شرح سنن أبي داود [483]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الملاحم.

باب ما يذكر في قرن المائة.

حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة رضي الله عنه فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها).

قال أبو داود : رواه عبد الرحمن بن شريح الاسكندراني لم يجز به شراحيل ].

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: كتاب الملاحم، والملاحم جمع ملحمة وهي المقتلة الكبيرة، والمراد به الاقتتال الذي يكون بين المسلمين وبين أعدائهم من الروم وغيرهم، وسميت ملاحم لالتحام الناس فيها بعضهم ببعض في الاقتتال، وكثرة القتل، فلهذا قيل لها الملاحم.

وأورد أبو داود بعد ذلك باباً في قرن المائة، يعني ما جاءت به السنة من بيان أن الدين يكون تجديده على رأس كل مائة سنة، وأن الله يهيئ لهذه الأمة من يجدد لها دينها، وذلك ببيان الحق، ودفع الباطل، ونصر الحق وأهله، والدفاع عن السنة وأهلها.

وأورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) أي: أن الله يهيئ العلماء والولاة الذين يقومون بإظهار الحق ونشره وبيانه، ودحض الباطل والقضاء عليه، والمقصود بذلك تجديد ما اندرس من الدين، وإلا فإن الدين وافٍ وكامل، فالمقصود تجديد ما اندرس منه بسبب ما حصل من فتن وضلالات وانحراف عن الجادة، فيهيئ الله من أهل العلم من يقوم ببيان الحق ونصرته والذب عنه، ومن يقوم ببيان الباطل والتحذير منه وبيان ضرره وخطره، وهذا من فضل الله عز وجل على هذه الأمة أن يهيئ لها من يقوم بنصرة الدين، فلا يمضي قرن من القرون إلا ويهيئ الله من يقوم بنصرة الدين، وهذا يدل على أن الأرض لا تخلو لله من قائم بحجته، وأن هذا الدين منصور وأهله منصورون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله).

ولا شك أن المجددين موجودون، وهم على علم بالكتاب والسنة، وعلى بصيرة بالحق والهدى، وليس عندهم انحراف في العقيدة ولا في مخالفة السنة والعدول عنها، فهم متمسكون بها وداعون إليها، وليس كل من يدعى أنه من المجددين يسلم له، وبعضهم لا شك أنه مسلم به مثل عمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى، والشافعي على رأس المائة الثانية، ولكن لا يسلم بكل من يدعى أنه من المجددين، فإن بعض الناس يذكر مجددين على مشربه وعلى طريقته ولو كانوا من أهل البدع والانحراف، أو كانوا معروفين بعدم التوفيق للحق في باب أسماء الله وصفاته، وذلك من المشتغلين بعلم الكلام، فمثلاً أبو الأعلى المودودي له كتاب اسمه (المجددون في الإسلام) وجعل من المجددين الجويني والرازي والباقلاني! فهؤلاء هم المجددون عنده، ولم يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ولا ابن القيم ولا الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مع أنه لم يذكر المجددين في كل سنة، فقد ذكر المجددين في رأس المائة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، ثم انتقل إلى التاسعة والعاشرة والحادية عشرة والثانية عشرةَ والثالثة عشرة، ولا شك أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه مجدد في زمانه، وقد نفع الله به، وأظهر الله الحق على يديه، ولا تزال آثار دعوته ونصحه وتجديده لما درس من الدين موجودة، وقد مضى على موته أكثر من مائتين سنة.

فالشيخ محمد بن عبد الوهاب وقبله وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم من أعلام الهدى، ومن أئمة الهدى، وممن أظهر الله بهم الحق، وقمع بهم البدع، ولا تزال آثارهم ماثلة وموجودة نراها ونشاهدها في تلك المؤلفات الواسعة التي فيها بيان الحق وتوضيحه، وقمع الباطل ودحضه.

هذا ولا مانع من وجود أكثر من مجدد في رأس كل مائة سنة.

[ قال أبو داود : رواه عبد الرحمن بن شريح الاسكندراني لم يجز به شراحيل ].

معناه أنه حذف واسطتين وهما أبو علقمة وأبو هريرة، وهذا الإسناد يسمى معضلاً؛ فسقوط اثنين فأكثر من الإسناد بشرط التوالي يقال له: معضل.

تراجم رجال إسناد حديث ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة )

قوله: [ حدثنا سليمان بن داود المهري ].

سليمان بن داود المهري ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .

[ أخبرنا ابن وهب ].

عبد الله بن وهب ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني سعيد بن أبي أيوب ].

سعيد بن أيوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن شراحيل بن يزيد المعافري ].

شراحيل بن يزيد المعافري صدوق، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم في المقدمة وأبو داود.

[ عن أبي علقمة ].

ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة, وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

[ قال أبو داود : رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني ].

عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

علامات المجددين

المجددون يتميزون ويبرزون ويتقدمون ويتفوقون على غيرهم، ويشار إليهم بالبنان بتفوقهم، ويرجع الناس إليهم لكثرة علمهم وبذلهم العلم وإفادتهم لغيرهم، ومعلوم أنهم في كل زمان قليلون، وإن كان المشتغلون بالعلم كثيرين، فإن التميز على الغير لا يتحقق لكل أحد، فمثلاً شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه متميز في هذا الزمان عن غيره، ولا يبارى ولا يجارى في اشتغاله بالعلم والنصح وبذل العلم ونشره والحرص على الدعوة وهداية الخلق ودلالتهم على الصراط المستقيم، وكما تميز الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه في هذا الزمان تميز كذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله عليه، والشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله عليه، فالذين يتميزون قليلون بالنسبة لغيرهم، وإن كان الخير كثيراً، والمشتغلون بالعلم كثيرين، ولكن الذين لهم تميز على غيرهم ليسوا بكثيرين.

فهؤلاء الأئمة الثلاثة: ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهم الله يعتبرون مجددي هذا القرن، فهم خير من نعلم وأعلم من نعلم من الموجودين في هذا الزمان، وقد ماتوا قبل سنتين رحمهم الله.

وأما من يقول: إن مجدد القرن الماضي هو حسن البنا وسيد قطب فهذا غير صحيح.

وليس كل من أحيا سنة من السنن قد اندثرت ونسيت يعد مجدداً؛ لأنه قد يوجد في بلد من البلدان سنن اندثرت فيحييها عالم، ولا يقال: إنه هو المجدد الذي ينطبق عليه الحديث؛ لأن المجدد لا يكون مجدداً لمسألة واحدة أو لقضية واحدة اندثرت، وإنما المقصود أن يتميز بكثرة النفع وكثرة الخير والتبصير بالحق والهدى والتحذير من طرق ومسالك الردى.

وهذا الحديث فيه دلالة على عدم خلو الأرض من مجتهد وقائم لله بحجته، ولا بأس أن يوجد من عالم تجديد جزئي، فيقال: مجدد في المنطقة الفلانية أو البلد الفلاني.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الملاحم.

باب ما يذكر في قرن المائة.

حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة رضي الله عنه فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها).

قال أبو داود : رواه عبد الرحمن بن شريح الاسكندراني لم يجز به شراحيل ].

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: كتاب الملاحم، والملاحم جمع ملحمة وهي المقتلة الكبيرة، والمراد به الاقتتال الذي يكون بين المسلمين وبين أعدائهم من الروم وغيرهم، وسميت ملاحم لالتحام الناس فيها بعضهم ببعض في الاقتتال، وكثرة القتل، فلهذا قيل لها الملاحم.

وأورد أبو داود بعد ذلك باباً في قرن المائة، يعني ما جاءت به السنة من بيان أن الدين يكون تجديده على رأس كل مائة سنة، وأن الله يهيئ لهذه الأمة من يجدد لها دينها، وذلك ببيان الحق، ودفع الباطل، ونصر الحق وأهله، والدفاع عن السنة وأهلها.

وأورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) أي: أن الله يهيئ العلماء والولاة الذين يقومون بإظهار الحق ونشره وبيانه، ودحض الباطل والقضاء عليه، والمقصود بذلك تجديد ما اندرس من الدين، وإلا فإن الدين وافٍ وكامل، فالمقصود تجديد ما اندرس منه بسبب ما حصل من فتن وضلالات وانحراف عن الجادة، فيهيئ الله من أهل العلم من يقوم ببيان الحق ونصرته والذب عنه، ومن يقوم ببيان الباطل والتحذير منه وبيان ضرره وخطره، وهذا من فضل الله عز وجل على هذه الأمة أن يهيئ لها من يقوم بنصرة الدين، فلا يمضي قرن من القرون إلا ويهيئ الله من يقوم بنصرة الدين، وهذا يدل على أن الأرض لا تخلو لله من قائم بحجته، وأن هذا الدين منصور وأهله منصورون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله).

ولا شك أن المجددين موجودون، وهم على علم بالكتاب والسنة، وعلى بصيرة بالحق والهدى، وليس عندهم انحراف في العقيدة ولا في مخالفة السنة والعدول عنها، فهم متمسكون بها وداعون إليها، وليس كل من يدعى أنه من المجددين يسلم له، وبعضهم لا شك أنه مسلم به مثل عمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى، والشافعي على رأس المائة الثانية، ولكن لا يسلم بكل من يدعى أنه من المجددين، فإن بعض الناس يذكر مجددين على مشربه وعلى طريقته ولو كانوا من أهل البدع والانحراف، أو كانوا معروفين بعدم التوفيق للحق في باب أسماء الله وصفاته، وذلك من المشتغلين بعلم الكلام، فمثلاً أبو الأعلى المودودي له كتاب اسمه (المجددون في الإسلام) وجعل من المجددين الجويني والرازي والباقلاني! فهؤلاء هم المجددون عنده، ولم يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ولا ابن القيم ولا الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مع أنه لم يذكر المجددين في كل سنة، فقد ذكر المجددين في رأس المائة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، ثم انتقل إلى التاسعة والعاشرة والحادية عشرة والثانية عشرةَ والثالثة عشرة، ولا شك أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه مجدد في زمانه، وقد نفع الله به، وأظهر الله الحق على يديه، ولا تزال آثار دعوته ونصحه وتجديده لما درس من الدين موجودة، وقد مضى على موته أكثر من مائتين سنة.

فالشيخ محمد بن عبد الوهاب وقبله وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم من أعلام الهدى، ومن أئمة الهدى، وممن أظهر الله بهم الحق، وقمع بهم البدع، ولا تزال آثارهم ماثلة وموجودة نراها ونشاهدها في تلك المؤلفات الواسعة التي فيها بيان الحق وتوضيحه، وقمع الباطل ودحضه.

هذا ولا مانع من وجود أكثر من مجدد في رأس كل مائة سنة.

[ قال أبو داود : رواه عبد الرحمن بن شريح الاسكندراني لم يجز به شراحيل ].

معناه أنه حذف واسطتين وهما أبو علقمة وأبو هريرة، وهذا الإسناد يسمى معضلاً؛ فسقوط اثنين فأكثر من الإسناد بشرط التوالي يقال له: معضل.

قوله: [ حدثنا سليمان بن داود المهري ].

سليمان بن داود المهري ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .

[ أخبرنا ابن وهب ].

عبد الله بن وهب ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني سعيد بن أبي أيوب ].

سعيد بن أيوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن شراحيل بن يزيد المعافري ].

شراحيل بن يزيد المعافري صدوق، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم في المقدمة وأبو داود.

[ عن أبي علقمة ].

ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة, وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

[ قال أبو داود : رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني ].

عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

المجددون يتميزون ويبرزون ويتقدمون ويتفوقون على غيرهم، ويشار إليهم بالبنان بتفوقهم، ويرجع الناس إليهم لكثرة علمهم وبذلهم العلم وإفادتهم لغيرهم، ومعلوم أنهم في كل زمان قليلون، وإن كان المشتغلون بالعلم كثيرين، فإن التميز على الغير لا يتحقق لكل أحد، فمثلاً شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه متميز في هذا الزمان عن غيره، ولا يبارى ولا يجارى في اشتغاله بالعلم والنصح وبذل العلم ونشره والحرص على الدعوة وهداية الخلق ودلالتهم على الصراط المستقيم، وكما تميز الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه في هذا الزمان تميز كذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله عليه، والشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله عليه، فالذين يتميزون قليلون بالنسبة لغيرهم، وإن كان الخير كثيراً، والمشتغلون بالعلم كثيرين، ولكن الذين لهم تميز على غيرهم ليسوا بكثيرين.

فهؤلاء الأئمة الثلاثة: ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهم الله يعتبرون مجددي هذا القرن، فهم خير من نعلم وأعلم من نعلم من الموجودين في هذا الزمان، وقد ماتوا قبل سنتين رحمهم الله.

وأما من يقول: إن مجدد القرن الماضي هو حسن البنا وسيد قطب فهذا غير صحيح.

وليس كل من أحيا سنة من السنن قد اندثرت ونسيت يعد مجدداً؛ لأنه قد يوجد في بلد من البلدان سنن اندثرت فيحييها عالم، ولا يقال: إنه هو المجدد الذي ينطبق عليه الحديث؛ لأن المجدد لا يكون مجدداً لمسألة واحدة أو لقضية واحدة اندثرت، وإنما المقصود أن يتميز بكثرة النفع وكثرة الخير والتبصير بالحق والهدى والتحذير من طرق ومسالك الردى.

وهذا الحديث فيه دلالة على عدم خلو الأرض من مجتهد وقائم لله بحجته، ولا بأس أن يوجد من عالم تجديد جزئي، فيقال: مجدد في المنطقة الفلانية أو البلد الفلاني.

شرح حديث ( ستصالحون الروم صلحاً آمناً...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يذكر من ملاحم الروم.

حدثنا النفيلي حدثنا عيسى بن يونس حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: مال مكحول وابن أبي زكريا إلى خالد بن معدان وملت معهم فحدثنا عن جبير بن نفير عن الهدنة قال: قال جبير: انطلق بنا إلى ذي مخبر رضي الله عنه -رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم-، فأتيناه فسأله جبير عن الهدنة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ستصالحون الروم صلحاً آمناً فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم، فتنصرون وتغنمون وتسلمون، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة) ].

أورد أبو داود باب ما يذكر من ملاحم الروم، يعني: الملاحم التي تكون بين المسلمين وبين الروم، وأورد أبو داود حديث ذي مخبر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن صلح بين المسلمين وبين الروم، فيقاتل المسلمون والروم عدواً، فينتصرون على ذلك العدو ويغنمون ويرجعون، وبينما هم نازلون في مكان يقول أحد النصارى: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدق الصليب ويكسره، فعند ذلك تغدر الروم وتنقض الهدنة، ويجمعون لقتال المسلمين.

قوله: [ (ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول) ].

المرج هو: المكان الذي فيه العشب وفيه الخصب، والتلول هي: أماكن مرتفعة عن وجه الأرض، فقوله: (ذي تلول) جمع تل.

قوله: [ (فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول: غلب الصليب) ].

يرفع رجل من النصارى الصليب الذي يعبده، وهو رمز للنصارى على عيسى الذي هو معبودهم مع الله، ويجعلونه ثالث ثلاثة، فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدق ذلك الصليب الذي رفعه ويكسره، فعند ذلك تغضب الروم ويغدرون ويتركون العهد الذي بينهم وبين المسلمين.

قوله: [ (وتجمع للملحمة) ].

يعني: للاقتتال بينهم وبين المسلمين.

تراجم رجال إسناد حديث ( ستصالحون الروم صلحاً آمناً...)

قوله: [ حدثنا النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرجه له البخاري وأصحاب السنن.

[ عن عيسى بن يونس ].

عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الأوزاعي ].

عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي أبو عمرو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن حسان بن عطية ].

حسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن خالد بن معدان ].

خالد بن معدان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جبير بن نفير ].

جبير بن نفير ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن ذي مخبر ].

صحابي أخرج له أبو داود وابن ماجة .

وهذا الحديث لا يدل على جواز الاستعانة بالكفار في القتال؛ لأنه إخبار عن أمر سيكون، وليس كل ما يخبر عن حصوله في المستقبل يكون مأذوناً فيه أو مشروعاً، وإنما هذا إخبار بالواقع.

شرح حديث: ( ستصالحون الروم صلحاً آمناً...) من طريق أخرى، وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا أبو عمرو عن حسان بن عطية بهذا الحديث وزاد فيه: (ويثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون؛ فيكرم الله تلك العصابة بالشهادة)، إلا أن الوليد جعل الحديث عن جبير عن ذي مخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه: (أنه يثور المسلمون فيقتتلون هم والروم في تلك الملحمة، ويكرم الله تلك العصابة بالشهادة).

قوله: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني ].

مؤمل بن الفضل الحراني صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي.

[ حدثنا الوليد بن مسلم ].

الوليد بن مسلم الدمشقي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أبو عمرو عن حسان بن عطية بهذا الحديث ].

أبو عمرو هو الأوزاعي جاء هنا بكنيته، وقد مر بنسبته، وحسان بن عطية مر ذكره.

[ إلا أن الوليد جعل الحديث عن جبير عن ذي مخبر ].

أي: جعله عن جبير عن ذي مخبر وليس عن أبيه.

[ قال أبو داود : ورواه روح ويحيى بن حمزة وبشر بن بكر عن الأوزاعي كما قال عيسى ].

أي: كما قال عيسى في الطريق الأولى.

وروح بن عبادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

ويحيى بن حمزة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

و بشر بن بكر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يذكر من ملاحم الروم.

حدثنا النفيلي حدثنا عيسى بن يونس حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: مال مكحول وابن أبي زكريا إلى خالد بن معدان وملت معهم فحدثنا عن جبير بن نفير عن الهدنة قال: قال جبير: انطلق بنا إلى ذي مخبر رضي الله عنه -رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم-، فأتيناه فسأله جبير عن الهدنة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ستصالحون الروم صلحاً آمناً فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم، فتنصرون وتغنمون وتسلمون، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة) ].

أورد أبو داود باب ما يذكر من ملاحم الروم، يعني: الملاحم التي تكون بين المسلمين وبين الروم، وأورد أبو داود حديث ذي مخبر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن صلح بين المسلمين وبين الروم، فيقاتل المسلمون والروم عدواً، فينتصرون على ذلك العدو ويغنمون ويرجعون، وبينما هم نازلون في مكان يقول أحد النصارى: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدق الصليب ويكسره، فعند ذلك تغدر الروم وتنقض الهدنة، ويجمعون لقتال المسلمين.

قوله: [ (ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول) ].

المرج هو: المكان الذي فيه العشب وفيه الخصب، والتلول هي: أماكن مرتفعة عن وجه الأرض، فقوله: (ذي تلول) جمع تل.

قوله: [ (فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول: غلب الصليب) ].

يرفع رجل من النصارى الصليب الذي يعبده، وهو رمز للنصارى على عيسى الذي هو معبودهم مع الله، ويجعلونه ثالث ثلاثة، فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدق ذلك الصليب الذي رفعه ويكسره، فعند ذلك تغضب الروم ويغدرون ويتركون العهد الذي بينهم وبين المسلمين.

قوله: [ (وتجمع للملحمة) ].

يعني: للاقتتال بينهم وبين المسلمين.

قوله: [ حدثنا النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرجه له البخاري وأصحاب السنن.

[ عن عيسى بن يونس ].

عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الأوزاعي ].

عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي أبو عمرو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن حسان بن عطية ].

حسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن خالد بن معدان ].

خالد بن معدان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جبير بن نفير ].

جبير بن نفير ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن ذي مخبر ].

صحابي أخرج له أبو داود وابن ماجة .

وهذا الحديث لا يدل على جواز الاستعانة بالكفار في القتال؛ لأنه إخبار عن أمر سيكون، وليس كل ما يخبر عن حصوله في المستقبل يكون مأذوناً فيه أو مشروعاً، وإنما هذا إخبار بالواقع.


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2650 استماع