أرشيف المقالات

الإعلام التونسي وصناعة الرأي العام

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
لا يكاد الشعب التونسي يتخلص من أحد القضايا الاجتماعية والثقافية التي يكون بطلها الإعلام، حتى يجد نفسه أمام قضايا أخرى تافهة من صنع الإعلام المحلي بمختلف أنواعه المكتوب والمسموع وخاصة المرئي منه الذي أصبح دوره خبيث في توجيه الرأي العام، حيث تحول دور الإعلام التونسي من نشر الوعي واستعراض هموم الناس والدفاع عنها، إلى صناعة الأحداث لجذب الرأي العام نحو قضايا أخرى تشتت أفكارهم وتكون كفيلة بنسيان المعاناة اليومية نتيجة التدهور الاقتصادي والاجتماعي وغياب الأمن وفشل حكومة نداء تونس الراهنة في السير بالبلاد نحو بر الأمان بل زادت في تعقيد الوضع أكثر فأكثر بفعل السياسات الفاشلة المنتهجة.
الملاحظ كون الفضائيات والكثير من الصحف اليومية التونسية قد خصصت الجزء الأكبر من اهتماماتها نحو قضايا لا تهم المواطن، ويقع حاليا الخوض في مواضيع ثانوية في وقت يعيش فيه المواطن التونسي على واقع أليم في ظل انتشار الفقر وارتفاع نسب البطالة وغياب أفاق التشغيل وارتفاع أسعار المواد الأساسية.
ورغم انتفاضة الشعب التونسي وتحرر وسائل الإعلام من القيود وغياب الرقابة عليها فإنها واصلت على نفس النهج وعادت مجددا لتكون بوقا للنظام خاصة خلال الوضعية الراهنة مع صعود نداء تونس ذراع حزب  النظام السابق.
وقال الإعلامي بقناة الجزيرة محمد كريشان " لا يمكن أن يحصل تغيير في ظل تواصل سيطرة الوجوه القديمة على وسائل الإعلام التونسية وغياب مبدأ التجديد في الهياكل داخلها ".
ويتم التركيز حاليا عبر الفضائيات التونسية كقنوات الحوار التونسي ونسمة على عرض برامج سياسية لمدح السلطة والنظام وتجاهل هموم الشعب التونسي ولا يتم التعاطي مع الاحتجاجات والمظاهرات التي اندلعت ولا تزال جارية بالجنوب التونسي على الوضع وغياب أفاق التشغيل وحق الجهات في الثورات الطبيعية، وقد وقع خلال هذا الأسبوع طرد مجموعة من الإعلاميين المحسوبين على وسائل الإعلام التابعة للنظام السابق والحالي الجديد، بمدينة الفوار التي تشهد مسيرات وقمع أمني كبير تجاه الشباب الثائر.
ومنذ عهد نظام الرئيس المخلوع بن علي إلى اليوم، لم يهتم الإعلام التونسي إلا بطرح قضايا ثانوية ومصطنعة والخوض في مسائل بعيدة عن هموم الناس لإلهاء الشعب التونسي عن القضايا الحقيقية والمعاناة اليومية التي يعيشها، حيث تم تركيز وسائل الإعلام على قضايا موجهة بالأساس لخدمة النظام وعدم طرح مشاكل الناس والمسائل السياسية وعدم الخوض في النقد، وبدأ تركيز الإعلام التونسي خلال الفترة الأخيرة وبالخصوص إثر صعود نداء تونس للحكم ذراع التجمع الدستوري الديمقراطي الحزب الحاكم الأسبق موجه ومسلط نحو عرض الحفلات الغنائية والمسلسلات من مختلف الجنسيات والبرامج الرياضية التي احتلت عقول الشعب التونسي، كما كان يحدث خلال حكم الرئيس المخلوع بن علي.
وتعامل الإعلام التونسي مع الاحتجاجات الأخيرة في الجنوب التونسي تعاملا لم يكن بالحسبان بعد أن غابت التغطية اللازمة وتم نشر معلومات مغالطة للرأي العام للحد من تضامن التونسيين مع المظاهرات السلمية التي يقودها شباب الجنوب التونسي المطالبة بحق التشغيل والعائدات المتأتية من الثروات الطبيعية التي يقع التفويت فيها بموجب اتفاقيات مع شركات أجنبية منذ الاستقلال وخاصة خلال عهد نظام الرئيس المخلوع بن علي، وأيضا يقع التحكم في البعض من عائداتها من قبل عصابات سرقة ونهب مقربة من السلطة الحالية كما كان يحدث خلال حكم نظام التجمع الدستوري الديمقراطي.
كما أن سيطرت النظام على وسائل الإعلام التونسي قد عادت مجددا ويظهر ذلك جليا من خلال البرامج والتقارير التلفزيونية الموجهة أساسا لتلميع صورة الحزب الحاكم نداء تونس، من خلال استضافة وجوه محسوبة على النظام وبصفة تكاد تكون يومية من أجل الظهور أمام الرأي العام، عكس التعامل الذي تم خلال حكم الترويكا في السنوات الماضية وهو ما أفقدها مصداقيتها الكاملة، ويذكر كون قناة نسمة الفضائية قامت بحملة انتخابية لفائدة حزب نداء تونس وتوجيه الرأي العام نحو هذا الحزب الذي يعد امتداد حقيقي للنظام السابق.


مجلة البيان
زياد عطية

شارك الخبر

المرئيات-١