أسباب السعادة والفلاح


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

عباد الله! لقد تضمنت سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أسباب الفلاح، وطرق الخير والبركات، لقد تضمنت أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، وفي خطبتنا هذه سنتعرض لشيء من أسباب السعادة وأبواب الفلاح التي حث عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو حجة عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).

هذا الحديث الشريف أيها الأحبة! سبب للفلاح والسعادة والنجاح لمن أخذ به وعض عليه وعمل به، يقول النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً السبب الأول من أسباب السعادة في هذه الدنيا وفي الآخرة: (الطهور شطر الإيمان)، الطهارة في فضلها وأجرها عند الله عز وجل تعدل نصف الإيمان، ولنعلم أيها المسلمون! أن الطهارة طهارتان: طهارة معنوية، وطهارة حسية.

الطهارة المعنوية

أما الطهارة المعنوية: فأن يطهر العبد قلبه من أدران الشرك والبدع، فلا يعبد إلا الله عز وجل، ولا يدعو إلا الله، ولا يذبح إلا لله، ولا يتوكل إلا على الله عز وجل، ولا ينذر ولا يستغيث ولا يعبد عبادة الرغبة والرهبة والمحبة والخوف إلا لله عز وجل، ولا يحلف إلا بالله عز وجل، ولا يأتي السحرة والكهنة.

لا بد عباد الله! من تطهير القلب بهذه الطهارة المعنوية؛ بالتوحيد الخالص، والعقيدة الصافية، وبهذا نعلم أن أولئك الذين يدنسون عقائدهم، ويخلطون في توحيدهم أنهم لم يتطهروا هذه الطهارة المعنوية، أولئك الذين يذهبون إلى القبور والأضرحة ويستغيثون بها من دون الله عز وجل، أولئك الذين يبتدعون في دين الله ما ليس منه؛ كإحداث الأعياد المحدثة، أولئك الذين يأتون السحرة والكهنة، أولئك الذين يحلفون بغير الله عز وجل، كل هؤلاء لم يتطهروا الطهارة المعنوية.

كذلك أيضاً من الطهارة المعنوية عباد الله! أن نطهر قلوبنا من أراذل الأخلاق، وأن نحليها بمحاسن الأخلاق: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].

علينا أن نطهر قلوبنا من الغل والحسد، والحقد والضغائن والتدابر والتباغض، ومن إخلاف المواعيد والعهود، وعدم توفية الناس حقوقهم، ومن الكذب وغير ذلك.

وعلينا أن نحلي ونطهر قلوبنا بالصدق والعفاف والأمانة والحلم والرفق والصلة وبر الوالدين وغير ذلك، (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم الذي لا يفتر، ودرجة الصائم الذي لا يفطر).

الطهارة الحسية

أما النوع الثاني من نوعي الطهارة: فهي الطهارة الحسية، هذا الوضوء الذي نتوضؤه، والغسل الذي نغتسله، له فضل عظيم وأجر كبير عند الله عز وجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إن العبد إذا توضأ فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرج من رجليه كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فخرج نقياً من الذنوب).

وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء)، وفي الصحيحين: (إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء)، والغرة: هي البياض الذي يكون في وجه الفرس، والتحجيل: هو البياض الذي يكون في قوائمه، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم النور الذي يكون للمتوضئ يوم القيامة ببياض وجه الفرس وقوائمه.

حري بنا وجدير أن نفرح بهذا الوضوء الذي تحصل به الطهارتان؛ الطهارة المعنوية من الذنوب والآثام، والطهارة الحسية، ولا بد من إسباغ الوضوء بالمضمضة والاستنشاق، وغسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين إلى الكعبين.

إن هذا عباد اللهَ! أسلوب من أساليب تربية النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أسلوب الترغيب، وذكر الفضل العظيم والأجر الكبير على العمل اليسير.

أما الطهارة المعنوية: فأن يطهر العبد قلبه من أدران الشرك والبدع، فلا يعبد إلا الله عز وجل، ولا يدعو إلا الله، ولا يذبح إلا لله، ولا يتوكل إلا على الله عز وجل، ولا ينذر ولا يستغيث ولا يعبد عبادة الرغبة والرهبة والمحبة والخوف إلا لله عز وجل، ولا يحلف إلا بالله عز وجل، ولا يأتي السحرة والكهنة.

لا بد عباد الله! من تطهير القلب بهذه الطهارة المعنوية؛ بالتوحيد الخالص، والعقيدة الصافية، وبهذا نعلم أن أولئك الذين يدنسون عقائدهم، ويخلطون في توحيدهم أنهم لم يتطهروا هذه الطهارة المعنوية، أولئك الذين يذهبون إلى القبور والأضرحة ويستغيثون بها من دون الله عز وجل، أولئك الذين يبتدعون في دين الله ما ليس منه؛ كإحداث الأعياد المحدثة، أولئك الذين يأتون السحرة والكهنة، أولئك الذين يحلفون بغير الله عز وجل، كل هؤلاء لم يتطهروا الطهارة المعنوية.

كذلك أيضاً من الطهارة المعنوية عباد الله! أن نطهر قلوبنا من أراذل الأخلاق، وأن نحليها بمحاسن الأخلاق: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].

علينا أن نطهر قلوبنا من الغل والحسد، والحقد والضغائن والتدابر والتباغض، ومن إخلاف المواعيد والعهود، وعدم توفية الناس حقوقهم، ومن الكذب وغير ذلك.

وعلينا أن نحلي ونطهر قلوبنا بالصدق والعفاف والأمانة والحلم والرفق والصلة وبر الوالدين وغير ذلك، (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم الذي لا يفتر، ودرجة الصائم الذي لا يفطر).

أما النوع الثاني من نوعي الطهارة: فهي الطهارة الحسية، هذا الوضوء الذي نتوضؤه، والغسل الذي نغتسله، له فضل عظيم وأجر كبير عند الله عز وجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إن العبد إذا توضأ فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرج من رجليه كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فخرج نقياً من الذنوب).

وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء)، وفي الصحيحين: (إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء)، والغرة: هي البياض الذي يكون في وجه الفرس، والتحجيل: هو البياض الذي يكون في قوائمه، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم النور الذي يكون للمتوضئ يوم القيامة ببياض وجه الفرس وقوائمه.

حري بنا وجدير أن نفرح بهذا الوضوء الذي تحصل به الطهارتان؛ الطهارة المعنوية من الذنوب والآثام، والطهارة الحسية، ولا بد من إسباغ الوضوء بالمضمضة والاستنشاق، وغسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين إلى الكعبين.

إن هذا عباد اللهَ! أسلوب من أساليب تربية النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أسلوب الترغيب، وذكر الفضل العظيم والأجر الكبير على العمل اليسير.

ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً السبب الثاني من أسباب الفلاح في هذه الدنيا وفي الآخرة: (والحمد لله تملأ الميزان)، هذه الكلمة العظيمة في معناها اليسيرة في لفظها تملأ ميزانك من الأجر يوم القيامة: (وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض)، أجرهما عند الله يملأ ما بين السماء والأرض، فحري بنا وجدير وقمن أن نكثر من ذكر الله عز وجل، ونحن قائمين ومضطجعين وراكبين وفي أعمالنا، أن تكون ألسنتنا رطبة من ذكر الله عز وجل: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191]، وتقول عائشة رضي الله تعالى عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفر له ما تقدم من ذنبه)، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أكثر من مائة فائدة من فوائد الذكر.

والذكر عباد الله! لا يحتاج إلى كلفة مادية ولا بدنية، لكن الموفق من وفقه الله عز وجل.

ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم السبب الثالث من أسباب السعادة: (الصلاة نور)، الصلاة نور في القلب، ونور في الجوارح، الصلاة نور في الدنيا وفي البرزخ وفي عرصات القيامة، حتى تصل إلى مكانك ومنازلك في الجنة، فحري بنا أيها الأحبة! أن نحافظ على هذه الفريضة، وأن نؤديها في مواقيتها بشروطها وأركانها؛ لكي تكون لنا نوراً، وما أجمع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على شيء تركه كفر إلا الصلاة، وقد حشد اللالكائي رحمه الله كثيراً من آثار الصحابة رضي الله تعالى عنهم في كفر تارك الصلاة، وفي صحيح مسلم من حديث جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بين الرجل والشرك أو الكفر ترك الصلاة)، فحافظوا عليها، وحثوا عليها أولادكم من البنين والبنات، وزوجاتكم وأقاربكم، بينوا لهم فضائل الصلاة والطهارة والذكر، فإن هذا من أساليب تربية النبي صلى الله عليه وسلم، من أساليب تربية النبي عليه الصلاة والسلام الحث على التمسك بأركان الإسلام العظام، وأصوله الكبيرة، وتزودوا رحمكم الله من نوافل الطاعات فإنها تجبر هذه الأركان والأصول، عليكم بالسنن الرواتب والوتر وركعتي الوضوء، وصلاتي الضحى وقيام الليل وتحية المسجد.

ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً للسبب الرابع من أسباب السعادة والفلاح: (والصدقة برهان)، الصدقة دليل وحجة على وجود الإيمان في القلب، ذلك أن المتصدق لا يؤثر بهذا المال المحبوب إلا لما هو أحب إليه منه، وهو فضل الله عز وجل ورضاه وأجره، فهذا يدل على وجود الإيمان في القلب.

وإذا تأملنا حال الصحابة رضي الله تعالى عنهم نجد أنهم يتصدقون بكل أموالهم. روي بإسناد حسن أن أبا بكر تصدق بجميع ماله، وعمر تصدق بنصف ماله، وأبو طلحة تصدق بأنفس أمواله، حديقته التي كانت مستقبلة المسجد، وأبو الدحداح رضي الله تعالى عنه تصدق بحديقته وفيها ستمائة نخلة.

هذا أيها الأحبة! غيض من فيض، والآثار في هذا كثيرة، فتصدقوا رحمكم الله بأموالكم على أقاربكم والمحاويج واليتامى والمساكين والوالدين، ولا يعش المسلم في دائرة نفسه، لا تحمله الأنانية وحب الذات والأثرة على أن يستأثر بما فضله الله عز وجل عليه.

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحكام الصيام 2891 استماع
حقيقة الإيمان - تحريم التنجيم 2513 استماع
مداخل الشيطان على الإنسان 2493 استماع
الأمن مطلب الجميع [2] 2437 استماع
غزوة الأحزاب 2375 استماع
نصائح وتوجيهات لطلاب العلم 2364 استماع
دروس من قصة موسى مع فرعون 2352 استماع
دروس من الهجرة النبوية 2350 استماع
شهر الله المحرم وصوم عاشوراء 2209 استماع
حقوق الصحبة والرفقة 2179 استماع