطل، فهذا لا يجب عليه أن يزكيه إلا سنة واحدة هي سنة قبضه، فإذا قبضه زكاه مباشرة دون أن يستأنف له حوله.

ومثل ذلك أيضاً: الأموال المسروقة، فلو أن شخصاً له أموال مسروقة أو أموال مغصوبة أو أموال منتهبة أو أموال ضائعة تائهة ثم وجدها، فإنه يجب عليه أن يزكيها مرة واحدة متى ما وجدها، ومثل ذلك أيضاً الأموال التي تكون عند الحكومة وقد لا يتمكن منها الإنسان إلا بعد سنوات، يعني: يطالب بها ولا يتمكن منها إلا بعد سنوات، فهنا نقول: لا يجب عليه أن يزكيها إلا مرة واحدة.