عنوان الفتوى : إهمال الزوج زوجتَه في تلبية حاجاتها العاطفية والمطلوب من المرأة تجاه ذلك
هل الزوج المهمل لزوجته -من حيث الاهتمام بها، أو إظهار الحبّ لها- يأثم؟ مع العلم أنه مسافر منذ عامين، وماذا تفعل الزوجة حيال ما تشعر به من فقد احتياجاتها؟ وكيف تكبح مشاعرها، وتصبر على ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإهمال الزوج زوجته؛ قد يكون حرامًا إذا كان ترْكًا لحقّ واجب عليه، ماديّ أو غير ماديّ.
وقد لا يكون حرامًا؛ إذا كان الزوج قائمًا بحقّ المرأة، لكنه يُقصّر في بعض الأمور المستحبّة -كالمؤانسة، والملاطفة-.
فمن الإهمال المحرم: ترك الإنفاق على الزوجة بالمعروف، وترك العدْل في المبيت عندها، إذا كان له أكثر من زوجة، وهجرها في الفراش، أو الكلام دون عذر، وترك إعفافها مع القدرة عليه، وغيابه عنها فوق ستة أشهر دون عذر، جاء في الإنصاف للمرداوي -رحمه الله-: وَإِنْ سَافَرَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَطَلَبَتْ قُدُومَهُ؛ لَزِمَهُ ذَلِكَ، إِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ. وقال: وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر، قال (الإمام أحمد): إذا كان في حجّ، أو غزو، أو مكسب يكسب على عياله، أرجو أن لا يكون به بأس. انتهى.
وإذا كان الزوج حاضرًا، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى وجوب مبيته عند زوجته ليلة من كل أربع ليال، إذا لم يكن له عذر، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا كانت له امرأة، لزمه المبيت عندها ليلة من كل أربع ليال، ما لم يكن عذر. انتهى.
واختار بعض الفقهاء عدم تحديد المدة، وتركها للاجتهاد، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: وقال القاضي، وابن عقيل: يلزمه من البيتوتة ما يزول معه ضرر الوحشة، ويحصل منه الأنس المقصود بالزوجية بلا توقيت؛ فيجتهد الحاكم، قلت: وهو الصواب. انتهى.
أما مجرد التقصير في إظهار المحبة، ونحو ذلك دون أذى؛ فالظاهر أنّه لا إثم فيه؛ لكن لا ينبغي للزوج التقصير في ذلك، وراجعي الفتوى: 213106.
وإذا كان الزوج مقصّرًا في تلبية حاجات زوجته العاطفية؛ فالذي تفعله الزوجة أن تكلّم زوجها، وتتفاهم معه، وتبيّن له أنّ حُسْن العِشرة، والوصية بالنساء التي جاء بها الشرع؛ تقتضي من الزوج الإحسان في هذا الجانب، وعدم إغفاله.
وإذا لم يستجب الزوج لها؛ فالنصيحة لها أن تصبر على زوجها، وتشغل نفسها بالأمور النافعة، وتستعين بالله تعالى، وتعتصم به.
والله أعلم.