خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [492]
الحلقة مفرغة
شرح حديث هدر النبي لدم المرأة التي قتلت لأنها شتمته
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عباد بن موسى الختلي أخبرنا إسماعيل بن جعفر المدني عن إسرائيل عن عثمان الشحام عن عكرمة قال: حدثنا ابن عباس : (أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هناك بالدم، فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمع الناس فقال: أنشد الله رجلاً فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام، قال: فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا اشهدوا أن دمها هدر) ].
أورد أبو داود باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم.
يعني: حكمه إذا سب الرسول صلى الله عليه وسلم الكفر والردة عن الإسلام، وذلك أن الرسول الكريم عليه السلام هو الذي أرسله الله بالحق والهدى، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فمسبته والقدح فيه قدح فيما جاء به عليه الصلاة والسلام، وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس : أن رجلاً أعمى كان له أم ولد، وأم الولد هي الأمة التي ولدت له فصار يقال لها: أم ولد، يعني: تبقى حتى يموت وتعتق بموته، وكان له منها ولدان كاللؤلؤتين، وكانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ينصحها فلا تنتصح ولا تنتهي، وكانت به رفيقة، يعني: كانت معاملتها له طيبة، ولكن كونها تسب الرسول صلى الله عليه وسلم غضب للرسول صلى الله عليه وسلم، ولم ينظر إلى حظ نفسه، فلم ينظر إلى إحسانها إليه، ورفقها به، ومعاملتها له معاملة طيبة، وإنما ساءه وأغضبه هذا الجرم الذي يحصل منها وهو شتم الرسول صلى الله عليه وسلم وسبه، فذات ليلة حصل منها أنها شتمته فقام وأخذ المغول وهو كالسيف الصغير يجعله الإنسان بين ثيابه، وهو ليس كبيراً بحيث يظهر، ولكنه شبيه بالسيف إلا أنه صغير، فجاء فوضعه على بطنها واتكأ عليها حتى ماتت، ولطخت ما حولها من الدم، ووقع بين يديها صبي، يعني: أنه أحد أولادها، لعله وقع بين رجليها أو جاء بين رجليها، ولكن ليس معناه أنه أصابه قتل، أو أصابه هلاك، وإنما يمكن أنه لما رآها جاء ووقع بين رجليها، فالرجل أخفى نفسه ولم يظهر الأمر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فجمع الناس، وأنشدهم بالله عز وجل أن الذي حصل منه ذلك أن يبين نفسه، فقام رجل أعمى يتخطى الناس حتى جاء وقعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أنا صاحبها، قال: ما لك؟ قال: إنها كانت تشتمك، وإنها كانت بي رفيقة، وإني نصحتها فلم تستجب، وإنها البارحة حصل منها ذلك فقمت وفعلت بها كذا وكذا، فقال عليه الصلاة والسلام: (ألا اشهدوا أن دمها هدر) يعني: أنه قتل بحق.
تراجم رجال إسناد حديث هدر النبي لدم المرأة التي قتلت لأنها شتمته
قوله: [ حدثنا عباد بن موسى الختلي ].
عباد بن موسى الختلي ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ أخبرنا إسماعيل بن جعفر المدني ].
إسماعيل بن جعفر المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسرائيل ].
هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عثمان الشحام ].
عثمان الشحام لا بأس به، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
شرح حديث: (أن يهودية كانت تشتم النبي وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن الجراح عن جرير عن مغيرة عن الشعبي عن علي رضي الله عنه (أن يهودية كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت، فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها)].
أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه: (أن يهودية كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم فخنقها رجل حتى ماتت، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمها)، وهذا مثل الذي قبله، والذي فيه قصة الأعمى الذي قتل الجارية التي تسب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا خنق هذه اليهودية التي كانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم حتى ماتت، فالنبي صلى الله عليه وسلم اعتبر دمها هدراً.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن يهودية كانت تشتم النبي وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت..)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن الجراح ].
عثمان بن أبي شيبة مر ذكره، وعبد الله بن الجراح صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود والنسائي في مسند مالك وابن ماجة .
[ عن جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مغيرة ].
هو مغيرة بن مقسم الضبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الشعبي ].
هو عامر بن شراحيل مر ذكره.
[ عن علي ].
هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، وصاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، والحديث ضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود ، ولكنه صححه في إرواء الغليل، ثم أيضاً الحديث الذي قبله شاهد له وهو بمعناه.
شرح حديث: (لا والله ما كانت لبشر بعد محمد صلى الله عليه وسلم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن يونس عن حميد بن هلال عن النبي صلى الله عليه وسلم، ح وحدثنا هارون بن عبد الله ونصير بن الفرج قالا: حدثنا أبو أسامة عن يزيد بن زريع عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال عن عبد الله بن مطرف عن أبي برزة قال: كنت عند أبي بكر فتغيظ على رجل فاشتد عليه، فقلت: تأذن لي يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أضرب عنقه؟ قال: فأذهبت كلمتي غضبه، فقام فدخل فأرسل إلي، فقال: ما الذي قلت آنفاً؟ قلت: ائذن لي أضرب عنقه، قال: أكنت فاعلاً لو أمرتك؟ قلت: نعم، قال: لا والله ما كانت لبشر بعد محمد صلى الله عليه وسلم ].
أورد أبو داود هذا الأثر عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان عنده رجل فتغيظ عليه أبو بكر رضي الله عنه، فقال له أبو برزة : ائذن لي أن أقتله، فخفف ذلك من غضبه، ودخل منزله، فدعا أبا برزة ، وقال: ماذا قلت؟ قال: قلت كذا وكذا، قال: أكنت قاتله؟، قال: نعم، قال: ما كان هذا لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: الذي بعد الرسول ليس له إلا ينفذ ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يقتل أحداً من غير أساس، وإنما قتله يكون على أساس من كتاب الله عز وجل أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة).
وهذا لا يعارض القول بأن الإمام إذا رأى أن يعزر أحداً بالقتل فإن له أن يقتله؛ لأن الإمام لا يقتله إلا إذا كان مستحقاً بأن حصل منه جرم أو ذنب يقتضي ذلك، أما إذا لم يحصل منه شيء، فإنه ليس له أن يقتله، وليس عنده ما يوجب القتل.
وهذا الرجل سب أبا بكر ولكن ليس حكمه كسب النبي صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا والله ما كانت لبشر بعد محمد صلى الله عليه وسلم)
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
حماد هو ابن سلمة بن دينار البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يونس بن عبيد ].
هو يونس بن عبيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد بن هلال ].
حميد بن هلال ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
وحميد بن هلال من الطبقة الثالثة من صغار التابعين فيكون الحديث مرسلاً.
[ ح وحدثنا هارون بن عبد الله ].
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ ونصير بن الفرج ].
نصير بن الفرج ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ قالا: حدثنا أبو أسامة ].
هو حماد بن أسامة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن زريع ].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس بن عبيد ، عن حميد بن هلال عن عبد الله بن مطرف ].
يونس بن عبيد مر ذكره، وحميد بن هلال مر ذكره وعبد الله بن مطرف صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن أبي برزة ].
أبو برزة رضي الله عنه صحابي، اسمه نضلة بن عبيد ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال كنت عند أبي بكر ].
وهذا يدل على أن الإسناد الأول سقط منه واسطتان هما: تابعي وصحابي، وهما عبد الله بن مطرف عن أبي برزة .
وهذا كلام أبي بكر رضي الله عنه، وليس فيه شيء مرفوع إلا فيما يتعلق بقوله: (لا والله ما كانت لبشر بعد محمد صلى الله عليه وسلم) فهذا الذي يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكونه ليس لأحد من بعد الرسول لأنه رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[ قال أبو داود هذا لفظ يزيد ].
يعني: في الإسناد الثاني.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أحمد بن حنبل : أي: لم يكن لـأبي بكر أن يقتل رجلاً إلا بإحدى الثلاث التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفر بعد إيمان، أو زناً بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل ].
يعني: من سبه له أن يقتله وله أن يتركه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عباد بن موسى الختلي أخبرنا إسماعيل بن جعفر المدني عن إسرائيل عن عثمان الشحام عن عكرمة قال: حدثنا ابن عباس : (أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هناك بالدم، فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمع الناس فقال: أنشد الله رجلاً فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام، قال: فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا اشهدوا أن دمها هدر) ].
أورد أبو داود باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم.
يعني: حكمه إذا سب الرسول صلى الله عليه وسلم الكفر والردة عن الإسلام، وذلك أن الرسول الكريم عليه السلام هو الذي أرسله الله بالحق والهدى، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فمسبته والقدح فيه قدح فيما جاء به عليه الصلاة والسلام، وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس : أن رجلاً أعمى كان له أم ولد، وأم الولد هي الأمة التي ولدت له فصار يقال لها: أم ولد، يعني: تبقى حتى يموت وتعتق بموته، وكان له منها ولدان كاللؤلؤتين، وكانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ينصحها فلا تنتصح ولا تنتهي، وكانت به رفيقة، يعني: كانت معاملتها له طيبة، ولكن كونها تسب الرسول صلى الله عليه وسلم غضب للرسول صلى الله عليه وسلم، ولم ينظر إلى حظ نفسه، فلم ينظر إلى إحسانها إليه، ورفقها به، ومعاملتها له معاملة طيبة، وإنما ساءه وأغضبه هذا الجرم الذي يحصل منها وهو شتم الرسول صلى الله عليه وسلم وسبه، فذات ليلة حصل منها أنها شتمته فقام وأخذ المغول وهو كالسيف الصغير يجعله الإنسان بين ثيابه، وهو ليس كبيراً بحيث يظهر، ولكنه شبيه بالسيف إلا أنه صغير، فجاء فوضعه على بطنها واتكأ عليها حتى ماتت، ولطخت ما حولها من الدم، ووقع بين يديها صبي، يعني: أنه أحد أولادها، لعله وقع بين رجليها أو جاء بين رجليها، ولكن ليس معناه أنه أصابه قتل، أو أصابه هلاك، وإنما يمكن أنه لما رآها جاء ووقع بين رجليها، فالرجل أخفى نفسه ولم يظهر الأمر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فجمع الناس، وأنشدهم بالله عز وجل أن الذي حصل منه ذلك أن يبين نفسه، فقام رجل أعمى يتخطى الناس حتى جاء وقعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أنا صاحبها، قال: ما لك؟ قال: إنها كانت تشتمك، وإنها كانت بي رفيقة، وإني نصحتها فلم تستجب، وإنها البارحة حصل منها ذلك فقمت وفعلت بها كذا وكذا، فقال عليه الصلاة والسلام: (ألا اشهدوا أن دمها هدر) يعني: أنه قتل بحق.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2649 استماع |