خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/317"> الشيخ عبد المحسن العباد . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/317?sub=65404"> شرح سنن أبي داود
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح سنن أبي داود [302]
الحلقة مفرغة
شرح حديث (اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة...)
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا مسكين -يعني ابن بكير - حدثنا محمد بن مهاجر عن ربيعة بن يزيد عن أبي كبشة السلولي ، عن السهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: (مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة) ].
قوله: [ باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم ] يعني من القيام عليها برعايتها والإحسان إليها وعدم إلحاق الضرر بها، وعدم إيذائها.
قوله: [ (مر ببعير قد لحق ظهره ببطنه) ] يعني من الجوع ومن الهزال بحيث لصق بطنه بظهره، والأوضح أن يقال: لحق بطنه بظهره؛ لأن ظهره ثابت، وبطنه هو الذي يلحق بظهره أحياناً فيرتفع لهزاله، وأحياناً ينزل لأكله وكثرة ما يحصل له.
قوله: [ (فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة) ].
أي: التي لا تنطق ولا تعبر عن حاجتها ولا تفصح عما في نفسها، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتقوى الله تعالى فيها، وذلك بأن يحسن إليها ولا يساء وبأن تؤتى حقها، وترعى حق رعايتها، وتعطى ما تحتاج إليه، ويصرف عنها ما يسوءها، ولا تؤذى، هذا هو المقصود بتقوى الله عز وجل في البهائم المعجمة.
قوله: [ (اركبوها صالحة، وكلوها صالحة) ].
أي: بعد أن تكونوا قد أحسنتم إليها فصارت قوية.
تراجم رجال إسناد حديث (اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة ...)
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن مسكين -يعني ابن بكير - ].
وهو صدوق يخطئ أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن محمد بن مهاجر عن ربيعة بن يزيد ].
محمد بن مهاجر مر ذكره، وربيعة بن يزيد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي كبشة السلولي ].
ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن سهل بن الحنظلية ].
عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي .
كلام الألباني في ضبط لفظة (كلوها) والتعليق عليه
قول الألباني رحمه الله: (الحديث المتقدم) يعني: في السلسلة الصحيحة وهو برقم اثنين وعشرين.
والرواية الواردة بلفظ (كلوها) جاءت أيضاً في الصحيحة (1/63) الحديث الثالث والعشرون.
فلو صحت الرواية بالكسر فنعم، وإلا فكلوها بالضم واضحة وهي الأصل، أي: كلوها صالحة أو اركبوها صالحة، وصالحة يعني: سليمة، وكونها أهلاً لأن تركب وأهلاً لأن تؤكل، فلا يساء إليها بحيث لا تعلف فتكون هزيلة ولحمها لا يكون طيباً، وكذلك الركوب عليها لا يكون مريحاً لها، بل يكون فيه مشقة عليها، وكونه لا ينفق عليها ثم تركب يجمع لها بين مصيبتين مصيبة الضعف الذي حصل لها بسبب عدم إطعامها بما يكون سبباً في قوتها ونشاطها، ومصيبة ركوبها على ما فيها من ضعف.
الكلام على لفظة (وايتدعوها) الواردة في الحديث
شرح حديث شكوى الجمل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
أورد أبو داود حديث عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لا أحدث به)، ومعنى ذلك أنه حديث خاص وسر، وليس من قبيل الأحكام الشرعية التي يجب بيانها للناس، وهو من جنس السر الذي كان حصل مع أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال لأمه: (إن النبي صلى الله عليه وسلم أسر إلي في حاجة فقالت: وما حاجته؟ قال: إنها سر قالت: لا تفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: هذا لا يقال إنه من قبيل التشريع أو من قبيل الأحكام الشرعية التي يحتاج الناس إليها، وإنما هو من قبيل شيء خاص لا علاقة له بالتشريع كالذي حصل لـأنس بن مالك في الحديث الذي أشرت إليه.
قوله: [ (أردفني رسول الله) ].
يعني: على دابة، وهذا فيه جواز الإرداف على الدابة إذا كانت مطيقة.
قوله: [ (وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل) ].
يعني: عندما يقضي حاجته يستتر بشيء يستره عن الأنظار، والهدف شيء شاخص، أي: قائم مرتفع يستتر به، (أو حائش نخل)، وهو النخل الملتف المتقارب بعضه من بعض، بحيث إن الإنسان إذا جلس وراءه فإنه يستتر به، بخلاف ما إذا كانت النخلة لا يوجد إلا ساقها وساقها دقيق فإنه لا يستر كما ينبغي وإن كان يحصل به الستر، لكن ليس مثل الشيء الملتف الذي هو المشتبك بعضه ببعض.
قوله: [ (فدخل حائطاً لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه) ].
يعني: ذلك الجمل، فالنبي صلى الله عليه وسلم سأل عن صاحب الجمل قال: (من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار وقال: لي يا رسول الله! قال: ألا تتقي الله، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه) معناه: أنه لا يطعمه، ومع ذلك يدئبه من الدأب وهو العمل عليه باستمرار وبدون غذاء، يعني: لا يغذيه ويتعبه في العمل والكد، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى الإحسان إلى هذه البهيمة، وأن الإنسان يعطيها ما تستحقه من الغذاء والطعام، كذلك أيضاً لا يكلفها ما لا تطيق، وإنما يستعملها في شيء تكون له مطيقة.
قوله: [ (فإنه شكا إلي) ].
وهذا من دلائل نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، كون الجمل شكا إليه، والرسول صلى الله عليه وسلم سمع منه هذه الشكوى، وفهمها منه.
وقوله: (فأتاه النبي)، يعني: هذا البعير (ومسح ذفراه)، المقصود: مؤخرة الرأس و(ذفرا) لفظ مفرد على صيغة التأنيث مثل: ذكرى، وليس مثنى بحيث يقال: ذفريه.
قوله: [ (فسكت) ]
فسكت ذلك البعير عندما مسح عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه شكوى فهمها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه.
قال صلى الله عليه وسلم (أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياه).
أي: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي جعلها لملكك وتحت تصرفك، فعليك أن تتقي الله فيما تملك.
تراجم رجال إسناد حديث شكوى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا مهدي ].
مهدي بن ميمون ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن أبي يعقوب ].
محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن بن سعد ].
الحسن بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن عبد الله بن جعفر ].
عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقوله: (أردفني) أي: على الدابة خلفه، ويستدل بحديث معاذ حيث يقول: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار).
و معاذ كان رديفه صلى الله عليه وسلم على حمار، والإرداف على الدابة بأن يكون اثنين راكبين عليها، صاحب الدابة وغيره معه قبله أو قدامه، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن ابن مندة جمع الذين أردفهم النبي صلى الله عليه وسلم فبلغوا ثلاثين رجلاً.
شرح حديث (في كل ذات كبد رطبة أجر)
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (بينما رجل يمشي بطريق فاشتد عليه العطش فوجد بئراً، فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش..).
قوله: [ (يأكل الثرى) ] يعني: التراب الذي فيه رطوبة، فتذكر الرجل وضعه وحالته التي كان عليها لما كان قد عطش قبل أن يشرب، فقال: قد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي قد حصل لي، يعني: مثل العطش الذي أدركته ورأيت أنني بحاجة شديدة إلى الشرب، فهذا الكلب حالته مثل حالتي لما كنت عطشان، فنزل وأخذ خفه الذي هو غير النعل، فأمسكه بفيه لأنه لا يستطيع أن يأخذه بيديه، من أجل أن يرقى ويصعد على البئر، ولكنه أمسكه بفيه واستعمل يديه للصعود حتى خرج إليه بهذا الخف، وسقاه من الماء الذي فيه، فشكر الله له فغفر له بسبب هذا الإحسان.
قوله: [ (قالوا: يا رسول الله! وإن لنا في البهائم لأجراً) ].
يعني: إذا أحسنا إليها وسقيناها (قال: نعم في كل ذات كبد رطبة أجر) يعني: في كل شيء فيه الروح.
وبعض أهل العلم قال: إنه إذا كان ذلك الحيوان يلزم قتله فإنه لا يسقيه، وإنما يقتله إذا كان مأموراً بقتله، ومنهم من قال: إنه يسقيه أولاً، ثم يقتله بعد ذلك حيث يكون مأذوناً في قتله.
وهذه القصة الظاهر أنها وقعت في الأمم السابقة، فهي من الأخبار التي تكون في الأمم السابقة.
تراجم رجال إسناد حديث (في كل ذات كبد رطبة أجر)
عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه الإمام، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرج له صحاب الكتب الستة.
[ عن سمي مولى أبي بكر ].
سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي صالح السمان ].
أبو صالح السمان واسمه: ذكوان ولقبه السمان ويقال أيضاً: الزيات ؛ لأنه كان يجلب الزيت والسمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
وقد مر ذكره.
متى يؤجر العبد على إطعام الحيوانات؟
والجواب: إذا كان مسئولاً عنه فيلزمه الإحسان إليه مثلما مر بنا فيما يؤمر به من القيام على البهائم، يعني: بالإحسان إليها ودفع الأذى عنها.
أقول: ما دام أنه هو المسئول عنها فيلزمه ذلك، وأما قصة هذا الرجل فهذا كلب مر به وأحسن إليه، فالشيء الذي ينميه للتجارة فيلزمه الإحسان إليه فيطعمه ويسقيه.
وأما الفضل والأجر فلا شك أن أي عمل واجب إذا فعله المرء يحتسب الأجر والثواب عند الله فإنه مأجور عليه، كأن ينفق على ذريته وأولاده وعلى أهل بيته، وهو يحتسب الأجر ويرجو الثواب فإنه يثاب عليه ولو كان واجباً، وأما إذا كان لا ينفق إلا بحكم عليه وبإلزام القاضي له، ولا يفعل ذلك من تلقاء نفسه فهذا لا يحصل على أجر، ولكنه سقط عنه الوجوب، فالأجر إنما يكون لمن نواه، وأما من أخذت منه الزكاة جبراً مثلاً فإنه يسقط عنه الواجب؛ لأنه أخذ منه الحق وهو كاره لإخراجه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم:
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا مسكين -يعني ابن بكير - حدثنا محمد بن مهاجر عن ربيعة بن يزيد عن أبي كبشة السلولي ، عن السهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: (مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة) ].
قوله: [ باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم ] يعني من القيام عليها برعايتها والإحسان إليها وعدم إلحاق الضرر بها، وعدم إيذائها.
قوله: [ (مر ببعير قد لحق ظهره ببطنه) ] يعني من الجوع ومن الهزال بحيث لصق بطنه بظهره، والأوضح أن يقال: لحق بطنه بظهره؛ لأن ظهره ثابت، وبطنه هو الذي يلحق بظهره أحياناً فيرتفع لهزاله، وأحياناً ينزل لأكله وكثرة ما يحصل له.
قوله: [ (فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة) ].
أي: التي لا تنطق ولا تعبر عن حاجتها ولا تفصح عما في نفسها، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتقوى الله تعالى فيها، وذلك بأن يحسن إليها ولا يساء وبأن تؤتى حقها، وترعى حق رعايتها، وتعطى ما تحتاج إليه، ويصرف عنها ما يسوءها، ولا تؤذى، هذا هو المقصود بتقوى الله عز وجل في البهائم المعجمة.
قوله: [ (اركبوها صالحة، وكلوها صالحة) ].
أي: بعد أن تكونوا قد أحسنتم إليها فصارت قوية.
[ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن مسكين -يعني ابن بكير - ].
وهو صدوق يخطئ أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن محمد بن مهاجر عن ربيعة بن يزيد ].
محمد بن مهاجر مر ذكره، وربيعة بن يزيد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي كبشة السلولي ].
ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن سهل بن الحنظلية ].
عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في ضبط (كلوها): قيدوها بضم الكاف من الأكل، وعليه جرى المناوي في شرح هذه الكلمة، فإذا صحت الرواية بذلك فلا كلام، وإلا فالأقرب عندي أنها (كِلوها) بكسر الكاف من وَكَل يَكِل كِل أي: اتركوها، هذا هو المتبادر من سياق الحديث ويؤيده الحديث المتقدم بلفظ: (اركبوا هذه الدواب سالمة وايتدعوها سالمة) أي: اتركوها سالمة.
قول الألباني رحمه الله: (الحديث المتقدم) يعني: في السلسلة الصحيحة وهو برقم اثنين وعشرين.
والرواية الواردة بلفظ (كلوها) جاءت أيضاً في الصحيحة (1/63) الحديث الثالث والعشرون.
فلو صحت الرواية بالكسر فنعم، وإلا فكلوها بالضم واضحة وهي الأصل، أي: كلوها صالحة أو اركبوها صالحة، وصالحة يعني: سليمة، وكونها أهلاً لأن تركب وأهلاً لأن تؤكل، فلا يساء إليها بحيث لا تعلف فتكون هزيلة ولحمها لا يكون طيباً، وكذلك الركوب عليها لا يكون مريحاً لها، بل يكون فيه مشقة عليها، وكونه لا ينفق عليها ثم تركب يجمع لها بين مصيبتين مصيبة الضعف الذي حصل لها بسبب عدم إطعامها بما يكون سبباً في قوتها ونشاطها، ومصيبة ركوبها على ما فيها من ضعف.
ورواية الحديث الذي في الصحيحة: (اركبوا هذه الدواب سالمة وايتدعوها سالمة)، أي: اتركوها دعوها واضحة، لكن إذا صحت الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم بلفظة (ايتدعوها) فتكون لغة ولا شك، فهو أفصح الناس عليه الصلاة والسلام، وإن كان بعض أهل العلم يقول: إن الكلام الذي يضاف للرسول صلى الله عليه وسلم لا يقطع بأنه كلامه، لأن الرواية تأتي بالمعنى، وإذا ثبتت الرواية بالمعنى فلا يجزم بأنه كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا مهدي حدثنا ابن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: (أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسر إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً أو حائش نخل، قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله! فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه) ].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لا أحدث به)، ومعنى ذلك أنه حديث خاص وسر، وليس من قبيل الأحكام الشرعية التي يجب بيانها للناس، وهو من جنس السر الذي كان حصل مع أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال لأمه: (إن النبي صلى الله عليه وسلم أسر إلي في حاجة فقالت: وما حاجته؟ قال: إنها سر قالت: لا تفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: هذا لا يقال إنه من قبيل التشريع أو من قبيل الأحكام الشرعية التي يحتاج الناس إليها، وإنما هو من قبيل شيء خاص لا علاقة له بالتشريع كالذي حصل لـأنس بن مالك في الحديث الذي أشرت إليه.
قوله: [ (أردفني رسول الله) ].
يعني: على دابة، وهذا فيه جواز الإرداف على الدابة إذا كانت مطيقة.
قوله: [ (وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل) ].
يعني: عندما يقضي حاجته يستتر بشيء يستره عن الأنظار، والهدف شيء شاخص، أي: قائم مرتفع يستتر به، (أو حائش نخل)، وهو النخل الملتف المتقارب بعضه من بعض، بحيث إن الإنسان إذا جلس وراءه فإنه يستتر به، بخلاف ما إذا كانت النخلة لا يوجد إلا ساقها وساقها دقيق فإنه لا يستر كما ينبغي وإن كان يحصل به الستر، لكن ليس مثل الشيء الملتف الذي هو المشتبك بعضه ببعض.
قوله: [ (فدخل حائطاً لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه) ].
يعني: ذلك الجمل، فالنبي صلى الله عليه وسلم سأل عن صاحب الجمل قال: (من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار وقال: لي يا رسول الله! قال: ألا تتقي الله، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه) معناه: أنه لا يطعمه، ومع ذلك يدئبه من الدأب وهو العمل عليه باستمرار وبدون غذاء، يعني: لا يغذيه ويتعبه في العمل والكد، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى الإحسان إلى هذه البهيمة، وأن الإنسان يعطيها ما تستحقه من الغذاء والطعام، كذلك أيضاً لا يكلفها ما لا تطيق، وإنما يستعملها في شيء تكون له مطيقة.
قوله: [ (فإنه شكا إلي) ].
وهذا من دلائل نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، كون الجمل شكا إليه، والرسول صلى الله عليه وسلم سمع منه هذه الشكوى، وفهمها منه.
وقوله: (فأتاه النبي)، يعني: هذا البعير (ومسح ذفراه)، المقصود: مؤخرة الرأس و(ذفرا) لفظ مفرد على صيغة التأنيث مثل: ذكرى، وليس مثنى بحيث يقال: ذفريه.
قوله: [ (فسكت) ]
فسكت ذلك البعير عندما مسح عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه شكوى فهمها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه.
قال صلى الله عليه وسلم (أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياه).
أي: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي جعلها لملكك وتحت تصرفك، فعليك أن تتقي الله فيما تملك.