شرح سنن أبي داود [450]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (خذ عليك ثيابك ولا تمشوا عراة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في التعري.

حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن عثمان بن حكيم عن أبي أمامة بن سهل عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما قال: (حملت حجراً ثقيلاً، فبينا أمشي فسقط عني ثوبي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ عليك ثوبك ولا تمشوا عراة) ].

أورد أبو داود باباً في التعري، والتعري -كما أسلفنا- لا يجوز إلا لمن يجوز التعري عنده، أو التعري للحاجة كالاغتسال إذا اغتسل خالياً وليس عنده أحد.

وأورد أبو داود حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أنه كان يحمل حجراً ثقيلاً فسقط عنه ثوبه، وكان المكان الذي يريد أن يطرح حمله فيه قريب، ولأنه ثقيل مشى خطوات حتى وضعه وسارع فأخذ ثوبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خذ ثوبك، ولا تمشوا عراة) فالإنسان ليس له أن يتعرى، وإذا حصل التعري لطارئ خارج عن إرادته فليبادر إلى التستر.

تراجم رجال إسناد حديث ( خذ عليك ثيابك ولا تمشوا عراة )

قوله: [ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ]

إسماعيل بن إبراهيم ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا يحيى بن سعيد الأموي ]

يحيى بن سعيد الأموي ، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عثمان بن حكيم ]

عثمان بن حكيم ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي أمامة بن سهل]

أبو أمامة بن سهل له رؤية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن المسور بن مخرمة ].

المسور بن مخرمة رضي الله عنه، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا أبي قال.

ح وحدثنا ابن بشار حدثنا يحيى نحوه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه، قال: (قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت: يا رسول الله! إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها، قال: قلت: يا رسول الله! إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس) ].

أورد أبو داود حديث معاوية بن حيدة رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟) يعني: عمن نستر عوراتنا؟

فقال عليه الصلاة والسلام: (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك) معنى هذا أن الإنسان ليس له أن يكشف عورته عند أحد من الناس إلا لزوجته وما ملكت يمينه، وملك اليمين ما يباح له وطؤه مما يملك من الإماء، أما إذا كان ملك اليمين هذا ليس فراشاً له وليس له أن يطأها بأن تكون أمة مزوجة ويطؤها غيره أو أمة مشتركة، فإنه ليس له أن يكشف عورته عندها.

وغيره من الناس عليه أن يستر عورته منهم، فبين عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن الذي تكشف عنده العورة هو الزوجة فلها ترى عورة زوجها وهو يرى عورتها، وهذا خاص بهما، وكذلك الأمة التي يطؤها سيدها.

قوله: (قلت: يا رسول الله! إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها).

إذا كان القوم بعضهم في بعض، يعني: في مكان واحد ليس فيه انفراد بحيث إن الإنسان ينفرد في مكان يغير ثيابه أو يلبس ثيابه -مثلاً- فليس عندهم إلا مكان واحد فقط، أو غرفة واحدة، أو خيمة، ولا يوجد لديهم أماكن أخرى سوى ذلك.

فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يجتهد في ألا يطلع على عورته أحد، وإذا كان بين الناس فإنه يجتهد أن يلبس ما يستره عندما يخلع الثياب التي عليه ما دام أنه ليس في مكان يخلو به وينفرد به.

قوله: (قلت: يا رسول الله! إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس).

أي: إذا كان أحدنا خالياً فهل يتعرى؟ قال: (الله أحق أن يستحيا منه من الناس) يعني أن مثل هذه الهيئة لا تصلح، فالإنسان لا يتعرى حتى حال انفراده إلا للحاجة، مثل الاغتسال أو كونه مع أهله ويحتاج الأمر إلى أن يظهر عورته، فإن ذلك سائغ، وأما ما سوى ذلك فإنه لا يجوز.

تراجم رجال إسناد حديث (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك )

قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن أبيه ]

عبد الله بن مسلمة مر ذكره، وأبوه هو: مسلمة بن قعنب وهو ثقة أخرج له أبو داود .

[ ح وحدثنا ابن بشار ]

هو محمد بن بشار الملقب بـبندار ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ عن يحيى ]

هو يحيى بن سعيد القطان البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن بهز بن حكيم ]

هو بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة ، وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ]

أبوه حكيم بن معاوية بن حيدة ، وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن جده ]

جده هو معاوية بن حيدة رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.

الحكم على حديث ( لم أرَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرَ مني )

السؤال: هل صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لم أر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ير مني) ؟

الجواب: هذا من أحاديث الأدباء التي يذكرونها في كتب الأدب، (لم ير مني ولم أر منه)، أي السوأة، فهم يوردون هذا شاهداً للمفعول المحذوف، وهو هنا السوأة، وهذا لا نعلم له ثبوتاً، والحديث الثابت في هذه المسألة هو الذي مر وفيه: (احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك) هذا هو الصحيح في هذا الباب، وأما ذاك فمشهور في كتب الأدب عند الأدباء ولا يثبت.

شرح حديث (لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل، ولا المرأة إلى عرية المرأة، ولا يفض الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفض المرأة إلى المرأة في ثوب) ]

أورد أبو داود رحمه الله تعالى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة) ورد الكلام هنا في شأن الرجال بعضهم مع بعض، والنساء بعضهن مع بعض، وغير ذلك لا شك أنه من باب أولى، أعني كون المرأة تنظر إلى عورة الرجل أو الرجل ينظر إلى عورة المرأة، فهذا يحرم من باب أولى.

قوله: (ولا يفض الرجل إلى الرجل في ثوب واحد).

يعني: حيث يكونان معاً في ثوب واحد وكلاهما غير مستتر، أو يكون هو وإياه في لحاف واحد متلاصقين.

قوله: (ولا تفض المرأة إلى المرأة في ثوب).

وهذا مثله في الحكم.

تراجم رجال إسناد حديث (لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة ..)

قوله: [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ]

عبد الرحمن بن إبراهيم هو الملقب دحيم ، وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن ابن أبي فديك ]

هو محمد بن مسلم بن إسماعيل ، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الضحاك بن عثمان ]

الضحاك بن عثمان صدوق يهم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن زيد بن أسلم ]

زيد بن أسلم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ]

عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ]

أبوه هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه واسمه سعد بن مالك بن سنان أحد الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث ( لا يفضين رجل إلى رجل ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا ابن علية عن الجريري.

ح وحدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي نضرة عن رجل من الطفاوة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفضين رجل إلى رجل، ولا امرأة إلى امرأة إلا ولداً أو والداً) قال: وذكر الثالثة فنسيتها ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لا يفضين الرجل إلى الرجل، ولا المرأة إلى المرأة إلا ولداً أو والداً) يعني فيما بينهما، والحديث غير صحيح؛ لأن فيه هذا الرجل المجهول، الذي هو رجل من طفاوة.

والعورة كما عرفنا لا تكشف إلا بين الزوج وزوجته وأمته، والوالدان وغيرهما يجب التستر عنهما وتسترهما عن أبنائهما.

تراجم رجال إسناد حديث ( لا يفضين رجل إلى رجل .. )

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى ]

إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا ابن علية ]

هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الجريري]

هو سعد بن إياس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح، وحدثنا مؤمل بن هشام ]

ح هي للتحول من إسناد إلى إسناد.

ومؤمل بن هشام ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا إسماعيل عن الجريري].

إسماعيل هو ابن علية، وهنا ذكره باسمه، وهناك ذكره بنسبته إلى أمه.

[ عن الجريري عن أبي نضرة ].

أبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن رجل من الطفاوة عن أبي هريرة ]

أبو هريرة هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في التعري.

حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن عثمان بن حكيم عن أبي أمامة بن سهل عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما قال: (حملت حجراً ثقيلاً، فبينا أمشي فسقط عني ثوبي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ عليك ثوبك ولا تمشوا عراة) ].

أورد أبو داود باباً في التعري، والتعري -كما أسلفنا- لا يجوز إلا لمن يجوز التعري عنده، أو التعري للحاجة كالاغتسال إذا اغتسل خالياً وليس عنده أحد.

وأورد أبو داود حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أنه كان يحمل حجراً ثقيلاً فسقط عنه ثوبه، وكان المكان الذي يريد أن يطرح حمله فيه قريب، ولأنه ثقيل مشى خطوات حتى وضعه وسارع فأخذ ثوبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خذ ثوبك، ولا تمشوا عراة) فالإنسان ليس له أن يتعرى، وإذا حصل التعري لطارئ خارج عن إرادته فليبادر إلى التستر.