خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/1546"> الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/1546?sub=65702"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
صفحات من حياة الإمام أحمد بن حنبل
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه.
أما بعد:
عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
عباد الله! إن في سير العلماء لعبرا، وإن أمتنا الإسلامية أمة تاريخ وأصالة، وقد ازدان سجلها الحافل عبر التاريخ بكوكبة من الأئمة العظام، والعلماء الأفذاذ الكرام، يمثلون عقد جيدها وتاج رأسها، كانوا في الفضل شموساً ساطعة، وفي العلم نجوماً لامعة.
ونحن نلقي أول خطبة في هذا الجامع المبارك نفتتحه بسيرة إمام من الأئمة، وعلم من الأعلام، في تاريخ الإسلام علماء ربانيون، وأعلام عاملون، وأئمة مهديون، هم من منة الله على هذه الأمة، قاموا بالإسلام وللإسلام، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون به أهل العمى، ويرشدون من ضل منهم إلى الهدى.
إن التفاف الأجيال الناشئة المعاصرة بسلفهم من العلماء الأفذاذ ينتفعون بسيرتهم، ويسيرون على منهجهم ويقتبسون من نور علمهم، لهو من أهم الأمور التي ينبغي أن يعنى بها دائمًا، لاسيما العلماء، وطلاب العلم، والدعاة إلى الله عز وجل، ولجان الحسبة والإصلاح.
كيف لا! ونحن نعيش في أعفان الزمن، حيث كثرت الفتن والمحن، من أجلِّ هؤلاء الأئمة الذين ينبغي أن يقتدي بهم الشباب في العلم والدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والورع والزهد، ومن أفضلهم عالم العلماء، وعلم الأعلام، جبل أشم، وبدر أتم، إنه الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
ثناء العلماء عليه
وقال الذهبي رحمه الله تعالى: عالم العصر، وزاهد الدهر، ومحدث الدنيا، وعلم السنة، وباذل نفسه في المحنة، قل أن ترى العيون مثله، كان رأسًا في العلم والعمل، والتنسك في الأثر، ذا عقل رزين، وفكر متين، وإخلاص نسيب، انتهت إليه الإمامة في الفقه والحديث والإخلاص والورع، وهو أجل من أن يمدح بكلمي، أو أن أفوه بذكره بفمي.
وقال يحيى بن معين رحمه الله: أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد ، لا والله، ما نقوى على ما يقوى عليه أحمد ، ولا على طريقة أحمد .
قال الشافعي رحمه الله: خرجت من العراق فما خلفت فيه رجلًا أفضل ولا أعلم ولا أتقى لله منه.
وقال الذهبي رحمه الله تعالى: عالم العصر، وزاهد الدهر، ومحدث الدنيا، وعلم السنة، وباذل نفسه في المحنة، قل أن ترى العيون مثله، كان رأسًا في العلم والعمل، والتنسك في الأثر، ذا عقل رزين، وفكر متين، وإخلاص نسيب، انتهت إليه الإمامة في الفقه والحديث والإخلاص والورع، وهو أجل من أن يمدح بكلمي، أو أن أفوه بذكره بفمي.
وقال يحيى بن معين رحمه الله: أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد ، لا والله، ما نقوى على ما يقوى عليه أحمد ، ولا على طريقة أحمد .
ولد رحمه الله تعالى في بغداد، وكانت بغداد في ذلك العصر تموج بأنواع الفنون والمعارف، وتزخر بشتى الأفكار والعلوم، وقد كان الإمام أحمد نحيلًا رقيقًا، ربعة من الرجال، ذا لون أسمر، وكان ذا تواضع جم، أقبل رحمه الله ينهل من العلم، فحفظ القرآن وأقبل على الحديث والأثر، حتى حفظ مئات الآلاف من الأحاديث.
قال أبو زرعة رحمه الله: كان الإمام أحمد يحفظ ألف ألف حديث، وما كتابه المسند إلا دليل على طول باعه في علم السنة، وقد جمعه من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديث، واستغرق في جمعه أكثر من خمس عشرة سنة.
لقد رحل الإمام أحمد رحمه الله في طلب العلم إلى كثير من البلاد، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: لقد طاف في البلاد والآفاق ليسمع من المشايخ، وكانت له همة عالية في الطلب والتحصيل، فما ترك لحظة من لحظات شبابه وكهولته إلا حرص فيها على سماع حديث أو تصحيح رواية.
وما قصته في سماعه من الإمام عبد الرزاق الصنعاني في اليمن إلا دليل على علو الهمة، وكان من قصته أن الإمام أحمد رحمه الله اتفق مع يحيى بن معين على أن يسافرا إلى عبد الرزاق في اليمن لكي يأخذا عنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتفق أنه في ذلك العام جاء عبد الرزاق إلى مكة حاجاً، فالتقى به الإمام أحمد ويحيى بن معين ، فقال يحيى للإمام أحمد : نأخذ عنه الحديث في مكة، فقال الإمام أحمد : أما أنا فلا أغير نيتي، فانتظر الإمام أحمد حتى خرج عبد الرزاق ، ثم خرج معه إلى اليمن، وأخذ منه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك.
وهذا يدل على صدق النية، وعلو الهمة في التحصيل، فأين طلاب العلم من ذلك؟
قال ابن المديني رحمه الله: ليس في أصحابنا أحفظ منه، وقيل لـأبي زرعة رحمه الله: من رأيت من المشايخ المحدثين أحفظ؟ فقال: أحمد بن حنبل ، حزرت كتبه في اليوم الذي مات فيه، فبلغت اثني عشر حملاً، كل ذلك يحفظه عن ظهر قلب.
لم يجلس للتدريس رحمه الله إلا بعد الأربعين من عمره كما قال ابن الجوزي ، وما ذاك إلا مراعاة لسن الرشد، والاستيثاق من العلم، وكان من شدة ورعه لا يحدث إلا من كتاب خشية الزلل، مع قوة حافظته وشدة عارضته، وكان لا يسمح بتسجيل فتاواه، فلما علم الله منه صدق النية، نقل فتاويه أكثر من مائة وعشرين رجلًا.
ومن أهم جوانب حياة الإمام رحمه الله: التزامه نهج الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة في التوحيد والصفات، وإنزال القرآن، حتى أوذي وامتحن، فصبر ولم يتزحزح عن قول الحق، حتى ربط موقفه في محنته بموقف الصديق رضي الله عنه، قال علي بن المديني رحمه الله: لقد أعز الله الإسلام برجلين، بـأبي بكر يوم الفتنة، وبـأحمد بن حنبل يوم المحنة.
لم يكن رحمه الله في معزل عن المجتمع، بل كان داعيًا، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، يلتزم مسالك الرفق والحكمة، يقول ابن عمه حنبل بن إسحاق رحمه الله فيما أخرجه الخلال في كتاب السنة: اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله يعني: الإمام أحمد ، فقالوا له: يا أبا عبد الله ! إن الأمر قد تفاقم، يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك، ولا نرضى بإمارته وسلطانه، فقال: عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يدًا من طاعة.
ولقد ضرب الإمام رحمه الله أروع الأمثلة في الثبات على المبدأ، والصبر أمام الفتن، لقد أوذي وسجن وضرب وأهين، وبذل مهجته في سبيل الله عز وجل.
وصفحة أخرى في حياة هذا الإمام، صفحة العبادة والذكر، لقد كان الإمام أحمد رحمه الله تعالى كثير الصلاة والذكر والدعاء والتلاوة، وكان ذا خلق رفيع وسجايا حميدة، يقول ابنه عبد الله ، كان أبي أحرص الناس على الوحدة، لم يره أحد إلا في المسجد، أو حضور جنازة، أو عيادة مريض، وكان يكره المشي في الأسواق، ولا يدع أحداً يتبعه، وتلك والله مقامات العلماء الأتقياء.
فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله يا طلاب العلم، ويا أرباب الإسلام، وليت الأمة اليوم وليت شبابها يتوجهون بعقولهم إلى علماء سلفهم؛ ليتذكروا القدوة الصالحة، والأسوة الحسنة، حتى تحيا في نفوسهم سيرة سلفهم الصالح، فسيرتهم خير سبيل لسعادة الدنيا والآخرة، وضمانة من الفتن والمحن، والله المستعان، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب:23] .
اللهم اغفر لسلفنا الصالح، وارفع درجتهم في المهديين، واحشرنا في زمرتهم آمين.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أكمل الله به الدين، وأرسله رحمة للعالمين، وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [البقرة:281].
إن الأمة إذا لم تعتز بماضيها وسير علمائها، ولم تمسك بتاريخها وأمجاد سلفها فقد ضيعت حاضرها ومستقبلها، وسير سلفنا الصالح شموع على طريق العلم والدعوة والإصلاح، بهم يستفاد في تصحيح المسار وتوجيه المسيرة.
ولقد ضل أقوام جهلوا سير سلفهم، والتفتوا يمنة ويسرة يخبطون في شتى المذاهب، ويتذبذبون بين جديد المشارب، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:83] .
ومن الصفحات الرائعة في حياة هذا الإمام: حياته في أسرته وحسن عشرته لأهله وزوجه، يقول الإمام أحمد رحمه الله: تزوجت أم خالد فأقامت معي ثلاثين سنة، فما اختلفت أنا وهي في كلمة واحدة.
ومن ورعه رحمه الله قوله عند قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين )، قال: لا يعصي الله مرتين.
ومن مزايا خلق هذا الإمام: إنصافه للمخالف، وسلامة صدره للمسلمين، وتقديره لأهل العلم وإن اختلف معهم، فقد اختلف مع الشافعي رحمه الله في بعض المسائل، ومع ذلك قال: ما رأت عيناي مثل الشافعي ، وقال رحمه الله: وإني لأدعو الله للشافعي منذ أربعين سنة.
وبعد حياة حافلة بالخير بجميع جوانبه، قدم فيها الإمام رحمه الله جهده وجهاده، وأيقظ في الأمة الاعتزاز بالإسلام وشدة التمسك بالسنة، مرض رحمه الله بالحمى، يقول ابنه عبد الله : ولما حضرت أبي الوفاة جلست عنده، فجعل يعرق ثم يفيق، ثم يفتح عينيه ويقول بيده: لا بعد لا بعد، ثلاث مرات، ففعل هذا مرة ثانية وثالثة، فلما كان في الثالثة قلت له: يا أبت! إنك قلت كذا وكذا، فقال: ما تدري، هذا إبليس قائم حذائي عاض على أنامله، يقول: قد فتني يا أحمد ، وأنا أقول: لا بعد حتى أموت.
وقال ابنه صالح : جعل أبي يحرك لسانه بالشهادة حتى مات، توفي رحمه الله وله سبع وسبعون سنة وأيام.
وقد شهد جنازته كما تقول كتب السير جموع لم يشهد مثلها.
ومن آيات الإمام رحمه الله ما ذكره الذهبي حيث قال: في سنة خمس وعشرين وسبعمائة للهجرة كان غرق بغداد المهول، وبقيت بغداد كالسفينة، وساوى الماء الأسوار، وانهدم خمسة آلاف بيت، ومن الآيات أن المقبرة التي فيها الإمام أحمد رحمه الله غرقت إلا قبر الإمام أحمد .