شرح سنن أبي داود [404]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في تضمين العارية.

حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)، ثم إن الحسن نسي فقال: هو أمينك لا ضمان عليه ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في تضمين العارية].

العارية هي: العين التي ينتفع بها، وبعد الانتفاع بها ترد على صاحبها.

وهل تضمن إذا فقدت، أو لا تضمن؟

من العلماء من قال: إنها تضمن؛ لأنها في حوزته فعليه أن يؤديها أو يؤدي مثلها إن كان لها مثل، أو قيمتها إذا لم يكن لها مثل.

ومن العلماء من قال: إن يده يد أمان وليس عليه ضمان إلا أن يفرط كالذي تكون عنده الوديعة.

والإمام أبو داود رحمه الله أورد حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)، أي: أن هذا لازم عليها، وأنه حق متعين على صاحب اليد الذي عليه أداؤه وإرجاعه، وإذا لم يؤده فإنه يؤدي نظيره ومثيله إذا كان له مثيل أو قيمته إذا لم يكن له مثل.

وقد جاء في بعض الأحاديث التي سيذكرها أبو داود ما يدل على الضمان، وذلك في قصة الأدرع التي استعارها رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما فقد بعضها قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبها: (أنا أغرم لك، فقال: لا)، فدل هذا على أنها مؤداة؛ فإن كانت موجودة فبعينها، وإن كانت قد تلفت فإنه يؤدي مثلها، وإن لم يكن لها مثل فإنه يؤدي قيمتها.

وحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه هو من طريق الحسن بن أبي الحسن البصري ، والمعروف عند العلماء أن في رواية الحسن عن سمرة ثلاثة أقوال، ولكن المشهور: أن الثابت من رواية الحسن عن سمرة هو حديث العقيقة؛ لأنه هو الذي صرح فيه بالسماع، أما غيره فإن الأصل أنه مدلس ولا يقبل إلا ما صرح فيه بالسماع، والذي ثبت تصريحه بالسماع فيه هو حديث العقيقة، وغير هذا مما رواه الحسن عن سمرة يكون من قبيل غير الثابت؛ لأنه روى بالعنعنة وليس سماعه ثابتاً إلا في حديث العقيقة وحده.

قوله: [(على اليد ما أخذت حتى تؤدي)].

يعني: أنه شيء لازم لها ومتحتم عليها أن تؤديه.

قوله: [ ثم إن الحسن نسي فقال: هو أمينك لا ضمان عليه ].

أي أنه ليس بلازم أن يؤدي، وليس بضامن على كل حال، لكن على القول بأن يد المستعير هي مثل يد الأمين المستودع، وهو لا يضمن إلا إذا فرط، فإذا لم يفرط فإنه لا ضمان عليه، وعلى هذا القول فإنه ليس هناك تنافٍ بين قوله: (أمينك لا ضمان عليه)، وبين قوله: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)، على اعتبار أن يده يد أمانة وأن عليها أن تؤديه حيث لم يحصل هناك تفريط، أما إذا حصل تفريط فإن الضمان لازم على كل حال.

تراجم رجال إسناد حديث (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)

قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن أبي عروبة ].

ابن أبي عروبة هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن قتادة ].

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسن ].

هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سمرة ].

هو سمرة بن جندب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

و ابن أبي عروبة مختلط لكنه من أثبت الناس في قتادة ، وأيضاً قتادة مدلس وروى بالعنعنة، كما أن المشهور في رواية الحسن أنه ما سمع إلا حديث العقيقة.

شرح حديث صفوان بن أمية في ضمان العارية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن محمد وسلمة بن شبيب قالا: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعار منه أدراعاً يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد؟! فقال: لا، بل عارية مضمونة) ].

أورد أبو داود حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعاً فقال: أغصب يا محمد! قال: لا بل عارية مضمونة)، وكان ذلك في حال كفره، ثم قال له: إن ما في قلبي الآن يختلف عما كان في قلبي من قبل، يعني أنه بعد أن أسلم اختلف وضعه عما كان عليه من قبل.

تراجم رجال إسناد حديث صفوان بن أمية في ضمان العارية

قوله: [ حدثنا الحسن بن محمد ].

هو الحسن بن محمد الزعفراني، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ وسلمة بن شبيب ].

سلمة بن شبيب ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا يزيد بن هارون ].

هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا شريك ].

هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، وهو صدوق اختلط، وهو يخطئ كثيراً، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عبد العزيز بن رفيع ].

أبوه عبد العزيز بن رفيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أمية بن صفوان بن أمية ].

أمية بن صفوان بن أمية مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن أبيه ].

أبوه صفوان رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ قال أبو داود : وهذه رواية يزيد ببغداد، وفي روايته بواسط تغير على غير هذا ].

أي: يزيد بن هارون الواسطي في روايته بواسط تغير عن روايته ببغداد.

شرح حديث صفوان بن أمية في ضمان العارية من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن أناس من آل عبد الله بن صفوان أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (يا صفوان ! هل عندك من سلاح؟ قال: عارية أم غصباً؟ قال: لا بل عارية، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعاً، وغزا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حنيناً، فلما هزم المشركون جمعت دروع صفوان ففقد منها أدراعاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لـصفوان : إنا قد فقدنا من أدراعك أدراعاً، فهل نغرم لك؟ قال: لا يا رسول الله! لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ).

قال أبو داود : وكان أعاره قبل أن يسلم ثم أسلم ].

أورد أبو داود حديث صفوان بن أمية من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه أنه قال له: (هل نغرم لك؟) وقد مر أنه قال: (عارية مضمونة)، فقال: لا؛ لأن في قلبي الآن ما لم يكن في قلبي من قبل، يعني: أنه الآن أسلم والذي في قلبه الآن بعد أن أسلم يختلف عن الذي كان في قلبه قبل أن يسلم، ولعل قوله: (غصباً) يعني: أن هذا قاله قبل أن يسلم.

تراجم رجال إسناد حديث صفوان بن أمية في ضمان العارية من طريق ثانية

قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ].

أبو بكر بن أبي شيبة هو عبد الله بن محمد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا جرير ].

هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد العزيز بن رفيع].

عبد العزيز بن رفيع مر ذكره.

[ عن أناس من آل عبد الله بن صفوان ].

وهم مجهولون مبهمون وهو مرسل؛ لأنهم يحكون عن الشيء الذي حصل في زمنه صلى الله عليه وسلم، ولكن الأحاديث يشد بعضها بعضاً فيما يتعلق بقصة صفوان .

حديث صفوان بن أمية في ضمان العارية من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص حدثنا عبد العزيز بن رفيع عن عطاء عن ناس من آل صفوان قال: (استعار النبي صلى الله عليه وآله وسلم..) فذكر معناه ].

أورده من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله.

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص ].

أبو الأحوص هو سلام بن سليم الحنفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد العزيز بن رفيع عن عطاء ].

عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (...العارية مؤداة، والمنحة مردودة...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي حدثنا ابن عياش عن شرحبيل بن مسلم قال: سمعت أبا أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، ولا تنفق المرأة شيئاً من بيتها إلا بإذن زوجها، فقيل: يا رسول الله! ولا الطعام؟ قال: ذاك أفضل أموالنا، ثم قال: العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم) ].

أورد أبو داود حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، وهو مشتمل على عدة أمور منها ما يتعلق بالعارية، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث)؛ لأن الله قسم المواريث، كما قال الله عز وجل: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، فذكر في الآية الأولى من سورة النساء عمودي النسب الآباء والأمهات والأولاد والبنات. وذكر في الآية الثانية الذين يرثون بالفرض فقط ولا يكون لهم نصيب في التعصيب، وهم الأزواج والزوجات والإخوة لأم، وذكر في آخر سورة النساء الذين يرثون بالفرض والتعصيب، وهم الإخوة الأشقاء والإخوة لأب، فالأخوات يرثن بالفرض إذا كن وحدهن، وإذا كان معهن غيرهن من إخوانهن فإنه لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ.

قوله: [(إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه)] يعني: بما بينه في كتابه من المواريث، وكذلك ما بينته السنة مع الكتاب في بيان أحكام المواريث.

قوله: [(فلا وصية لوارث)] أي: كما كان موجوداً من قبل، كما قال الله عز وجل: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة:180]، فإنه لا وصية لوارث، وهذا مما جاء نسخه في السنة؛ لأن قوله: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ هذا جاء في القرآن نسخ بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث).

قوله: [(ولا تنفق المرأة شيئاً من بيتها إلا بإذن زوجها، فقيل: يا رسول الله! ولا الطعام؟ قال: ذلك أفضل أموالنا)].

يعني: لا تنفق الزوجة من ماله ولا من موجودات البيت التي هي ملك للزوج، ولا الطعام الذي هو أفضل الأموال، وهذا يختلف عما كان موجوداً من قبل، فليس لها أن تخرج شيئاً مما في البيت من الطعام أو غيره من مال زوجها إلا بإذنه، سواءً بإذن معين أو مطلق، فإذا أذن لها إذناً معيناً بأن تخرج كذا وكذا تفعل، وإن أذن لها إذناً مطلقاً بأنها تخرج ما مقداره كذا وكذا فلها أن تفعل ذلك.

قوله: [(العارية مؤداة)]، يعني: أنها ترجع وتعاد إلى صاحبها الذي أعارها.

قوله: [(والمنحة مردودة)]، يعني: المنيحة التي يعطيها الإنسان لفقير مثل شاة ليحلبها وليستفيد من حليبها ودرها فإنه يردها إلى صاحبها؛ لأنه أعطاه المنفعة ولم يعطه العين، فالعين للمالك والمنفعة للممنوح، فهو يستفيد منها في حال وجود المنفعة، ثم يردها إلى صاحبها.

قوله: [(والدين مقضي)]، يعني: أنه لازم ومتعين قضاؤه.

قوله: [(والزعيم غارم)] وهو الضامن، فمن ضمن حقاً لإنسان على إنسان فإنه يلزمه، يعني: إذا لم يسدد المضمون عنه يسدد الضامن وهو الغارم أو الزعيم، ولهذا جاء في القرآن: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف:72]، يعني: أنا ضامن له.

تراجم رجال إسناد حديث (...العارية مؤداة، والمنحة مردودة...)

قوله: [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ].

عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا ابن عياش ].

ابن عياش هو إسماعيل بن عياش، وهو صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في رواية غيرهم، وهو هنا يروي عن واحد من أهل بلده وهو شرحبيل بن مسلم ؛ لأنه شامي وشرحبيل شامي كذلك، وأخرج لـابن عياش البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.

[ عن شرحبيل بن مسلم ].

صدوق فيه لين أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة .

[ عن أبي أمامة ].

هو أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث يعلى بن أمية في ضمان العارية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن المستمر العصفري حدثنا حبان بن هلال حدثنا همام عن قتادة عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً، وثلاثين بعيراً، قال: فقلت: يا رسول الله! أعارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ قال: بل مؤداة).

قال أبو داود : حبان خال هلال الرأي ].

أورد أبو داود حديث يعلى بن أمية رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً وثلاثين بعيراً فقال: يا رسول الله! أعارية مضمونة، أو عارية مؤداة؟ قال: بل مؤداة).

معناه: أنه يحافظ عليها ويرجعها.

وسواء قيل: هي مضمونة أو مؤداة، فإنها تؤدى وتضمن بمثلها إلا أن يعفو صاحبها عن القول بأن اليد يد ضمان.

وسؤال يعلى : (أعارية مضمونة أو مؤداة)، يفيد التفريق عنده: تضمنها لي أو تؤديها، لكن معناه: أنها عندما تستهلك يؤتى ببدالها، أو أنه يحافظ عليها وترجع بعينها.

تراجم رجال إسناد حديث يعلى بن أمية في ضمان العارية

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن المستمر العصفري ].

إبراهيم بن المستمر العصفري صدوق يغرب، أخرج له أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا حبان بن هلال ].

حبان بن هلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا همام ].

هو همام بن يحيى العوذي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن قتادة عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن يعلى ].

صفوان بن يعلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

أبوه يعلى بن أمية رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

وهذه غير القصة السابقة؛ لأن هذه فيها إبل.

[ قال أبو داود : حبان خال هلال الرأي ].

هذا تعريف بـحبان هذا، وأنه خال شخص يقال له: هلال الرأي .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في تضمين العارية.

حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)، ثم إن الحسن نسي فقال: هو أمينك لا ضمان عليه ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في تضمين العارية].

العارية هي: العين التي ينتفع بها، وبعد الانتفاع بها ترد على صاحبها.

وهل تضمن إذا فقدت، أو لا تضمن؟

من العلماء من قال: إنها تضمن؛ لأنها في حوزته فعليه أن يؤديها أو يؤدي مثلها إن كان لها مثل، أو قيمتها إذا لم يكن لها مثل.

ومن العلماء من قال: إن يده يد أمان وليس عليه ضمان إلا أن يفرط كالذي تكون عنده الوديعة.

والإمام أبو داود رحمه الله أورد حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)، أي: أن هذا لازم عليها، وأنه حق متعين على صاحب اليد الذي عليه أداؤه وإرجاعه، وإذا لم يؤده فإنه يؤدي نظيره ومثيله إذا كان له مثيل أو قيمته إذا لم يكن له مثل.

وقد جاء في بعض الأحاديث التي سيذكرها أبو داود ما يدل على الضمان، وذلك في قصة الأدرع التي استعارها رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما فقد بعضها قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبها: (أنا أغرم لك، فقال: لا)، فدل هذا على أنها مؤداة؛ فإن كانت موجودة فبعينها، وإن كانت قد تلفت فإنه يؤدي مثلها، وإن لم يكن لها مثل فإنه يؤدي قيمتها.

وحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه هو من طريق الحسن بن أبي الحسن البصري ، والمعروف عند العلماء أن في رواية الحسن عن سمرة ثلاثة أقوال، ولكن المشهور: أن الثابت من رواية الحسن عن سمرة هو حديث العقيقة؛ لأنه هو الذي صرح فيه بالسماع، أما غيره فإن الأصل أنه مدلس ولا يقبل إلا ما صرح فيه بالسماع، والذي ثبت تصريحه بالسماع فيه هو حديث العقيقة، وغير هذا مما رواه الحسن عن سمرة يكون من قبيل غير الثابت؛ لأنه روى بالعنعنة وليس سماعه ثابتاً إلا في حديث العقيقة وحده.

قوله: [(على اليد ما أخذت حتى تؤدي)].

يعني: أنه شيء لازم لها ومتحتم عليها أن تؤديه.

قوله: [ ثم إن الحسن نسي فقال: هو أمينك لا ضمان عليه ].

أي أنه ليس بلازم أن يؤدي، وليس بضامن على كل حال، لكن على القول بأن يد المستعير هي مثل يد الأمين المستودع، وهو لا يضمن إلا إذا فرط، فإذا لم يفرط فإنه لا ضمان عليه، وعلى هذا القول فإنه ليس هناك تنافٍ بين قوله: (أمينك لا ضمان عليه)، وبين قوله: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)، على اعتبار أن يده يد أمانة وأن عليها أن تؤديه حيث لم يحصل هناك تفريط، أما إذا حصل تفريط فإن الضمان لازم على كل حال.

قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن أبي عروبة ].

ابن أبي عروبة هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن قتادة ].

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسن ].

هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سمرة ].

هو سمرة بن جندب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

و ابن أبي عروبة مختلط لكنه من أثبت الناس في قتادة ، وأيضاً قتادة مدلس وروى بالعنعنة، كما أن المشهور في رواية الحسن أنه ما سمع إلا حديث العقيقة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن محمد وسلمة بن شبيب قالا: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعار منه أدراعاً يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد؟! فقال: لا، بل عارية مضمونة) ].

أورد أبو داود حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعاً فقال: أغصب يا محمد! قال: لا بل عارية مضمونة)، وكان ذلك في حال كفره، ثم قال له: إن ما في قلبي الآن يختلف عما كان في قلبي من قبل، يعني أنه بعد أن أسلم اختلف وضعه عما كان عليه من قبل.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع